خاص: إعداد- سماح عادل
في مقالة فرنسية بعنوان (عودة على الاتهامات الموجهة لـ”أيقونة السينما الفرنسية”) ل”دافيد ريش” اقتباس “فارس بوشية” تخبرنا عن محاكمة الممثل الفرنسي الشهير “جيرار دوبارديو”: “يَمثل عملاق السينما الفرنسية جيرار دوبارديو أمام المحكمة الجنائية في باريس يومي 24 و25 مارس/ آذار بتهمة الاعتداء الجنسي على امرأتين أثناء تصوير فيلم “الشبابيك الخضراء” “Les Volets verts” في العام 2021، الأمر الذي ينفيه الممثل قطعا. تحولت حياة الممثل الفرنسي الشهير إلى زوبعة منذ رفعت ضده الممثلة “شارلوت أرنولد” شكوى في العام 2018، وتتهمه أيضا عشرون امرأة أخرى بالاعتداء والعنف الجنسي”.
وقد عرض المخرج “جان بيكر” على “جيرار دوبارديو” دورا فيروي الفيلم قصة ممثل كبير، في ذروة شهرته، لكن أنهكه العمر والإفراط في ملذات الحياة. يلعب هذا الفيلم على خط هش الذي يفصل بين الواقع والخيال، وبات تصويره كابوسا حقيقيا.
في 23 فبراير/شباط 2024، رفعت “أميلي”، وهي مصممة ديكور تبلغ من العمر 53 عاما، شكوى ضد دوبارديو بتهمة “الاعتداء الجنسي” و”التحرش الجنسي” و”الإهانات الجنسية”.
وقد روت لصحيفة ميديابارت الإلكترونية، المحن والمضايقات التي عاشتها خلال التصوير ووصفتها قائلة إن “جيرار دوبارديو” “أمسك بها بقسوة” في ممر، وسد طريقها “بإغلاق ساقيه حولها مثل السلطعون” ثم “داعب خصرها وبطنها، ليصل إلى ثدييها”. وهو اعتداء أوقفه الحراس الشخصيين للممثل، وفق أميلي، قبل أن يلتفت إليها قائلا: “أراك مرة أخرى يا عزيزتي!”. كما أشارت أيضا إلى تعليقات سيئة أدلى بها “جيرار دوبارديو” في نفس اليوم. مثل أنه “يريد مروحة لأنه فقد قدرة الحصول على انتصاب في هذا الحر”.
واتهمت “سارة” تبلغ من العمر 33 عاما، وهي مساعدة مخرج ثالثة “جيرار دوبارديو” بلمس “أردافها” أثناء مساء رافقته فيه من غرفة الملابس إلى موقع التصوير. وأوضحت “سارة” أنها كانت تحت “الصدمة” و”لم تقل شيئا”. وتقول إن “جيرار دوبارديو” كرر ذلك مرتين، ولمس “أردافها” و”صدرها”، موضحة أنها “حاولت أن تقول لا”. كما أوضحت السيدتان أنهما أبلغتا فريق الإنتاج، وبحسب تصريحاتهما يبدو أن الفريق لم يدرك تماما خطورة الأحداث وتأثيرها. وصرحت أميلي مؤخرا “لقد استغرق مني الأمر وقتا طويلا للتعافي، لقد فقدت الكثير من الوزن وكنت مرهقة”.
نفي..
وينفي الممثل وعمره 76 عاما، كل هذه الاتهامات. كما يؤكد محاميه أن موكله “ضحية اتهامات كاذبة تماما” وما ذلك سوى “حملة تشهير حقيقية”.وأوضح المحامي في 28 أكتوبر/تشرين الأول قائلا: “تتم محاكمته بتهمة الاعتداء الجسدي على شخص، ولكن لا يوجد أي شاهد واحد”.
ونفى المخرج “جان بيكر” علمه بأي سلوك سيء أظهره الممثل أثناء التصوير، نددت الممثلة “أنوك غرينبرغ”، وهي واحدة من أبطال الفيلم، ما وصفت بأنه “جبن” المخرج، قائلة إنه “يعلم جيدا أن امرأتين تعرضتا لاعتداء خطير”.
ونددت الشريكة السابقة ل”بيرتران بلييه”، مخرج تسعة أفلام شارك فيها “جيرار دوبارديو” بما فيها الفيلم الشهير “لي فالسوز” les Valseuses 1974 ، منتقدة الصمت المحيط بسلوك الممثل، قائلة “في بعض الأفلام مع دوبارديو، يتم تحذير طاقم العمل قبل التصوير قائلين لأفراده: إذا كانت هناك أدنى مشكلة، فالتزموا الصمت. إذا تكلمتم، سيتم طردكم”.
تأجيل..
وكان من المقرر أن تبدأ المحاكمة في 28 أكتوبر/تشرين الأول، لكن تم تأجيلها، لأن أطباء “جيرار دوبارديو” “منعوه” من الحضور لخضوعه لجراحة ومشاكل ناجمة عن داء السكري.
وأجريت فحوصات طبية تقييمية للممثل، أظهرت بأنه يستطيع المثول أمام المحكمة يومي 24 و25 مارس/آذار الجاري.
وقد بدأت القضية بشكوى تقدمت بها الممثلة “شارلوت أرنولد” في العام 2018، اتهمت فيها الممثل باغتصابها مرتين في بيته. ويواجه الممثل الفرنسي حاليا ست شكاوى، اثنتان منها بتهمة الاغتصاب وأربع بتهمة الاعتداء الجنسي. وفي المجمل، أدلت 21 امرأة بشهادتهن ضده عبر الصحافة أو في المحاكم لشجب الاعتداءات الجنسية والجنسانية التي تعرضن لها.
دعم..
نشرت عريضة دعم للممثل الفرنسي في صحيفة لوفيغارو – تندد بـ”إعدام” وسائل الإعلام لـ”عملاق” الفن السابع وفي المقابل صدرت أيضا عريضة مضادة في صحيفة لوموند للدفاع عن أصوات الضحايا. في وقت سابق، تجمع عشرات الأشخاص أمام قاعة المحكمة، وأطلق المتظاهرون هتافات تندد بالممثل بينها “عنفٌ جنسي، قضاء متواطئ”، و”نُصدّقكم يا ضحايا، نراكم يا مُغتصبين”، و”تتحرشون بواحدة؟ نهبّ جميعنا”.
أكدت الممثلة “فاني أردان” خلال إدلائها بإفادتها بصفة شاهدة نفي خلال محاكمة النجم “جيرار دوبارديو” أمام محكمة الجنايات في باريس أنها لم تشهد قط «أي تصرّف صادم» من عملاق السينما الفرنسية.
وقالت “أردان” التي قبّلت صديقها لدى مغادرتها قاعة المحكمة: «أنا امرأة، وقد مررت بأمور مماثلة، ووجهت صفعات وشتائم. أعلم أن في الإمكان قول لا لجيرار» وأضافت «العالم تغير، والمجتمع تغير، والمعايير لم تعد نفسها، وثمة أشياء كانت مقبولة في ما مضى، لكنها لم تعد مقبولة اليوم».
وتصدر المحكمة حكمها في القضية في 13 مايو، وأشار المدعي العام في مرافعته إلى أن الضحايا كن «نساء في حالة دونية اجتماعية وثمة هوة بينهن وبين شهرة المعتدي في موقع تصوير». ولفت المدعي العام إلى أن دوبارديو البالغ 76 عاما، «يتمتع بشهرة وهالة ومكانة بارزة في السينما الفرنسية»، طالبا من محكمة الجنايات في باريس الحكم عليه بالسجن 18 شهرا مع إبقائه تحت المراقبة لثلاث سنوات. كذلك طلب إلزام المتهم الخضوع لرعاية نفسية وفترة عدم أهلية مدتها عامان، وإدراج اسمه في ملف مرتكبي الجرائم الجنسية.
ينظر المجتمع إلى دوبارديو الحائز جائزة سيزار لأفضل ممثل العام 1981 عن دوره في فيلم «لو ديرنييه مترو» Le dernier métro للمخرج فرانسوا تروفو، وفي العام 1991 عن فيلم «سيرانو دو برجراك» للمخرج جان بول رابنو، على مدى عقود على أنه أحد عمالقة السينما الفرنسية، واكتسب شهرة واسعة في مختلف أنحاء العالم، قبل أن تطاله اتهامات عدة بالعنف الجنسي.