خاص: إعداد – سماح عادل
“مأمون الشناوي” أحد أبرز شعراء مصر ويعتبر من جيل الرواد، استطاع أن يرضي كافة الأذواق بقلمه، كما أن له الفضل في إعادة صياغة أغاني الفلاحين والأغنيات الشعبية الفلكورية المصرية. وهو أخو المؤلف كامل الشناوي.
حياته..
وُلد “مأمون الشناوي” في حي السيالة بالإسكندرية، عام 1914، وكان والده دائم التنقل بين المحافظات، إذ انتقل معه من الإسكندرية إلى القاهرة حينما كان صبيا، وفيها تلقى تعليمه، وحصل على الثانوية من مدرسة الخديوي إسماعيل الثانوية، ثم تخرج في مدرسة التجارة العليا، وعمل بالصحافة.
تغنت أم كلثوم بـ 4 أغاني عاطفية من كلمات “مأمون الشناوي” هي “أنساك يا سلام” 1961، “كل ليلة وكل يوم” 1964، “بعيد عنك” 1965، وجميعها من ألحان “بليغ حمدي”، وأغنية “ودارت الأيام” 1970 لحن “محمد عبد الوهاب”.
التقى “مأمون الشناوي” مع الموسيقار “محمد عبد الوهاب” في عدد من الأغاني العاطفية كان أولها “أنت وعزولي وزماني” عام 1941، ثم تلتها باقي الأغاني مثل “ردي عليا” (فيلم ممنوع الحب)، “انسى الدنيا” (فيلم رصاصة في القلب)، “آه منك يا جارحني”، “على بالي”، “قابلته”، “كل ده كان ليه”، “من قد إيه كنا هنا”. كما التقيا في عدد من الأغاني الوطنية مثل نشيد “الوادي”، “زود جيش أوطانك”، “الجهاد”.
التقى “مأمون الشناوي” مع “فريد الأطرش” في مجموعة من أجمل أغانيه مثل “حبيب العمر”، “بنادي عليك”، “أول همسة”، “الربيع”، “حكاية غرامي”، ” خليها على الله”، “سافر مع السلامة”، “نجوم الليل”، “جميل جمال”، “يا قلبي يا مجروح”، “ماتقولش لحد”، “لحن حبي”، “طال غيابك”، “أنا كنت فاكرك ملاك”، “أنت اللي كنت بادور عليك”، “أنا واللي بحبه”، “تقول لا”، “سنة وسنتين”، “حافضل أحبك”، “ليه دايما ماعرفش”، “أنا وأنت والحب كفاية علينا”، “ماقدرش أقول آه”، “الحب لحن جميل”، “باحبك أنت”.
التقى “مأمون الشناوي” مع “عبد الحليم حافظ” في عدد من الأغاني العاطفية مثل “أنا لك على طول”، “عشانك يا قمر” ألحان “محمد عبد الوهاب”، “بيني وبينك إيه”، “صدفة”، “نعم يا حبيبي نعم”، “في يوم من الأيام”، “كفاية نورك”، “حلفني”، “بعد إيه”، ألحان كمال الطويل، “أقول مأقولشي”، “لو كنت يوم أنساك” ألحان محمد الموجي، “خايف مرة”، “خسارة.. خسارة” ألحان “بليغ حمدي، “حلو وكداب” لحن “محمود الشريف”.
ألف “مأمون الشناوي” ل”عبد الحليم حافظ” أغاني وطنية مثل “إني ملكت في يدي زمامي” لحن “كمال الطويل”، و”ثورتنا المصرية” لحن “رؤوف ذهني”.
ألف ل”أسمهان” في فيلم “غرام وانتقام” عام 1944 أغنيتي : “قهوه وامتى حتعرف” كما ألف ل”ليلى مراد” أغنية “ليه خلتني أحبك” لحن “كمال الطويل”، وألف ل”فايزة أحمد” “تهجرني بحكاية”، و”بصراحة” وكلاهما من لحن “محمد عبد الوهاب”.
عمل “مأمون الشناوي” بالصحافة في مجلة “روز اليوسف” حتى عام 1939، مساعد سكرتير تحرير ومشرف على باب الفن في مجلة “آخر ساعة” 1939، يعتبر أحد مؤسسي جريدة “أخبار اليوم” التي عمل بها كسكرتير تحرير.
دون تغيير..
كان “مأمون الشناوي” عنيدا، لا يقبل أن تعدل كلماته الشعرية، فكان يشترط على المطربين الذين يغنون كتاباته أن يأخذوا هذه الكلمات بدون أن يقوموا بتعديلها، ومن المواقف التي لا تنسى أنه ذهب ذات مرة ل”أم كلثوم” يحملا إليها أوراق أغنية “الربيع” وكان من أكثر المحبين لها ومع ذلك، رفض “الشناوي” أن تقوم “أم كلثوم” بتعديل كلمات الأغنية، ويقال إن أم كلثوم ندمت على فوات أغنية الربيع، بعد النجاح الساحق الذي حققته الأغنية، إلا أن الصدفة فرضت قرارها بلقائه “فريد الأطرش” الذي قرأ كلمات الأغنية سريعًا وأكد على أنها الأوبريت الذي سيعرضه في عيد الربيع، لتخرج عام 1949 إلى النور، أغنية “آدي الربيع” التي تعد من أجمل أغاني الربيع حتى الآن.
لم تكن “الربيع” أولى محاولات “الشناوي” للتعاون مع “أم كلثوم”، فقد عرض عليها من قبل أغنية “حبيب العمر”، والذي رفض تعديل “أم كلثوم” على كلماته، فغناها “فريد الأطرش” ولحنها، في فيلم “حبيب العمر” من بطولة “سامية جمال وإسماعيل ياسين”، عام 1947.
ثم طلبت “أم كلثوم” من “بليغ حمدي” أن ينظم لها لقاءً مع “مأمون الشناوي”، ليقابلها وتتفق معه على كتابة أغنية جديدة لها، فتعاونت مع “مأمون الشناوي” في 4 أغنيات تعتبر من أجمل الأغاني الرومانسية حتى الآن. أما “دارت الأيام” من ألحان محمد عبد الوهاب عام 1970، وهى الأغنية التي كانت على وشك التعرض للتعديل ومن ثم انهيار المشروع بسبب عناد “مأمون الشناوي” حينما طلب “محمد عبد الوهاب” تعديل اسم الأغنية لتكون “يا عيني على العاشقين” ورفضتها “أم كلثوم” وليس “مأمون الشناوي” في هذه المرة، وتمسكت “أم كلثوم” بالكلمات وبالاسم.
كما كتب للمطربين والموسيقيين الجدد، وساعد في تقديمهم إلى الساحة الفنية، فقد كتب للمطربة عزيزة جلال أغنية “بتخاصمني حبة وتصالحني حبة”، كما لعب دورا كبيرا في إنجاح صوت المطرب هاني شاكر، وكان يتولاه بالتشجيع والرعاية.
يحكي “مأمون الشناوي” في حوار قديم عن بداياته في كتابة الشعر الغنائي: “أنا بدأت أكتب شعر، وكنت بنشره في مجلة اسمها “أبوللو” اعتاد أن ينشر بها معظم شعراء مصر الكبار، مثل صالح جودت، محمد حسن إسماعيل، أحمد مخيمر، وإبراهيم ناجي، كنت بحب بنت الجيران، ومش عارف أصارحها ازاي بحبي لها، فتعرفت على أحد الأصدقاء الذي كان يغني في الإذاعة، هو المرحوم محمد صادق، فكتبت لبنت الجيران أغان عبرت فيها عن حبي لها، ودفعت بها لمحمد صادق، يلحنها، ويغنيها في الإذاعة، وتقاضيت وقتها 2 جنيه عن الغنوة.. اهتممت بالغنوة، قبل عملي الصحفي، كنت أشعر أنني أرغب في أن أقول ما في قلبي، أول غنوة كتبتها كانت لبنت الجيران، وكنت بقول فيها: تكره تحب مفيش فايدة..ما راحت النار القايدة”.
خفيف الدم..
كان “مأمون الشناوي” خفيف الدم وله مواقف كوميدية، ومنها ما ذكره “عمر بطيشة” في كتابه “ذكرياتي مع نجوم الأغاني”: “في ليلة مر الشاعر سيد مرسي على مأمون الشناوي وطلب منه جنيهًا على سبيل السلفة، فأعطاه مأمون الجنيه وانصرف سيد، ثم نزل الشناوي إلى سهرته الليلية فساقته قدماه إلى كازينو رمسيس، وما إن جلس حتى وجد سيد مرسي ورآه، فترك المكان كله وذهب إلى الأريزونا، وما إن جلس حتى وجد سيد مرسي خلفه، فصاح فيه “إيه يا سيد هو انا مديلك الجنيه تدور بيه عليا””.
وموقف آخر: “كان عاطف منتصر متعودًا حين ينزل من مكتبه بشارع سليمان كل ليلة أن يتناول أربع أو خمس ساندوتشات شاورما، فقال له مأمون “يا عاطف انا نفسي أعرف انت بتحب الشاورمة أكتر ولا مصر؟!.”
وأيضا: “وفي إحدى المرات كان مأمون جالسا فدخل عليه سيد مرسي معاتبا: “ايه يا مأمون انت دايما مهزأني؟، أنا عزيز قوم ذل وأنا خريج مدارس راقية”، فقال له مأمون بسرعة: “زي ايه طيب”، فقال مرسي” زي أمير اللوا ونور الظلام”، فقال مأمون” يا ابني دي أسماء أفلام مش مدارس””.
كتب “مأمون الشناوي” للمطرب الشعبي “محمد عدوية”، فقدم له الأغنية الشعبية الشهيرة “كركشندي دبح كبشه يا محلى مرقة لحم كبشه عكشوا فركش نكشوا طنش الشو ما تإلش، وسبع سلاطين اسطسلطناهم من عند المسطسلطنين تقدر يا مسلطن يا مستسلطن تستسلطن لنا سبع سلاطين زى ما استسلطناهم من عند المستسلطنين”.
يقول “أحمد عدوية” في أحد حواراته: “نعم مأمون الشناوي أستاذي الكبير هو من كتب هذا النص لي بغرض دعمي بعد أن أعجب بصوتي وأحب لوني الغنائي، بل وأزيدك مأمون الشناوي كتب لي أيضا واحدا من أشهر وأنجح مواويلي والذي يقول:
يا حلو أروح فين والدنيا زحمة.. والليل داخل
وأنا ما ضناني وخلا عظمي دا ناخل
إلا فراق الحبايب.. ع الباب وأنا داخل
انظر إلى البساطة والجمال في هذا النص الذي خدمني كثيرا ولطالما رددته، لقد استكثر على البعض أن يكتب لي مأمون الشناوي الذي آمن بموهبتي تماما كما آمن الراحل بليغ حمدي بموهبتي.
وفاته..
توفى “مأمون الشناوي” في 27 يونيو عام 1994 عن عمر يناهز 80 عامًا.