كتب: عثمان خاطر
جنوب السودان/ جوبا
قبل كل شيء وقبل قراءة هذه الأسطر التالية علينا أن نفهم بأن هناك سؤالين مهمين يلوحين في الأفق يجب معرفتهما والتدقيق في أمرهما جيداً.
السؤال الأول : هل نستطيع القول أننا نفهم خط الخطاب الأدبي السائد الآن في الساحة الأدبية والفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ؟
السؤال الثاني : هل نحن فعلاً بحاجة إلى خطاب أدبي جديد ؟
إذا كانت الإجابة “نعم” بأي رؤية فكرية تأسس هذا الخطاب؟
وإذا كانت الإجابة ” لا ” يلزمنا التوضيح بالحجج المنطقية التي بنيت عليها الإجابة. موضوع مقالنا قائم على الفرضية الأولى، ونسعى بقدر الإمكان تسليط الضوء على ما نعتقد أننا بحاجة إليه في الأدب .
يجب التنبيه جيدا أن خطابي هنا يبني أطروحته على أهمية تأسيس خطاب أدبي يهتم بقضايا الإنسان ومشكلاته، إذ أن دراسة الأدب باهتمام وإنفتاح يفتح المجال واسعا لفهمه وفهم ما يتناوله من قضايا ومواضيع لها علاقة مباشرة في المقام الأول بالإنسان ( تطوره وطريقة تفكيره، ما يهمه ويخيفه ويعزيه ويواسيه، إنسان بكل قضاياه وتفاصيله المملة )، والدولة والحضارة والثقافة والفنون ثانياً، وفهمنا الصحيح للأدب تمثل قوة حقيقية تساعدنا في خوض تفاصيل حياتنا، ومحاولة استيعاب عللها واضطراباتها، أي إنها تعطينا الدافع لكي نقوم بتحديث يتواكب مع لغة العصر والنقد الحديث والفلسفات التي تختص بالجانب الأدبي الإنساني. سنتناول في هذا الصدد ثلاثة جوانب نعتقد إنها مهمة في مساعدتنا لبناء نظريتنا الأدبية،
أ_ الجانب السياسي
ب _ الجانب السوسيولوجي
ج _ الجانب التاريخي .
أ _ الجانب السياسي:
نوقن إن الأدب هو محصلة النتائج والأحداث التاريخية والجماليات الثقافية والمجتمعية وتاريخ متزن بالآثار والأنماط الحضارية، ويمثل ذاكرة جمعية تقوم بمهمات عظيمة في إنتاج المعرفة ونشرها وتوظيفها بأسس ومبادئ سليمة ( حسب رؤية كاتبها ). وكذلك نواة المجتمع الذي يعكس الجانب الآخر من المكنون الذي لا يجد حظه من الإفصاح، هذه القراءة الجديدة التي نود الخوض فيها نعني بها محاولة جادة لجذب إنتباه الجميع وتعكيس دور السياسة التاريخية عند الأدب. فتقدم المجتمعات تعتمد حديثا بشكل أو بآخر إلى الأدب بصورة كبيرة جدا، الأمر الذي يجعلني أفكر في أن السودان كدولة وشعب لم تستطع توحيد خطاب السياسة نحو المصلحة العامة وهو الأمر الذي أعادت العقلية الرجعية إلى الساحة الفكرية والسياسية مستغلا الضعف والخلل والتخلف المهيمن على الجغرافيا، أي سياسيا فشل الأمر في أن يعكس دور الأدب في المقاومات والثورات، اذ ان الواثع السياسي في السودان لا يقوم على حقيقة إنما على الهوى النقسية والمصحلة الشخصية، وهو ما يجعل أمر ضروري في تأسيس لخطاب أدبي جديد يقوم على الدراسة النقدية الحديثة للأدب بصورة حصيفة ودقيقة لكي تصل إلى النواة الآمنة التي يقصدها الكتاب، وتسليط الضوء على الدور الذي يلعبه في الساحة السياسية.
وهذا الأمر مرتبط بالكُتاب أنفسهم في محاولة تعكيس الظاهرة على حقيقتها ومحاولة تغيير الذاكرة الجمعية للتفاصيل والمواضيع في الفهم والإدراك، وكذلك الكتابة الإبداعية التي تحمل عبء المجتمع على عاتقها وتعطيها المسؤولية الاجتماعية حتى ترتقي إلى مستوى المطلوب من القضايا والمشكلات، أننا لا نطالب بالكتابة على شاكلة واحدة بل نطالب توظيف الهموم على شكلية جديدة وهو ما يعني محاولة إزاحة سؤال السياسة بشكل أو بآخر عن الطريق الذي يتبعها. سياسيا كان الأدب ثورياً وذلك بالإفصاح والإعلان بأنه لا توجد سياسية لم تبدي فيها الأدب رأيه وما يخص الإنسان وما تهم الدولة ككيان سياسي دورها الأخلاقي تقوم على توفير الوسائل المريحة والعدالة والحياة الكريمة للمواطن، ظل الأدب يدافع بصوت عالي في القضايا المعاصرة والتاريخية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية لكن لسوء حظه العاثر كلما فتح فمه في قول شيء ما ألصق عليه شريط مانع، لهذا أننا اذا اردنا حل هذه المشكلة نحتاج لمراجعة التاريخ السياسي الذي لا يهتم بالكثير من المواضيع الاجتماعية.
ب _ الجانب السوسيولوجي :
يقول رولان بارت في كتابه ” هسهسة اللغة ” ( إن كلمة أدبي مرجع ثقافي، نموذج بلاغي وغموض تعبيري إرادي، واحدة بسيطة للدلالة الذاتية فإنها تكون عميقة بوصفها حيزاً. ) هذه العبارة عمقها تكمن في أهمية التعريف بالأدب وتعرية جوهره فى السياق الثقافي والمعرفي والكتابي واللغوي. السودان مجتمع متعدد ثقافيا الأمر الذي يجعل من البسيط قيمة كبيرة في تناولها، والأدب السوداني تاريخيا له دور بارز عظيم في هذا المجال وغني عن التعريف، الشيء الأهم في الأمر هو ماذا استفاد المجتمع من كتابة ثقافته ومحاولة إبداء الرأي في ما يخصه ويعنيه؟، الأدب هو في نفسه ثقافة وأسلوب خطاب وسلطة في آن معاً، هذا المجال الذي اذا حاولنا تفكيكه نقديا نجد أنه يمثل الجانب الذي يلامس جزء مهم جدا في الإنسان وهو حياته، ثقافته، دينه وطريقة تفكيره. دراسة سوسيولوجيا الأدب والتواصل مع حقلها المجتمعي تقوم على بناء متين بأسس وآليات متطورة لنهضة الأدب والإنسان، وتتعامل مع اللاوعي الاجتماعي داخل المتخيل الأدبي. اهتمامنا بهذا الجانب ينقذنا من الغرق والموت والتوهان، وتصلح عثرات خطواتنا نحو الانزلاق، وتقينا من السقوط. تجيب السوسيولجيا على ثلاثة أسئلة وتبني عليها فلسفتها المنهجية، وهي،
١_ ما هو العمل ؟
٢ _ ما هو النظام الاجتماعي ؟
٣ _ ما الذي يحدد التغيير الاجتماعي ؟
فتقوم بتدقيق كل ما له علاقة بالأدب حتى تؤدي دورها في بناء المجتمع . وهذا الدور يلعبه الكاتب قبل الناقد إذ أن الناقد دوره يقف على فحص المواضيع التي يتناولها الكاتب حتى يقوم بربطها اجتماعيا بقوانين ودراسات بحثية. ولتوسيع مدارك العقل والتعمق في الامر أكثر راجع كتابات أوغست كونت وإيميل دوركايم وعبدالفتاح كيليطو وسعيد يقطين و أمبرتو إيكو و رولان بارت .
اهتمت فئة كبيرة من كُتاب الرواية والقصة والشعر بتناول مواضيع كبيرة وعميقة في معناها وجوهرها القيمي والتاريخي، قضايا ذات صلة بالمجتمع والسياسة والدين والهوية والدولة، وعند تناول هذه الكتابات بقراءة نقدية تعيدنا إلى أن نتسائل عن المعنى المنتظر من ورائها، و نعيد ترتيب الأوراق كما وكيفا، ومراجعة الكتابات بقراءة سوسيولوجيا الأدب في أبعادها الدراسية ( الميثولوجيا والاركيولوجيا ) والإطلاع على ما تتركه من آثار عظيمة في المضامين المعرفية. سياقة الخطاب الأدبي السوسيولوجي تأتي بعد فهم العقلية المكتوبة التي تتناوله الكتابة والقصد من معناها اللغوي.
ج _ الجانب التاريخي:
علاقة بين الأدب والتاريخ علاقة تكامل وارتباط جدلي بين نوعين من الممارسات الفكرية، تجمعها الإنسان كموضوع ونواة يأسس كلاهما فلسفته عليه. ونحتاج أن نفرق بين هذين المفهومين الكبيرين التاريخ وتاريخ الأدب، فكل منهما مجال وأسس معينة تبني عليه فرضياته. في هذا المقال نسعى إلى محاولة وضع حجر الأساس لمشروع فكري أدبي ثقافي مجتمعي وتاريخ أدبي، مهمته جمع الأحداث والكتابات وتسجيلها في مسودة وطنية، وهذا الجانب يمثل النقطة الأساسية في الولوج إلى ذاتية الكتابة وتنقيب اللغة والسرد والأفكار النظرية والتطبيقية والمواضيع والقضايا حتى يتم التنظير والتطبيق عليها تاريخيا، والذي يُعنى به تأسيس تاريخ أدبي يقوم على إعادة ترتيب التاريخ الآني بطرق أكثر انفتاحا وانجذابا وأكثر واقعية بل حقيقية في جوانبها الموضوعية والجغرافية . وأصدق عبارة حسب اعتقادي في هذا الصدد ما قاله : الأديب ماريو بارغاس يوسا ” ما يربط بيننا وبين سيرفانتس شكسبير ودانتي وتولستوي، أي أنه يجعلنا نستشعر إنسانيتنا. ” حلقة وصل بين حاضرنا وماضي أسلافنا بالأدب والتواصل مع انفسنا على صورتنا الواسعة .
ب _ الجانب السوسيولوجي :
يقول رولان بارت في كتابه ” هسهسة اللغة ” ( إن كلمة أدبي مرجع ثقافي، نموذج بلاغي وغموض تعبيري إرادي، واحدة بسيطة للدلالة الذاتية فإنها تكون عميقة بوصفها حيزاً. ) هذه العبارة عمقها تكمن في أهمية التعريف بالأدب وتعرية جوهره فى السياق الثقافي والمعرفي والكتابي واللغوي. السودان مجتمع متعدد ثقافيا الأمر الذي يجعل من البسيط قيمة كبيرة في تناولها، والأدب السوداني تاريخيا له دور بارز عظيم في هذا المجال وغني عن التعريف، الشيء الأهم في الأمر هو ماذا استفاد المجتمع من كتابة ثقافته ومحاولة إبداء الرأي في ما يخصه ويعنيه؟، الأدب هو في نفسه ثقافة وأسلوب خطاب وسلطة في آن معاً، هذا المجال الذي اذا حاولنا تفكيكه نقديا نجد أنه يمثل الجانب الذي يلامس جزء مهم جدا في الإنسان وهو حياته، ثقافته، دينه وطريقة تفكيره. دراسة سوسيولوجيا الأدب والتواصل مع حقلها المجتمعي تقوم على بناء متين بأسس وآليات متطورة لنهضة الأدب والإنسان، وتتعامل مع اللاوعي الاجتماعي داخل المتخيل الأدبي. اهتمامنا بهذا الجانب ينقذنا من الغرق والموت والتوهان، وتصلح عثرات خطواتنا نحو الانزلاق، وتقينا من السقوط. تجيب السوسيولجيا على ثلاثة أسئلة وتبني عليها فلسفتها المنهجية، وهي،
١_ ما هو العمل ؟
٢ _ ما هو النظام الاجتماعي ؟
٣ _ ما الذي يحدد التغيير الاجتماعي ؟
فتقوم بتدقيق كل ما له علاقة بالأدب حتى تؤدي دورها في بناء المجتمع . وهذا الدور يلعبه الكاتب قبل الناقد إذ أن الناقد دوره يقف على فحص المواضيع التي يتناولها الكاتب حتى يقوم بربطها اجتماعيا بقوانين ودراسات بحثية. ولتوسيع مدارك العقل والتعمق في الامر أكثر راجع كتابات أوغست كونت وإيميل دوركايم وعبدالفتاح كيليطو وسعيد يقطين و أمبرتو إيكو و رولان بارت .
اهتمت فئة كبيرة من كُتاب الرواية والقصة والشعر بتناول مواضيع كبيرة وعميقة في معناها وجوهرها القيمي والتاريخي، قضايا ذات صلة بالمجتمع والسياسة والدين والهوية والدولة، وعند تناول هذه الكتابات بقراءة نقدية تعيدنا إلى أن نتسائل عن المعنى المنتظر من ورائها، و نعيد ترتيب الأوراق كما وكيفا، ومراجعة الكتابات بقراءة سوسيولوجيا الأدب في أبعادها الدراسية ( الميثولوجيا والاركيولوجيا ) والإطلاع على ما تتركه من آثار عظيمة في المضامين المعرفية.
_ لتأسيس الخطاب الأدبي لا بد من الآتي:
أولا : توجيه القارئ إلى الأدب بالوسائل الصحيحة لكي يفهم الأدب ويتمكن من تلخيص أفكاره، ومحاولة إبداء الرأي في المواضيع والقضايا التي تناوله الأدب، ومساعدته على فهم الكتابة الإبداعية.
ثانيا : الاهتمام بالدراسات النقدية والبحثية ذات علاقة بالمجتمع والأدب والتاريخ وسوسيولوجيا الأدب، وتكمن أهمية هذه الدراسات إنها دراسات عابرة للحدود المعرفية وأوراق قيمة في محتواها المعرفي.
ثالثا : صناعة جيل جديد من القراء يستطيع استيعاب ذاكرة المجتمع السوداني وتاريخها ، أي صناعة المثقف بأسس وآليات جديدة ، وهذا الأمر يحتاج إلى توظيف الدراسات والكتابات وتوجيهها نحو المثقف الذي تم خلقه من خلال القراءة والكتابة معا.
رابعا : تأسيس المعاهد والمدارس الأدبية والنقدية على جميع مستوى الفئات الإجتماعية في كل مدن البلاد حتى يتمكن الشباب السوداني من ممارسة الكتابة كفِعل موضوعي وقيمي وليس أداة صغيرة لترضية المصالح الذاتية.
خامسا : البلورة العقلية بإتزان وإنصاف للوزارات المعنية بالثقافة وتفكيك الأيديولوجية الذاتية التي لا تقدم المجتمعات ولا تخدم المصالح العامة.
سادسا : البدء في محاولة جادة لتنشئة كُتاب جدد بمفهوم جديد يبني أفكاره على استلام الرؤى المجتمعية التي تستغلها السياسة في توظيف مصلحي ودعاية إعلامية تسيء إلى الإنسان والتاريخ والدولة.
سابعا: فهم دور الأدب التاريخي والإنساني الذي يمثل نواة المجتمعات وخلية الفلسفات في طرح قضايا الإنسان والدولة والعالم والحياة عامة .
ثامنا : دراسة سوسيولوجيا الأدب السوداني وميثولوجيا الثقافات والتراث والفلكلور وتوجيه خطابها نحو المصلحة العامة والوطن .
_ خلاصة القول :
الأدب السوداني بشكله الحالي يحتاج إلى دراسات وأبحاث جادة لكي تنير المصابيح العقلية التي تعيق تطوره وتضعف دوره المعرفي في بناء المجتمع، حتى تظهر أهمية القضايا الساخنة التي تناولته، أدبنا ليس ضعيف كما يردده بعض النقاد ويصفونه أنه أدب غير مقروء، لكن الحقيقة أن الأدب ينهض بالنقد والدراسة العميقة وهذا الدور يقوم به النقاد والكتاب والقراء والمؤسسات المختصة بالأمر.