15 نوفمبر، 2024 12:17 ص
Search
Close this search box.

ما هي سياسة ترامب الحقيقية في سوريا؟

ما هي سياسة ترامب الحقيقية في سوريا؟

إعداد/ روبرت فورد
مقدمة
إن لم يفهم المراقبون السياسة الأميركية في سوريا، فيمكن التماس العذر لهم، لأن إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ليس لديها سوى القليل من الأهداف الواضحة هناك والقليل من الأدوات، ويصعب فهم كيف ستعالج هذه الأهداف والأدوات المشاكل التي يفترض أن تحل على المديين، المتوسط والبعيد. وبعبارة أخرى، فإن مجموع القرارات التكتيكية، التي تم اتخاذها بشكل فردي على مدار أشهر عدة، لا تمثل إضافة نوعية لاستراتيجية متماسكة يمكن أن تُصلح الأوضاع في سوريا.

والواقع أن إصلاح سوريا ليس ضمن أهداف إدارة ترامب، بل إن أهدافها أقل طموحًا من ذلك. فمنذ الحملة الانتخابية لعام 2016، كان من الواضح أن ترامب يريد تدمير تنظيم الدولة، ويمكننا كذلك أن نستنتج أن إدارته تريد أيضًا ردع الحكومة السورية عن استخدام الأسلحة الكيميائية -أو على الأقل غازات الأعصاب- داخل سوريا.

وبعد الغارات الجوية التي شُنَّت في 13 أبريل/نيسان 2018، أبلغت سفيرة أميركا، نيكي هايلي، مجلس الأمن بأن القوات الأميركية “في أهبة الاستعداد للتحرك”(1). وأخيرًا، ورغم أن الرئيس ترامب لم يتطرق لذلك، فإن وزير دفاعه واسع النفوذ، جيمس ماتيس، صرح بأن “القوات الأميركية في سوريا لن تحارب تنظيم الدولة فحسب، بل ستساعد كذلك في تحقيق تسوية سياسية للحرب الأهلية السورية على نطاق واسع.

والواقع أن محاربة التنظيم، وردع النظام عن استخدام الأسلحة الكيميائية، وعقد الآمال على التوصل إلى تسوية سياسية هي تكتيكات لا ترتبط باستراتيجية متماسكة لحل الصراع السوري ولا حتى احتواء “المتشددين” بشكل نهائي. ولا يزال ترامب وفرقه العسكرية والدبلوماسية يقدمون ردودًا تكتيكية قصيرة دون أن يبوحوا بالذي يسعى الأميركيون إلى إنجازه في سوريا على المدى الطويل ولا عن كيفية تحقيق ذلك.
ما الذي يعتبره ترامب حيويًّا في سوريا؟
لو أراد الرئيس الأميركي أن يعلن عن تصوره للمصالح القومية الأميركية في سوريا الآن، فالمحتمل أن يسرد الآتي:

سوريا ليست بتلك الأهمية (لواشنطن).
يجب ألا تكون سوريا قاعدة للجماعات “الإرهابية المتشددة” التي يمكن أن تهدد الولايات المتحدة أو ربما “حلفاءنا المقربين”.
يجب ألا تكون سوريا قاعدة لإيران تهدد من خلالها إسرائيل أو توسع نفوذها بشكل أكبر في الشرق الأوسط.
يجب ألا يؤدي الصراع السوري إلى تآكل الإجماع الدولي الهش ضد استخدام الأسلحة الكيميائية.
هذه هي قائمة الحد الأدنى، لكنها ربما تحدد بشكل جيد أنواع التطورات التي من شأنها أن تثير ردة فعل قوية من طرف ترامب، ومصالح كهذه لا تتطلب رحيل الروس من سوريا ولا الأتراك ولا تتطلب بالضرورة انسحاب كل عناصر التأثير والنفوذ الإيراني من سوريا.

والأهم من ذلك، أن القائمة تستثني التزام إدارة ترامب بالعمل على تحقيق تسوية سياسية في سوريا على أساس تشكيل حكومة إصلاح سوريا، حسب ما جاء في بيان جنيف المؤرخ في 30 يونيو/حزيران عام 2012، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 لعام 2015، مع العلم بأن الرئيس يرفض ومنذ فترة طويلة الضغط باتجاه تشكيل حكومة جديدة في سوريا.

وفي حديث له حول انهيار الدولة في الكثير من مناطق العراق بعد الغزو الأميركي عام 2003، وحول المساعدات الأميركية التي قُدمت للجماعات المسلحة التي صعَّدت الحرب الأهلية بسوريا، صبَّ ترامب جام غضبه على سياسة كل من الرئيس جورج دبليو بوش في العراق وخَلَفِه، باراك أوباما، في سوريا، وذلك خلال خطاب له ألقاه إبان حملته الانتخابية في أبريل/نيسان 2016، وقال بالحرف: “كل شيء انطلق من فكرة خطيرة مفادها أننا نستطيع أن نصنع ديمقراطيات غربية من دول ليست لديها خبرة أو مصلحة في أن تصبح ديمقراطية على الطريقة الغربية، لقد مزقنا ما كان لديهم من مؤسسات، ثم صُدمنا بالذي أطلقنا له العنان: حرب أهلية، وتعصب ديني، وقتل لآلاف الأميركيين وإزهاق أرواح وأرواح وأرواح بشكل فظيع، وذهبت نتيجة لذلك تريليونات الدولارات أدراج الرياح، وتسبب ذلك في خلق فراغ دخلت من خلاله “داعش”، كما اندفعت طهران بسرعة لملء ذلك الفراغ…”(2).

لم يغير ترامب رأيه بعد انتخابه، وفي أعقاب سلسلة طويلة من الاجتماعات حول أفغانستان، أكد الرئيس، في تصريحات له بالبيت الأبيض، في 21 أغسطس/آب 2017، على “أننا لن نستخدم بعد الآن القوة العسكرية الأميركية لبناء ديمقراطيات في بلدان بعيدة عنَّا ولن نحاول إعادة بناء دول أخرى على هيئتنا، لقد ولَّت تلك الأيام إلى غير رجعة…ولا نريد من الآخرين تغيير أسلوب حياتهم…”(3).

وللتعبير عن تجاهلها للعملية السياسية السورية، رفضت واشنطن حضور محادثات آستانا، في مايو/أيار 2018، الأمر الذي كان محل استنكار من الطرف الروسي(4)، وربما أحجم الأميركيون عن الحضور نتيجة لحساسيتهم إزاء الوجود الإيراني في آستانا، لاسيما وأنهم يعلقون آمالًا على العملية التي تقودها الأمم المتحدة عبر المبعوث المخضرم، ستيفان دي مستورا، فوزير الدفاع، ماتيس، أشار عدة مرات إلى أهمية المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة في التوصل إلى حل سياسي للحرب السورية، حتى إن ماتيس التقى شخصيًّا، في 30 أبريل/نيسان 2018، مع المبعوث الخاص دي مستورا، وهي المرة الأولى التي ينجرف فيها وزير الدفاع الأميركي مباشرة إلى مسار الدبلوماسية السورية التي هي عادة من اختصاص وزارة الخارجية الأميركية(5). فماتيس والمسؤولون العسكريون والدبلوماسيون الأميركيون الآخرون يعتقدون أن تحديد مستقبل المناطق الكردية بسوريا، وربما حتى تجفيف منابع “تجنيد المتطرفين”، كل ذلك رهين صفقة سياسية تشمل دستورًا جديدًا وإصلاحات في الحكومة السورية ناهيك عن انتخابات جديدة، كما حثَّ على ذلك دي مستورا.

وقد وصف دي مستورا نفسه عملية آستانا التي يتحاشى الأميركيون الانخراط فيها، بأنها “مكملة” و”مساندة” لعملية الأمم المتحدة التي يقودها(6). غير أن عملية دي مستورا التي يفضلها الأميركيون تراوح مكانها وبالتالي فإن الدبلوماسيين والعسكريين الأميركيين في وضع حرج. وبما أن ترامب لا يرى في سوريا مصدر قلق حيوي، من أي نوع، لأميركا، فهو يريد من دول الخليج، مثل السعودية، أن تضطلع بمهمة بسط الاستقرار في هذا البلد وإعادة بنائه(7).

لقد غضب ترامب من رفض السعوديين طلبه لهم بتقديم 4 مليارات دولار لواشنطن للمساعدة في العمليات الأميركية في شرق سوريا(8). وهكذا، فإن إدارته لا توافق، بالذات، على ما هو موضوع على المحك في الصراع السوري بشكل عام، كما أنها لا تمتلك سياسة واقعية تمكنها من التعامل مع هذا الوضع أو التصدي لاحتمال “تجنيد متشددين” في المناطق السورية الشاسعة، بما في ذلك المدن الكبيرة، الواقعة حاليًّا تحت قبضة الرئيس الأسد الرخوة.

أولوية محاربة تنظيم الدولة
تفتقر الإدارة الأميركية الحالية إلى سياسة للتعامل مع “التشدد” في كل أرجاء سوريا، وهي تحاول جاهدة التصدي له في شرق سوريا. وقد تباهى الرئيس بتحقيقه بعض النجاحات في ساحة المعركة ضد تنظيم الدولة، مثل تحرير الرقة من قبضته، الذي وصفه ترامب بأنه “اختراق حاسم”، جعل “نهاية الخلافة على مرمى البصر”؛ وذلك في بيان أصدره البيت الأبيض في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2017(9). وفي نفس السياق، سلَّط ترامب الضوء على تمكن قوات الأمن العراقية من القبض على خمسة من كبار قياديي التنظيم داخل سوريا، وذلك في تغريدة نُشرت في 10 مايو/أيار 2018(10).

والواقع أن ترامب ومستشاريه متفقون على أنه يتعين على الولايات المتحدة تدمير تنظيم الدولة في شرق سوريا، لكن ليس ثمة اتفاق على ما يستلزمه ذلك، فقد انفجر الجدل في مارس/آذار 2018 بعد أن أعلن ترامب في خطاب سياسي له في أوهايو أن القوات الأميركية ستُسحب من سوريا في وقت قريب جدًّا، كما أوقف الرئيس إنفاق مبلغ 200 مليون دولار كان مخصصًا للمساهمة في بسط الاستقرار في مناطق حلفاء واشنطن من القوات السورية الكردية والعربية المحلية، والتي يطلق عليها اسم قوات سوريا الديمقراطية(11)(SDF) ..

تسببت تصرفات ترامب في دفع فريق أمنه القومي إلى التحذير من أن الانسحاب المبكر من سوريا سيسمح لتنظيم الدولة بالعودة للظهور، كما أعربوا عن تصورهم بأن إعادة تأهيل الخدمات الحكومية الممزقة في شرق سوريا أمر حيوي للحيلولة دون عودة التنظيم. وذكرت بعض التقارير أن الرئيس ترامب وافق في أوائل أبريل/نيسان 2018 على الإبقاء على 2000 جندي أميركي في سوريا، لكن لعدة أشهر فقط وليس عدة سنوات، وذلك للسماح للقوات الأميركية وحلفائها المحليين بالقضاء على التنظيم وإعداد قوات الأمن المحلية(12). والواقع أن المسؤولين الأميركيين ما فتئوا يؤكدون أن مهمة الولايات المتحدة في سوريا هي فقط: تدمير تنظيم الدولة وضمان عدم عودته، لكنهم لم يحددوا معايير مرجعية لذلك ولا جدولًا زمنيًّا معينًا لإنجازه.

وفي غياب الجداول الزمنية والمعايير المرجعية، اتسعت الأهداف التكتيكية للبعثة العسكرية الأميركية، ففي فبراير/شباط 2018، قامت وحدات جوية أميركية بتدمير قوة حكومية سورية يدعمها مرتزقة روس، كانت تتقدم باتجاه حقل غاز كونوكو الذي يقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ومنذ فبراير/شباط 2018، وقعت مناوشات بشكل منتظم قرب دير الزور بين قوات الحكومة السورية والميليشيات المتحالفة معها من جهة، وبين قوات سوريا الديمقراطية مدعومة بضربات جوية أميركية من جهة أخرى. فهذه المناوشات ليست ضد تنظيم الدولة، بل هي اشتباكات بين قوات متنازعة في الحرب الأهلية السورية.

في غضون ذلك، تقوم قوة أميركية صغيرة، انضمت إليها قوة فرنسية صغيرة هي الأخرى، بدوريات في منبج بالقرب من الحدود التركية، وهذه القوات ليست هناك لمحاربة التنظيم أيضًا؛ إذ إن قوات سوريا الديمقراطية تسيطر على منبج منذ عام 2016، بل هي هناك لردع القوات التركية التي هدد رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، بأنها ستطرد القوات الكردية السورية منها.

كما أن للجيش الأميركي دورًا في اقتصاديات شرق سوريا؛ إذ تدخَّل الأميركيون عسكريًّا لضمان استمرار قوات سوريا الديمقراطية في السيطرة على حقل غاز كونوكو الذي تحاول الحكومة السورية استعادته، وهذه بالتأكيد معركة ذات أهداف اقتصادية، وليست معركة ضد التنظيم. وفي أبريل/نيسان 2018، أوضح الجنرال جوزيف فلوتيل، قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط، أن للقوات الأميركية دورًا في معالجة “قضايا إعادة الإعمار على المدى الطويل” في سوريا(13). وفي الوقت الذي أوقف فيه ترامب مبلغ 200 مليون دولار من الأموال المدنية لسوريا، يواصل الجيش الأميركي المساعدة في إنجاز المشاريع الصغيرة عبر صندوق بقيمة 20 مليون دولار من ميزانية مكافحة الإرهاب(14).

إلى أين يتجه الأميركيون؟
على المدى الطويل، ستعتمد منطقة الإدارة الكردية في شمال سوريا، التي أنشأها حزب الاتحاد الديمقراطي وميليشياته، بشكل كبير على الدعم العسكري والاقتصادي الأميركي. فبعد الانتخابات التي أُجريت في سبتمبر/أيلول وديسمبر/كانون الأول 2017، والتي فاز فيها بسهولة حزب الاتحاد الديمقراطي، أصبح يدير الآن مجالس محلية وإقليمية. وقد رفضت الحكومة السورية تلك الانتخابات حتى قبل إجرائها ووصفها نائب وزير الخارجية السوري في أغسطس/آب 2017 بأنها “مهزلة”(15). لكن كانت لوزير الخارجية السوري، وليد المعلم، نبرة أكثر اعتدالًا، في سبتمبر/أيلول 2017، عندما صرَّح بأن لدى دمشق الرغبة في التفاوض مع الأكراد السوريين بشأن ترتيب حكم ذاتي يضمن بقاءهم داخل الحدود السورية(16).

إلا أن سجل الحكومة السورية في احترام اتفاقات وقف إطلاق النار والاتفاقات المتعلقة بالحكم في غرب سوريا سيء للغاية، فالحكومة السورية دأبت بانتظام إما إلى استيعاب أو سحق أو التحكم بالمجالس المستقلة أو تلك التابعة للمعارضة(17).

وفي الوقت الذي تفكر فيه دمشق في تحديد كيفية إدارة علاقاتها مع منطقة الإدارة الكردية في شمال سوريا، فإنها لا تريد الاعتراف بانتخابات أُجريت خارج سيطرتها ولن تقبل بمؤسسات تولدت عن تلك الانتخابات، كي لا تكون سابقة يمكن أن تطبق في مناطق أخرى من سوريا. فمن وجهة نظر حزب البعث في دمشق، إن القبول بالتقسيم الواقعي على المدى القصير، أفضل من الاعتراف بمنطقة الإدارة الفيدرالية الكردية في شمال سوريا كما هي عليه في الوضع الحالي.

يرحب حزب الاتحاد الديمقراطي بوجود دائم للولايات المتحدة في شرق سوريا لردع اعتداءات الحكومة السورية وكذلك التدخل التركي(18). هذا، ويعتقد بعض الساسة والمحللين الأميركيين أن وجودًا أميركيًّا مستدامًا في شرقي سوريا، وتوطيد منطقة الحكم الذاتي هناك، ستجبر الأسد في النهاية على التفاوض حول صفقة سياسية، لاسيما أن حكومة الأسد بدون النفط في تلك المنطقة، وأراضي القمح الواسعة في شرق سوريا، ستواجه كارثة اقتصادية(19).

غير أن هؤلاء الذين يأملون في إجبار الأسد على إجراء إصلاحات سياسية عميقة عبر إجهاده اقتصاديًّا، يتجاهلون رفض حكومته تقديم أي تنازلات حتى عندما كانت تتعرض لهجوم عسكري كبير، كما أن حلفاءه الروس والإيرانيين لم يضغطوا عليه أبدًا للقيام بذلك. أضف أن حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) تفاوَضَ بالفعل مع دمشق حول صفقة لتقاسم الإيرادات النفطية بمنطقة الإدارة الكردية في شمال سوريا(20). هذا، وفي الوقت نفسه، تعاني حقول القمح في المناطق الشرقية من انخفاض منسوب المياه بسبب الاستغلال المفرط خلال ذروة التوسع الزراعي البعثي، كما أنها مهددة بنقص في تهاطل الأمطار نتيجة لتغير المناخ(21).

وبالنظر إلى المستقبل، فإن منطقة الإدارة الكردية في شمال سوريا، التي تحيط بها تركيا وسوريا كبلدين معاديين من جهة والعراق الواقع تحت النفوذ الإيراني من جهة أخرى، ستعتمد على الولايات المتحدة؛ وهذا هو بالضبط ما يرى ترامب أنه ليس من المصالح الأميركية في شيء.

استهداف إيران في سوريا
إذا كان تأمين منطقة الإدارة الكردية في شمال سوريا يتطلب التزامًا أميركيًّا أطول وأوسع مما يريد ترامب تحمله، فإن صنَّاع السياسات والمحللين في واشنطن يحثون على ألا يقتصر دور القوات الأميركية على محاربة تنظيم الدولة والدفاع عن قوات سوريا الديمقراطية، بل أن يشمل كذلك العمل على دحر النفوذ الإيراني في سوريا. وكان ترامب قد قال: إن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والأميركيين “لا يقبلون بتمتع إيران بموسم مفتوح على البحر الأبيض المتوسط”(22). بل إن ترامب نفسه قال خلال زيارة ماكرون، في 25 أبريل/نيسان 2018: إن الولايات المتحدة “ستترك بصمة قوية ودائمة” في سوريا(23). وبالإضافة إلى الفرنسيين، فإن الإسرائيليين والسعوديين حثوا ترامب على الإبقاء على قوات في شرق سوريا من أجل تحجيم نفوذ إيران في هذا البلد(24)(25).

كما أعلن ترامب، في 25 أبريل/نيسان 2018، أن الولايات المتحدة ستمنع أي ممر بري يربط إيران بالبحر الأبيض المتوسط(26). وقال قائد القوات الأميركية بالشرق الأوسط، الجنرال جوزيف فوتيل، للصحافة في 26 أبريل/نيسان 2018: إن دعم قوات سوريا الديمقراطية سيساعد في ضمان منع إيران من الحصول على الممر البري المذكور(27). بالإضافة إلى ذلك، قررت واشنطن الحفاظ على وجودها في منطقة التنف قرب الحدود العراقية-الأردنية وأنذرت الحرس الثوري الإيراني من أنه إن لم يلتزم بالبقاء على بعد 55 كيلومترًا من هذه المنطقة فإنه سيتعرض للقصف، وذلك لمنع تحرك القوات الإيرانية برًّا من وإلى العراق(28).

قد يبدو منع مرور الإيرانيين برًّا عبر شرق سوريا أمرًا جيدًا، لكن في الواقع لم يحدث أن تمتع الحرس الثوري الإيراني أبدًا بمثل هذا الممر البري، ومع ذلك، فقد بنى الحرس الثوري على مدى سنين قوات هائلة من الميليشيات في الغرب السوري، كانت تَستخدم منذ فترة طويلة مطار دمشق وفي الفترة الأخيرة أصبحت تستخدم مطارات أخرى كذلك، صحيح أن الطريق البري سيكون أرخص بالنسبة لطهران لكنه ليس ضروريًّا للحفاظ على وجودها في غرب سوريا، بل وزيادة ذلك الوجود.

وفي المقابل، أدت الضربات الجوية الإسرائيلية العنيفة إلى تعقيد تعزيز إيران لوجودها العسكري في غرب سوريا كما صعدت الحكومة الإسرائيلية غاراتها الجوية على سوريا ضد البنية التحتية العسكرية للحرس الثوري الإيراني و”ميليشياته”، منذ فبراير/شباط 2018، لإعاقة زيادة التواجد الإيراني، بما في ذلك غارة على مطار دمشق نفسه(29). وقد أظهرت روسيا أكثر من مرة أنها لن تمنع غارات جوية إسرائيلية ضد أهداف إيرانية ولا حتى سورية شريطة ألا يهدد ذلك القوات الروسية أو التقدم العسكري الميداني للقوات السورية في الصراع المحلي.

أما الأميركيون فلم يلعبوا بشكل مباشر سوى دور ضئيل ضد إيران في غرب سوريا، فلو أن الطائرات الحربية الأميركية حاولت القيام بعمليات في غرب سوريا فإنها ستكون عرضة للدخول في مواجهة مع الروس، ذلك أن موقف روسيا وعلاقاتها مع إسرائيل مختلف عن موقفها وعلاقاتها مع الولايات المتحدة، ويرجح أن يكون ترامب راضيًا عن أن يظل سلاح الجو الإسرائيلي هو المنفِّذ لتلك الضربات الجوية مع ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر.

وحتى الآن، لا تزال مخاطر المواجهة العسكرية محدودة بالنسبة لإسرائيل، فالحرس الثوري يدرك أنه لا يتمتع بحماية جوية روسية في مواجهة إسرائيل، لذا، يتجنب التصعيد ضدها. لكن الحرس الثوري لم ينسحب من سوريا كما يفضِّل الإسرائيليون والأميركيون، بل المتوقع أن الإيرانيين سيستمرون في تعزيز مكاسبهم السياسية في لبنان وسوريا.

ربما يقبل الإيرانيون كذلك باتفاق تتوسط فيه روسيا من شأنه أن يجعل إيران تحرك ميليشياتها إلى مناطق أبعد عن إسرائيل في مقابل وقف الغارات الجوية الإسرائيلية، ويمكن للروس أن يلعبوا دور الوسيط في هذا. أما الأميركيون فلا يمكنهم القيام بذلك في ضوء علاقة العداء الحالية مع طهران وعدم وجود قناة أميركية للتفاوض لا مع إيران ولا مع الحكومة السورية. وبدلًا من ذلك، لا تستطيع إدارة ترامب أن تفعل أكثر من مراقبة الوضع إلا إذا رغبت في إطلاق تدخل عسكري كبير ومواجهة روسيا، مع العلم بأن أوباما لم يكن يعتقد أن سوريا كانت تستحق مثل هذه المجازفة، ولا يبدو أن ترامب، بدوره، يعتقد ذلك.

شرق سوريا
إن تمسك واشنطن بقوات لها في شرق سوريا يحمل في طياته مخاطر هو الآخر، فقد تعهد الإيرانيون والأسد بمواجهة الوجود الأميركي(30)(31). وسوف يختبرون الإصرار الأميركي في شرق سوريا من خلال هجمات غير تقليدية ومضايقات تستهدف عناصر وقادة القوات الأميركية وقوات سوريا الديمقراطية؛ فالإيرانيون في تواصل مع الزعامات القبلية السورية، ويحثونهم على مقاومة الوجود الأميركي في شرق سوريا(32)(33). وستستفيد الجهود السورية/الإيرانية لإذكاء المقاومة ضد الأميركيين في شمال سوريا، من استمرار حضور الاستخبارات السورية على الأرض بإذن من سلطات منطقة الإدارة الكردية في شمال سوريا، أي من حزب الاتحاد الديمقراطي(34).

وقد أشار تقرير للمفتش العام لوزارة الدفاع الأميركية، نُشر في أبريل/نيسان 2018، إلى الصعوبات التي يواجهها الجيش الأميركي في فرض الاستقرار في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الأميركي في شرقي سوريا. وسلَّط التقرير الضوء على عدم وجود شريك من حكومة مضيفة، وعلى وجود حملة اغتيالات ضد الزعماء المحليين(35). يمكن أن تكون الاغتيالات من عمل تنظيم الدولة، أو سوريا وإيران، أو تركيا أو مزيج من كل هذه الجهات. وبمرور الوقت، سيطوِّر السوريون والإيرانيون أساليب للتصدي لتدابير الحماية المتخذة من طرف القوات الأميركية، وبالتالي، فإن البيئة العملياتية التي يعمل فيها الجيش الأميركي ومجموعة الدبلوماسيين وضباط التنمية ستصبح أكثر خطورة ومن شأن ذلك أن يختبر قدرة تحمُّل ترامب وصبره على مهمة لن يكون تأثيرها بشكل عام كبيرًا، لا على القوات الإيرانية في غرب سوريا، ولا على عملية السلام المتعثرة في الأمم المتحدة.

خاتمة
يمكن للرئيس ترامب أن يقول، دونما إطناب، إنه يعمل على تطوير تعريف أضيق للمصالح الأميركية في سوريا. لكن حتى ضمان تلك المصالح المحددة بشكل أكثر محدودية سيكون صعبًا؛ فليس من المرجح أن تتخلى إيران عن غرب سوريا، ولا يمكن الولايات المتحدة وإسرائيل أن تجبراها على القيام بذلك، كما لا يمكن للأميركيين الحيلولة دون بزوغ تنظيم الدولة من جديد في مناطق سورية خارج سيطرتهم، وثمة توترات دفينة داخل الإدارة الأميركية قد تندلع إذا ما حدثت إصابات بين الأميركيين أو تكاليف إضافية، والواضح أن ترامب يريد تجنب التشابك في سوريا، ويريد في الأساس تسليمها للقوى الإقليمية ولروسيا. كما يأمل بعض الساسة الأميركيين أن تؤدي سيطرة الأكراد السوريين على شرق سوريا إلى جلب حكومة الأسد إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى تسوية.

لكن الأمل ليس مرادفًا للتحليل؛ فالتحليل الجاد هو أن روسيا وإيران وسوريا وحتى تركيا تريد أن ترى الأميركيين خارج شرق سوريا وستعمل هذه الأطراف ضد ما تقوم به أميركا في منطقة الإدارة الكردية في شمال سوريا وما تقوم به لمساعدة قوات سوريا الديمقراطية، ويشير ميزان القوى هذا إلى أن الأميركيين سيواجهون صعوبات متوالية في سوريا وسيتحملون تكاليف هناك، وهذا هو بالضبط ما لا يريده دونالد ترامب، فهذا الأخير في النهاية، هو الرئيس ذو الإرادة القوية، وسيكون من الحكمة بالنسبة للأكراد السوريين أن يجهزوا خطة بديلة لا تتضمن وجودًا عسكريًّا أميركيًّا على المدى الطويل.

____________________________________________________________
روبرت فورد، سفير سابق للولايات المتحدة من عام 2010 إلى 2014، وهو حاليًّا أحد كبار الباحثين في معهد الشرق الأوسط في واشنطن.
ملاحظة: الورقة أُعدت في الأصل باللغة الإنجليزية لمركز الجزيرة للدراسات، ترجمها إلى العربية سيد أحمد أحمد زروق.

مراجع
1.Hains, Tim, “Nikki Haley Warns Syria: U.S. Is “Locked And Loaded”, realclearpolitics.com, 15 April 2018, (Visited on 16 April 2018): https://www.realclearpolitics.com/video/2018/04/15/nikki_haley_warns_syria_us_is_locked_and_loaded_.html

2. “Transcript: Donald Trump’s Foreign Policy Speech”, The New York Times, 27 April 2016, (Visited on 16 April 2018): https://www.nytimes.com/2016/04/28/us/politics/transcript-trump-foreign-policy.html

3.Myer, Fort, “Remarks by President Trump on the Strategy in Afghanistan and South Asia”, 21 August 2017, (Visited on 16 April 2018): https://www.whitehouse.gov/briefings-statements/remarks-president-trump-strategy-afghanistan-south-asia/

4. “Russia laments US absence in Syria peace talks in Astana”, EFE-EPA, 14 May 2018, (Visited on 15 May 2018): https://www.efe.com/efe/english/portada/russia-laments-us-absence-in-syria-peace-talks-astana/50000260-3615775

5. “Mattis plays down odds of Syria pullout before peace agreement”, Reuters, 30 April 2018, (Visited on 30 April 2018): https://www.reuters.com/article/us-syria-crisis-usa-mattis/mattis-plays-down-odds-of-syria-pullout-before-peace-agreement-idUSKBN1I125V

6. “Note to Correspondents: Transcript of the press conference by the UN Special Envoy for Syria, Staffan de Mistura”, United Nations Secretary-General, 5 July 2017, (Visited on 30 April 2018): https://www.un.org/sg/en/content/sg/note-correspondents/2017-07-05/note-correspondents-transcript-press-conference-un-special

7.Labott, Elise and Liptak, Kevin, “Trump gets testy as national security team warns of risks of Syria withdrawal”, CNN, 5 April 2018, (Visited on 6 April 2018): https://www.cnn.com/2018/04/04/politics/donald-trump-syria-troops/index.html

8.Wright, Thomas, “John Bolton and Mike Pompeo Are Headed for a Clash”, , Politico Magazine, 9 May 2018, (Visited on 10 May 2018): https://www.politico.com/magazine/story/2018/05/09/john-bolton-mike-pompeo-donald-trump-218325

9. “Trump: Raqqa fall ‘critical breakthrough’, end of Islamic State in sight”, Reuters, 21 October 2018, (Visited on 23 October 2018): https://www.reuters.com/article/us-mideast-crisis-syria-trump/trump-raqqa-fall-critical-breakthrough-end-of-islamic-state-in-sight-idUSKBN1CQ0S4

10.Cohen, Zachary and Alkhshali, Hamdi, “Trump tweets 5 ‘most wanted’ ISIS leaders ‘just’ captured”, CNN, 10 May 2018, (Visited on 11 May 2018): https://www.cnn.com/2018/05/10/politics/trump-tweet-isis-leaders-captured/index.html

11.Finnegan, Conor and Osborne, Mark, “Trump freezes $200 million in aid promised to Syria”, ABC News, 31 March 2018, (Visited on 31 March 2018): https://abcnews.go.com/Politics/trump-freezes-200-million-aid-promised-syria/story?id=54140183

12.Hirschfeld Davis, Julie, “Trump Drops Push for Immediate Withdrawal of Troops From Syria”, The New York Times, 4 April 2018, (Visited on 5 April 2018): https://www.nytimes.com/2018/04/04/world/middleeast/trump-syria-troops.html

13.DeYoung, Karen and Ryan, Missy, “As Trump talks of leaving Syria, his top commander in the Middle East emphasizes the need to stay”, The Washington Post, 4 April 2018, (Visited on 5 April 2018): https://www.washingtonpost.com/world/national-security/as-trump-talks-of-leaving-syria-his-top-commander-in-the-middle-east-emphasizes-the-need-to-stay/2018/04/03/2ccdcff8-3753-11e8-8fd2-49fe3c675a89_story.html?utm_term=.c75ddf043945

14. “Lead Inspector General for Operation Inherent Resolve and Operation Pacific Eagle-Philippines”, Quarterly Report to the United States Congress, 1 January 2018, 31 March 2018, (Visited on 31 March 2018): http://www.dodig.mil/In-the-Spotlight/Article/1512630/lead-inspector-general-for-operation-inherent-resolve-and-operation-pacific-eag/

15. “Syrian deputy FM calls Rojava’s planned elections ‘a joke’”, Rudaw 7/8/2017, (Visited on 31 March 2018): http://www.rudaw.net/english/middleeast/syria/070820171

16. “Syria to consider granting Kurds greater autonomy”, Al Jazeera English, 26 September 2017, (Visited on 31 March 2018): https://www.aljazeera.com/news/2017/09/syria-granting-kurds-greater-autonomy-170926121821968.html

17.Khaddour, Kheder, “Local Wars and the Chance for Decentralized Peace in Syria”, Carnegie Middle East Centre, 28 March 2017, (Visited on 29 March 2018): http://carnegie-mec.org/2017/03/28/local-wars-and-chance-for-decentralized-peace-in-syria-pub-68369

18.Davison, John, “Exclusive: U.S. forces to stay in Syria for decades, say militia allies”, Reuters, 17 August 2017, (Visited on 31 March 2018): https://www.reuters.com/article/us-mideast-crisis-syria-usa-exclusive/exclusive-u-s-forces-to-stay-in-syria-for-decades-say-militia-allies-idUSKCN1AX1RI

19.Lockie, Alex, “US just detailed its plan to kick Assad out of Syria by treating the country like North Korea”, Business Insider, 8 February 2018, (Visited on 9 February 2018): http://www.businessinsider.com/us-syria-assad-remove-north-korea-2018-2

20. “Syria, PKK/PYD share oil revenues in Al-Hasakah”, Middle East Minitor, 27 July 2017, (Visited on 28 March 2018):https://www.middleeastmonitor.com/20170727-syria-pkkpyd-share-oil-revenues-in-al-hasakah/

21.Perry, Megan, “How climate change and failed agricultural policies have contributed to conflict in Syria”, Sustainable Food Trust, 6 May 2016, (Visited on 28 March 2018): https://sustainablefoodtrust.org/articles/climate-change-agriculture-syria-conflict/

22.Detsch, Jack, “Trump emerges from Macron meeting ready to take on Iran in Syria”, Al-Monitor, 24 April 2018, (Visited on 25 April 2018): https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2018/04/macron-trump-flip-syria.html

23. “Macron, Trump announce ‘common objective’ on Iran and Syria”, France 24, 24 April 2018, (Visited on 28 April 2018): http://www.france24.com/en/20180424-macron-trump-resolve-differences-iran-syria-nuclear-deal-troops

24.JTA and Ron Kampeas, “Explained Donald Trump Wants Out of Syria. Israel Thinks That’s a Problem”, Haaretz, 4 April 2018, (Visited on 28 April 2018): https://www.haaretz.com/middle-east-news/syria/donald-trump-wants-out-of-syria-israel-thinks-that-s-a-problem-1.5976689

25. “Saudi Crown Prince wants US troops to stay in Syria”, Gulf News, 17 May 2018, (Visited on 18 May 2018): https://gulfnews.com/news/mena/syria/saudi-crown-prince-wants-us-troops-to-stay-in-syria-1.2197154

26.Ryan, Missy, “Pentagon to confront Iran’s expansion using indirect means, not open conflict”, The Washington Post, 26 April 2018, (Visited on 28 April 2018): https://www.washingtonpost.com/world/national-security/pentagon-to-confront-irans-expansion-using-indirect-means-not-open-conflict/2018/04/26/b2a0a688-48cd-11e8-9072-f6d4bc32f223_story.html?utm_term=.13a0af01b916

27.Ibid

28.Liptak, Kevin, and Cohen, Zachary, “For Trump, Syria policy is all about the economy — and private jumbo jets”, , CNN, 3 April 2018, (Visited on 5 April 2018): https://www.cnn.com/2018/04/03/politics/donald-trump-syria-middle-east-policy/index.html

29.Ahronheim, Anna, “Before and after images show Israeli strike on Iranian base”, The Jerusalem Post, 13 May 2018, (Visited on 14 May 2018): https://www.jpost.com/Middle-East/Iran-News/Israeli-airstrikes-caused-extensive-damage-to-Iranian-targets-in-Syria-556300

30. “Syrian army vows to eject US troops, Hamdi Alkhshali and Ryan Browne, CNN, 16 January 2018, (Visited on 14 May 2018): https://www.cnn.com/2018/01/15/politics/syria-army-threat-us-troops/index.html

31. “Top Iranian says Tehran will stand with Damascus against foreign aggression, Reuters, 11 April 2018, (Visited on 14 May 2018): https://uk.reuters.com/article/uk-mideast-crisis-syria-iran/top-iranian-says-tehran-will-stand-with-damascus-against-foreign-aggression-idUKKBN1HI2ES

32. “Velayati meets with Syrian tribal leader”, stresses Syria’s unity, MEHR News Agency, 2 May 2018, (Visited on 4 May 2018): https://en.mehrnews.com/news/133748/Velayati-meets-with-Syrian-tribal-leader-stresses-Syria-s-unity

33. “Iran’s Velayati Lauds Kurds for Standing against US, Israeli Meddling in Syria”, Tasnim News Agency, 2 May 2018, (Visited on 4 May 2018): https://www.tasnimnews.com/en/news/2018/05/02/1715902/iran-s-velayati-lauds-kurds-for-standing-against-us-israeli-meddling-in-syria

34. “A Visit To The Jazeera Canton: Report And Assessment, Aymenn Jawad Al-Tamimi, Pundicity”, Middle East Center for Reporting and Analysis, 22 February 2018, (Visited on 4 May 2018): http://www.aymennjawad.org/20873/a-visit-to-the-jazeera-canton-report

35.Department of Defense Office of Inspector General, Lead Inspector General for Operation Inherent Resolve and Operation Pacific Eagle-Philippines, Quarterly Report to the United States Congress, 1 January 2018, (Visited on 31 March 2018): http://www.dodig.mil/In-the-Spotlight/Article/1512630/lead-inspector-general-for-operation-inherent-resolve-and-operation-pacific-eag/
المصدر/ الجزيرة للدراسات

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة