15 نوفمبر، 2024 2:45 م
Search
Close this search box.

ليلى أحمد.. اهتمت بدراسة ظاهرة الحجاب وبدور المرأة في الإسلام

ليلى أحمد.. اهتمت بدراسة ظاهرة الحجاب وبدور المرأة في الإسلام

خاص: إعداد- سماح عادل

“ليلى أحمد” كاتبة مصرية أمريكية، ولدت عام 1940، تكتب عن العلوم الإسلامية والدراسات النسوية في الإسلام. أصبحت أول أستاذة في الدراسات النسوية في الدين في جامعة هارفارد عام 1999. و قد شغلت منصب الأستاذ (فيكتور توماس) منذ عام 2003. و في عام 2013  حازت على جائزة “جراومير” في العلوم الدينية من جامعة “لويسفيل” على تحليلها لقضية “الحجاب” عند النساء المسلمات في الولايات المتحدة الأمريكية.

حياتها..

ولدت “ليلى أحمد” عام 1940 في منطقة هليوبوليس في القاهرة حيث كان ينتمى والدها للطبقة المتوسطة في مصر، أما والدتها فكانت من الطبقة العليا التركية. وبعد حركة يوليو 1952 تغيرت حياة عائلتها لأن والدها، والذي كان يعمل كمهندس مدني، كان معارضاً لفكرة تأسيس السد العالي بأسوان بسبب بعض الظروف البيئية، مما أثار حفيظة النظام الحاكم لمدة سنوات، وكان لذلك تأثير سيء على العائلة.

حصلت “ليلى أحمد” على درجة الدكتوراه من جامعة “كامبريدج” في الستينيات، ثم انتقلت إلى أمريكا لتقوم بالتدريس والكتابة. و هناك حازت على منصب أستاذ للدراسات النسائية والدراسات الشرقية المتقاربة في جامعة “ماساتشوستس” ب”أمهرست” عام 1981. ثم أصبحت أستاذ في الدراسات النسائية والعلوم الدينية بكلية اللاهوت بجامعة “هارفارد” عام 1999 حيث تقوم بالتدريس فيها الآن.

الممر الجانبي..

كتبت “ليلى أحمد” في مذاكراتها التي صدرت عام 1999 بعنوان (الممر الجانبي)، تصف طفولتها متعددة الثقافات وفترة الشباب التي قضتها وهي مغتربة ومهاجرة في أوروبا وأمريكا. كما تحكي أيضا كيف تعرفت على الإسلام عن طريق جدتها خلال فترة الطفولة. ونتيجة لذلك أصبح لديها القدرة على التفريق بينه (الإسلام) و “الإسلام الرسمي” الذي كان يمارسه صفوة رجال الدين ويوعظون به.و هذا الإدراك هو الذي سيشكل فيما بعد حجر الأساس لكتابها الأول (المرأة و النوع في الإسلام) عام 1992، الذي لقي استحسان الكثيرين. ويعد هذا الكتاب عملا إبداعيا عن التاريخ الإسلامي، الإسلام النسوي، والدور التاريخي للمرأة في الإسلام.

تناولت “ليلى أحمد” في مذاكرتها أيضا عن تجربتها في أوروبا وأمريكا كواحدة ممن حفلت حياتهم بالتوتر والاضطراب بسبب محاولاتها أن توفق بين هويتها المصرية المسلمة والقيم الغربية. وقد واجهت التمييز العنصري والتعصب ضد المسلمين. وبعد أن قامت بمناقشة الفكر الذكوري في ثقافة بلدها، راحت تزيل الخرافات والأوهام التي يحملها الغرب عن الإسلام والمرأة المسلمة. وتُعد “ليلى أحمد” هي الأشهر في هذا المجال نظرا لعملها الرائد في نظرة الإسلام للمرأة ووضعها التاريخي والاجتماعي في العالم الإسلامي.

الإمبريالية الثقافية..

و قد كانت “ليلى أحمد”  ناقدة قوية للقومية العربية في مصر والشرق الأوسط، وقد خصصت فصلا كاملا من مذاكراتها لقضية القومية العربية، و العوامل والجهود السياسية التي بُذلت لتكوين هوية عربية لمصر بعد ثورة 1952. ووفقاً لأبحاثها، فكرة أن المصريين هم في الأصل “عرب” لم تكن شائعة فعليا حتى القرن العشرين. فهي تصف القومية العربية، كغيرها من أشكال القومية الشاملة، على أنه نوع من الإمبريالية الثقافية. وهذه الإمبريالية تلتهم التنوع والإبداع الثقافي ليس فقط للأغلبية القومية الناطقة بالعربية، الذين كثيرا ما يتحدثون باللهجات العامية المختلفة، ولكن أيضا للأقلية من غير الناطقين بالعربية عبر الشرق الأوسط و شمال أفريقيا.

المرأة والنوع في الإسلام.

في كتابها (المرأة و النوع في الإسلام)  الذي صدر عام 1992، تبرهن “ليلى أحمد” أن الممارسات الظالمة التي تتعرض لها المرأة في الشرق الأوسط سببها ليس الإسلام نفسه، ولكن انتشار التفسيرات السلطوية المنسوبة للإسلام. و وتؤكد على أنه مع نهوض الإسلام نشأ صوتان متفاوتان في الدين: – الهيكل الأخلاقي الذي يدعو إلى المساواة الأخلاقية والروحية لجميع البشر،- الهيكل التدريجي كقاعدة لعلاقات الرجل والمرأة، تدرج على أساس الجنس/ النوع.

وتوضح في كتابها أن العقيدة الإسلامية تطورت داخل مجتمع ذكوري كاره للمرأة في العراق في العصر العباسي، حيث حافظوا على العادات التي توارثوها بشكل كبير من الإمبراطورية الساسانية بعد غزوها. وأكد هذا المجتمع وأضفى النزعة النظامية على الأصوات الطبقية الجنسية وقام بإسكات أصوات المساواة والعدالة. ثم جاء الإسلام كدين و أصبح خطابا للنخبة المهيمنة سياسيا أي المجتمع الذكوري. كانت هناك بوادر لمقاومة تأسيس الدولة الإسلامية، على سبيل المثال: فكر الصوفيين والقرامطة، الفلاسفة مثل ابن العربي، والآراء اللليبرالية للأفراد والعائلات القوية تجاه بناتهم فيما يتعلق بقضايا الزواج والتعليم، على سبيل المثال: فرض الزواج الأحادى في نص عقود الزواج وتوفير التعليم الخاص.

وعلى الرغم من هذه المقاومة، فقد واجه إنشاء الدولة الإسلامية القليل من التحديات الحقيقية حتى أوائل القرن التاسع عشر قرب زحف الاستعمار. إن هدف المستعمرين الأوروبيين كان بالأساس اقتصاديا ولكن تم استغلال فكرة تحرير المرأة كحجة للتوغل الجغرافي السياسي الشرعي، فقد كانت الحركة النسوية الاستعمارية تمثل الخطاب الغربي للهيمنة والتي قدمت التصور بأن هناك علاقة جذرية تربط بين القضايا الثقافية وأحوال المرأة، وأن تقدم المرأة لا يمكن أن يتحقق إلا بالتخلي عن الثقافة المحلية.

بالطبع، كان أول رد فعل لهذا هو رفض القيم الغربية من قبل الإسلاميين السياسيين. وقد شهد هذا الرفض المزج بين الإسلام والثقافة حيث أصبح جوهر الإسلام يتم تعريفه على أنه بعض الحقائق الثقافية وخاصة دور المرأة في الإسلام. و قد أدى ذلك إلى التأكيد على التقاليد الأصلية المتعلقة بالمرأة واستعادة أعراف وقوانين المجتمعات الإسلامية الماضية. كان الافتراض الأساسي أن هناك تفسيرا جوهريا للإسلام يقوم على أساس النصوص والمؤسسات التي تطورت في العراق أيام الدولة العباسية. ووفقا لهذه الافتراضات، فإن النوع والمنصب في الإسلام يعني أشياء محققة لا لبس فيها في بعض الآراء الدقيقة والمطلقة.

بسبب ردود الفعل الأولية تلك، جادلت الباحثات المسلمات أن القيم التي ظهرت في العراق في العصر العباسي لم تكن تابعة للإسلام ولكنها بالفعل كانت مختصة بالناس والثقافة في زمن معين. إن النصوص و المؤسسات الإسلامية يجب أن يتم فصلها عن الثقافة السلطوية وأن يعاد النظر فيها وفقا للفضائل وسماع أصوات المساواة والحرية. في خاتمة الكتاب  انتهت “ليلى أحمد” إلى ضرورة حث النسائيين (المؤمنين بمساواة الجنسين)- سواء كانوا مسلمين أومن الغرب- على القيام بهذه المهمة من خلال الاصطدام بشكل حاسم مع التحديات والقدرة على إعادة تعريف التراث الديني والثقافي المتنوع في منطقة الشرق الأوسط.

ثورة هادئة..

وفي كتابها (انبعاث الحجاب من الشرق الأوسط لأمريكا.. ثورة هادئة)، الذي صدر عام 2011 عن جامعة “يال” الأمريكية، توضح ” ليلى أحمد” أنها تتذكر أمسية خاصة بعد انتقالها إلي كامبريدج ببضعة شهور، تتذكرها كلحظة مؤسسة لهذا الكتاب.تقول: “فبعد عشاء مع صديقة زائرة من العالم العربي وهي أيضا نسوية شهيرة ذات خلفية إسلامية، سوف أطلق عليها اسم عائشة، كنا نسير بتراخ عائدتين إلي فندقها وتوقفنا أمام زحام بشر كانوا يحتفلون بمناسبة ما وإذ بكل النساء محجبات، كان ذلك في نهاية التسعينيات ولم يكن الحجاب منتشرًا كما هو الآن في أمريكا، وكانت هذه هي المرة الأولي التي أرى فيها مشهدًا كهذا في الولايات المتحدة”.

يُناقش الكتاب من خلال جزأين تاريخ الحجاب في مصر وفي أمريكا، والمتغيرات التي صاحبت ميول المرأة المسلمة لارتدائه أو خلعه. وتُدافع الكاتبة فيه عبر 361 صفحة عن موقفها القائل بأن الحجاب ليس فقط تعبير عن التزام وعفة المرأة المسلمة، ولكن هو أيضًا رمز ذو دلالة قوية على تميز المرأة المسلمة وارتباطها الوثيق بهويتها وانتمائها. في الجزء الأول، وقبل الخوض في مناقشة تداعيات انتشار الإسلام والحجاب في أمريكا مع بداية القرن الواحد والعشرين، ترصد ” ليلى أحمد” في ثماني فصول الأحداث التي تداخلت من أجل رسم منحنى تراجع أو ارتفاع نسبة الالتزام بالإسلام، وارتداء الحجاب في مصر منذ بداية القرن العشرين. فيما يُقدم الفصل الثاني من الكتاب نظرة على أهم الأحداث السياسية والاجتماعية في مصر بين 1920 و1960 وكيف أفسحت المجال لعودة الإسلام أو ما يُعرف بالصحوة الإسلامية في العالم العربي، حيث تم ذلك في ظل مخاض الاستقلال وعدم الاستقرار السياسي بين قُطبي الاشتراكية والرأسمالية، ثم التفاعل مع القضية الفلسطينية 1948، وأيضا دخول حركة الإخوان المسلمين كعامل أساسي مؤثر في السياسة والمجتمع. حيث أدت كل هذه الحقبة إلى التنوع والغموض في مسألة لبس الحجاب وشكله ودلالاته والطبقات الاجتماعية التي ترتديه”.

الإخوان في أمريكا..

وتقول “ليلى أحمد” في كتابها: “وأخذ قلقي يتزايد وأسئلتي تتكاثر حول مغزي الحجاب الذي لاحظت أنه ينتشر في الأوساط المسلمة في الغرب بين الفتيات الشابات، فهل يا تري استطاع الإخوان المسلمون الحصول علي موطئ قدم في الغرب؟ وكيف يا تري تفكر هذه الفتيات اللاتي يعشن في مجتمع متحرر اعتادت فيه النساء علي تحدي النظام الأبوي، كيف تقبلن ربما دون نقاش الأفكار التي تُملي عليهن؟ وسرعان ما اكتشفت عبر قراءات كثيرة أن الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية الأخرى في أمريكا نجحوا في إنشاء عدد من المنظمات من بينها رابطة الطلاب المسلمين والمنظمة الإسلامية في أمريكا الشمالية وبدأت حينذاك في زيارة الجوامع والاستماع إلي الخطب والمواعظ وحضور الاجتماعات المفتوحة لهذه المنظمات، وفتحت لي هذه الزيارات آفاقا جديدة فطرحت علي نفسي أسئلة أخري وأنا محشورة في مكان أرضي خاص بالنساء في الجامع ولهن باب خاص بينما احتشد الرجال في الطابق العلوي، ولما كنت أنا المرأة الوحيدة غير المحجبة فقد سارعت بوضع الإيشارب علي رأسي، وكان معظم الحاضرين نساء ورجالا من الأفريقيين الأمريكيين الذين لا يعرفون العربية، وبرز مجددا سؤالي هل الدخول في الإسلام علي هذا النحو هو تعبير عن مشاعر معادية للغرب، وكيف يا تري تكون هذا النفوذ للإسلام، وهل المسلمون في سبيلهم إلي الاندماج والتعايش مع المجتمع الأمريكي أم أنهم في الطريق إلي الصدام، وهل ستغيرهم البيئة الديمقراطية خاصة فيما يتعلق بالمرأة أم لا؟”.

المصدر: ويكيبديا.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة