10 أبريل، 2024 7:22 ص
Search
Close this search box.

ليلة سقوط بغداد تثري خيال السينما للبحث عن سلاح للضعفاء .. الطائرات المسيرة تغير شكل الحروب

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتابات – القسم الثقافي

في الفيلم المصري ” ليلة سقوط بغداد” تتضمن هذا الفيلم مشاهد ناطقة من بغداد ومدن عراقية أخرى وهى تتعرض لهجوم امريكي كاسح من سلاح الجو الأمريكي، وهو الهجوم الذي استمر لأسابيع ، مما أعطى فكرة لا شك فيها مؤداها أنه في أي مواجهة عسكرية في المستقبل لأي دولة عربية فإنه لن يكون هناك اى شك في أن كل ما في حوذة الجيوش العربية من أسلحة وطائرات سوف تتحول في أى حرب قد تحدث في المستقبل مع عدو يملك الخبرة التي يملكها جيش الولايات المتحدة ، إسرائيل أو تركيا مثلا، سوف تتحول إلى ( خردة ) تحت وابل القصف الجوي الذي لا يتوقف والحرب الإليكترونية التي تعرضت لها كل السموات المجاورة لسماء العراق وليست الأجواء الجوية العراقية فقط ، لقد أسقط في يد كل من كان يظن أن جيوش العالم العربي تملك أدنى قدرة على الردع، وبدا أن ترتيب الجيش العراقي الذي كان العرب يفاخرون به بين أقوى الجيوش العربية هو ترتيب قائم فقط على ما يعرف بتصنيف ( Power Fire )، وهو تصنيف حسابي يقوم فقط على حساب مجموع القدرة على إنتاج النيران من المعدات التي بحوزة الجيوش بدون التطرق للخبرة الفنية أو الجاهزية للأفراد ومستوي تدريبهم واستيعابهم للمتغيرات التي أحدثته التكنولوجيا ضمن عوامل معركة الأسلحة المشتركة.
هذا اليأس الذي انتاب كل من يعمل في مجال البحوث العسكرية والاستراتيجية لم يكن له أى حل ممكن أبدا من الواقع، ولكن جاءت السينما، كالعادة، لتعطي اليائسين أملا في حل قريب، قد يكون الفنان المصري أحمد عيد من بين الملايين الذين شعروا بالإحباط وهم يرون بغداد تسقط تحت رحمة الاحتلال الأمريكي وتبين للجميع بدون أى شك بأن العرب ليس في لديهم أى سلاح للردع وعلى الرغم من أن فيلم ليلة سقوط بغداد مكتوب بشكل يقترب من السذاجة ويظهر في مشاهد الفيلم أحمد عيد وهو يعرض ما يصفه بسلاح الردع الذي يعطي للضعفاء فرصة للدفاع عن أنفسهم ضد الجيوش الأقوي منها .
حسنا لكن ماذا قدم أحمد عيد في فيلمه ( حظ سعيد )، حظ سعيد عن شاب يائس ومحبط وناظر مدرسة قام بدوره الراحل العزيز حسني حسني أو الأستاذ شاكر الذي يبيع كل ما يملك من أن يوفر المال لطارق عبد الصمد الطالب العبقري ليصنع سلاحا للردع بعد أن تأثر الأستاذ شاكر بمشاهد الغزو الأمريكي للعراق وما جري للسجناء العراقيين في سجن أبو غريب، ووسط سيناريو جيد وحوار هش وضعيف تتعدد محاولات طارق عبد الصمد لصنع سلاح الردع قبل أن ينتهي الحال بالأستاذ شاكر وطارق نفسه لمستشفى المجانين، ثم يخرج بعد أن تغزو القوات الأمريكية للقاهرة ويستخدم طارق سلاح الردع في التصدي للقوات الغازية وينتهي الفيلم بمشهد فقير فنيا لطاقم الفني وهو يغني احتفالا بسلاح ردع لم نعرف في مشهد اقرب للهزل ويعبر تماما عن اليأس في مواجهة القوة الأمريكية الكاسحة، ولكن كعادة أفلام أحمد عيد وقبل نهاية الفيلم يظهر ممثل مساعد ليعبر عما قد يكون أحمد عيد نفسه أو كاتب السيناريو أو مخرج الفيلم يريد ان يعبر عنه، وذلك عندما يقول الممثل الذي يقوم بدور مندوب المخابرات الامريكية في القاهرة ( نبحث عن السفهاء لنضعهم في مواقع السلطة .
ولكن ماذا فعل أحمد عيد أو طارق عبد الصمد ، ما فعله أحمد عيد في فيلم ليلة سقوط بغداد هو أنه رفع سقف التفكير لدى كثير من المستضعفين في الأرض للبحث عن سلاح ردع، ومرت سنوات زاد فيه العالم العربي فشلا فوق فشل، ويأسا فوق يأس، وتحولت ثوراته لكوارث هدمت كل حلم عربي في التغيير، لكن وسط الظلام يظهر ضوء بعيد، وتتكرر الحالات التي تظهر فيها طائرات مسيرة تكلفتها اقل من ثمن دراجة بخارية تقوم بأدوار تقوم بها نفس المقاتلات الحديثة التي تفاخر بيها أمريكا العالم، حدث ذلك في أكثر من واقعة حول العالم وجعلت كل الخبراء العسكريين يراجعون حساباتهم حول مستقبل الحرب الجوية القادمة في ظل تطور الطائرات المسيرة، واصبح في يد المستضعفين بداية الخيط لصنع سلاح ردع قد يختلف عن سلاح الردع الهزلي الذي ظهر في يد طارق عبد الصمد في فيلم ليلة سقوط بغداد، ولكن في كل الأحوال لم تعد امتلاك القوة الجوية القادرة على ضرب العدو في العمق قاصرا على امتلاك مقاتلات حديثة أو قاذفات بعيدة المدى، بل اصبح من المؤكد أن المستقبل سوف يعمل في صالح الطائرات المسيرة التي لا تحتاج لممرات هبوط محصنة ضد القصف ولا حاملات طائرات تجوب البحار والمحيطات حول العالم لترهب دوله بما تملكه دول الطغيان من قوة غاشمة .
الطائرة بدون طيار ببساطة يمكن تعريفها بأنها وسيلة تمكن الجيوش من القتل بدون اي خسائر بشرية لديهم، ولعل المحاربين القدماء حينما سخروا من رامي السهام، كانوا محقين حينها، لأن رامي السهام يًصيب أهدافه ويقتل بدون أن يظهر أمام عدوه، وهذا تمامًا ما تفعله الطائرات بدون طيار، حيث يمكن لمستخدمها أن يصيب أهدافًا في عمق اراضي خصمه بدون أن يضطر لدفع مئات الملايين من الدولارات وتقديم تنازلات سياسية من اجل الحصول على طائرات مقاتلة حديثة وتوفير طيارين لها يتكلف تدريبهم عشرات الملايين وتوفير دعم فني ومطارات ومساندة الحرب الإليكترونية
والطائرات بدون طيار أو الموجهة، يتم التحكم فيها ذاتيًا، وتحمل على متنها كاميرات وأجهزة استطلاع وأسلحة لإصابة أهدافها، وتستطيع هذه الطائرات رغم صغر حجمها وانخفاض تكلفتها أن توفر مهام الاستطلاع للقوات على الأرض بدقة وبسرعة عالية جدا. يُطلق على الطائرات الموجهة اسم (drones)، وتُقلع هذه الطائرات من ممر على عجلاتها، وأحيانًا يتم إطلاقها بواسطة قواذف أرضية، وتستخدمها الوحدات البحرية وتقوم بإطلاقها بواسطة السفن أو حاملات الطائرات، ويتم التحكم في مسارها وتوجيهها من خلال “طيار أرضي” لاسلكيًا، وبعد انتهاء مهمتها يتم توجيهها للعودة إلى القاعدة ويتم استخدامها مرات عديدة تمامًا مثل الطائرة التقليدية. قد يكون حلم طارق عبد الصمد ( أحمد عيد ) في ليلة سقوط بغداد في صناعة سلاح الردع مختلفا عن فكرة الطائرات المسيرة التي أصبحت في حوزة المستضعفين في الأرض، وقد يكون أحمد عيد نفسه غير واعي بما قدمه، وإن كنت أشك في ذلك قليلا، ولكن في كل الأحوال لا نملك إلا أن نقول أن أحمد عيد هذا الفنان المصري الذي يغرد وحيدا أطلق فكرة البحث عن سلاح الردع للمستضعفين .

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب