7 أبريل، 2024 1:53 ص
Search
Close this search box.

لُغة كورونا .. الابتكارات اللغوية والثراء المُعجمي في الأزمات

Facebook
Twitter
LinkedIn

إعداد/ صلاح عثمان
الفكر مبدأ الوجود، واللغة وعاء الفكر ومحتواه؛ فنحن نفكر بالكلمات، وبها أيضًا نبني معرفتنا عن العالم. وكل نقص أو قصور في اللغة يقتطع بالضرورة جزءًا من وضوح الفكر ودلالته، كما أن أي غموض يعتري الفكر هو بطبيعته غموضٌ في اللغة وباللغة. وما دامت تصوراتنا عن العالم تُصاغ بالبداهة في لغة، وما دامت اللغة – أيًا كانت طبيعتها وأنماطها – وسيلتنا الأولى للتواصل البشري، وما دامت المجتمعات والثقافات والعلوم والحضارات تتطور، فمن الطبيعي أن تتطور اللغة أيضًا مكانيًا وزمانيًا بشكلٍ متواصل، تغييرًا وتبديلاً ونسخًا وإضافة. وقد يحدث التطور في أحد المستويات اللسانية للغة، كالمستوى الصوتي أو الصرفي أو التركيبي أو المُعجمي الدلالي، لكن أبرزها وضوحًا هو الأخير، لاسيما في أوقات الأزمات، حيث تنشأ كلمات جديدة تبعًا لحاجة التواصل اليومية، سواء أكانت لغة التواصل هذه طبيعية أو اصطناعية، وتخضع الكلمات الجديدة بدورها للاشتقاق أو التركيب، أو قد يسترجع الناس كلمات سبق توليدها مع إزاحتها دلاليًا للتعبير عن الحدث الجديد.

يُعالج هذا المقال آلية التطور اللُغوي بصفة عامة، وملامح هذا التطور في أوقات الأزمات النوعية التي تكتنف البشر من حين إلى آخر، سواء أكانت أزمات مجتمعية أو سياسية أو اقتصادية أو علمية، مع التركيز على أبرز الابتكارات والإضافات اللغوية المُعجمية في دول العالم الناطق بالإنجليزية خلال جائحة كورونا، وذلك انطلاقًا من فرضٍ رئيس مؤداه ضرورة مشاركة علماء اللغة في مواجهة الأزمة ابتغاءً للوضوح والشفافية.

أولاً- كيف تتطور اللغة

اللغة في أبسط معانيها هي نسق من العلامات Signs المستخدمة في بناء نماذج مُنظمة من التركيبات وفقًا لقواعد معينة يتواضع عليها أصحاب تلك اللغة بهدف التواصل. ينطوي هذا التعريف على مفهومين إشكاليين؛ أولهما «العلامة» والثاني «المواضعة» أو «الاتفاق» Convention. فالعلامة هي ذلك الشيء الذي نتخذه مشيرًا يدل على وجود شيء سواه، إما لأن الشيئين قد وجدناهما دائمًا مرتبطين، أو لأن الناس قد اتفقوا على أن يكون أحد الشيئين دالاً على الآخر. ويعني ذلك تعدد العلامات واختلاف أنواعها، ومن ثم فهي ليست وصفًا كافيًا لعناصر اللغة كأصوات منطوقة. لذا يميز الفيلسوف والمنطقي الأمريكي «تشارلز بيرس» Charles Peirce (1839 – 1914) بين ثلاثة أنواع أو أنماط للعلامة؛ أولها العلامة الأيقونية Iconic، حيث تشبه العلامة المرجع الذي تشير إليه مثل صورة القطار. وثانيها العلامة الإشارية Indexical، التي ترتبط سببيًا بمرجعها مثل الدخان الذي يشير إلى الحريق، وثالثها العلامة الرمزية Symbolic، وهـي التـي ترتبط عشوائـيًا أو عفويـًا Arbitrary بمرجعها، ومنها كلمات اللغة.

هذا التمييز يؤدي بنا إلى المفهوم الإشكالي الثاني في تعريف اللغة، وهو «المواضعة»؛ فمن الشائع القول أن «الرموز» – بالمعنى الذي خلعه عليها «بيرس» – تتميز عن غيرها من العلامات بأن مغزاها اصطلاحي، بمعنى أنها تنشأ وتكتسب معانيها وفقًا لقرارات عُرفية لمستخدميها (Alston, 1964)، أو على حد تعبير الفيلسوف الأمريكي «جون هوسبيرز» John Hospers (1918 – 2011): «… وهكذا، فبعد أن يقرر شخصٌ أو مجموعة من الأشخاص استخدام هذا ليدل على ذاك، يُقرر أناسٌ آخرون فعل الشيء ذاته، ومن ثم تتسع الممارسة؛ وهذا يعني أن تلك الرموز يتم تبنيها بالاتفاق المشترك» (Hospers, 1953, Quoted by Alston 2018). على أن ذلك لا يعني بالضرورة القول بنشأة تواضعية للغة، لأنه يفترض مسبقًا وجود لغة مستخدمة من قبل القائمين بالتواضع على الكلمات ومعانيها، وهو ما لا نجده إلا في مرحلة متأخرة، وبصفة خاصة في الحقل العلمي، حيث تُعقد المؤتمرات الدورية لتثبيت اصطلاحات فنية معينة أو تطوير معانيها ومدلولاتها بما يُوائم الكشوف العلمية الجديدة.

ثانيًا- الأزمات وتطور اللغة

في أوقات الأزمات، لاسيما الكُبرى منها، نشعر غالبًا أننا في حاجة إلى كلمات جديدة، وأن كلماتنا ولغتنا باتت فجأة بالية وغير ملائمة للعالم الغريب والمقلق الذي نعيش فيه. بعض مصطلحاتنا القديمة تبدو خرقاء للغاية؛ وبعضها تبدو عاجزةً عن أن تُسعف المعنى السريع والمُعولم الذي نريده، وبعضها تفشل في التقاط جوهر خوفنا وحزننا واغترابنا! نعم، فالتغيير الاجتماعي الكبير يؤدي – تحت ضغط الحاجة – إلى تغيير لُغوي كبير.

لقد أدت الظروف الصعبة على مر التاريخ إلى صك مصطلحات جديدة تُعبر عما يمر به الناس من تحديات؛ ففي القرن التاسع عشر مثلاً، نحتت الشاعرة والروائية الإنجليزية «ماري آن إيفانس» Mary Ann (Marian) Evansx، المعروفة بـ «جورج إليوت» George Eliot، كلمة «مُحبط» Frustrating في روايتها «ميدل مارش» Middlemarch (وفقًا لقاموس أكسفورد الإنجليزي Oxford English Dictionary) للتعبير عن الضغوط الاجتماعية والتمييز بين الجنسين ونمط الحياة الصارم في ذلك الوقت (Ro, 2020).

في هذا الصدد، يشير «ستيفن ميكسال» Stephen Mexal (أستاذ اللغة الإنجليزية والأدب المقارن واللغويات في جامعة ولاية كاليفورنيا California State University) إلى أن الناس يمكنهم تعلم المصطلحات الغامضة بسرعة عندما تضطرهم الحاجة، ودليل ذلك أن مصطلحات مثل «تسطيح المنحني» Flatten the Curve و«اقتفاء أثر مُخالطي المرضى» Contact Tracing التي يتداولها أخصائيو الأوبئة وعلماء الاجتماع وخبراء الصحة العامة في بحوثهم، أصبحت فجأة مصطلحات شائعة على ألسنة الناس خلال جائحة كورونا. ولعل المصطلحات الأكثر أهمية بالنسبة للمعاجم هي تلك التي يتم استخدامها من قبل العوام لأول مرة أثناء حدثٍ كبير، ومثال ذلك كلمة Clobber (التي تعني «اسحق» Thrash أو «أوسع ضربًا» Beat up)، وهي كلمة عامية عسكرية جرت على ألسنة الطيارين أثناء الحرب العالمية الثانية، وكذلك كلمة Snafu (التي تعني التشويش أو الخلط)، حيث كانت بمثابة اختصار للمحاربين في الحرب العالمية الثانية أيضًا (Lindell, 2020).

كذلك تم صك كلمة «رادار» Radar سنة 1940 من قبل القوات البحرية الأمريكية، كاختصار للعبارة «كشف وتحديد المدى بالموجات اللاسلكية» RAdio Detection And Ranging، ومنذ ذلك الحين احتل الاسم موقعه في المعاجم الإنجليزية ومعاجم اللغات المختلفة كاسم مشترك، وتم الاستغناء عن الحروف الكبيرة في العبارة الإنجليزية. وفي الآونة الأخيرة، وبعد إعلان بريطانيا انسحابها من الاتحاد الأوربي، ظهرت كلمة «بريكست» أو «خروج بريطانيا» Brexit، وكذلك الكلمات المرتبطة بها مثل: Brexiteers (أي مؤيدو الانسحاب)؛ Remoaner (وهو اسم لمن يرفض أو يتذمر من نتيجة استفتاء سنة 2016 بشأن عضوية المملكة المتحدة في الاتحاد الأوربي)؛ Regrexit (ويعني الشعور بالندم أو الأسف على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي (Lawson, 2020).

هكذا تُعد كل أزمة، أو محنة، أو تجربة بشرية جديدة بمثابة رحمٍ لُغوي تُولد منه كلمات وتعبيرات جديدة سرعان ما تحتويها المعاجم والقواميس، لكن تأثير الأزمات قد لا يقتصر على مجرد ابتكار مصطلحات أو اختصارات نوعية تقضيها حاجة التواصل اليومي أو التقني، بل قد يمتد ليؤدي إلى تحول لُغوي ملحوظ في اللهجات المحتفلة، لاسيما في حالة الأزمات التي تفرض العُزلة وتعطيل المدارس والجامعات وانكفاء ملايين العائلات على ذاتها لُغويًا. على سبيل المثال، لقد أصبحت اللغة اللاتينية فرنسية عندما اتجه الناطقون باللاتينية إلى التحدث مع بعضهم البعض في فرنسا أكثر من أي مكانٍ آخر، وأدت التحولات التدريجية إلى نشوء لغة مختلفة عن تلك المُستخدمة في إسبانيا أو إيطاليا. ألا يُمكن إذن لكل مجموعة عرقية أن تبدأ في تطوير لغة عامية خاصة بها أثناء فترات الحظر والتباعد الاجتماعي؟

صحيح أن وسائل التواصل التكنولوجي – المتطورة في عالمنا المُعاصر – سيكون لها دورها المؤكد في الحد من التحولات اللغوية الكبرى، لكن بقاء الأطفال مع عائلاتهم على مدار اليوم بفعل الإغلاق خلال جائحة كورونا مثلاً (خصوصًا فئات المهاجرين إلى بلاد أخرى، والفئات الأقل تعليمًا) سيؤدي قطعًا إلى أزمة في غرس المستوى الرسمي للغة، ومن المعروف أن الطفل في البيت يتعلم كيف يتحدث، لكنه في المدرسة والجامعة يتعلم كيف يتكلم، وكيف يكتب بشكلٍ نظامي، ولن يكون للتعليم عن بُعد أثره المنشود في ذلك قطعًا، وقد رأينا بالفعل كيف أدي استخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت إلى تدهور المستويات اللغوية، وكيف تم الانتقال من عصر الرسائل الإلكترونية الطويلة إلى النصوص المختصرة، بل والمختلفة تمامًا عن اللغة النظامية التي كان يتعامل بها الآباء والأجداد (McWhorter, 2020)!

ثالثًا- جائحة كورونا والحراك اللغوي

نعلم جميعًا أن اللغة تتطور وتتغير من زمنٍ إلى آخر، ولكن نادرًا ما تُتاح لنا الفرصة لمشاهدة التغير اللغوي وهو يعمل في وقته الفعلي؛ ولعل قلة فقط من الناس كان بإمكانها أن تتخيل سرعة هذا التغير خلال الشهور القليلة الماضية؛ من إعادة صياغة مُسميات مُحايدة للأمراض، إلى بعث بعض الكلمات القديمة وخلع دلالات جديدة عليها، إلى نحت كلمات جديدة، إلى وضع اختصارات ملائمة لعصر السرعة الذي نعيشه، وهو ما نُفصله في الفقرات التالية.

1) تسمية المرض بين الحياد والعنصرية

قد يصل العلماء قريبًا إلى لقاح مضاد لفيروس كورونا، لكنهم أبدًا لن يصلوا إلى لقاح مضاد للعنصرية! هذا هو الدرس الذي قدَّمه الفيروس للعالم منذ أن تم الإعلان عنه وتسميته من قبل منظمة الصحة العالمية WHO وحتى يومنا هذا. لقد تجنبت منظمة الصحة العالمية تسمية الفيروس باسمه الصحيح (سارس-كوف-2) SARS-CoV-2 لأسباب حيادية، ولكن هل حالفها النجاح؟

في بداية ظهور الوباء بمدينة ووهان الصينية، أطلق الباحثون على الفيروس اسم «فيروس ووهان» Wuhan virus، وهو اسم تداولته كافة وكلات الأنباء، ثم تحول الاسم إلى «فيروس ووهان التاجي» Wuhan coronavirus، أو «فيروس الصين التاجي» China coronavirus، ثم إلى «فيروس كورونا المُستجد لسنة 2019» nCoV-2019. وفي الحادي عشر من فبراير 2020 خلعت منظمة الصحة العالمية عليه اسمًا رسميًا هو «كوفيد-19» Covid-19. ولتوضيح الأمر، أعلنت المنظمة أنها بهذا الاسم تشير إلى المرض وليس الفيروس (حيث Co اختصار لكلمة كورونا – تاج أو تاجي – Corona، وVi اختصار لكلمة فيروس Virus، وD اختصار لكلمة مرض Disease، و19 اختصار لسنة 2019 التي ظهر بها المرض). أما (سارس-كوف-2) SARS-CoV-2 فهو اسم الفيروس المُسبب للمرض، والذي أطلقته عليه الهيئة الدولية لتصنيف الفيروسات International Committee on Taxonomy of Viruses (حيث تُشير SARS للارتباط الجيني لفيروس كورونا الجديد بالفيروس الذي تسبب في تفشي السارس عام 2003، وتعني متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد Severe Acute Respiratory Syndrome).

بررت منظمة الصحة العالمية تفرقتها بين المرض والفيروس المُسبب له بأن استخدام الاسم «سارس» قد تكون له عواقب وخيمة من حيث حالة الهلع التي يمكن أن تصيب عامة الناس، وبصفة خاصة في آسيا، إذا عادوا بالذاكرة إلى سنة 2003 حين تفشى مرض السارس، وأشار المدير التنفيذي لمنظمـــــة الصحـــــــــــة العالمية «مــــايكل رايان» Michael Ryan إلــى أن (سارس-كوف-2) SARS-CoV-2 هو مصطلح تقني لعلماء الفيروسات في المختبرات، في حين أن Covid-19 هو مصطلح للشخص العادي. وأضافت المنظمة أنه بموجب اتفاق بينها وبين المنظمة العالمية لصحة الحيوان ومنظمة الأغذية والزراعة، كان لابد من اختيار اسم لا يشير إلى موقع جغرافي أو حيوان أو فرد أو مجموعة من الناس كي لا تفُسح الطريق أمام موجات عُنصرية محتملة، ما يؤدي إلى آثار ضارة تمس الاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية، وهو ما حدث من قبل حين تمت تسمية أمراض مثل «متلازمة الشرق الأوسط التنفسية» Middle East Respiratory Syndrome (MERS)؛ «حمى لاسا» Lassa fever (وتشير إلى بلدة في نيجيريا)؛ و«حمى القرم والكونغو النزفية» Crimean-Congo Haemorrhagic fever. والأكثر خطورة من ذلك، أن وصم مدينة معينة بأنها مصدر الفيروس قد يؤدي إلى امتناع أية مدينة أخرى لاحقة عن الإبلاغ عن فيروسات مماثلة (World Health Organization, 2020; Wu et al., 2020).

مع ذلك، ومع تباطؤ انتشار المرض في الصين وانتقاله إلى الدول الأخرى، أصر بعض كبار السياسيين على تسويق روايتهم الخاصة لمصدر المرض؛ ففي الثالث عشر من مارس 2020، اتهم المتحدث باسم الخارجية الصينية «تشاو ليجيان» Zhao Lijian في تغريدة له على تويتر الجيش الأمريكي بأنه ربما نقل الفيروس إلى الصين (Zhao, 2020)! وفي الثامن عشر من الشهر ذاته تحدث الرئيس الأمريكي في مؤتمر صحفي بلغة عُنصرية واضحة، مُسميًا الفيروس بـ «الفيروس الصيني» Chinese virus، ومؤكدًا أنه ليس عُنصريًا ولا نادمًا على استخدام هذا الاسم، لأن الفيروس – على حد قوله – «جاء من الصين» (Mangan, 2020)، قبل أن يتراجع يوم الثالث والعشرين من مارس أمام موجة العُنف العُنصرية التي استهدفت الأسيويين، وتحت ضغط مستشاريه، قائلاً: «من المُهم للغاية أن نحمي مجتمعنا الأمريكي الأسيوي في الولايات المتحدة تمامًا … إن انتشار الفيروس ليس خطأهم» (Yam, 2020)!

لكن هذه اللغة السياسية العنصرية أدت في الواقع إلى مستويات صادمة من العُنف العُنصري الذي استهدف التجمعات الأسيوية في مختلف أرجاء العالم؛ ففي الولايات المتحدة وكندا أفاد الأمريكيون الأسيويون أنهم تعرضوا للبصق والتهديد والصراخ في وجوههم في كافة الشوارع، كما أبلغوا عن 650 هجومًا عُنصريًا في أسبوع واحد وفقًا لمجلس أسيا والمحيط الهادئ للسياسات والتخطيط Asia-Pacific Policy and Planning Council (Kandil, 2020)؛ وفي اليابان تصدر هاشتاج عدم الترحيب بالصينيين ChineseDon’tComeToJapan# منصات التواصل الاجتماعي؛ وفي هونج كونج رفض مطعم للوجبات اليابانية تقديم خدماته للصينيين؛ وفي كوريا الجنوبية علَّق أحد المطاعم على مدخلة لافتة كتب عليها «غير مسموح للصينيين»؛ وفي ألمانيا نشرت مجلة دير شبيغل Der Spiegel ذات السُمعة الطبية غُلافًا عُنصريًا مثيرًا للجدل يحمل عبارة «صُنع في الصين: عندما تُصبح العولمة خطرًا مميتًا»؛ وفي مصر اعتُقِل سائق سيارة تعمل لصالح شركة أوبر بعد انتشار فيديو على نطاق واسع يُظهر السائق وهو يقوم بطرد راكب أسيوي بالقوة على طريق سريع في حي المعادي بالقاهرة؛ وفي فلسطين المُحتلة هتفت أم فلسطينية مع ابنتها قائلة «كورونا … كورونا» في وجه امرأتين يابانيتين تعملان في رام الله لصالح جمعية خيرية غير حكومية، … إلخ (Osman, 2020).

يخبرنا التاريخ أن هذه ليست المرة الأولى التي يؤدي فيها الخوف من المرض إلى تفشي العنصرية ضد الأسيويين؛ بل لقد كان التحيز ضد المجتمعات الآسيوية سمة أساسية من سمات المجتمع في أمريكا الشمالية منذ وصول العمال الصينيين الأوائل في منتصف القرن التاسع عشر، وهو ما تجلى على سبيل المثال لا الحصر في ضريبة الرأس Head Tax التي فرضتها الحكومة الكندية على المهاجريين الصينيين سنة 1885، وأعمال الشغب التي اندلعت ضد أسيا في مدينة فانكوفر Vancouver سنة 1886، وسنة 1907 في خضم الهلع من أوبئة الجُدري المهاجرة من الصين (Larsson, 2020)!

هذا ما دفع «مايكل رايان» إلى التصريح بلهجة تحمل كثيرًا من المرارة قائلاً: «الفيروسات لا تعرف حدودًا، ولا تهتم بالأصل العرقي لك، أو بلون بشرتك، أو بمقدار الأموال التي لديك في البنك»، مشيرًا في هذا الصدد إلى جائحة الأنفلونزا لتي انطلقت من أمريكا الشمالية سنة 2009 دون توصم هذه الأخيرة بمسمى المرض (Kopecki, 2020)!

2) كورونا والابتكار اللغوي

لا شك أن جائحة كورنا كانت وما زالت بمثابة تجربة رائعة للمعجميين، شهدوا ويشهدون خلالها ارتفاعًا ضخمًا في تداول كلمة واحدة خلال فترةٍ زمنية قصيرة، بل وسيطرة هذه الكلمة على لغة الخطاب العالمي متجاوزةً اختلاف اللغات واللهجات والأعراق والأديان! إنها كلمة «كورونا» Corona، تلك التي فرضتها على الألسنة والأقلام جائحة فيروس «كوفيد-19» منذ منتصف ديسمبر 2019 تقريبًا وحتى يومنا هذا. ليس ذلك فحسب، بل لقد ساهمت هذه الكلمة في شيوع مفردات جديدة متنوعة في لغات الناس (النظامية وغير النظامية)، منها مصطلحات متخصصة من علم الأوبئة والعلوم الطبية، وكذلك اختصارات جديدة لم تُعرف من قبل، وكلمات للتعبير عن الضرورات المجتمعية لمواجهة المرض (Paton, 2020).

وعلى الرغم من أن نطاق الابتكار المعجمي فيما يتعلق بالفيروس التاجي غير مسبوق، فإننا بحاجة فقط إلى النظر إلى فترات أخرى من التاريخ لنرى كيف يتجلى هذا الإبداع اللغوي في أوقات الأزمات الاجتماعية الخطيرة (Lawson, 2020). بعض المصطلحات التي أصبحنا على دراية بها على مدى الشهور القليلة الماضية من خلال الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي والإعلام والقرارات الحكومية موجودة منذ سنوات (كثرة منها يعود إلى القرن التاسع عشر)، لكنها حققت إنجازًا جديدًا وأوسع نطاقًا لوصف الوضع الذي نجد أنفسنا فيه حاليًا. على سبيل المثال، مصطلح «العزلة الذاتية» Self-isolation (المسجل في قاموس أكسفورد منذ سنة 1834) تم استخدامه إبان القرن التاسع عشر كوصف للدول التي اختارت الانعزال سياسيًا واقتصاديًا عن بقية دول العالم، لكنه الآن يُستخدم لوصف العزلة الذاتية المفروضة لمنع الاصابة أو نقل الأمراض المعدية. ولا يقتصر الأمر على مصطلحات القرن التاسع عشر، بل يمتد ليشمل مصطلحات مُستقاة من الأزمات العالمية الأحدث، فالمصلح «جائحة معلوماتية» Infodemic مثلاً (وهو مصطلح منحوت من الكلمتين «معلومات» Information، و«جائحة» Epidemic) تم صكه سنة 2003 لوصف التدفق المعلوماتي عبر وسائل الإعلام والإنترنت خلال أزمة وباء سارس SARS، لكن أعيد الآن استخدامه لوصف التدفق الهائل للأخبار المتعلقة بفيروس كورونا. كذلك الحال بالنسبة لعبارة «مأوى في مكان» Shelter-in-place (SIP)، وهي بمثابة بروتوكول يرجع إلى سنة 1976 لتوجيه الناس نحو التماس مكان آمن (غُرفة في المنزل مثلاً) لحماية أنفسهم من أي هجوم إرهابي، أو عندما يتم إطلاق ملوثات كيميائية أو بيولوجية أو إشعاعية في البيئة، سواء عن قصد أو عن غير قصد، لكن تم تكييف التعبير الآن كنصيحة للناس بالبقاء في بيوتهم لحماية أنفسهم والآخرين من وباء كورونا. أما تعبير «التباعد الاجتماعي» Social Distancing، فقد تم صكه سنة 1957 (كموقف وليس بمعنى التباعد الجسدي) للإشارة إلى ابتعاد المرء عن الآخرين في المجتمع بشكلٍ متعمد، لكننا الآن نعني بالمصطلح ضرورة الحفاظ على مسافة مكانية بيننا وبين الآخرين لتجنب العدوى. يُمكننا أيضًا أن نشير إلى مصطلحات أخرى، مثل «ضربة الكوع» Elbow Bump، و«ضربة قبضة اليد» Hand Slap، و«الهاي فايف» High Five (أو الإشارة بكف اليد المرفوع لأعلى؛ فهذه كلها تعبيرات تُستخدم للمتعة الاحتفالية في المنافسات الرياضية، لكنها الآن تُستخدم لأداء التحية دون التلامس المباشر بالكف (Paton, 2020)!

ومع تحول الناس إلى العمل والدراسة عبر الإنترنت خلال جائحة كورونا، استخدم كثيرون تطبيق «زووم» Zoom الإلكتروني، وقفز اسم العلامة التجارية بشكلٍ سريع إلى اللغة اليومية كمرادف للتعبير «مؤتمر عبر الفيديو» Video Conference، وتم استخدامه في الإنجليزية كفعل، مثل قولنا Let’s zoom at four o’clock (لنلتقي على زووم في الرابعة)، كما تم استخدام المصطلح Zoombombing ليعني عفوية اقتحام الفيديو وتعطيل الاجتماع من قبل غير المدعوين، كمناظر للمصطلح Photobombing الذي يعني عفوية اقتحام الصورة! هكذا تم تعميم العلامة التجارية «زووم» في لغة الحديث اليومي، وهو ما يُمثل حُلمًا يتحقق للمُسوق، وكابوسًا مُزعجًا لمُحامي العلامة التجارية!

كذلك احتلت اختصارات لغوية جديدة وغير مألوفة مكانها في الحياة اليومية، وظهرت أيضًا في أحدث إصدار لمعجم أكسفورد الإنجليزي. مثال ذلك الاختصار WFH الذي يعني «العمل من المنزل» Working from Home، فقد ظهر الاختصار سنة 1995، لكنه كان غالبًا ما يستخدم في مجال الاتصالات الرقمية لإخطار الزملاء أن شخصًا ما يعمل من المنزل في يوم معين أو لفترة مؤقتة، قبل أن يُصبح الاختصار أسلوب حياة خلال أزمة كورونا. أما الاختصار PPE الذي يشير إلى «معدات الوقاية الشخصية» Personal Protective Equipment (والمقصود بها المعدات أو الوسائل المستخدمة للسلامة المهنية، وتشمل الملابس والخوذ والنظارات الواقية أو أية معدات أخرى مصممة لحماية جسد مرتديها)، فقد ظهر سنة 1977 (بينما ترجع الجملة الكاملة «معدات الوقاية الشخصية» إلى سنة 1934)، وكان الاختصار مُقتصرًا على لغة الخطاب للمتخصصين في الرعاية الصحية والطوارئ، لكنه أصبح الآن معروفًا على نطاق واسع لكافة الناس (Paton, 2020).

3) الثراء المُعجمي خلال أزمة كورونا

في بادرةٍ تفاعلية مع الحراك اللغوي خلال جائحة كورونا، قام الكاتب البريطاني «توني ثورن» Tony Thorne (وهو من مواليد القاهرة سنة 1950) بجمع أبرز الابتكارات اللغوية الجديدة المُستخدمة منذ بدء الجائحة، وخصص لذلك جزءًا من موقعه على الإنترنت المُعنون «توني ثورن: اللغة والابتكار» (Thorne, 2020). يتضمن مُسرده الإلكتروني في هذا الموقع أغلب الأسماء والمصطلحات والاختصارات والكلمات العامية والاستعارات والعبارات المأثورة أو المبتذلة التي ابتكرها الناس خلال فترة تفشي المرض. يُعد «ثورن» باحثًا ومؤلفًا رائدًا في مجال تطور وتغير اللغة عبر العالم الناطق بالإنجليزية، وله قاموس يحمل اسمه، عُنوانه «قاموس ثورن للغة العامية المعاصرة» Thorne’s Dictionary of Contemporary Slang (2014)، كما يُعد كتابه «مائة كلمة تصنع الإنجليزية» 100 Words That Make the English (2011) من أبرز المؤلفات حول الكلمات الأكثر ترميزًا للهوية الإنجليزية خلال القرنين العشرين والحادي والعشرين. عمل «ثورن» في الفترة من سنة 1991 إلى سنة 2007 مديرًا لمركز اللغات بكلية الملك في لندن Language Centre at King’s College London، ويعمل حاليًا مستشارًا زائرًا للكلية ذاتها.

فيما يلي قائمة بأهم المصطلحات الجديدة التي جمعها «ثورن» (Thorne, 2020)، مع ترجمتها العربية ومعانيها (مُرتبة أبجديًا).

§ Biosurveillance: رصد حيوي (مراقبة حدوث العدوى بين السكان).

§ Boomer remover: مُزيل الطفرة (مُسمى للفيروس التاجي منظورًا إليه كظاهرة تؤدي إلى تدمير ديموغرافيا جيل الطفرة، ومن المعروف أن طفرة المواليد Baby boomers وصفٌ لأولئك الذين وُلدوا خلال الفترة من سنة 1946 حتى سنة 1964، والذين يُعدون الآن من كبار السن، وبالتالي فهم أكثر عُرضة للوفاة إذا ما أصيبوا بالفيروس).

§ Common invisible enemy: عدو غير مرئي مشترك (وصف استخدمه حلف شمال الأطلسي «ناتو NATO» للفيروس المسبب لمرض كورونا، كعدو غير مرئي يُهدد البشرية).

§ Contagion chivalry: فروسية العدوى (فعل أو أفعال الإيثار لبعض الناس أثناء فترة العزل أو الحجز أو الإغلاق).

§ Corona crunch: أزمة كورونا (التأثير الهائل لوباء كورونا على الدخل وعوائد الاستثمار).

§ Corona-Corridor: ممر كورونا (منطقة يُسمح للأشخاص بالسفر عبرها للوصول إلى وجهة معينة تخفيفًا لإجراءات الإغلاق خلال الجائحة تدريجيًا).

§ Corona-fi: قصص كورونا الخيالية (قصص الخيال العلمي وغيرها التي كُتبت خلال الجائحة و/ أو المستوحاة من أزمة كورونا. والحرفين Fi اختصار لكلمة Fiction).

§ Corona shaming: تشهير متعلق بأزمة كورونا (انتقاد علني لأولئك الذين ينتهكون قواعد الصحة العامة خلال أزمة كورونا، وبصفة خاصة المشاهير منهم).

§ Coronacation: عُطلة كورونا (إجازة قسرية من العمل بسبب جائحة كورونا). والمصطلح مؤلف من مقطعين: «كورونا» Corona، و«عُطلة» أو «إجازة» Vacation.

§ Coronaclickbait: رسائل كورونا التسويقية (عنوان رئيس أو نص مثير مُصمم لجذب القارئ إلى قراءة معلومات تتعلق بمرض كورونا، والهدف منه تسويق مقال أو رابط على الإنترنت لعبًا على مشاعر الخوف التي تكتنف الناس).

§ Coronacoaster: كورونا كوستر أو «تقلبات المشاعر المُصاحبة أزمة كورونا» (تحولات مشاعر المرء ما بين الأمل واليأس على مدار اليوم بسبب جائحة كورونا).

§ Coronacranky: سريع الغضب بسبب أزمة كورونا.

§ Coroanacuts: قصَّات كورونا (قص وتصفيف الشعر في المنزل خلال جائحة كورونا، والتي تبدو غير حرفية).

§ Coronadodge: تلافي كورونا (الانحراف أثناء السير في الطريق لتجنب الاحتكاك بالمارة تلافيًا للعدوى والتزامًا بقيود المسافة المطلوبة للتباعد الاجتماعي، ويُناظرها التعبير «رقصة كوفيد» Covid waltz أي القيام بمناورة أثناء السير في الطريق لتجنب المارة).

§ Coronageddon: هرمجدون كورونا (وصف آخر لنهاية العالم بفعل جائحة كورونا).

§ Coronalit: أدبيات كورونا (الأدبيات التي تم إنتاجها خلال فترة الجائحة و/ أو المستوحاة من أزمة كورونا. والحروف Lit اختصار لكلمة Literature، أي أدبيات).

§ Coronalusional: وُهامية كورونا (معاناة الشخص أو المجتمع من أفكار وهمية وغريبة بسبب كورونا). والمصطلح مؤلف أيضًا من مقطعين: «كورونا» Corona، و«وهمي» أو «وُهامي» Delusional.

§ Coronanoia: بارانويا كورونا (جنون الشك بأن أية أعراض مألوفة للحساسية الموسمية هي أعراض للإصابة بمرض كورونا والموت الوشيك).

§ Coronaphobia: رهاب كورونا أو فوبيا كورونا (أي مشاعر الخوف التي يُعاني منها الناس بسبب جائحة كورونا).

§ Coronapocalypse: قيامة كورونا (وصف لجائحة كورونا ككارثة تؤدي إلى نهاية العالم).

§ Coronaspeak: حديث كورونا (الكلمات والاختصارات اللغوية الجديدة التي تداولها الناس أثناء جائحة كورونا).

§ Coronaspeck: سِمنة كورونا (زيادة الوزن الناجمة عن الإفراط في تناول الطعام خلال فترة العزل المنزلي).

§ Coronaspiracy theories: نظريات المؤامرة المتعلقة بمرض كورونا (النظريات المتداولة منذ ظهور مرض كورونا باعتباره مؤامرة اقتصادية – سياسية).

§ Coronasplaining: التعالي الحواري حول أزمة كورونا (نزوع الشخص إلى شرح أزمة كورونا لأولئك الذين يفهمونها بشكلٍ أفضل منه. والمصطلح مناظر لمصطلح Mansplaining الذي يعني التعالي الحواري الذكوري تجاه المرأة).

§ Coronatimes: زمن كورونا (فترة تفشي مرض كورونا).

§ Coronaverse: آية كورونا (النظام الاجتماعي والاقتصادي السائد خلال جائحة كورونا).

§ Coronaviva: مُشافهة كورونية (امتحان شفهي أو مناقشة لأطروحة جامعية عبر الإنترنت خلال فترة الإغلاق بسبب جائحة كورونا).

§ Coronawashing: بيزنس كورونا (استغلال الشركات والأفراد لجائحة كورونا من أجل الربح تحت مُسمى المبادرات الخيرية والتبرعات، أو حتى المساهمة ماليًا لاكتساب السمعة وتخفيض الضرائب).

§ Coronnials: جيل كورونا (الشخص الذي وُلد أثناء جائحة كورونا، ومفردها Coronnial).

§ Coronopticon: مراقبة كورونية (مصطلح اقتصادي يعني بناء نظام وطني أو عالمي للمراقبة والهيمنة خلال الجائحة).

§ Covexit: خروج من كوفيد (عملية تخفيف القيود المفروضة على الحياة العامة خلال جائحة فيروس كوفيد-19).

§ Covidiot: أرعن كوفيد أو «كوفيديوت» (مُصطلح يُطلق على الشخص الذي يتجاهل التحذيرات المتعلقة بالتباعد الاجتماعي أو الحرص على سلامة الآخرين، وكذلك الشخص الذي يندفع إلى شراء وتخزين المطهرات والمواد الغذائية وحرمان الآخرين منها. وهو مؤلف من مقطعين: كوفيد Covid، وهو الفيروس المُسبب لمرض كورونا؛ أرعن أو أحمق Idiot).

§ Covidivorce: طلاق كوفيد (حالات انفصال الزوجين التي تمت نتيجة ضغوط العُزلة الذاتية وقضاء الزوجين فترة طويلة معًا في العزل المنزلي خلال جائحة كورونا).

§ CovidParty: كوفيد بارتي (حفل عبر الإنترنت من خلال تطبيق زووم Zoom أو سكايب Skype).

§ De-roning: إزالة آثار كورونا (محاولة التخلص من آثار الفيروس التاجي بتنظيف وتطهير العناصر التي تم جلبها للمنزل).

§ Isobaking: خبيز العزل (صناعة الخُبز في المنزل وتبادل الوصفات أثناء العزل المنزلي).

§ Isodesk: مكتب العزل (مكان عمل مرتجل أو مستخدم خلال جائحة كورونا).

§ Lockstalgia: حنين إلى الإغلاق (فكرة أننا قد ننظر إلى الوراء باشتياق وحنين بعد انتهاء فترة الإغلاق والعزل المنزلي، لاسيما بعد أن تدعمت الروابط الأسرية خلال هذه الفترة. والمصطلح مؤلف من مقطعين: Lock بمعنى غلق أو حجز؛ Nostalgia بمعنى حنين).

§ Loxit: خروج من الإغلاق (عملية الخروج من إملاءات الإغلاق المصاحبة لتفشي الوباء).

§ Masklessness: عدم ارتداء قناع الوجه.

§ Miss Rona: ميس رونا (كلمة عامية نشأت في منتديات المراهقين على الإنترنت كوصف لفيروس كورونا؛ وتشير البادئة Miss إلى السلوك أو الخطاب الوقح، وبالتالي يمكن أن يُصبح معنى المصطلح فيروس كورونا الوقح، كتجسيد للظروف الحالية التي عطَّل فيها الفيروس حياتنا، وأدى إلى إلغاء خُططنا واختبار علاقاتنا ومراقبتنا لأنفسنا ومن قبل الآخرين.

§ Morona: مورونا (شخص يتصرف بغباء أثناء جائحة كورونا).

§ Nightingales: عنادل، جمع عندليب (لقب أطلق على أولئك الذين كانوا يقومون بالغناء وعزف الموسيقي من شرفات المنازل تعزيزًا للروح المعنوية، ثم تم إطلاقه على سبعة مستشفيات للرعاية الحرجة، أنشأتها انجلترا كجزء من الاستجابة لجائحة كورونا. وقد سُميت هذه المستشفيات باسم «فلورنس نايتينجيل» Florence Nightingale، رائدة التمريض الحديث في بريطانيا، إبان حرب القرم فيما بين عامي 1854 و1856،).

§ Post-normal science: ما بعد العلم القياسي (الحالات التي يجب فيها اتخاذ قرارات اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية رغم عدم اليقين بشأن الرؤى العلمية ذات الصلة).

§ Post-rona: ما بعد كورونا (أي مرحلة ما بعد انتهاء الوباء).

§ Ronadobbing: إبلاغ عن مخالفة تتعلق بأزمة كورونا (إي إبلاغ السلطات عن أولئك الذين يخالفون القيود المفروضة لاحتواء جائحة كورونا، وتُناظره مصطلحات أخرى جديدة مثل Covidobbing – Coronasnitching).

§ Slackers: سلاكرز (عُمال عن بُعد يستخدمون منصة الاتصالات التجارية المعروفة سلاك Slack).

§ Social Bubble: فقاعة اجتماعية (بمعنى أي إجراء تتخذه أسرة معينة بالاندماج مع أسرة أخرى، وبما لا يزيد عن عشرة أفراد، لتخفيف قيود الإغلاق خلال جائحة كورونا).

§ Spendemic: جائحة الإنفاق (نزوع واسع النطاق بين الناس نحو الإنفاق والتسوق عبر الإنترنت خلال جائحة كورونا).

§ Vaccine nationalism: قومية اللقاح (التنافس والتسابق المحموم بين الدول الكبرى على اكتشاف وإنتاج لقاح لفيروس كوفيد-19، مما يُعزز وضعها الاقتصادي والسياسي دوليًا).

 

القائمة تطول لتشمل كثرة من المصطلحات والاختصارات المستحدثة والمرتبطة بجائحة كورونا، ويمكن للقارئ مراجعة المزيد منها، والتحديثات اليومية لها، في «قاموس كوفيد» الإلكتروني COVIDictionary، على مُدونة «لينجو بلوج» Lingoblog، وهي مُدونة إلكترونية مُخصصة لنشر كافة المعلومات حول اللغة وعلم اللغات Linguistics في السياقات المحلية والدولية، ويُحررها مجموعة من المحاضرين وطلاب الدكتوراه بجامعة آرهوس الدنماركية Aarhus University، تحت إشراف «بيتر باكر» Peter Bakker، الأستاذ المُشارك بقسم اللغويات وعلم الإدراك والسيمانطيقا بكلية الاتصالات والثقافة بجامعة آرهوس (Bakker, 2020).

أخيرًا يشير «ثورن» إلى أن لغة كورونا يمكن أن تساعد الناس على فهم أبعاد الأزمة الحالية المتفاقمة، لكنها قد تزيد أيضًا من مستويات التوتر والارتباك فيما يتعلق بفهم اللغة التقنية والاقتصادية والسياسية المتداولة بكثرة في وسائل الإعلام وحوارات المتخصصين، ومن ثم تبدو الحاجة مُلحة للاستعانة بالخبراء الذين تم تهميش أدوارهم عمدًا ردحًا طويلاً من الزمن، بما في ذلك علماء اللغة. وبعبارة أخرى، علينا أن نتصالح مع المصطلحات العلمية غير المألوفة، على الأقل استرشادًا بالتجربة الصينية في خضم جائحة كورونا، حيث تم تدشين تخصص جديد كامل لمعالجة خدمات اللغة كجزء من الاستجابة الطارئة للكوارث، وهو ما أطلق عليه اسم «لُغويات الطوارئ» Emergency Linguistics. والهدف الأساسي لهذا التخصص هو التأكيد على مشاركة علماء اللغة في مكافحة جائحة كورونا لتجنب سوء التواصل والفهم، والسيطرة على الخلافات الناجمة عن استخدام اللغة خلال حلات الطوارئ العامة. لقد كشفت التجربة الصينية إبان الأزمة عن ضرورة تواجد اللغويين في الصف الأمامي لمساعدة الأطقم الطبية على التفاعل مع المرضى وعائلاتهم وسلطات الدولة، وكذلك لمساعدة الحكومة الصينية على الوضوح والمصداقية في مخاطبتها للرأي العام المحلي والدولي (King’s College London, 2020).

اللغة أسلوب حياة، وقد أثبت الاستخدام اليومي الهائل لكلمة «كورونا» من كافة شعوب الأرض منذ اندلاع أزمة كورونا أن مصير البشر واحد، وإن اختلفت الألسنة!
References:

1. Akmajian, A., Demers, R., Farmer, A. and Harnish, R., 2001. Linguistics: An Introduction to Language and Communication. Fifth ed. Cambridge, London: The MIT Press, p.361.

2. Alston, W., 1964. Philosophy of Language. N.J.: Prentice-Hall, Inc., Englewood Cliffs, pp.56 – 57.

3. Bakker, P., 2020. Covidictionary. You are Go-To Dictionary in Times of Coronavirus and COVID-19. [Online] Lingoblog. Available at: http://www.lingoblog.dk/en/covidictionary-your-go-to-dictionary-in-times-of-coronavirus-and-covid-19/ [Accessed 7 June 2020].

4. Hospers, J., 1953. An Introduction to Philosophy of Analysis. N.J.: Prentice-Hall, Inc., Englewood Cliffs

5. Kandil, C., 2020. Asian Americans Report Over 650 Racist Acts Over Last Week, New Data Says. [Online] NBC News. Available at:

https://www.nbcnews.com/news/asian-america/asian-americans-report-nearly-500-racist-acts-over-last-week-n1169821 [Accessed 7 June 2020].

6. King’s College London, N., 2020. #CORONASPEAK – The Language Of Covid-19 Goes Viral. [Online] King’s College London News Center. Available at: https://www.kcl.ac.uk/news/coronaspeak-the-language-of-covid-19-goes-viral [Accessed 7 June 2020].

7. Kopecki, D., 2020. WHO Officials Warn US President Trump Against Calling Coronavirus ‘The Chinese Virus’. [Online] CNBC. Available at:

https://www.cnbc.com/2020/03/18/who-officials-warn-us-president-trump-against-calling-coronavirus-the-chinese-virus.html [Accessed 7 June 2020].

8. Larsson, P., 2020. Anti-Asian Racism During Coronavirus: How the Language of Disease Produces Hate and Violence. [Online] The Conversation. Available at: https://theconversation.com/anti-asian-racism-during-coronavirus-how-the-language-of-disease-produces-hate-and-violence-134496 [Accessed 7 June 2020].

9. Lawson, R., 2020. Coronavirus Has Led To An Explosion Of New Words And Phrases – And That Helps Us Cope. [Online] The Conversation. Available at: https://theconversation.com/coronavirus-has-led-to-an-explosion-of-new-words-and-phrases-and-that-helps-us-cope-136909 [Accessed 5 June 2020].

10. Lindell, K., 2020. How The Coronavirus Is Changing The English Language. [Online] CSUF News Center. Available at: http://news.fullerton.edu/2020sp/msclip-ocr-alumnus-Zoila-Gallegos-teaching-at-risk-youths-assistant-principal.aspx [Accessed 5 June 2020].

11. Mangan, D., 2020. Trump Defends Calling Coronavirus ‘Chinese Virus’ — ‘It’s Not Racist At All’. [Online] CNBC. Available at:

https://www.cnbc.com/2020/03/18/coronavirus-criticism-trump-defends-saying-chinese-virus.html [Accessed 7 June 2020].

12. Martinich, A. ed., 1996. The Philosophy of Language. Third ed. Oxford & N.Y.: Oxford University Press, p.4.

13. McWhorter, J., 2020. The Coronavirus Generation Will Use Language Differently. [Online] The Atlantic. Available at:

https://www.theatlantic.com/ideas/archive/2020/05/how-coronavirus-generation-will-use-language/611473/ [Accessed 5 June 2020].

14. Osman, S., 2020. The Message of Coronavirus: Playing a Tight String between Science and Politics (In Arabic). [Online] Al-Mojaded Center for Studies and Research. Available at: https://almojaded.com/2020/04/21/7637/ [Accessed 7 June 2020].

15. Paton, B., 2020. Social Change and Linguistic Change: The Language of Covid-19. [Online] Oxford English Dictionary. Available at: https://public.oed.com/blog/the-language-of-covid-19/ [Accessed 5 June 2020].

16. Ro, C., 2020. Why We’Ve Created New Language for Coronavirus. [Online] Bbc.com. Available at: https://www.bbc.com/worklife/article/20200522-why-weve-created-new-language-for-coronavirus [Accessed 4 June 2020].

17. Thorne, T., 2020. CORONASPEAK – The Language of Covid-19 Goes Viral – 2. [Online] Tony Thorne | Language and Innovation. Available at: https://language-and-innovation.com/2020/04/15/coronaspeak-part-2-the-language-of-covid-19-goes-viral/ [Accessed 5 June 2020].

18. World Health Organization, 2020. Naming The Coronavirus Disease (COVID-19) And the Virus That Causes It. [online] Who.int. Available at:

https://www.who.int/emergencies/diseases/novel-coronavirus-2019/technical-guidance/naming-the-coronavirus-disease-(covid-2019)-and-the-virus-that-causes-it [Accessed 7 June 2020].

19. Wu, Y., Ho, W., Huang, Y., Jin, D., Li, S. and Liu, S., 2020. SARS-CoV-2 is an Appropriate Name for the New Coronavirus. Correspondence, [Online] 395, pp.949 – 950. Available at: https://www.thelancet.com/action/showPdf?pii=S0140-6736%2820%2930557-2 [Accessed 7 June 2020].

20. Yam, K., 2020. Trump Calls On U.S. To ‘Protect Our Asian American Community’ Hours After Referring To ‘Chinese Virus’. [Online] NBC News. Available at: https://www.nbcnews.com/news/asian-america/trump-calls-u-s-protect-our-asian-american-community-hours-n1167241 [Accessed 7 June 2020].

21. Zhao, L., (2020) 12 Mars. Twitter. [Online] Twitter.com. Available at:

https://twitter.com/zlj517/status/1238111898828066823 [Accessed 7 June 2020].
المصدر/
المركز العربي للبحوث والدراسات

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب