خاص : كتبت – سماح عادل :
سنتناول في هذه الحلقة من الملف كتاب (كتابة الرواية من الحبكة إلى الطباعة) للروائي الأميركي “لورانس بلوك”، ترجمة “صبري محمد حسن”.. و”لورانس بلوك” هو روائي أميركي شهير ولد في ثلاثينيات القرن العشرين، وكتب العديد من الروايات البوليسية وروايات الغموض والتشويق، وحاز على عدد من الجوائز، وقد استهدف “بلوك” بتأليف هذا الكتاب المبتدئين مسدياً لهم النصائح ولكن دون إلزام.
يفتتح “بلوك” كتابه بمخاطبة الكُتاب المبتدئين فيقول: “إن راودتك رغبة كتابة القصص فمن الأفضل أن تأخذ حبتين أسبرين، ثم تنام في غرفة مظلمة انتظاراً لزوال هذا الإحساس، وإن ألح هذا الإحساس فقد يتحتم عليك أن تكتب رواية، المهم أن معظم كتاب القصص المبتدئين يسلمون بفكرة أنهم آجلاً أو عاجلاً سوف يكتبون رواية طويلة، غير أن سوق القص القصير الذي كانت مجلاته تعد بالمئات تضائل جداً، كما اختفت أجناس بكاملها من القص القصير، والمستقبل لا يبشر بخير فيما يخص كتاب القصص الجيد لأن مجلات قليلة جداً التي تنشر القصص وتدفع عنها ثمناً محترماً، من ناحية ثانية قد يستطيع الإنسان كسب عيشه من كتابة الرواية، فالكاتب يستطيع أن يكسب عيشه في أميركا إن كان روائياً مثمراً على نحو معقول”.
الانغماس سريعاً..
ينصح “بلوك” المبتدئين: “الرواية تستغرق عملاً حقيقياً، ومن الأفضل للكاتب المبتدئ أن يبدأ بكتابة الرواية، لأنها أفضل الطرق لتعلم الكتابة، لقد تعلمت أشياء كثيرة من كل رواية كتبتها، وأنصح كل كاتب جديد ألا يتوقع الحصول على الكسب المادي والاعتراف وذيوع الصيت من روايته الأولى، وما لم تكن مستعداً لإنفاق بضعة أشهر في كتابة كتاب واحد لا تجني من ورائه سوى أنك أجدت كتابته فالأفضل أن تتخلص من آلتك الكاتبة”.
ويواصل: “على الكاتب المبتدئ أن يعرف أنه لا يتعين عليه أن يسيطر على الرواية بكاملها على الفور، لأننا نكتب الرواية مثلما نعيش الحياة يوماً بعد آخر، فما أريد أن أعرفه عن أي كتاب أكتبه هو ذلك الذي أريد له أن يحدث خلال كتابة اليوم نفسه، عندما أبدأ كتابة الرواية فما أن أجلس في محاولة مني لتخيل الرواية بكاملها حتى أصيب بالقلق ونوع من الشلل، وأحس أن الأمر كله مستحيل، لذا عليك ألا تفكر كثيراً، على الرغم من ذلك فإن كتابة الرواية تجربة حياتية قيمة للروائي، إنها معلم عظيم لأنها لا تعلمه الكتابة فقط وإنما تعلمه الكثير عن نفسه، فالرواية مركبة فريدة لاكتشاف الذات”.
اختيار نوعية الرواية..
يقول “بلوك” عن اختيار نوعية الرواية: “أول شيء لا بد أن يكون هناك شخصية أو صراع أو موقف أساسي في مكان ما يشدك إلى كتابة رواية عنه، معظم الكتاب قد استحوذت عليهم فكرة أن يصبحوا كتاباً قبل أن تكشف لهم الأشياء التي قد يستطيعون الكتابة عن طبيعتها، لتحدد نوعية الرواية التي ستكتبها لابد من طرح سؤال: ما نوع الرواية التي تفضل قراءتها ؟.. كما أن عليك تحديد هدفك من الكتابة، وداوم على قراءة نوعيات الروايات التي تروق لك، وحاول القراءة من منظور الكاتب فهي تساعد اللاوعي فيك على أن يبدأ تكوين الأفكار، استعداداً لكتابة روايتك الخاصة، حين تحدد نوع الرواية التي تريد كتابتها فذلك يعني أنك جاهز للجلوس إلى الآلة الكاتبة”.
المفكرة..
عن أهمية وجود مفكرة بشكل دائم لدى الروائي يقول: “كتابة الرواية عملية عضوية مستمرة, ولذلك فنحن نحمل الرواية معناً حيثما ذهبنا، وأذهاننا لا تتلاعب بما لديها إلا طوال الفترة ما بين انتهاء عمل اليوم وبداية عمل اليوم التالي، وهذا التلاعب سواء في الوعي أو اللاوعي يهتم بالأفكار التي تساعدنا على ممارسة الإبداع عندما نستأنف الكتابة من جديد، على الكاتب أن يحمل معه مفكرة دوماً، وكلما طرأت لك فكرة دون عنها ملاحظة في مفكرتك، وذلك لأن مجرد تدوين الفكرة في بضع كلمات يساعد على تثبيتها في الذهن، وبذلك يستطيع اللاوعي الاحتفاظ بها، وقبل أن تنام كل ليلة القي نظرة على الذي كتبته في المفكرة، إن المفكرة مجرد أداة حتى لا تضيع منك رؤيتك لأشياء يثبت فيما بعد أنها جديرة بالتذكير”.
الأفكار..
يعرج “بلوك” على إمكانية إتاحة الوقت للافكار, قائلاً: “بعض الأفكار تأتي من أناس آخرين، أعطي الأفكار المزيد من الوقت كي تختمر وتنضج، ولا تكن عجولاً في كتابة الرواية دون أن تكون لديك فكرة عما سيحدث في الرواية، إذا ما تصفحت مفكرتك من حين لآخر كي لا تنساها وكي تفكر فيما دونته فيها من أفكار فإن الأفكار الجيدة تحيا وتنمو, أما الأفكار غير الجيدة تتساقط وتضيع وهذا شيء طيب”.
تطوير الشخصيات..
عن أهمية الشخصيات الروائية يبين: “السبب الرئيس الذي يجعل القارئ يستمر في تقليب صفحات أية رواية هو محاولة القارئ اكتشاف ما سيحدث بعد ذلك، وذلك بسبب مهارة الروائي في رسم الشخصيات وتصويرها، لأن الروائي عندما يبني الشخصيات بناء يستحوذ على قدرات القارئ الاستشفافية والتعريفية يريد أن يعرف الشكل الذي ستكون عليه حياة تلك الشخصيات، كما يشغل نفسه تماماً بأن تظهر تلك الحياة بالشكل المناسب، الروائي يجب أن يكون قادراً على إبداع الشخصيات التي تجعل القراء يهتمون بها، فرسم الشخصيات له أهمية كبيرة في الرواية، والمبدأ الأول هو أن الشخصيات تكون أكثر تأثيراً وفاعلية إذا ما رسمها الروائي على نحو يجعل القارئ يتطابق مع هذه الشخصيات ويتعاطف معها، ويهتم بها ويتمتع بصحبتها، وبالنسبة لي أرى أن جميع الشخصيات ما هي إلا انعكاس لشخصية المؤلف نفسها، سواء كبر أو صغر هذا الانعكاس، وإذا كانت جميع شخصياتي لا تشبهني بأي حال من الأحوال إلا أنها بل وكل شخصية منها، من أولئك الناس الذي يمكن أن أكون واحداً منهم، هذا يعني أني عندما أقوم برسم شخصياتي إنما أتصرف إلى حد بعيد تصرف الممثل وهو يؤدي دوره، أي أني ألعب الدور المخصص لهذه الشخصية وارتجل حوارها، منغمساً في ذلك الدور طوال كتابة الرواية”.
ويضيف: “ومن الشائع بين القراء خطأ المطابقة بين الروائي وبين مواقف وآراء الراوي في رواياته، ولكني اعترف أيضاً بصحة هذا التطابق في كتاباتي، وينطبق هذا أيضاً على الشخصيات الثانوية، وعلى الأوغاد بل ولاعبي الأدوار الصغيرة أيضاً، وكل من يظهر في الرواية، أضف إلى ذلك أني أقوم برسم الشخصيات من الداخل إلى الخارج بحيث أقوم أنا نفسي بلعب الأدوار جميعاً، ومن الطبيعي أن يكون في أية رواية من الراويات عدد من الشخصيات التي أتطابق معها على نحو أكبر من الشخصيات الأخرى، والواقع أن تلك الشخصيات هي التي أنفق فيها جهداً أكبر”.
الشخصيات من الحياة..
عن الشخصيات الروائية يقول: “من المهم أن يمحص الروائي فكرة الشخصية قبل أن يبدأ كتابة الرواية، كما أن عدد كبير من الشخصيات الروائية نستقيها من الحياة وكل ما نكتبه يأتي من تجاربنا وخبراتنا بصورة أو بأخرى، كما أن تجاربنا مع رفاقنا من البشر هي التي تمكننا من إبداع شخصيات تبدو وتتصرف مثل سائر المخلوقات البشرية، وخيال الروائي وحسه التنظيمي يحدثان تغييرات على الشخصيات التي يستقيها من الحياة، كما أن الشخصيات التي يبدعها الروائيون إنما يستقونها في معظم الأحيان من أناس يعرفونهم أو يلاحظونهم ولكن دون أن يحاول الروائي إعادة إبداع الشخص نفسه على الورق، فأنا مثلاً يمكن أن افترض وصفاً بدنياً بعينه أو خاصية من الخصائص التي تتسم بها شخصية ما، أو افترض سمة غريبة من سمات الحديث لشخص ما، وقد استعيد حادثة بعينها من حياة أحد الذين أعرفهم ثم استعملها لتكون إحدى معطيات الخلفية في حياة شخصية روائية أرسمها، وهكذا فإن لمسات ونتفاً صغيرة من تجربتي الحياتية تنتظم على شكل خيط في شخصياتي”.
ويكمل: “أبهج لحظاتي عندما أجلس إلى آلتي الكاتبة وأرى أن شخصية روائية بدأت تدب فيها حياتها الخاصة، وهذه مسألة يصعب وصفها، فالروائي يخلق ويبدع كونه الخيالي الخاص، وهو الذي يحدد مصائر الشخصيات على النحو الذي يراه مناسباً، فإن السحر عندما يعمل عمله وتتكلم الشخصية من تلقاء نفسها وتتنفس وتعرف وتتنهد، فإن ذلك يشعر الروائي أنه قد أبدع حياة، إنها عملية عنيدة لكنها مشبعة على نحو يجعلك تتمنى استمرارها طوال الوقت، في حين أن بعض آخر من الشخصيات تسير وكأنها حلل خاوية، لا تفعل سوى ما يطلب منها ولا تنبض بالحياة، وقد تنجح هذه الشخصيات عند القراء إذ أن الحرفية يمكن أن تستر حقيقة أن شخصيات تسير فقط خلال الأدوار المحددة لها، لكنها لا ترضي الروائي نفسه”.
أيهما أولاً.. الحبكة أم الشخصيات ؟
يجيب “بلوك” عن هذا السؤال: “أية رواية يمكن أن تبدأ بالحبكة أو بالشخصيات التي يكون الروائي ممسكاً بها تماماً، ومع ذلك فإن الجانبان يتشكلان بشكل عام وهما يسيران جنباً إلى جنب، طوال عملية تشكيل الرواية، وأيضاً في الراويات التي أظن أني أعرف الكثير عما يحدث فيها قبل أن أبدأ في كتابتها، أجد أن الأحداث غير المخطط لها تتزاحم داخل إطار الحبكة، وتلح بدورها على الإبداع الفوري للمزيد من الشخصيات الثانوية الجديدة، وقد تتخذ القرارات كروائي بقول الكثير أو القليل عن تلك الشخصيات الثانوية، لأن نجاح الرواية لا يتحقق بناء على الطريقة التي تتناول بها الشخصيات الثانوية، بقدر ما يتعلق بمعالجتك للشخصيات الرئيسة وتناولك إياها”.
عمل المخطط..
يقول بلوك: “المخطط وسيلة يستعملها الكاتب لتبسيط عملية كتابة الرواية وتحسين النوعية النهائية لتلك الرواية، عن طريق زيادة إمساكه ببنيتها العامة، ومسألة طول المخطط، والشكل الذي سيكون عليه، ومدى استعمال التفاصيل فيه، ونوعية المكونات الروائية التي سوف يشتمل أو لا يشتمل عليها، كل ذلك من قبيل المسائل الفردية، وبما أن المخطط يتم إعداده فقط ليستفيد منه الروائي نفسه، فهو يتباين من روائي لآخر ومن رواية لأخرى، وهناك روائيون لا يستعملون المخطط مطلقا، كما أن المخطط قد يكون صفحة واحدة، وبعض آخر من المخططات قد يصل الواحد منها إلى مائة صفحة، وقد يشتمل على وصف مفصل لكل مشهد من المشاهد التي سترد في كل فصل، لذا ليست هناك طريقة محددة لعمل المخطط فالأمر متروك لك، ومع استمرار عملية الكتابة سوف تتعلم أفضل ما يناسب ذلك الروائي الذي ستكونه مستقبلا بالنسبة لعمل المخطط”.
طريقة عمل المخطط..
ويؤكد “بلوك” على أن “أسهل الطرق لتعلم ذلك أن تقوم أنت نفسك بإعداد المخطط، على أن يكون مخططا لرواية قرأتها، لأن ذلك المخطط سيكون وسيلة من وسائل فهم طريقة كتابة الرواية، كما سيدربك على عمل مخططك الخاص، فمثلا مخططات الشخصيات الروائية تتضمن مناقشة هذه الشخصية باستفاضة في هذا المخطط، مثلا تناول خلفيتها التاريخية وعادتها وأسلوب حياتها، وما تحبه وما تكرهه، وتفاصيل كثيرة عنها، لأنه كلما زاد تعرفك على الشخصية زادت قدرتك على الكتابة عنها، ومن المفيد أن تجيب عن سؤال هام: عم تدور الرواية؟، وإذا استطاع الروائي الإجابة على هذا السؤال فإن ثقته تزداد في الرواية التي يكتبها، فعندما يستطيع أن يقول حتى ولو لنفسه ما هو موضوع الرواية يكون الأمر قد أصبح سهلا”.
ويواصل”الخطوة الثانية هي كتابة المخطط بالتفاصيل، ولقد اكتشفت أنه من المفيد إعداد مخطط على شكل فصل وأخصص فيه فقرة لوصف الحدث الذي سيقع في كل فصل، وهذه الطريقة تولد إحساسا بالانتظام، فعملية رسم المخطط تعد جزءا من التطور العضوي الكلي للرواية، كما أن الرواية تنمو وتكتسب شكلها أثناء هذه العملية ونتيجة لها، ومن رأيي أن المخطط يمكن أن يحتوي على تفاصيل كثيرة، مثل الدوافع والخلفيات، وأن الخطر الرئيسي في المخططات يكمن في إحساس الكاتب أنه مقيد بها، لذا فعليك أن تطلق لخيالك العنان، وتتحرر من المخطط عن الحاجة إلى ذلك”.
التجربة..
يوضح “بلوك” أن تأثير تجربة الروائي الحياتية على كتابته بقوله: “أجد نفسي استعمل خلفيتي وتجاربي وخبراتي في كتابة رواية، كما أني أحيان كثيرة استعمل ما لا أعرف، أي أني أضع في رواياتي خليطا من الأبحاث والخيال لكي أروي الذي لا تستطيع خلفيتي أو تجربتي تزويدي به، كما أن قصص الآخرين سواء الأصدقاء أو الأناس الذين يتصادف أن تجلس معهم تعتبر مخزون مهم للأفكار الجديدة، فكل محادثة تشترك فيها وكل كتاب تقرؤه وكل مكان جديد تزوره يصبح جزءا من عملية البحث غير المحددة الشاملة التي لا تنتهي للروائي، كما أوصي بالبحث في الموضوع الذي تريد أن تكتب فيه رواية، سواء بحث تاريخي عن أحداث ما، أو بحث جغرافي عن مكان ما تود الكتابة عنه”.
البداية في الرواية..
يجزم “بلوك” أن “كل رواية لها بداية ووسط ونهاية، والافتتاحية مهمة لابد أن تستحوذ على اهتمام القارئ بأسرع ما يمكن لك، وإذا استطعت أن تبدأ بالحدث، والمبتدئون يجدون صعوبة في ذلك، لذا سأعلمك حيلة، لا تبدأ حيث تكون البداية، يعني أن تبدأ من منتصف الحدث، أن تكون هناك حركة و شيء ما يحدث، بالنسبة لي في بعض الروايات كنت انتهي من كتابة فصل بكامله قبل أن أعود ثانية لشرح وتفسير من يكونون أولئك الناس الذين يقومون بالحدث؟ وماذا يفعلون؟، ولكن هناك مناسبات يكون من الأفضل فيها أن تبدأ الرواية بداية طبيعية، بمعنى أن نبدأ من حيث تكون البداية”.
عادات الكتابة..
يحكي “بلوك” عن نفسه: “اختلفت عاداتي في الكتابة على امتداد السنوات العشرين الماضية، لأن تلك العادات كانت تتلاءم مع حالتي النفسية ومرحلة الحياة التي أمر بها، في بعض المناسبات كتبت روايات خلال ثلاثة أيام، في حين أني في هذه الأيام لا أكتب عشرين صفحة أو ثلاثين في اليوم الواحد وإنما خمس أو سبع صفحات، وذلك لأني أصبحت أكثر وعيا للاحتمالات والإمكانيات من ناحية، وتعدد الخيارات الميسرة لي من ناحية أخرى، لأن التمهل يجعلني اختار الطريقة التي ارتاح لها في كتابة الرواية، وأغلبية الروائيين كما صرح عدد كبير منهم اعتادوا أن يعملوا في المساء، ولكنهم وجدوا أنفسهم يتحولون تدريجيا إلى كتاب صباحيين، وهذا ما حدث لي مع تقدم العمر، أما بالنسبة للمراجعة كنت أراجع الرواية بعد الانتهاء منها، وكان هذا العمل شاقا بالنسبة لي جدا، كأني أمشي في نفس الطريق مرتين، ثم أصبحت أراجعها وأنا أكتب فيها، أراجع فصلا كاملا أو عمل يوم كامل، أقوم بالمراجعة في نهاية العمل اليومي أو قبل أن أبدأ عمل اليوم التالي، وعملية التصحيح المستمر تلك لها ثلاث تأثيرات: أولا أنها تجعلني أتمثل الرواية وأغنيها بصورة مستمرة، والثاني هو أني أجيد التصحيح عندما أتعامل مع جزء صغير، وثالثا أحس بالارتياح بعد التصحيح لأن الصفحات المكتوبة تصبح منتهية”.
الأسلوب..
يؤكد “بلوك” بخصوص أسلوب الروائي على أن “أفضل طريقة أن يبذل الروائي جهدا ويكتب بطريقة طبيعية وأمينة، فمن خلال الجهود التي يبذلها في خلق الشخصيات ووصف الخلفيات تبدأ عناصر شخصيته الأدبية في تشكيل أسلوبه، كما تفرض على مادته طابعا ذاتيا متفردا، وبالنسبة للدقة في قواعد النحو ليس على الكاتب أن يكون متخصصا في قواعد النحو، وأنا من أنصار أن يكون للروائي الحق في الخروج عن القواعد النحوية، وإن أردنا للشخصيات الروائية أن تكون حية يصبح من الصعب أن نطلب منها أن تكون عالمة بقواعد النحو بشكل مطلق، فالمصححين اللغويين يشكلون مصدر قلق بالنسبة لي، خاصة في مسألة استعمال علامات الترقيم، فقد ظهرت قواعد متباينة لعلامات الترقيم على مر السنين، ولكن مسألة انطباق هذه القواعد على الأدب الروائي أمر لا يمكن القطع به، ذلك أن علامات الترقيم لابد أن تكون من اختصاص الروائي، وتعتمد على الأسلوب الطبيعي له، وعلى التأثير الذي يريد الروائي إحداثه”.
الانتقالات..
عن التنقل بين المشاهد يقول: “عندما بدأت الكتابة لأول مرة كنت أعاني من الصعوبة وأنا أتنقل من مشهد إلى آخر، وصعوبة في إدخال الشخصيات إلى الغرفة وخروجها منها، وتعلمت أن أفضل الانتقالات هي التي تكون لطيفة ومفاجئة لأن التمهيد له يكون مملا”.
النشر..
بخصوص النشر وقلق الكاتب المبتدئ منه يقول: “الراويات في معظمها تستغرق فترة من الوقت قبل أن تجد من ينشرها، كما أن أفضل الراويات الرائجة خذلها عشرة أو عشرون أو ثلاثون ناشر قبل أن يتعرف أحد منهم على مواطن قوتها، والنجاح لا يعتمد على النوعية وحدها وإنما على إصرار الكاتب المبتدئ على أن تسويق روايته له الأهمية نفسها التي يعطيها لكتابتها”.