15 نوفمبر، 2024 8:24 م
Search
Close this search box.

متلازمة أسبرجر (2).. حساسية للصوت، الضوء، اللمس، الطعم، الرائحة، الألم، درجة الحرارة

متلازمة أسبرجر (2).. حساسية للصوت، الضوء، اللمس، الطعم، الرائحة، الألم، درجة الحرارة

خاص: إعداد- سماح عادل

تعد متلازمة أسبرجر نوعا من أنواع طيف التوحد. ونحاول التعرف عنها أكثر.

العلاج..

لا يوجد علاج واحد للمتلازمة، كما أن فاعلية بعض التدخلات الخاصة لا تستند إلى بيانات وافية. ويهدف التدخل إلى تحسين الأعراض والأداء الوظيفي. ويشكل العلاج السلوكي الركيزة الأساسية لإدارة المرض، بحيث يتم التركيز على معالجة العجز في خصائص محددة مثل فقر مهارات التواصل، الهوس أو الأفعال الروتينية المتكررة، والمهارات الجسدية. ومعظم المصابين بها يتحسنون بمرور الوقت، لكن صعوبات التواصل والتكيف الاجتماعي والقدرة على العيش المستقل تستمر حتى بعد مرحلة البلوغ. وقد دعا بعض الباحثين والمصابين بالأسبرجر إلى تغيير الموقف القائم تجاه المرض، قائلين بأنه ليس مرضا وإنما عبارة عن «اختلاف» بين المصابين بهذه المتلازمة وغيرهم من أفراد المجتمع، أكثر من كونه «إعاقة» يجب التعامل معها أو علاجها.

تقييم الذات والتقييم الاجتماعي..

يمكن تلقين الأشخاص التوحديين بعض المهارات الاجتماعية والتخاطبية ولكن هذان الجانبان ليسا وحدهما هما الوسيلتان المطلوبتان للتوافق مع الآخرين في الأوضاع الاجتماعية المختلفة، إذ أنه لابد وأن يكون هناك فهم دقيق إلى حد كبير لمشاعر الشخص الآخر وكيفية تفكيره لتقدير كيف نستطيع أن نقدم أنفسنا: كأن نخادع أو نفتن أو نطري ونتملق أو نتعاطف. إلخ. كما أننا نوظف المعرفة حول كيفية تقديم الذات للحكم على دوافع الآخرين، مثلاً معرفة متى نثق بهم. ولا يتمتع التوحديون بهذه القدرات ويعانون من زيادة مفرطة في الصدق والأمانة والثقة مما يعرضهم للاستغلال.

ويقدم الناس صورة عن ذواتهم أيضاً من خلال مظهرهم الشخصي والمجال الحيوي الذي يعيشون فيه. والمجال الذي يعيش فيه الشخص التوحدي غالباً ما يكون خالياً من الصفة الشخصية أو يضم مجموعة من الأشياء المختلطة غير المنظمة التي تراكمت إما عشوائياً وإما كجزء من مجموعة أكبر. ولا توجد أي محاولة لترك انطباع لدى الآخرين. وبالمثل تكون الملابس غريبة يتعذر وصفها وتصنيفها. والواقع أنه يندر على الشخص التوحدي أن يقوم بشرائها حتى وإن كان قادرا تماما على شراء أشياء أخرى كالأسطوانات الموسيقية مثلا والتوحديون بصفة عامة لا يكوِّنون مفاهيم حول الأزياء وخطوط الموضة.

انعدام التقمص العاطفي..

يواجه المصابون صعوبة في فهم مشاعر وأفكار الآخرين وبالتالي فإنهم يفتقرون إلى التقمص العاطفي أي القدرة على استشعار ما يحس به الغير. وهذا يجعل من السهل على التوحدي أن يصبح انفعالياً. وما لم يتم وضع ضوابط خارجية على ميله لفرض سلوكياته على أسرته فإن الطفل التوحدي قد يتحول إلى طاغية. مثلا فإن مراهقا مصابا بالتوحد تحكم في حياة أبويه إلى أنهما كانا يخشيان الخروج من المنزل وكان يتسوقان أغراضهما المنزلية خلسة وخفية، ويقضيان وقتاً طويلاً في التنظيف لأن أبنهما تغتابه نوبات غضب عارم تجاه الأقذار والأوساخ ويعانيان في كل وجبة من كابوس إقناعه بتناول المزيد من الطعام المنوع. ويكيف التوحديون، سلوكهم وفقاً للنتائج المتوقعة منهم. ويتعلم معظم المصابين بالمتلازمة باكراً أن إيذاء الآخرين يتبعه أكثر النتائج خطورة ولذلك فأنهم عادة ما يتصرفون وفقاً لهذه القاعدة. ولذلك فإن قلة من المصابين بمتلازمة أسبرجر يكونون عنيفين تجاه الآخرين. غير أن العنف لدى الطفل التوحدي قد يكون شديدا أحيانا إذ أن التوحدي لا يرى علامات الألم لدى الشخص الآخر.

نوبات الغضب..

وقد تنتج نوبة الغضب عند التعرض لنوع خاص من المقت والبغض كحالة رجل كان يهاجم النساء والفتيات اللواتي يغنّين بدرجة صوت معينة، أو عن إحباط ناجم عن تغيير في روتين ما، أو عن رد فعل عاطفي مطابق لرد الفعل المسبب للغضب لدى الأطفال غير التوحديين. مثلا على الحالة الأخيرة أولئك الأطفال الأكبر سناً الذين يدفعون إخوانهم الأصغر سناً على الدرج أو يؤذونهم بصورة أخرى، أو الأبناء الذين يعتدون على أمهاتهم لأنهن لم يلبين لهم مطلباً من مطالبهم.

الاهتمام بالآخرين..

كان كانر أول من وصف الأطفال المنعزلين عن الآخرين ولبعض الوقت كان يفترض أن الأطفال التوحديين منقطعين تماماً عن الأشخاص الآخرين. والواقع أن العديد من المحللين النفسانيين أخذوا هذا الافتراض كنقطة انطلاق لفهم التوحد. غير أن ملاحظة الأطفال التوحديين معاً في جماعة أوضحت أنهم يبذلون نفس القدر من التقاربات إلى بعضهم تماماً كما يفعل الأطفال العاديين في جماعة. وتتميز هذه التقاربات بالقصر ولا تتطور إلى تفاعل وسرعان ما يتبعها الانسحاب ولكن حقيقة أن العديد من الأطفال التوحديين يبدأون هذه التقاربات تشير إلى وجود مستوى طبيعي من الاهتمام بالآخرين. غير أن ذلك لا يعني أن الأطفال التوحديين لديهم اهتمام بالأشياء لدى الآخرين بنفس اهتمام الأطفال غير التوحديين.

ويبدو أن ما يميز الأشخاص التوحديين عن غيرهم من غير التوحديين هو أن التفاعل فيما يبدو يكون غير سار بالنسبة للشخص التوحدي وتبعاً لذلك فإن تقديم عرض بالتفاعل قد ينفر الطفل التوحدي أكثر مما ينفر الطفل غير التوحدي. ونحن كأشخاص غير توحديين نادراً ما نضع في بالنا إمكانية الفشل في تفاعل اجتماعي ما لم تكن هناك ظروفاً استثنائية مثل إجراء مكالمة دولية على خط هاتفي سيئ أو التحدث إلى شخص بلغته الأجنبية. غير أن الفشل في التفاعل الاجتماعي أمر عادي بالنسبة للشخص التوحدي ولعل هذا واحد من التفسيرات الممكنة لماذا يمكن أن يكون التفاعل الاجتماعي منفراً.

ويتلاءم هذا التفسير مع بعض الحقائق المعروفة حول علاقات الأشخاص التوحديين. ومن الملاحظات المثبتة أن الانعزال أكثر شيوعاً لدى الأطفال التوحديين الأصغر سناً والأكثر إعاقة وعدم قدرة. ويشكل هؤلاء كل المجموعات التي لها فرصة قليلة في تعلم المهارات الاجتماعية ومن ثم يواجهون صعوبات جهة في تحقيق نجاح في التفاعل الاجتماعي. وعليه فإن الانعزالية قد تكون وسيلة لتفادي الأوضاع التي تثير القلق والحصار النفسي.

التخلص من العزلة..

ومن بين العديد من المسائل الخلافية ذات العلاقة بعلاج الأطفال التوحديين تلك المسألة التي تتعلق بالآتي: إلى أي مدى يمكن تعمد التدخل لإخراجهم من عزلتهم وسليتهم؟ وسوف يثير أي تقارب اجتماعي للطفل المنعزل المصاب بالتوحد سلوكاً يبدو ناجماً عن القلق مثل أرجحة الجسم أو تفادي النظر المباشر إلى الشخص موضوع التفاعل. غير أنه في ظل ظروف معينة مثل مواصلة نوع من العلاج  فإن التدخل المتواصل يزيد من احتمالات التفاعل الاجتماعي لدى الطفل التوحدي وتحد من سلوكيات اجتماعية مثل الأرجحة.

وقد نفسر الفرضية السلوكية بأن الشخص التوحدي يعيش في صراع بين الرغبة في التفاعل وبين القلق من الفشل في التفاعل مثل هذه النتائج. وفي البداية يزيد التدخل الاجتماعي من مشاعر القلق لدى الطفل التوحدي مما يؤدي إلى المزيد من السلوك اللاجتماعي. ولكن إذا ما أدى التدخل إلى نوع من التفاعل الذي يمكن الإبقاء عليه فإن مشاعر القلق لدى الطفل تنحسر. وعندما ينتهي التفاعل يكون الطفل قد اكتسب قدراً من الأهلية الاجتماعية وفقد بعض القلق التوقعي خلال الحدث التفاعلي الاجتماعي التالي.

وبمساعدة من الأبوين والمعلمين يمكن للطفل التوحدي الأكثر قدرة تحقيق قدر كاف من الأهلية الاجتماعية في بداية مراحل طفولته إلى الحد الذي يمكنه من الكف عن تفادي التفاعل الاجتماعي. غير أن نفس العوامل التي تؤثر في الثقة بالذات والطبيعة الودية المنبسطة للطفل غير التوحدي فيما يبدو تؤثر أيضاً على الطفل التوحدي. ويظل بعض الأطفال التوحديين يعانون من الخجل ويبقون متخفظين وحذرين ونادراً ما يبادرون إلى تفاعل اجتماعي بينما قد يصبح آخرون «نشطين وغير مألوفين»، ويندرج العديد من التوحديين من الأطفال والبالغين الأكثر قدرة تحت هذه الفئة الأخيرة. وبما أنهم لا يميزون بين الغرباء والأصدقاء فإن من المفارقات أن هؤلاء الأطفال قد يكونون في غاية الاستعداد لتجاذب أطراف الحديث مع الغرباء أو الزوار عند الضرورة.

مميزات..

قد تكون لدى المصابون علامات أو أعراض تكون غير معتمدة على التشخيص، لكنها قد تؤثر على الفرد أو على أسرته. مثل: اختلافات في الإدراك ومشكلات مع المهارات الحركية، النوع، والعواطف.

وغالباً ما يتمتع الأفراد المصابون بالأسبرجر بإدراك سمعي وبصري ممتازين. وكذلك يبدي الأطفال المصابون إدراكاً متميزا للتغيرات البسيطة التي تحدث لأنماط مثل ترتيب بعض الأغراض، أو ترتيب صور معلومة جيداً لديهم، عادة ما يكون ذلك في نطاق محدد ويتضمن معالجة لأجزاء دقيقة للغاية. وعلى العكس، فإن بالمقارنة مع الأفراد المصابين بالتوحد عالي الأداء، يعجز الأفراد المصابون بالأسبرجر عن أداء بعض المهام والتي تطلب إداركا بصريا ومكانيا وسمعيا، أو ذاكرة بصرية. وقد أخبر العديد ممن تعاملوا مع أفراد مصابين بالأسبرجر والتوحد عن مهارات حسية غير عادية، ومهارات إدراكية وخبرات غير عادية لدى هؤلاء الأفراد. قد يكونون حساسين أو غير حساسين للصوت، الضوء، اللمس، الملمس، الطعم، الرائحة، الألم، درجة الحرارة، وغيرها من المحفزات، وقد يقومون بإبداء حسا متزامنا.

وتوجد هذه الاستجابات الحسية في أنواع أخرى من اضطرابات النمو، وليست فقط مقصورة على مرض الأسبرجر أو اضطراب الطيف التوحدي. وهناك دعم بسيط لرد الفعل الخاص بنظرية الكر والفر الزائد، أو فشل في الترويض لدى التوحد، وهناك أدلة أكثر لقلة الاستجابة لمحفز حسي، على الرغم من أن العديد من الدراسات تبين عدم وجود اختلافات.

وتشير ملاحظات هانز أسبرجر الأولية وكذلك مخططات التشخيص الأخرى إلى وصف الارتباك الجسدي. وقد يتأخر الأطفال المصابون بالأسبرجر في اكتساب المهارت الحركية التي تتطلب مهارة، مثل ركوب دراجة أو فتح مرطبان، وقد تبدو حركتهم ذات شكل «أخرق» وقد يبدون كمن يشعر بأنه غير مرتاح داخل ملابسه. ويمكن أن يتصرفوا بطريقة ضعيفة تنظيمياً، أو يقومون بالجلوس أو العدو بشكل غريب أو قلق الحركة، ويمكن أن يكون خط يدهم غير واضح، ويمكن أن يكون لديهم مشاكل في التكامل بين الحركة والرؤية. وقد تظهر لهم مشاكل مع الإحساس بوضع الأجسام، كنوع من أنواع العمه الحركي Apraxia، حيث يفقد المريض القدرة على القيام بحركات معقدة بشكل متناسق، ومشاكل مع: التوازن، المشي جنباً إلى جنب، وتوجيه إصبع الإبهام. ولا يوجد أي دليل على أن المشكلات المصاحبة لهذه المهارات الحركية تعتبر فارقاً بين الأسبرجر والأنواع الأخر من اضطراب الطيف التوحدي عالي الأداء.

مشكلات النوم..

وغالبا ما يواجه الأطفال والمصابون بالمرض مشكلات مع النوم، بما في ذلك صعوبة في الخلود للنوم، كثرة الاستيقاظ الليلي، والاستيقاظ في وقت مبكر من صباح اليوم. كما يرتبط الأسبرجر بمستويات عالية من الـلامفرداتية، وهو صعوبة في تحديد ووصف عواطف الشخص الداخلية. على الرغم من اقتران الأسبرجر مع قلة جودة النوم، ومع الـ لامفرداتية، فإن علاقتهم السببية غير واضحة. ومثلما هو الحال مع الأشكال الأخرى لإضطراب طيف التوحد فإن آباء الأطفال المصابين بالأسبرجر يعانون من مستويات عالية من الإجهاد.

أسباب حدوثها..

وصف “هانز أسبرجر” مجموعة أعراض منتشرة بين أفراد أسر مرضاه، وخصوصاً الآباء، وقد قامت البحوث بدعم ملاحظة “هانز أسبرجر”، واستدلت أنه هناك أسباب وراثية مرتبطة بمرض الأسبرجر. وعلى الرغم أنه لم يتم تحديد جينات بعينها مسؤولة عن المرض، فإنه من المعتقد أن هناك مجموعة عوامل تلعب دورا في التعبير عن مرض التوحد، بالنظر إلى التباين المظهري الملاحظ على هذه الفئة من الأطفال. الدليل على وجود علاقة جينية، هو ما يرجع انتشار متلازمة أسبرجر في بعض العائلات، ويلاحظ ارتفاع عدد حالات أفراد الأسرة الذين لديهم أعراض سلوكية مشابهة لأسبرجر ولكن في شكل محدود (مثل، صعوبات طفيفة في التفاعل الاجتماعي، أو اللغوي، أو القراءة). وتشير معظم الأبحاث إلى أن جميع اضطرابات طيف التوحد تمتلك آليات جينية مشتركة، ولكن قد يكون لدى الأسبرجر مكون وراثي أقوى من مرض التوحد. وربما تكون هناك مجموعة معينة من الجينات حيث تقوم الجينات بالعمل على الأشخاص ذوي القابلية للإصابة بالأسبرجر، وفي هذه الحالة، تقوم مجموعة مشتركة من الجينات بتحديد مدى جسامة المرض وشكل أعراضه لكل شخص مصاب بالأسبرجر.

وقد تم ربط حالات عدة مرضى مصابين بالأسبرجر وبين تعرضهم للماسخات (عوامل مسببة في عيوب خلقية) خلال الأسابيع الثمانية الأولى من الحمل. وعلى الرغم من أن ذلك لا يستبعد احتمال الإصابة بمرض الأسبرجر في وقت لاحق، فإنه دليل قوي على أن المرض ينشأ في وقت مبكر جداً من مرحلة النمو. وهناك العديد من العوامل البيئية التي افترض أن تؤثر في الطفل المريض بعد الولادة، ولكن أياً من تلك العوامل لم تأكده الأبحاث العلمية بعد.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة