15 نوفمبر، 2024 11:26 ص
Search
Close this search box.

لماذا نحن مغفلون ؟

لماذا نحن مغفلون ؟

خاص : بقلم – عمرو عمر :

خلال السنوات الماضية تعرض كوكب الأرض إلى وباء غريب لا أحد يعرف أسبابه، اطلقوا عليه “كوفيد” خلال فترة الوباء، تذكر لنا بيانات المؤسسات المالية العالمية أن أغنى عشرة أشخاص ضاعفوا ثروتهم، بينما في المقابل 99% من سكان هذا الكوكب المتعوس انخفضت دخولهم بحجم قدرته المؤسسات الدولية بـ 700 مليار دولار، التي تحولت إلى خزائن هؤلاء العشرة الكبار لتصل إلى 1.5 تريليون دولار خلال العامين الأوائل من عمر الوباء، أي إنهم خلال عامين كان كل منهم يحقق 1.3 مليار دولار يوميًا، أي حوالي 15 ألف دولار في الثانية الواحدة، هؤلاء العشرة يملكون أكثر مما يملكه أفقر 4 مليار إنسان على ظهر الكوكب؛ لا أحد ينكر مدى الكارثة التي تسبب فيها هذا الوباء، فقد خسر ملايين العاملين وظائفهم بدون أي إنذار، الغالبية العظمى من سكان هذا الكوكب تأثروا بأشكال مختلفة بسبب هذا الوباء وبسبب الأزمة الاقتصادية التي واكبته، في المقابل عدد قليل من الأشخاص اللذين يتمتعون بقوة وسلطة لا يمكن فهمها، استطاعوا الاستفادة من فوضى الوباء لاكتناز مليارات الدولارات، التي كان من الممكن أن تغيّر حياة البشر على ظهر هذا الكوكب، لا تجذع عزيزي المغفل، فـ 1.5 تريليون دولار يمكن أن يقضوا على الفقر في العالم كله…

هل تعلم عزيزي المغفل أن هؤلاء العشرة لو خسروا 99.99% من ثروتهم اليوم سيظلون أغنى من 99% من سكان كوكب الأرض، إن ما أظهره هذا الوباء المخيف مدى الغفلة التي نحن نعيش فيها، أن هذا النظام الذي يعمل على تركيز الثروة في يد حفنة صغيرة من الناس، وفي المقابل يُعاني مليارات البشر من الفقر والمرض والجوع ليس بنظام، بل هي عملية خطف وسرقة تحدث في لحظة من حياتنا يجب الخلاص منها، وقد عرفنا هذا منذ فترة ليست بالقصيرة، في سنة 1949 كتب ألبرت آينشتين مقالة نُشرت في مجلة (Monthly Review)؛ في عددها الافتتاحي قائلاً: “يميل رأس المال الخاص إلى أن يُصبح مركّزًا في أيدي قلة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى المنافسة بين الرأسماليين، وعلى الجانب الآخر التطور التكنولوجي والتقسّيم المتزايد للعمل يُشجعان على تكوين وحدات إنتاج أكبر على حساب الوحدات الأصغر. ونتيجة لهذه التطورات هي حكم الأقلية لرأس المال الخاص الذي لا يمكن لجم قوته الهائلة بشكلٍ فعال حتى من قبل مجتمع سياسي منظم ديمقراطيًا…”.

وقال أيضًا: “أنا مقتنع بأن هناك طريقة واحدة فقط للقضاء على هذه الشرور الجسّيمة، أي من خلال إنشاء اقتصاد اشتراكي مصحوب بنظام تعليمي موجه نحو أهداف اجتماعية، في مثل هذا الاقتصاد، يمتلك المجتمع نفسه وسائل الإنتاج ويتم استخدامها بطريقة مخططة، إن الاقتصاد المخطط الذي يُكيّف الإنتاج مع احتياجات المجتمع، من شأنه أن يوزع العمل الذي يتعيّن القيام به بين جميع القادرين على العمل ويضمن سُبل العيش لكل رجل وامرأة وطفل؛ إن تعليم الفرد، بالإضافة إلى تعّزيز قدراته الفطرية، سيُحاول أن يطور فيه إحساسًا بالمسؤولية تجاه زملائه بدلاً من تمجيد القوة والنجاح الفردانية المنتشرة في مجتمعنا الحالي…”.

أننا اليوم نعيش حقبة زمنية يمكننا بسّهولة أن نُطلق عليها “مجتمع المغفلين”، نعيش على كوكب ينُتج ما يكفي ويزيد عن حاجة سكانه، لكن للأسف أغلبهم في فقر ومرض وجهل، وفي المقابل 45% مما يُنتجه هذا الكوكب يدخل خزائن طبقة صغيرة لا تُمثل حتى 1% من سكانه، أصحاب رؤوس الأموال يربحون 350 ضعف ما يربحه العاملين في تلك الشركات، والغريب أن أجور هؤلاء العاملين باتت أقل مما كانت من 50 عامًا عندما نحسّب معدلات التضخم السنوية، الحقيقة التي لا يقولها لك مجموعات المخادعين اللذين يملؤون شبكات التواصل الاجتماعي بالإعلانات وتستقبلهم شاشات التلفزيون يوميًا يتحدثون عن ما يُطلقوا عليه التنمية البشرية وتطوير الذات، كل هذا جزء من الخدعة الكبيرة التي تنسّج خيوطها طبقة رأس المال، لتبقى مغيبًا ومغفلاً، فلا أحد يعمل 350 مرة ضعف أي شخص آخر ليُحقق تلك الأرباح…

سأضرب لكم مثالاً صغيرًا في دولة عظمى كبيرة هي الولايات المتحدة، زعيمة العالم الحر، قبلة الرأسمالية، هل تعلم إن 28 مليون أميركي لا يحصلون على إجازات، هذا لأنهم يعملون في أكثر من وظيفة في نفس الوقت حتى يستطيعوا تغطية مصاريفهم الأساسية، إنهم ليسوا فقط لا يحصلون على أجور كافية بل يعملون على إثراء من هم على قمة الهرم الاجتماعي طبقة الـ 1%، على الرغم إننا فعليًا نعيش في أكثر فترات التاريخ إنتاجًا نظرًا للتطور التكنولوجي الكبير الذي وصل إليه الجنس البشري، فمن المفترض أن يعمل الناس أقل وأن يحصلوا على أجور أكثر، لكن الواقع عكس المأمول، هذا هو ما نُجنيه من هذا النموذج الاقتصادي العبثي المُسّمى بالرأسمالية…

عزيزي القاريء هل علمت الآن “لماذا نحن مغفلون ؟!”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة