16 نوفمبر، 2024 12:42 ص
Search
Close this search box.

“ليلى أبو العلا” .. قدمت الإسلام للغرب كما يريده في إطاره المعولم !

“ليلى أبو العلا” .. قدمت الإسلام للغرب كما يريده في إطاره المعولم !

خاص : كتبت – سماح عادل :

“ليلى عزت أبوالعلا” روائية وكاتبة مسرحيات سودانية.. ولدت في “القاهرة”، ونشأت في مدينة “الخرطوم”، حيث التحقت بمدرسة الخرطوم الأميركية، وكانت ابنة لأول عالمة “ديمغرافيا” في السودان، تخرجت من جامعة الخرطوم في سنة 1985 في تخصص الاقتصاد، وتم منحها درجة الماجستير في الإحصاء من معهد لندن للاقتصاد، عاشت لفترة في “إسكتلندا”، حيث قامت بكتابة معظم أعمالها هناك، حالياً تدرس وتعيش في “الدوحة”.

الكتابة..

بدأت ” ليلى أبوالعلا” كتابة القصة خلال دورات مسائية في مدينة “ابردين”، عاصمة صناعة النفط الإسكتلندية، حيث يعمل زوجها، لفتت موهبتها في كتابة القصة الأنظار إليها في وقت قصير، واعتبرت من ضمن الموجة الجديدة للأدب الإسكتلندي في تسعينيات القرن الماضي.

حصلت كتب “ليلى أبوالعلا” على جوائز هامة.. منها “جائزة كين” الأولى للكتابة الإفريقية، عن روايتها (المترجِمة)، وقد صنفتها الـ(نيويورك تايمز) من ضمن المئة كتاب الأكثر تميزاً للعام 1999 فور صدورها، وقد وصلت الرواية للقائمة الطويلة لـ”جائزة سالتير” وللقائمة القصيرة لمسابقة “أورانغ”، وكذلك وصلت لنفس المسابقة روايتاها اللاحقتان: (زقاق الأغاني) و(المنارة)، والأولى نالت “جائزة الكتاب الإسكتلندي”، ووصلت للقائمة القصيرة لـ”جائزة الكومونولث”، كما تُرجمت روايات “ليلى أبوالعلا” من اللغة الإنكليزية إلى اثنتي عشرة لغة منها العربية.

زقاق الأغاني..

في حوار مع ” ليلى أبوالعلا”، أجرته معها “كريستينا لانيك”، تقول عن روايتها (زقاق الأغاني): “سأقول إن زقاق الأغاني حول الآمال المحطمة، وحول الإصرار الشخصي لمقاومة الخيبة. بانتمائي إلى جيل ما بعد الاستقلال، كان قدري أن أشب إبان احباطات وتنازلات الاستقلال. شهد جيل والدي، بهجة الاستقلال والأحلام الكبيرة التي سحقتها لاحقاً الانقلابات والأنظمة العسكرية المختلة الوظائف. بالرغم من أن عمي هو من ألهمني هذه الرواية، وصورت حقبة والدي وسنوات الزهو في مطلع الخمسينيات، عندما كان السودان بلداً غنياً ثم صار ـ بعد عقود قليلة ـ واحداً من أفقر دول العالم.. لوالدي أربعة أخوان وخمس أخوات. وله عدد غير محدود من أبناء وبنات الخالات والأعمام. يعيش كل هؤلاء في منازل متجاورة، بأزقة تقود من دار إلى أخرى. ويعيشون حياة مترابطة جداً، يتناولون الوجبات معاً، وينامون على أسرة متجاورة، وأحياناً يزورهم بعض أطراف الأسرة الفقراء من الريف، كضيوف أو خدم منازل. يعمل الرجال معاً، وغالباً ما تتزاوج أسرهم فيما بينها. بناءً على ذلك استوجب عرض هذا الاحتشاد والتزاحم السكاني وجود راوي موسوعي المعرفة لتصوير هذه البانوراما الاجتماعية”.

وعن تصويرها للإيمان بالدين في الرواية، تقول “ليلى أبوالعلا”: “الأشخاص المتدينون بغض النظر عن دينهم الخاص ينتمون إلى بدر ودواماته. هذه أمور كونية، وهموم إنسانية، كل ما أفعله أنني أقدمها من منظور إسلامي. جاء الإسلام بعد المسيحية، بنفس الطريقة التي جاءت بها المسيحية بعد اليهودية، وهناك كثير من الجوانب المشتركة في تقاليد الأديان الثلاثة، قصة العمل مثلاً موجودة في القرآن، وشخص مثل بدر من غير ريب سيكون أخذ الحكمة والعزاء منها.. يحاول المرشد بدر في زقاق الأغاني أن يجيب على سؤال «لماذا تحدث الأشياء السيئة للناس الطيبين؟». ويعدد عدة أسباب- أن العالم بالتعريف هو مقر الصراع والخيبة، وأن المعاناة في الحياة تعوض عن عذاب عظيم في الآخرة، وأن الله يقربنا إليه لأننا لا ندعوه كثيراً إلا عندما تحل بنا المصائب.. وفي نهاية الأمر أن التسليم لإرادة الله هو الطريق الوحيد للسلام لأنه يعرف ما هو خير لنا أكثر مما نعرف”.

الكتابة بعد الحنين..

كما تحدثت “ليلى أبوالعلا” عن نفسها في موضع آخر: “أنا ليلى.. ليلى عزت أبوالعلا.. كان ميلادي عام 1964، من أب سوداني وأم مصرية.. امتحنت للشهادة السودانية عام 1980، وجاء ترتيبي (السابع) مشترك.. ودخلت جامعة الخرطوم كلية الاقتصاد.. وتخصصت في الإحصاء.. لم أكن أتخيل أو أخطط يوماً أنني سكون كاتبة رواية.. أو قصة قصيرة”.

وعن الكتابة تقول: “في الغربة كانت القراءة تسليتي الوحيدة التي أقاوم بها أوقات الفراغ.. كنت أقرأ بنهم شديد.. لم تكن إلا رغبة ألقت بثوبها علي.. وكان الشوق للوطن والذكريات.. ذكريات الطفولة تنادي علي.. كنت أقرأ كل الكتب التي تستهويني.. وكانت (عرس الزين) للطيب صالح الحديقة التي وجدت فيها الأشياء المفقودة.. جاءت الحروف الأولى في شكل خواطر وذكريات وهوامش شوقي للخرطوم.. ووجدت أنني أكتب قصة.. أو هكذا قالوا لي.. كانت الهواية تقودني من قلمي.. وكانت قصتي الأولى بعنوان (ألوان ملونة).. وتبعتها قصص، ثم جاءت رواية (المترجمة)، وهي الرواية التي ترجمها الكاتب الراحل الخاتم عدلان.. بدأت كتاباتي تجد حظها في إنكلترا.. اهتمت بي الـ(بي. بي. سي).. وقرأوا لي مجموعة من قصصي القصيرة في الراديو، وكتبت عني الصحف هناك.. وتناولوا أعمالي بالدراسة.. كل ذلك حفزني وشجعني.. وقررت حينها أن أترك الإحصاء وأتفرغ للكتابة.. في تلك الفترة كنت قد نلت كورسات في الكتابة الإبداعية.. كنت حينها أعمل بالتدريس بالجامعة حتى العام 1997”.

أما عن الكتابة باللغة الإنكليزية دون العربية، تقول “ليلى أبوالعلا”: “أنا أجيد الإنكليزية أكثر من العربية، علمي باللغة العربية توقف في المرحلة الثانوية.. لأن قراءتي كلها كانت باللغة الإنكليزية.. ربما هذا ليس خياراً.. ولكنه الواقع الذي عشته.. واللغة العربية عالم ليس سهلاً يحتاج لمعرفة وعلم.. من ترجموا أعمالي العربية كتاب من السودان وليس أنا.. هم أكثر خبرة مني في اللغة”.

سيرة ذاتية..

وجيب ” ليلى أبوالعلا” عن سؤال أن الرواية دائماً تتضمن جزء من السيرة الذاتية: “أتفق معك.. دائماً يكون هنالك شيء ما، ولكن الكاتب يلون حياة الكتابة.. لأن الحياة هي المادة الخام التي يرمي الكاتب عليها عصاه.. في كتابي الأخير؛ روايتي (حارة المغني.. ولي المساء) حاولت أن أزاوج بين كتابة سيرة عمي الشاعر الراحل حسن أبوالعلا وفن الرواية.. وفن الرواية اقتضى مني أن أغير الكثير في واقع السيرة”.

الكتابة كدفاع عن النفس..

في حوار ثالث في جريدة (الشرق الأوسط)، تقول “ليلى أبوالعلا” عن بداية إحترافها الكتابة: “بدأت عام 1992، عندما كنت أعيش في إسكتلندا، كنت أشعر بالحنين إلى الخرطوم والثقافة العربية. الناس من حولي لا يعرفون شيئاً عن بلدي السودان أو عن الإسلام، المكوّنان الرئيسيان لهويتي، وهذا ما زاد من إحساسي بالغربة. نهاية الثمانينيات شهدت بداية تأجج العواطف ضد العرب والإسلام في الإعلام الغربي ووجودي في بريطانيا جعلني في وضع دفاعي. فجأة وجدت أني أحتاج لأوضح أن الحياة في الخرطوم تسير بصورة جيدة، وأن الناس طيبون، والظروف هي التي أجبرتنا على المغادرة ولم تكن خياراً. كنت أعيش في ثقافة وفي مكان يؤكدان في كل لحظة وكل ثانية «أن الغرب هو الأفضل»، إفريقيا فوضى، الإسلام يضطهد النساء وكامرأة عربية يجب أن أكون ممتنة لهروبي. حماس الشباب وعزة النفس الجريحة قاداني لأقاوم ذلك. أول رواية لي «المترجم» صدرت عام 1999، تبعتها مجموعتي القصصية «أضواء ملونة» عام 2001، وروايتي الثانية «منارة» صدرت عام 2005. الصبغة العامة لأعمالي تتناول الصدمة الثقافية والصعوبات التي يواجهها العرب في بريطانيا، الإغتراب، المنافسة بين الحداثة والتقاليد، وكلها قضايا تهمني”.

وتقول عن المشهد الأدبي بالعالم العربي: “عندما غادرت السودان لأول مرة للدراسة في لندن كنت أحمل معي «عرس الزين» للطيب صالح، كنت أقرأها في الحافلة، لأنها كانت تعطيني كل شيء افتقدته عن السودان، وهي بالنسبة لي المفضلة من بين أعمال الطيب صالح، ورواية «قصر الشوق» لنجيب محفوظ كان لها التأثير الكبير فيّ، وكذلك رواياته الأخرى، أما كتّابي المفضلون باللغة الإنكليزية فمعظمهم نساء، ولكن لسن كلهن إنكليزيات، هناك الهندية الحداثية «غين رايس» بسبب طريقتها الشفافة في الكتابة عن المشاعر، و«دوريس ليسنغ» التي دائماً في حالة تحد ولا ترتعب. وتعجبني الهندية «أنيتا ديساي»، والمصرية «أهداف سويف». ومنذ أن استقررت في الإمارات، منذ ثلاث سنوات، بدأت أقرأ الكثير من الروايات العربية والسودانية الحديثة، ومعجبة جداً برواية أبكر آدم إسماعيل «الطريق إلى المدن المستحيلة»، وهو برأيي صوت هذا الجيل”.

وعن أبطال أعمالها تقول “ليلى أبوالعلا”: “رواية «المترجم» وقصص مجموعتي «أضواء ملونة» كتبتها عن سودانيين عاديين متعلمين ومعظمهم من الطبقة المتوسطة، وبالنسبة لهم فإن العمل والتعليم مهمان للغاية وقد أجبروا على مغادرة السودان لأسباب اقتصادية. رواية «المنارة» بطلتها «نجوى» طابع حياتها مخملي، لكنه انتهى عقب انقلاب عسكري في السودان، حيث تم إعدام والدها وأجبرت على أن تعيش كلاجئة في لندن، ثم العمل كخادمة عند أسرة عربية ثرية. وإذا كان واقع المشاكل السودانية كما ذكرت أزمات سياسية وفقراً وهجرة فإن «منارة» تشملها جميعاً”.

مجتمع مسلم..

عن تقديمها المجتمع المسلم من زاوية مختلفة مجهولة لدى الغرب، تقول: “في التسعينيات عندما كنت أكتب «المترجم»، كان المجتمع المسلم في بريطانيا مهمشاً بصورة كبيرة، ثقافة المسجد تعد ثقافة «غيتو»، شيئاً خاص جداً، بعد 11 أيلول/سبتمبر تغيّر كل ذلك، وهناك الآن اهتمام جاد بالمسلمين في الغرب. أشعر أني نجحت من خلال أعمالي في عرض وجهة النظر لمن هو داخل بريطانيا. كتبت كفرد يعرف المجتمع المسلم في بريطانيا بصورة حميمة، بدلاً عن آخرين يكتبون عنه وهم يعيشون في الخارج. المسافة بين الشرق والغرب ليست بالحجم الذي كانت عليه ماضياً، الشرق الآن موجود داخل الغرب بسبب المهاجرين. والغرب موجود الآن داخل الشرق بسبب انتشار التكنولوجيا، وتبني عادات العمل الغربية والإستهلاك المتزايد للمنتجات الغربية. نحن نعيش في زمن يحتاج فيه الناس إلى الحوار. لقد تزايد التواصل وصار لصيقاً جداً بين الشعوب. وللأدب هنا دور يمكن أن يساعد على سد الفجوات عبر الإبحار داخل الإختلافات الجديدة”.

https://www.youtube.com/watch?v=T4nnOtHY7kc

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة