20 أبريل، 2024 6:53 ص
Search
Close this search box.

“محروس” .. يحتضر !

Facebook
Twitter
LinkedIn

قصة قصيرة

خاص : بقلم – كرم صابر :

مصر

 

فجأة خارت قوتي، ووجدت جسمي ملقًى فوق البلاط المدشوش.

تُهتُ، لدرجة أنني لم أعد أشعر بلون الحائط أو رائحة الحذاء.

الدماء تسيل، ورأسي يكاد ينفجر.

هل أنا حيَ، أم هذه صورتي بعد موتي، وأين هم أصدقائي الذين كانوا برفقتي.

دمائي تسحبت من تحت عُقب الباب، فأشهق على أمل مرور جاري الذي لا أعرفه، إذ ربما تغرس أقدامه في دمي، فينظر إلى الضلفة المغلقة التي أرقد خلفها ويراني.

الليل في منتصفه، ولا يُسمع في هذا الحي إلا أصوات الكلاب.

تذمرت من السكون، وقلت: لربما أنا رجل آخر سوف يعود من عمله آخر الليل، ويرفع هذه الجثة الملقاة إلى جواري، لكن الدم يتكوم تحتي، وربما إذ لم أعوِ أمُتْ من النزيف.

ظلي الملقى بجواري يسألني: هل يمكن أن تصمد، فأرد: لا أدري، ينغزني ويكرر: حاول، حاول، فأصرخ: آه.

يبحلق في فمي المغلق ويقول: لا أسمع شيئًا.

الصوت خافت وربما غير مسموع، فلأحرك يدي أو أقدامي، ألمي يتزايد والدم المتسرسب يحوطني ويبرد ظهري.

خلف الباب ألمح شبحًا بعيون عسلية، يترقبني، يمسك قفصًا بيديه، ويقترب، يقترب، ويفتح الباب بهدوء ويدخل.

يملِّس على شعري، ويغلق عيوني، ويفتح القفص، ويدخلني بأركانه، ويطير خارجًا من الشباك، وينزل وسط حديقة، ويطلقني.

يا الله، هؤلاء هم البشر، ألا تعرفوني، أنا محروس، ألا تتذكروني، يضربوني بأياديهم ويضحكون، ويستكملون طيرانهم ويحطون بجوار شجرة تعزف.

يدخلون بأحشائها، ويقتحمون ظلي ويغرقوه في عصير الصبار، ويسخرون من ضعفي ويغنون: محروس، يا محروس، أنت بقيت زينا بلبوص.

يقهقهون ويجرجروني لأدخل بطن الشجرة لأغرق مثلهم في رحيق النهر.

المطر يهطل بغزارة، فأتقلب على البلاط مذعورًا من تسرب الدم من بين أسناني.

الرعد يزداد ويتحول إلى صواعق، ويكسر زجاج الشبابيك، ويحول الصالة إلى بركة غائرة، أرفع أذرعتي لأسند جسدي، فأتفاجأ بنفسي واقفًا أتنفس رغم الدم والدمار.

تمت

من مجموعة (مخاض الشمس).

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب