7 مارس، 2024 5:32 ص
Search
Close this search box.

لماذا لم يحرر الإسلام الأرقاء ؟ و متي يعتذر فقهاء المسلمين عن تعاملهم مع العبيد بوحشية ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

محمد مختار ( كاتب وباحث )

تظل قضية التعامل مع الإنسان من أكثر القضايا حساسية خاصة مع الاختلاف الكبير بين ما نزل في النصوص المقدسة من تعاليم تؤسس للمساواة وللعدل بين الناس وبين ما كتبه الفقهاء وعلماء الدين والطريقة التي فسروا بها التوجيهات القرآنية وأحاديث النبى صلى الله عليه وسلم، ومن القضايا الشائكة التي تتصل بتاريخ الفقه الإسلامي الطريقة التي تعامل بها فقهاء المسلمين مع قضية الرق والأرقاء، فعلى الرغم من أن كثير من الآيات القرآنية و النصوص النبوية الكريم حضت على عتق الأرقاء وحسن معاملتهم، إلا أن النصوص التي وضعها فقهاء المسلمين للتعامل مع هذه الفئة من البشر، والذي كان عددهم يفوق عدد الأحرار في المجتمعات الإسلامية، وما حدث هو أن فقهاء المسلمين اخترعوا فكرة استرقاق الاحرار من الأعداء أو المحاربين وهى فكرة لا أصل لها في القرآن الكريم ، بل أن ما ورد في قصة سبي هوازن هو أن النبى صلى الله عليه وسلم من على الأسرى بإطلاق سراحهم، وقبل افتداء أسري بدر مقابل تعليم 10 من المسلمين القراءة والكتابة ومحو أميتهم، وذلك على العكس من موقف فقهاء المسلمين من قضية الرق وملف الأرقاء فاعتبروهم أقل من البشر وأدرجوا قضاياهم في أبواب البيوع على اعتبار أنهم أموال مقومة وليسوا بشرا.

وتوضح بعض الروايات عمليات القتل والسلب التي كانت ترافق حركة الفتوح، فيصف خالد بن الوليد هجومه على خزاعة: “فهزمناهم وقتلناهم قتلا ذريعا ولم ندع لهم فارسا إلا قتلناه، ثم طلبنا البيوت فنهبناها، وسبينا، فلما هدأ القتال والنهب، أمرت أصحابي بجمع السبايا، لنقدم بهن على رسول الله ، وبصفة عامة فقد لقي السبي المعاملة القاسية من جيش المسلمين أحيانا، فكان يتم ختم أعناقهم، فذكر أبو مخنف عن أبيه: أن قتيبة بن مسلم بعث إلى خوارزم، فسبى منها سبيا، فختم أعناقهم، ولبس الجند ثياب السبي المحصّل من خوارزم فماتوا من البرد وسمع دوي عظيم، وبكاء شديد، من سبي قنسرين، لربطهم بالحبال بقسوة.

وعلى الرغم من ان الكنيسة اعتذرت عن تاريخها حول تجارة الرقيق إلا أن فقهاء المسلمين لا يزالون يحتفظون في نصوص كتب الفقه بنصوص وأحكام لا يمكن الدفاع عنها لأنها وضعت مشروعية للتعامل من جانب المسلمين مع الأرقاء بوحشية تجعل قتلهم عملا مباحا للسيد بل وتجعل تعذيبهم عملا مستحسنا بزعم تأديبهم.

وتزخر كتب الفقه الإسلامي بنصوص تسئ للإسلام ومن هذه النصوص ما يتضمن نصوصا شاذة لا تتفق مع الدين الإسلامي وتخالف نصوصا واضحة في القرآن الكريم وفي السنة المطهرة وفي سيرة النبى صلى الله عليه وسلم، ومن هذه النصوص التي لا تزال موجودة في كتب الفقه الإسلامي وتتضمن محتوي يستغله بعض أعداء الدين الإسلامي في وصم الإسلامي بأنه دين سادي ولا يعرف الرحمة، يقول المولى سبحانه وتعالى في كتابه العزيز : مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (المائدة 32)، ولكن على الرغم من أن هذه الاية القرآنية مؤكدة الدلالة على حرمة دماء الناس بدون تفرقة بينهم إلا أن كتب الفقه التي لا تزال تدرس حتي اليوم كان لها رأى آخر وتتضمن نصوصا داعشية تنافي العقل فضلا عن معارضتها لنصوص القرآن وتعطي لخصوم الإسلام فرصة لاتهام المسلمين بأنهم داعشيون .

جاء في كتب الفقه تحت اسم باب الجروح والقصاص والديات وتحت باب الحر يقتل العبد عمداً ، وهى كلها أبواب لا تزال تدرس لطلاب الفقه في الأزهر الشريف وباقي المؤسسات التعليمية الإسلامية بالرغم من أن الزمن تخطاها، ومنها ما جاء في المبسوط (16/13)، وبدائع الصنائع (7/235)، وحاشية ابن عابدين (5/344) وبداية المجتهد (2/398)، والذخيرة (12/258)، والزرقاني على خليل (8/131)، وجواهر الإكليل (2/272) وروضة الطالبين (10/177)، وأسنى المطالب (4/163، 165)، ومغني المحتاج (4/199)، وحاشية القليوبي على المنهاج (4/208)، وحاشية الجمل على شرح المنهج (5/170) من نصوص الفقه التي اتفق عليها فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة من أن من حق السيد قتل عبده وهو يؤدبه ولا ضمان ولا عقوبة على السيد الذي يقتل عبده في هذه الحالة لأن السيد يكون قد أهلك مالا مملوكا له بعد أن اعتبروا أن العبد هنا، وهو إنسان، مجرد مال مقوم لا ضمان له ولا عقوبة علي سيده إن قتله، ووفقا لما جاء في هذه الكتب المشار لها فإنه إذا أدب السيد عبده التأديب المشروع، فهلك، فلا ضمان عليه في قول جماهير أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة

ونصت النصوص الفقهية في هذه الكتب على أنه إن التأديب من السيد فعل مأذون فيه شرعًا لإصلاح العبد كضرب المعلم، والموت نتج من فعل مأذون فيه، والمتولد من فعل مأذون لا يعد اعتداء فلا ضمان عليه فيما تلف به كالحد، ولأنه لا يجب للعبد شيء على نفس سيده. وأنه إذا أدَّب السيد عبده تأديبًا غير مشروع، فأدى ذلك إلى تلف عضوٍ منه كما لو قطع أذنه أو أنفه أو خَرَقَ عضوًا منه، فإنه لا يقتص منه «لعدم المكافأة» واستندت هذه النصوص الشاذة إلى ما روي عن أبو عمر أنه قال الله عز وجل: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطًَا وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطًَا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ ﴾ أن هذه الآية مقصود بها الأحرار دور العبيد، فأجمع العلماء وفقا لهذه الكتب، أنه لا يدخل العبيد في هذه الآية، وإنما أراد بها الأحرار، فكذلك قوله عليه السلام: «المسلمون تتكافأ دماؤهم»، أُريد به الأحرار دون العبيد، والجمهور على ذلك.

كما روى نفس هذه النصوص عبدالرزاق في «مصنفه» كتاب العقول. باب الحر يقتل العبد عمداً (9/491) برقم (18139)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» كتاب الديات. وجاءت هذه النصوص تحت عنوان باب : ” باب الرجل يقتل عبده” ، من قال: لا يقتل به (6/369) برقم (5)، والدارقطني في «سننه» كتاب الحدود والديات وغيره (3/134) برقم (161)، والبيهقي في «سننه الكبرى» كتاب الجنايات. وهو نفس ما جاء في المغني (12/474)، والمبدع (9/50)، وكشاف القناع (6/16)، وشرح منتهى الإرادات (3/260 – 261، 305). و مغني المحتاج (4/199). و مطالب أولي النهى (6/63)، وشرح السنة للبغوي (10/178)، وعدة البروق في جمع ما في المذهب من الجموع والفروق لأبي العباس أحمد بن يحيى الونشريسي، ص(714)، و.ابن المنذر في «الإجماع» ص(114)، برقم (653)،. وابن العربي في أحكام القرآن (1/92)، وأيضا ما أورده النووي في شرح صحيح مسلم (11/158)،

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب