8 أبريل، 2024 5:39 ص
Search
Close this search box.

محددات زوال وبقاء حزب العدالة والتنمية في تركيا

Facebook
Twitter
LinkedIn

إعداد/ د. جاسم أوزبياتلي
المقدمة:
في نهاية شهر آذار الجاري يذهب الأتراك إلى صناديق الاقتراح لإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البلدية وهي انتخابات لها أهمية أكثر من زاوية: أولاً على الرغم من الحضور السياسي الطبيعي في كل الانتخابات لكن الانتخابات البلدية هي أكثر تعبيراً عن مدى العلاقة بين المواطن والمسؤولين المحليين المباشرين عن تقديم الخدمات له. وثانياً تحولت إلى المكان الأكثر أهمية في العلاقة بين المواطن والمسؤول على اعتبار أن البرلمان لم يعد مركز الثقل في الحياة السياسية بعد إقرار النظام السياسي الجديد ودخوله حيز التنفيذ بدءاً من 24 حزيران 2018 وحصر الصلاحيات المطلقة بيد رئيس الجمهورية ونزع الصلاحيات من البرلمان كما تكتسب الانتخابات البلدية اهمية ثالثة في ضوء النتائج التي يمكن أن تسفر عنها.[1] وفي بحثنا سنركز على ثلاثة محددات رئيسية وهي سياسية واقتصادية وعسكرية يمكن لها أن توثر على نتائج الانتخابات البلدية والتي هي كفيلة فيما بعد بطي صفحة حزب العدالة والتنمية أو بقاءها في السلطة.

المبحث الأول: المحدد السياسي في بقاء وزوال حزب العدالة والتمية
أولاً: خسارة الانتخابات البلدية ودورها في زوال حزب العدالة والتنمية
يخشى حزب العدالة والتنمية خسارة الانتخابات البلدية المقبلة لأنها بمثابة ناقوس خطر مبكر لخسارة الانتخابات التشريعية والرئاسية المزمع اجراها في عام 2023 [2] وبتالي فقد الأغلبية في البرلمان التركي والتي سوف يتيح للأحزاب المعارضة فيها تشكيل جبهة لنسف طموح أردوغان في الجلوس على كرسي الرئاسة مرة أخرى.[3] وبفوز مرشح المعارضة ستبدأ عقارب الساعة في العودة إلى الوراء لإحياء النظام البرلماني من جديد على حساب النظام الرئاسي ورئيسة الحزب الجيد مرال آقشنار خلال الانتخابات الرئاسية تعهدت وبخط العريض في حال ظفرها بكرسي الرئاسة ستعيد النظام البرلماني إلى تركيا من جديد وتنقل جميع صلاحياتها إلى الشعب.[4] وعليه فالجماعات الحالية المحسوبة على حزب العدالة والتنمية والموجودة بشكل سري داخل الحزب تحت غطاء منظمة بليكان السرية التي اماط اللثام عنها كاتب خطابات أردوغان آيدن أونال وهي بلا شك تذكرنا ببيان بليكان مرحلة تصفية أحمد داود أوغلو ورفاقه من حزب العدالة والتنمية [5] والذين يغردون اليوم خارج سرب أردوغان وجماعته داخل الحزب وخارجها بعد أن صار يشوبهم الخوف والقلق من تغير المعادلة السياسية في تركيا وبدء العد التنازلي لحزب العدالة والتنمية ونهاية سلطنتها وعصرها الذهبي ومثول جميع أعضاءها الحاليين والسابقين معاً أمام القضاء وفتح قضايا ودعاوى بحقهم هم في غنى عنها لربما تصل عقوبتها إلى الخيانة الوطنية.[6] وداود أوغلو أكد بأنه في حال حصول حزب العدالة والتنمية على أقل من ثلاثة وثلاثون بالمائة من أصوات الناخبين فإنهم سيلجئون بلا تردد إلى تشكيل حزب جديد من أجل قطع الطريق أمام المعارضة للوصول إلى السلطة ومسحهم من الخارطة السياسية وأما في حال حدوث العكس فإنهم سيعلقون فكرة تدشين الحزب إلى خريف آخر.[7]

ثانياً: الفوز في الانتخابات البلدية ودورها في بقاء حزب العدالة والتنمية
أردوغان كسب الانتخابات السابقة وطيلة 17سنة من حكمه لتركيا عن طريق عوامل لم تعد موجودة الآن أبرزها انتهاء شهر العسل في علاقات حزب العدالة والتنمية مع حركة جولن التي كانت تسخر كل طاقتها وامكاناتها وطرقها المشروعة والغير المشروعة في سبيل فوز حليفها أردوغان وتصفية الرموز السياسية لحزب العدالة والتنمية أمثال عبدالله جول وأحمد داود أوغلو وبلاند أرينج ومحمد علي شاهين وبشير أطلاي وغيرهم الذين كان لهم الدور الرئيسي كمصادر سياسية في تغذي الحزب وضمان ديمومته على المسرح السياسي التركي. ناهيك عن افلاس سياسات حزب العدالة والتنمية الاقتصادية في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تشهدها البلاد والانعزالية والوحدة التي بات أردوغان يعاني منها أكثر من أي وقت مضى [8] وعزوف وابتعاد الجماعات الليبرالية عن دعم أردوغان وسياساته [9] تسبب بفراغ سياسي بات أردوغان معها يتحرك بخوف يشوبه الحذر خشية أن تكون عاقبته شبيه بعاقبة الرئيس التركي السابق توركوت أوزال الذي شكل حكومتين مدنيتين بعد الانقلاب العسكري عام 1980 ونتيجة لخسارته لانتخابات البلدية فقد حزبه حزب الوطن الأم شعبيته الجماهيرية وبعدها ودع المشهد السياسي التركي.[10] أردوغان لملأ الفراغ السياسي الذي تركه كل من حركة جولن والليبراليين بات يتحرك جنباً إلى جنب مع حزب الحركة القومية بعد تراجع سيطرة حزبه على البرلمان وفقده الغالبية المطلقة فيها ولكن تحالفه مع حزب الحركة القومية وزعيمه دولت باغجلي على شد العصب القومي مكنه مرة أخرى على تجاوز الغالبية المطلقة في البرلمان وكذلك تمكن أردوغان بفضل دعم حزب الحركة القومية له تحت مسمى تحالف الجمهور من الفوز بالانتخابات الرئاسية بنسبة 52% فقط من أصوات الناخبين الأتراك.[11] على الرغم من مظاهر التباين بين الحزبين الا انهم أتخذوا قراراً بالمضي قدوماً بتحالف الجمهور في الانتخابات البلدية أيضاً عن طريق عدم ترشيح حزب الحركة القومية أي مرشحين له لرئاسة البلديات في المدن الكبرى التي يرشح فيها حزب العدالة والتنمية وتطبيق نفس السياسة ولكن بشكل مغاير بالنسبة حزب حركة القومية وبذلك يضمن الحزبين عدم تشتت أصواتهم وضمان دعم ناخبين حزب الحركة القومية لمرشحي حزب العدالة والتنمية ودعم ناخبين حزب العدالة والتنمية لمرشحي حزب الحركة القومية .[12] وأساس التحالف بين الحزبين حماية وجودهم وبقائهم في السلطة وليس حماية ووجود الدولة التركية في ظل التهديدات الخارجية التي باتت تنخر كيانها ووجودها القومي والدليل على ذلك اقدام أردوغان على اتخاذ قرار مهم تخص المؤسسة العسكرية وذلك بخفض عدد جنود الأتراك إلى 350 ألف جندي وتقصير مدة الخدمة الالزامية وجعل البدل النقدي للإعفاء من الخدمة العسكرية دائميه بعد أن كانت عرضية ومؤقته.[13] حزب الشعب الجمهوري ومعه حزب الجيد شكلوا تحالف الأمة (الشعب) ليكون نداً قوياً لتحالف الجمهور وتطلعاته في كسب رئاسة البلديات التركية. والملفت هنا أن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي قرر عدم ترشيح أي مرشحين له في المدن الكبرى الواقعة خارج جنوب وجنوب شرقي أناضول ليس دعماً لتحالف الأمة (الشعب) بل لفسح المجال لأبعاد أردوغان عن حلبتهم الانتخابية وجعل دائرتهم وثقلهم وتركيزهم الانتخابي تنصب على بلدياتهم في جنوب وجنوب شرقي أناضول حصراً بعد اقالة أردوغان لغالبية رؤسائها بتهمة الإرهاب وتعيين بدلاء عنهم من حزبه على أمل كسب قلوب أكرادها في الانتخابات مقابل الخدمة.[14] فساسة وقادة حزب الشعوب الديمقراطي الكردي يعلمون علم اليقين أن حزب الشعب الجمهوري لم يعد له حضور جماهيري في جنوب وجنوب شرقي أناضول كما في الماضي. فعلى سبيل المثال في الانتخابات التشريعية (البرلمانية) التي جرت عام 1978 حصل حزب الشعب الجمهوري على نسبة 34.8% من أصوات الناخبين في مدينة ديار بكر حائزاً بذلك على ثلاثة مقاعد برلمانية وفي الانتخابات التي تلتها في عامي 1983 و1987 لم يتمكن الحزب من المشاركة في الانتخابات بسب الحظر المفروض عليه من قبل أفرن ومجلسه العسكري بعد انقلاب عام 1980. ولكن الأحزاب الأخرى ذو التوجه اليساري كحزب الشعب وحزب الشعب الاشتراكي شاركوا في الانتخابات وحصلوا على مقاعد نيابية مقاربة لما حصل عليه حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات آنفة الذكر. وفي عموم مناطق جنوب وجنوب شرقي أناضول كان الحزب الجمهوري يحصل دائماً على ما يقارب 70 – 80 مقعداً برلمانياً بسبب توجهات وميول يسارية للناخب الكردي وغيرهم ولكن اعتباراً من التسعينات القرن الماضي وظهور الأحزاب الكردية الاثنية ووصول حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم قلب الموازين في المنطقة رأساً على عقب بحيث صار الناخب قومياً يدلي بصوته لأحزاب الكردية الاثنية ومنهم حزب الشعوب الديمقراطي الكردي وإسلامياً لحزب العدالة والتنمية ومعها تم تصفية حزب الشعب الجمهوري من المنطقة تماماً.[15] وحزب الحركة القومية اليوم أيضاً حالها حال حزب الشعب الجمهوري ليس له حضور وتقل جماهيري في المنطقة ما عدا مدينة أغدر التي يقطنها غالبية أذربيجانية والمعروفة بدفاعه الشرس عن الفكر القومي التركي وهي محطة تنافسية شرسة الآن ما بين حزب الجيد والحركة القومية. ولكن زعيمة الحزب الجيد آقشنار رغم الخصومة التي تكنها لدولت باغجلي المتحالف مع أردوغان تحت قبة تحالف الجمهور قررت عدم خوض التنافس الانتخابي في المدينة لكي لا يفوز بها مرشح حزب الشعوب الديمقراطي الكردي شريطة أن يسحب حزب العدالة والتنمية مرشحه تاركاً الساحة لمرشح حزب الحركة القومية لخوض النزال الانتخابي مع مرشح حزب الشعوب الديمقراطي الكردي. الأمر الذي اثارة حفيظة مرشح الحزب الكردي في أغدر واتهامه لآقشنار بزرع بذور الفتنة والتفرقة بين مكونات المدينة. والمثير للدهشة قيام قناة روداوو الكردية الشبة الحكومية والقريبة من حزب مسعود بارزاني بنقل الخبر وبشكل معاكس تماماً لما صرح به مرشح حزب الشعوب الديمقراطي الكردي محاولاً بذلك تظليل الرأي العام التركي والكردي معاً على أساس أن مرشح الحزب الكردي أكد بأن آقشنار متعاضدة ومتعاونة معهم وأنهم شكلوا معها تحالفاً في أغدر لكسب الانتخاب البلدي. والقنوات التركية القريبة من حزب العدالة والتنمية بدورها اتخذت من الخبر نقطة انطلاق حملة دعائية شعواء ضد آقشنار وتحالف الأمة (الشعب).[16] وزيارة نائب وزير خارجية التركي سداد اونال إلى أربيل [17] وقبله المسؤول عن الملف العراقي في وزارة الخارجية [18] كلها دلائل تكشف لنا سر التحالف والتقارب ما بين أربيل وأنقرة خلال الفترة الأخيرة فيما لو ركنا تطورات العراق الداخلية والإقليمية جانباً. فمنطقة جنوب وجنوب شرقي أناضول تعتبر نفطة تنافس بين حزبي الشعوب الديمقراطي وحزب العدالة والتنمية وليس بين حزب الشعوب الديمقراطي والاحزاب الأخرى وهي السبب الرئيسي لانسحاب حزب الشعوب الديمقراطي من المدن التركية الكبرى التي يقطنها غالبية العرق التركي وذلك لجعل حزب العدالة والتنمية ترمي بثقلها في هذه المناطق لمواجهة ندها تحالف الأمة (الشعب) وبتالي فسح المجال أمامها لاكتساح بلدياتها في جنوب وجنوب شرقي أناضول. أردوغان على اطلاع بخطة حزب الشعوب الديمقراطي الكردي فيحاول جاهداً مواجهتها والتخلص من طوقها عن طريق طرق باب حليفه السابق في الإقليم الكردي مسعود بارزاني واللعب على ورقة الطريقة النقشبندية لقطع الطريق أمام الحزب الكردي للوصول إلى قلب الناخبين الأكراد الإسلاميين والحصول على أصواتهم. وفي مناطق أخرى من تركيا الادعاء بتخندق تحالف الأمة (الشعب) مع الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني الانفصالي والطلب من الناخبين عدم الإدلاء بأصواتهم لتحالف الذل والعار لأنهم يكيدون للشعب والجمهورية.[19] المعروف للقاصي وللداني أن أردوغان سياسي براغماتي عندما يستهدف حزب الشعب الجمهوري فهو يحاول رض جماهير حزب العدالة والتنمية وتمتين جبتها الداخلية ولدى استهدافه آقشنار وحزبها الجيد فهو يحاول منع أصوات حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية من الذهاب إلى حزب الجيد ذو ميول قومي ومتدين في نظر الناخب التركي.[20] ولكن آقشنار التي حصلت حزبها على خمسة ملايين صوت في الانتخابات الأخيرة استطاعت وبمراوغة السياسية في مدينة دنيزلي قلب الطاولة على أردوغان عندما خاطبت جمهورها المحتشد بالإرهابيين. وفجاءةً استفاق أردوغان من نومته متذرعاً بعدم اتهامه للناخبين بالإرهاب والتوعد بمحاسبة آقشنار قانونياً.[21] الانتخابات صارت بمثابة حلبة لأردوغان يلعب عليها جميع أوراقه [22] نظراً لاستطلاعات رأي العام التي تؤكد تقدم مرشح تحالف الأمة (الشعب) في أنقرة منصور ياوش على نظيره مرشح تحالف الجمهور محمد أوزحسكي.[23] وفي إسطنبول أيضاً تقدم أمام أوغلو على مرشح تحالف الجمهور بن علي يلدرم.[24] ولكن علينا أن لا ننسى أن كل الطرق المشروعة والغير المشروعة مباحة الآن أمام أردوغان وحزبه لكسب المعركة الانتخابية [25] حتى لو أضطر في النهاية لإلغاء نتائجها في حالة خسارتها لها.[26]

المبحث الثاني: المحدد الاقتصادي في زوال وبقاء حزب العدالة والتمية
أولاً: الأزمة الاقتصادية ودورها في زوال حزب العدالة والتنمية
في الماضي كان الإرهاب – عمليات حزب العمال الكردستاني الانفصالي – هو الشاغل الأكبر للناخبين الأتراك ولكن أحدث استطلاعات الرأي تبين أن الاقتصاد هو القضية رقم واحد في الانتخابات المحلية الجارية تليها مشكلة البطالة واللاجئين السوريين. مما لاشك فيه أن أردوغان في بديات وصوله إلى هرم السلطة بنى ماكينته الانتخابية العملاقة على أساس النمو الاقتصادي. وهو نمو أخرج كثيرين من السكان من بؤرة الفقر وغذي تنامياً كبيراً للطبقة الوسطى.[27] ناهيك أن الأزمة الاقتصادية التي عصفت بتركيا في بدايات عام 2000 هي التي سهلت وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم [28] وهو الآن في تحدي مع أزمة اقتصادية جديدة. بوادر الأزمة ظهرت عندما قال ترامب في 26 تموز إن تركيا ستواجه عقوبات لسجنها عامين القس الأمريكي أندرو برانسون بتهمة الإرهاب. وتبادل معها البلدان تجميد أرصدة وزراء. أمريكا فرضت عقوبات على وزيري العدل والداخلية التركيين عبر تطبيق قوانين لمعاقبة مسؤولين أجانب في أعقاب وفاة محامي في سجن روسي وتركيا بدورها ردت بتدابير مشابهة[29] والدولتين رفعتا بعدها الرسوم الجمركية على بعض السلع المستوردة مما تسبب بانهيار الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي.[30] ولكن علينا أن لا ننسى أن الأزمة الأخيرة كانت بمثابة عامل مساعد في انهيار العملة التركية لكون بوادر الأزمة كانت قائمة حتى قبل أزمة القس مع الأمريكيين. مما حذا بأردوغان تقريب موعد الانتخابات الرئاسية من تشرين الثاني 2019 إلى حزيران 2018 لاستباق أي تفاقم لازمة اقتصادية قد يؤثر سلباً على نتائج الانتخابات.[31] ناهيك أن مؤسسة Funda for Peace صنفت تركيا خلال عام 2018ضمن البلدان الأقل استقراراً في العالم والأكثر هشاشة وفقاً لإحصائية أعدتها المؤسسة بالاعتماد على 12مؤشراً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً.[32] الأمريكيون استغلوا المشكلات الهيكلية في الاقتصاد التركي في شن حربهم الاقتصادية ضد تركيا منها: معدل التضخم الكبير وارتفاع العجز في ميزان الحساب الجاري – محصلة تجارة السلع والخدمات والتحويلات – وضخامة المديونية الداخلية والخارجية فكما هو معروف أن حكومة حزب العدالة والتنمية منذ تشكيله أول حكومة له في تركيا عام 2001 بدأت عملية الخصخصة وتم بيع مؤسسات وشركات الدولة المختلفة وتم بيع قطاع الطاقة وقطاع الخدمات ولاسيما البنوك والمطارات والطرق والجسور وسوى ذلك من المنشآت الحيوية إلى شركات عالمية ومحلية مما أدى إلى دخول مبالغ كبيرة إلى خزانة العامة وفي نفس الوقت شرعت هذه الحكومة في الاقتراض من المؤسسات المالية المحلية والدولية لتمويل عملية النهوض الاقتصادي ووفق تقرير البنك الدولي عام 2013 فقد زادت الديون الخارجية على تركيا من 116 مليار دولار عام 2000 لتصل 307 مليارات دولار عام 2011 والديون الداخلية وصلت إلى 119 مليار دولار وهكذا أصبحت الديون الداخلية والخارجية المترتبة على تركيا في ذلك العام 498 مليار دولار وهذا الرقم استمر في الارتفاع مع نفاذ المخزون المالي التي تم جمعه من عملية الخصخصة وضعف الموارد التي تدخل إلى خزانة الدولة من قطعات الانتاج والخدمات التي صارت أرباحها تذهب إلى خزائن الشركات وليس إلى الخزينة المحلية [33] وهي مشكلات زادت سياسات أردوغان من تفاقمها. ويشار أن أردوغان تعهد قبيل الانتخابات الرئاسية ببسط سيطرة أكبر على البنك المركزي وكما توجه أردوغان نحو تقليص المجموعة الاقتصادية لتحقيق مزيد من السيطرة على مفاصل السياسية النقدية [34] وفي سياق ذلك تم تعيين صهره بيرات البيرق وزيراً للمالية والخزانة أضافة لتصاعد قلق المستثمرين نتيجة لغياب وجوه معرفة من مؤيدي الاقتصاد السوق منهم نائب رئيس الوزراء السابق للشؤون الاقتصادية -الحامل للجنسية البريطانية – محمد شيمشك [35] وسياسات أردوغانية أخرى ساهمت في هجرة رؤوس الأموال التركية والأجنبية معاً من البلاد خاصة بعد انقلاب تموز 2016 الفاشل والاجراءات القمعية التي اعقبها والتي تسبب بمغادرة ما يقارب 6 ألف ثري البلاد وخمسة آلف منهم بداية عام 2018 آخذين معهم استثمارات تقدرها أحزاب تركية معارضة في البرلمان بـ 100 مليار دولار. ففي عام 2016 تدفق على تركيا ما يقارب 8.3 مليار دولار مقارنة بنفس الفترة من العام الذي سبقه حيث قدرت بـ 17.4 مليار دولار.[36] واعلنت الحكومة التركية وعلى لسان وزير المالية والخزانة بيرات البيرق في 10 آب 2018 عن خطتها للخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة تحت عنوان «النموذج الاقتصادي الجديد» الذي تضمن ثلاثة مبادئ رئيسية هي تأمين تواصل فعال وثقة مع كافة الشركاء واستقلالية السياسة المالية وإعادة التوازن للموازنة [37] ولكن مشروع البيرق نظرية لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع وفشلت لحد كتابتنا لسطور دراستنا في وقف نزيف الاقتصاد التركي المتدهور. وتصريحات أردوغان لإحلال الليرة التركية محل الدولار الأمريكي في التعاملات التجارية ما هي الا شعارات براقة لذر الرماد في عيون الأتراك [38] لكون إبراز العوائق التي تواجه أزمة الليرة التركية تتمثل في 35 إلى 40% من الديون مقومة بالدولار الأمريكي لذا فالتخلص من هيمنة الدولار غير واردة في الأجل القريب.[39] كذلك عدم رغبة الحكومة التركية في الاقتراض من صندوق النقد الدولي رغم حث المانيا لها بقبول برنامج مساعداتها للخروج من أزمتها [40] وإعادة الثقة اليها من جديد محلياً ودولياً.[41] وبالإضافة إلى عدم الرغبة في تفعيل ملف حقوق الأنسان وتدهوره من خلال استهداف الإعلاميين والصحفيين واستاذة الجامعات المعارضين لسياسات أردوغان وتفرده في الحكم وبتالي زجهم في السجون مع المنتمين إلى منظمة جولن الإرهابية.[42] والمثير للدهشة وضع أردوغان العراقيل أمام المؤسسة القضائية لمحاكمتهم بشكل عادل [43] ورفضه رفع الوصاية عن البنك المركزي [44] وعودة الوجوه التي تحظى بثقة المستثمر الأجنبي. [45] كل ما ذكرناه مجتمعة في حال تطبيقها من قبل أردوغان سيساهم في توفير بيئة جاذبة وحاضنة للاستثمارات الأجنبية. وفيما يتعلق بالنقاط الأخيرة التي ذكرناها فأن أردوغان سوف لن يتراجع عنها قيد نملة حتى لو أضطر آخر مستثمر أجنبي أو تركي لترك الأراضي التركية وأما فيما يتعلق لطرقه باب البنك الدولي أو صندوق نقد الدولي فهي مسألة وقت حسب تصريحات منسوبة لحزب الشعب الجمهوري المعارض [46] لأن الوعود القطرية بإمداد تركيا باستثمارات تقدر بخمسة عشر مليار دولار [47] لم تشفع لأردوغان وحزبه في حل الأزمة الاقتصادية. [48] وصهره وزير المالية والخزانة يعتبرها دعاية انتخابية لأن أردوغان في كل الأحوال لن يرضخ للبنك الدولي أو صندوق النقد الدولي وشروطهما القاسية [49] حتى لا يدخل التاريخ كأول رئيس جمهورية يقترض من البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي بعد تصفيره للديون التركية وهو في منصب رئيس الوزراء.[50]
ثانياً: حل الأزمة الاقتصادية ودورها في بقاء حزب العدالة والتنمية
أردوغان يحتاج إلى مساعدات مالية عاجلة لمص نقمة الجماهير التركية والتي باتت تنعكس سلباً على قوتهم اليومي وميولهم الانتخابي وخصوصاً ناخبي حزب العدالة والتنمية في إسطنبول الذين أكدوا وللمرة الأولى تفضيلهم لمرشح حزب الشعب الجمهوري إمام أوغلو على الأردوغاني يلدرم.[51] وزيارة صهر الرئيس الأمريكي وكبير مستشاريه جاريد كوشنير يمكن وضعها في الخانة الاقتصادية والمالية.[52] بلاشك هنالك ملفات مهمة كملف القدس (صفقة القرن) وملف قاشوقجي وملف الأويغور في الصين وغيرها [53] إلا أن الملف المالي والأزمة الاقتصادية التي تمر بها تركيا أحتل وطغى على بقية الملفات الأخرى بدليل حضور وزير المالية والخزانة بيرات البيرق اجتماع كوشنر مع أردوغان.[54] الاقتصاد التركي الآن تحت رحمة شركة ماكينزي أند كومباني الأمريكية الذي قرر البيريق التعاقد معهم لإعداد دراسة حول انعاش الاقتصاد التركي المتأزم [55] ولكن ردود أفعال الشارع التركي جعل أردوغان يعيد النظر في العقد مبرم مع الشركة الأمريكية [56] رغم أن كل الدلائل تشير أن الشركة ماتزال مستمرة في عملها ولم تلغى العقد المبرم معها كما أدعى أردوغان وصهره وهي التي ستقرر موعد طرق باب البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي لاقتراض منها وبتسهيلات ومساعدات مالية أمريكية [57] سيوفرها لهم كوشنر صهر الرئيس الأمريكي ترامب مقابل تنازلات سنتطرق إليها لاحقاً.[59] أمريكا استخدمت السلاح الاقتصادي ونجحت في لي الذراع التركي واطلاق سراح قسسها اندرو برانسون [58] وها هي اليوم تعاود الكرة مرة أخرى مع إعلان رئيسها ترامب إيقاف العمل باتفاقات تمنحها ميزات تفاضلية في اطار برنامج تفاضلي تسمح لها بتصدير بعض سلعها إلى أمريكا بدون رسوم جمركية وعلى أساس أن تركيا بلد اقتصادي متطور ولم تعد ضمن قائمة البلدان النامية وبتالي هي غير مؤهلة للاستفادة من البرنامج [60] التي صارت تركيا جزءاً من منظومتها منذ ما يقارب خمسة وأربعون سنة والقرار سيقوض هدف الدولتين في رفع حجم التبادل التجاري بينهم إلى 75 مليار دولار [61] ولكن الأزمة الاقتصادية التي تشهدها تركيا تكذب ترامب حول ادعائه بإن تركيا دولة اقتصادية متطورة [62] وتحججها بتسليم تركيا طائرات اف – 35 المتطورة [63] تحلل على أساس أنها ورقة ضغط أمريكية جديدة لإجبار أردوغان للعدول عن قراره بشراء منظومة صواريخ إس – 400 الروسية بدلاً من منظومة صواريخ باتريوت الأمريكية [64] ولكن نحن نعتبرها هدية أمريكية لأردوغان من أجل أقناعه للناخب التركي خلال حملته الانتخابية بإن أمريكا وترامب هما مسؤولين عن تدهور الاقتصاد التركي وليس حزب العدالة والتنمية لحين الخروج من الانتخابات بنتائج مرضية [65] تحصل معها على دعم والمساعدات الأمريكية مقابل تنفيذ تعهدتها في قيادة عملية انفتاح جديدة على أكرادها واعطائهم حقوقهم في وضع أسهل من الانفتاح السابق بعد السيطرة المطلقة لأردوغان على الحكم [66] واتفاق الجمهور الانتخابي بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية [67] التي كانت الأخيرة من أشد المعارضين على الجلوس تحت مسمى الدولة التركية على طاولة المفاوضات مع زعيم حزب العمال الكردستاني الانفصالي عبدالله أوجلان [68] ولكن انصهار الحركة القومية تدريجياً في بوتقة حزب العدالة والتنمية [69] وارسال أردوغان قاوقجي إلى المانيا للاطلاع عن كثب على نظامهم الفدرالي وكيفية الاستفادة منها في تركيا [70] واجتماعات مجموعة العقلاء التركية في أوسلو [71] وإعادة صياغة الهوية الوطنية التركية بحيث تكون معيارها حب الوطن بدلاً من المعيار الاثني التركي [72] كلها اشارات ودلائل توحي بوجود تحركات أردوغانية خلف الكواليس لحل مشكلة الأكراد سلمياً وبمشاركة حزب الحركة القومية. بالإضافة لتحركات أخرى لتوفير الحماية لأكراد سوريا إلى جانب مساهمتها في أعمار مناطقهم كما فعلت مع أكراد العراق بعد الاطاحة بالنظام العراقي السابق وبضوء أخضر أمريكي [73] ومعها ستؤمن واشنطن عودة عفرين وغيرها من المناطق الخاضعة تحت نفوذ تركيا وحلفاءها في سوريا عسكرياً مرة اخرى لسيطرة الأكراد وبصورة غير مباشرة [74] وذلك بإعطاء تركيا دور شكلي في القوة متعددة الجنسيات التي ستتشكل من القوات الأمريكية وحلفاءها لمنع عودة داعش إلى المناطق المطهرة في شرقي سوريا [75] ودور آخر جديد في مشروع الشرق الأوسط الكبير التي تعتبر تركيا نفسها أحد رؤساء المشروع حسب ما أكده أردوغان وفي أكثر من مناسبة [76] لمقاومة إيران عن طريق استخدام قوتها الناعمة في العراق وغيرها بعد فشل حلفاءها العرب في المهمة [77] مقابل حل أزمتها الاقتصادية والتي سترسم اطرها وأهدافها وملامحها بعد الزيارتين التي سيقوم بها أردوغان إلى العراق [78] وواشنطن [79] وهي كفيلة ببقاء أردوغان وحزبه في هرم السلطة.

المبحث الثالث: المحدد العسكري في زوال وبقاء حزب العدالة والتنمية
أولاً: إطلاق معركة إدلب ودورها في زوال حزب العدالة والتنمية
الحشود العسكرية السورية بعد وصولها إلى تخوم إدلب واتصالات مكوكية لروسيا جمعت بين دمشق وعواصم رعاة مسار أستانا الثلاث بالإضافة لواشنطن وضغوطات دولية مارستها الأخيرة والقوى الغربية خرج اجتماع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان في 19 أيلول بـ (اتفاق سوتشي) حول إدلب ونص على مراحل لم يكشف منها سوى الثلاث الأولى: سحب السلاح الثقيل وتشكيل منطقة منزوعة السلاح وانسحاب التنظيمات الإرهابية. ولكن تركيا كما هو مبين في النقطة الثالثة بدلاً من القيام بنزع سلاح التنظيمات الإرهابية ومنها حركة النصرة الا أنها غضت النظر عن عملياتها الأخيرة التي فرضت نفوذها على مناطق ممتدة من دارة عزة غربي حلب وصولاً إلى معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي بخط طول يبلغ قرابة 100كم وبتالي بسط سيطرته على المنطقة التي تفصل بين وحدات الجيش السوري في الشرق وحدود مدينة هطاي في الغرب. تركيا دعمت توسع النصرة وعلى حساب قواتها المدعومة وذلك للحفاظ على نقاط مراقبتها وحياة جنودها وتأمين انسحابهم في حال قيام سوريا وإيران وحلفاءها بعملية عسكرية في إدلب من جهة ومن جهة اخرى تأمين وتعزيز عناصر بشرية تستخدمها ضد قوات سوريا الديمقراطية في حال فشل المفاوضات مع أمريكا.[80] ولكن التطورات الميدانية والسياسية في سوريا وتنصل أردوغان من أتفاق سوتشي والسير قدوماً نحو إقامة أمارة إدلب الإخوانية والعودة إلى أحضان الحليف الأمريكي مرة أخرى بعد الاتصال الهاتفي الأخير بين أردوغان وترامب وأرسال وزير دفاعه إلى البنتاغون لوضع النقاط على الحروف حول الانسحاب الأمريكي من سوريا صارت بمثابة القشة التي قصمت ظهر علاقات تركيا مع نظرائهم الإيرانيين وحلفاءها في سوريا كاشفاً في الأفق عن عملية عسكرية وشيكة في إدلب لقلب الخطط التركية والأمريكية راساً على عقب والتي كشف النقاب عنها تصريح وزير خارجية إيران محمد جواد لجريدة Zeitung Basler السويسرية قائلاً: «أننا نتحرك في هذا الاتجاه لم نرغب سابقاً في القيام بعملية عسكرية وكنا نعمل لمنعها لأننا نعرف أن كل الأعمال الحربية في إدلب ستؤدي إلى كارثة لكن المواقف الأخرى فشلت على حين يسيطر جبهة النصرة الإرهابي على منطقة أوسع مما كان عليه سابقاً».[81] وروسيا أيضاً حذت حذو إيران واخذت تؤكد بضرورة القيام بعملية عسكرية ضد العناصر الإرهابية في إدلب.[82] وبعدها زيارة بشار الأسد إلى طهران واستقباله من قبل المرشد الديني علي خامنئي والرئيس روحاني وبحضور قائد فيلق قدس قاسم سليماني [83] والتي حملت رسالة مباشرة لأردوغان بإن تهربه من مخرجات أستانة ومماطلته من حسم موضوع إدلب وتمسكه بإقامه منطقة أمنة على حساب وحدة التراب السوري وتحركاته المشبوه مع امريكا في ملف شمال شرق سوريا لن تنجح.[84] ولم تكتفي طهران بهذه الرسالة بل وجهت رسالة أقوى إلى أردوغان وذلك باستقباله رئيس الوزراء الأرمني وفي ذكرى مذبحة الأذربيجانيين في خوجالي.[85]
ثانياً: تأجيل معركة إدلب ودورها في بقاء حزب العدالة والتنمية
أردوغان يعلم جيداً ثمن العملية العسكرية في إدلب على حزبه ومستقبله السياسي في حالة انطلاقها من قبل سوريا وإيران وحلفاءها. وتركيا وقتها لن تكون قادرة على تحمل عبء موجة النزوح الجديدة بسبب اثارتها لمشاعر وحفظيه الناخب التركي الذي بدء أردوغان يعدهم بإعادة السوريين إلى وطنهم.[86] ناهيك عن عواقبها المباشرة على الأمن القومي التركي والأوروبي معاً نتيجة لتشتت الآلف من الجهاديين ودخولهم إلى تركيا وبعدها التوجه إلى أوروبا.[87] ومع تطور وثيرة الأحداث في تركيا سيعكف الناخب التركي عن الأدلاء بصوته لأردوغان وحزبه عندها ستتحقق نبوة أحمد داود أوغلو وعبداللة جول في تأسيسهم لحزب جديد ليكون بديلاً عن حزب العدالة والتنمية [88] في مركز اليمين ونقطة جذب لجماهيرها المقبلة على فتح شراعها للأحزاب المعارضة ومع حصول الحزبين السياسيين على ما يقارب خمسة وثلاثون بالمائة أو أكثر من اصوات الناخبين عندها سيتم قطع الطريق أمام الأحزاب المعارضة في احداث تغير جذري في المعادلة السياسية الحالية لتركيا.[89] ولكن المشروع الأردوغاني أو الداودي لن تكتب لها النجاح وحزبهم لن تكون نقطة جذب للناخب التركي لن داود أوغلو في نظر الأتراك هو مهندس العداء التركي لسوريا [90] وهو سبب وجود ما يقارب أربعة ملايين لاجئ سوري في تركيا.[91] وعبدالله جول شعبيته لا يتعدى شعبية داود أوغلو لكونه قد تسبب من خلال تعاونه مع الداعية والزعيم الروحي لحركة الخدمة فتح الله جولن في الأنقاض على المؤسسة العسكرية وتسخيرها في خدمة حزب العدالة والتنمية وعدم اعتراضه طوال فترة رئاسته على القرارات المصيرية التي تخص النظام السياسي والتي كان لها الدور الرئيسي فيما بعد في سيطرة أردوغان على مقاليد وزمام الأمور في الدولة التركية.[92] وعلينا أن لا ننسى أن أمريكا في البداية حاولت عبر بوابة إدلب ايقاع بين تركيا والروس والإيرانيين لتأمين كسب تركيا مرة أخرى ولكن استراتيجيتها اليوم تختلف عما كانت عليها أمس وهي تقف بالمرصاد أمام أي تحرك عسكري في إدلب لحين مرور أردوغان الانتخابات البلدية مر الكرام وبعدها لكل حادث حديث. سوريا وإيران ومعهم الروس وحزب الله لهم القدرة أكثر من أي وقت مضى في قلب الطاولة على أردوغان وترامب عبر الضغط على زر عملية إدلب العسكرية وتوجيه صفعة القرن لأردوغان وانهاء وجوده ووجود حزبه حزب العدالة والتنمية من الخارطة السياسية التركية.

الخاتمة
أردوغان رغم حصوله في الانتخابات الرئاسية الأخيرة على 52% من أصوات ناخبين الأتراك وبالاعتماد على حزب الحركة القومية بعد تحالفه معه تحت مسمى تحالف الجمهور وتمكنه من الحصول على تفويض رسمي بإدارة مؤسسات الدولة التركية دون منازع ولكن ثلاثة محددات رئيسية ستساهم في زوال أو بقاء أردوغان مع حزبه في السلطة. المحدد السياسي التي ترتبط بالانتخابات البلدية المقرر عقدها يوم 29 الجاري تختلف عن سابقتها لأنها ستكون بمثابة امتحان لأردوغان وفي حالة تشهير الناخب التركي البطاقة الحمراء بوجه أردوغان ستكون بمثابة رسالة مفادها انكماش حزب العدالة والتنمية والاستعداد لترك مسرحها السياسي وبتالي تقوية جبهة المعارضة والسير قدوماً نحو العودة بنظامها البرلماني السابق بدلاً من نظامها الرئاسي الحالي ولكن علينا أن لا ننسى أن محاولات داود أوغلو وغيرهم في تشكيل حزب سياسي جديد لتقديم طوق النجاة لأردوغان وحزبه سوف لن تكتب لها النجاح وعليه أردوغان سيلعب بكل أوراقه المشروعة والغير المشروعة لكسب المعركة الانتخابية وبتالي قطع الطريق أمام المعارضة لفرش أرضية صالات الملاعب الرياضية وتهيئتها لمحاكمتهم بتهمة الخيانة الوطنية. والأزمة الاقتصادية أسبابها وتداعياتها تعتبر محدد ثاني مهم لها تأثير مباشر على نتائج الانتخابات البلدية وما بعدها وورقة ضغط بيد الجانب الأمريكي الذي نجح لحد الآن في تقويض رجب طيب أردوغان وتركعيه وذلك بفك تحالفه ولو تدريجياً مع إيران وحلفاءها في سوريا وتحريك الشارع التركي ضده اقتصاديا ولكن الدعم الأمريكي له سوف لن يكون لوجه الله مقابل قيادة عملية انفتاح جديدة مع أكرادها في اطار فدرلة الدولة وتقلد دور جديد في مشروع الشرق الأوسط الكبير تحدد معالمها واطرها في الزيارة التي سيقوم بها أردوغان إلى بغداد وأربيل وبعدها الطيران إلى واشنطن وذلك لمحاصرة إيران في العراق وغيرها عن طريق قوتها الناعمة المدعومة اقتصادياً من أمريكا. المحدد الاقتصادي مثلما هي ورقة ضغط بيد أمريكا فالمحدد العسكري أيضاً هي ورقة ضغط بيد إيران وحلفاءها في سوريا قبل الانتخابات البلدية الجارية وبعدها لأنهم في حال قيامهم بعملية عسكرية في إدلب ستكون لها عواقب خطيرة على نتائج الانتخابات لأنها تعني استقبال تركيا لموجة جديدة من اللاجئين وعددها تقدر بثلاثة ملايين لاجئ تضاف إلى الموجودين في تركيا وتعني أزمة جديدة بين أردوغان والاتراك من جهة وبين أردوغان وأوروبا من جهة أخرى ومعها الناخب التركي سيولي ظهره إلى أردوغان وحزبه دون رجعة وأردوغان سيفتح أبواب جهنم اللاجئين على الدول الأوروبية ناهيك عن الإرهابيين الذين سيشكلون تهديداً للأمن القومي التركي والأوروبي معاً وعليه فمحدد السياسي والاقتصادي والعسكري ستكون كفيلة بزوال أو بقاء حزب العدالة والتنمية في هرم السلطة.

المصادر والمراجع
[1] محمد نورالدين، “بالشاي جئنكم”، الخليج، 3 آذار 2019.
[2] Fuat bol, “Yerel seçimlerin önemi”, Milliyet, 15 Ekim 2018
[3] “Millet İttifakı’nın protokolü”, Yeniçağ, 5 Mayıs 2018
[4] “Akşener ile Kılıçdaroğlu parlamenter sisteme geçişi konuştu”, Evrensel, 4 Haziran 2018
[5] “AKP’yi karıştıran pelikan mesajı”, Cumhuriyet, 4 Mart 2019
[6] “Erdoğan vatana ihanetten yargılanacak”, Odatv, 1 ocak 2018
[7] Davutoğlu, “Abdullah Gül’e çalım atıyor: 40 ilde örgütlendi”, Aydınlık, 22 Şubat 2019
[8] Batuhan Çolak, “AK parti’deki gerilemenin dört ana nedeni”, Yeniçağ, 6 Mart 2019
[9] “Çetin Altan neden liboş oldu”, Odatv, 12 Mart 2019.
[10] Burhan Ayeri, “Yerel seçimlerin önemi”, Yeniçağ, 6 Mayıs 2019.
[11] محمد نورالدين، المصدر السابق.
[12] “Orhan Uğurluoğlu, Cumhur ittifakı dağılıyor mu?”, Yeniçağ, 22 Ağustos 2018
[13] Aslan Bulut, “Paralı askerlerle milli ordu olur mu?”, Yeniçağ, 10 Mart 2019
[14] محمد نورالدين، المصدر السابق.
[15] Soner Polat, “CHP’nin çıkarı nerde?”, Aydınlık, 9 Mart 2019
[16] Murat İde, “Barzani ile çamur ittifakı”, Yeniçağ, 14 Mart 2019
[17] “تركيا : كوردستان بوابتنا الاقتصادية ونرغب بتعزيز علاقتنا التجارية معها”، شفق نيوز، 13 آذار 2019.
[18] “كوسرت رسول يلتقي وفداً تركياً بارزاً”، Pukmedia ، 7 آذار 2019.
[19] Rahmi Turan, “Kavga büyüyor, Sözcü”, Sözcü 11 Mart 2019
[20] Batuhan Çolak, “Erdoğan neden İyi Parti’yi hedef aldı?”, Yeniçağ, 12 Mart 2019
[21] Rahmi Turan, “Rezil oluruz”, Sözcü 12 Mart 2019
[22] Aslan Tekin, “Belden aşağı seçim”, Yeniçağ, 14 Mart 2019
[23] “Ankara Mansur Yavaş’ı konuşuyor”, Yeniçağ, 11 Mart 2019
[24] “Binali Yıldırım: Anket sokakta”, Yeniçağ, 28 Şubat 2019
[25] Servet Avcı, “Siyasi mertlik buralardan gitti gideli”, Yeniçağ, 11 Mart 2019
[26] Orhan Uğurluoğlu, “Erdoğan kaybederse seçim iptal olunur”, Yeniçağ, 14 Ocak 2019
[27] كون هالينان، “أردوغان يواجه اختباراً انتخابياً”، الخليج،20 شباط 2019
[28] , Cumhuriyet, 24 Temmuz 2009 “2001 krizi AKP’yi iktidara getirmek için planlandı”
[29] “أبرز خمسة أسباب لتدهور الليرة التركية”، رأي اليوم، 13 آب 2018.
[30] كون هالينان، “أردوغان يواجه اختباراً انتخابياً”، الخليج،20 شباط 2019.
[31] “أبرز خمسة أسباب لتدهور الليرة التركية”، رأي اليوم، 13 آب 2018.
[32] “قطر وتركیا الأكثر انتكاسا في مؤشر الھشاشة 2018″، الخليج، 24 شباط 2019.
[33] محمد خليفة، “انهيار الاقتصاد التركي”، الخليج، 26 آب 2018.
[34] كرم سعيد، “مشكلة الاقتصاد التركي … الاسباب والتداعيات”، الحياة، 3 آذار 2019.
[35] “أبرز خمسة أسباب لتدهور الليرة التركية”، رأي اليوم، 13 آب 2018.
[36] محمد فراج أبو نور، “تركيا تحت مقصلة العقوبات الأمريكية”، الخليج، 23 آب 2018.
[37] “أوضاع الاقتصاد التركي وأسباب انهيار سعر صرف الليرة”، الرياض، 19 آب 2018.
[38] “أردوغان يوصي بالتبادل التجاري عبر الليرة التركية”، الخليج، 3 آب 2018.
[39] “أوضاع الاقتصاد التركي وأسباب انهيار سعر صرف الليرة”، الرياض، 19 آب 2018.
[40] “المانيا تدعو لقبول برنامج مساعدات من صندوق النقد الدولي”، الخليج، 19 آب 2018.
[41] كون هالينان، “أردوغان يواجه اختباراً انتخابياً”، الخليج،20 شباط 2019.
[42] “أردوغان يلح لاحتمال تمديد حالة الطوارئ ثلاثة أشهر”، الرياض، 8 أذار 2016.
[43]Çiğdem Toker, “Adil yargılama baklerken geçen hayatlar”, Sözcü, 8 Mart 2019
[44] “Cumhurbaşkanı Erdoğan Merkez Bankası Açıklaması”, Sözcü, 15 Mayıs 2018
[45] “أوضاع الاقتصاد التركي وأسباب انهيار سعر صرف الليرة”، الرياض، 19 آب 2018.
[46] Faik Öztrak: “IMF ile masaya oturacaklar”, Yeniçağ, 10 Ocak 2019
[47] “تميم يفشل في انقاذ نفسه ونجدة أردوغان”، الخليج، 17 آب 2018.
[48] “واشنطن وأنقرة تتبادلان الاتهامات والليرة إلى مزيد من التراجع”، رأي اليوم، 17 آب 2018.
[49] “Bakan Albayraktan IMF açıklması”, Yeniçağ, 1 Şubat 2019
[50] “Faik Öztrak: Erdoğan IMF’den Borç alan tarihe geçen ilk cumhurbaşkanı olarak geçecek”, Gazeteduvar, 10 Ocak 2019
[51] “Son anketlerden çarpıcı sonuç AKP seçmeni ilk kez CHP’ye oy vereceğini söylüyor”, Yeniçağ, 21 ŞUBAT 2019
[52] “Sabahattin Önkibar, Damat Konshner Ankara’ya bunun için geldi”, Aydınlık, 1 Mart 2019
[53] عمر الرداد، “جولة كوشنير الجديدة لماذا شملت تركيا؟”، رأي اليوم، 1 آذار 2019.
[54] “Albayrak ile Koshner ile görüştü”, Yeniçağ, 28 Şubat 2019
[55] Çiğdem Toker, “IMF’de gönül indiremeyip Mchinse’ye gitmek”, Sözcü, 29 Eylül 2018
[56] Zeynep Gürcanlı, “Bakın neden kurtulduk .. Machinsey nedir, ne değildir?”, Sözcü 8 Ekim 2018
[57] İsmet Özçelik, “Ekonomi seçim sonrası Mckinsey’e teslim”, Aydınlık, 4 Mart 2019
[58] Cahit Ermağan Dilek, “Erdoğan Tramp’ın damadı ile neyi görüştü”, Yeniçağ, 2 Mart 2019
[59] “Rahip Branson serbest bırakıldı”, Milliyet, 30 Ekim 2018
[60] “Amerika’nın o kararı doğrudan Türkiye’yi hedef alıyor”, Aydınlık, 5 Mart 2019
[61] “Esfender Korkmaz, GTS’de paniğe gerek yok”, Yeniçağ, 7 Mart 2019
[62] “Can Ataklı, Amerika Türkiye artık gelişmiş bir ülke”, Sözcü, 7 Mart 2019
[63] “ABD F-35’leri vermezse ne olur?”, Aydınlık, 6 Mart 2019
[64] “Pentagon Sözcüsü Pohon: Türkiye’yi S-400 konusunda uyarıyoruz”, Yeniçağ, 4 Mart 2019
[65] “مع اقتراب الانتخابات .. أردوغان يحاول حل أزمة الاقتصاد بـالحديث عن مؤامرة”، كتابات، 8 آذار 2019.
[66] شريف سمير، “تركيا .. ورهانات العزلة الاختيارية”، الأهرام، 21 تشرين الثاني 2018.
[67] Orhan Uğurluoğlu, “Cumhur ittifakı dağılıyor mu?”, Yeniçağ, 22 Ağustos 2018
[68] “Bahçeli yine çözüm sürecini eleştirdi”, Yeniakit, 10 Aralık 2014
[69] Tuncay Mullaveisoğlu, “MHP’yi BOP kazanında eritmek”, Yeniçağ, 13 Kasım 2016
[70]Sabahattin Önkibar, “Kavakçı – federasyon – Bahçeli – teslimiyet”, Aydınlık, 27 Ekim 2018
[71] “Akil İnsanlardan dikkat çeken buluşma”, Cumhuriyet, 26 Kasım 2018
[72] Ahmet Takan, “Türk’e yeni kimlik hazırlandı”, Yeniçağ, 10 Mart 2019
[73] Cahit Ermağan Dilek, “Suriye kuzeyi ile Türkiye’de yeni açılım süreci”, Yeniçağ, 24 Ekim 2018
[74] عبدالباري عطوان، “خريطة تركية تروج لها اعلام أردوغان …”، رأي اليوم، 26 تشرين الأول 2016.
[75] تيم الحاج، “ماذا يعني إعلان واشنطن تشكيل قوة متعددة الجنسيات في سوريا”، أورينت نت، 6 آذار 2019.
[76] Cahit Ermağan Dilek, “Erdoğan Tramp’ın damadı ile neyi görüştü”, Yeniçağ, 2 Mart 2019
[77] “تقرير غربي يقترح الإمبراطورية العثمانية لتخفيف تأثير الامبراطورية الصفوية على العراق”، شفق نيوز، مترجمة من مجلة ناشونال إنترست، 20 شباط 2019.
[78] “أردوغان يزور العراق في آذار الحالي”، موازين نيوز، 2 آذار 2019.
[79] “أردوغان: لدينا علاقات جيدة مع ترامب بشأن سوريا وقد أزور واشنطن قريبا”، تورك برس، 24 شباط 2019.
[80] سامر علي ضاحي، إدلب بين أستانا وآمال بيدرسون، الوطن، 16 كانون الثاني 2019.
[81] محمد أحمد خبازي، “أردوغان يواصل استجداء الآمنة … وطهران لا تستبعد حلاً عسكرياً”، الوطن، 24 شباط 2019.
[82] ميسون يوسف، “معركة أدلب وتحضيراتها”، الوطن، 13 شباط 2019.
[83] ابراهيم شير، “الرئيس الأسد في طهران … الثبات في المواقف والرؤية واحدة”، رأي اليوم، 26 شباط 2019.
[84] محمد النوباني، “زيارة الأسد لطهران خمس رسائل لخمس جهات”، رأي اليوم، 27 شباط 2019.
[85] Yeniçağ, 2 Mart 2019 Cahit Armağan Dilek, “Tramp’ın damadı Erdoğan’la ne görüştü?”,
[86] “Erdoğan 4 milyon Suriyeli evlerine dönmek için gün sayıyor”, Yeniçağ, 14 Şubat 2019
[87] “فرنسا تحذر من عواقب هجوم إدلب على أوروبا”، بغداد اليوم، 12 كانون الثاني 2019.
[88] Orhan Uğurluoğlu, “Davutoğlu yeni parti kuruyor”, Yeniçağ, 13 Şubat 2019
[89] “Gül’ün Eski Danışmanından flaş yeni iddia”, Cumhuriyet, 8 Şubat 2019
[90] Davutoğlu, “Suriye ile ilgili pişman değilim”, Yeniçağ, 10 Şubat 2018
[91] Orhan Uğurluoğlu, “Gül ve Erdoğan’ın hiç mi suçları yok”, Yeniçağ, 11 Eylül, 2018
[92] Barış Terkoğlu, “O benim cumhurbaşkanım değil”, Cumhuriyet, 21 Şubat 2019

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب