لا للأسرائيلية السعودية ولا لجولانيتها

لا للأسرائيلية السعودية ولا لجولانيتها

ثلاثية الأقصاء الهيغلي ـ ديمقرطية التقصيف
ذو الجنون ناجي الحازب آل فتلة البغدادي
من وراء اقصــاءه ألدين بحله وترحاله من عالم الفلسفة لم نتمكن في بادئ ألأمر من تحديد مأرب هيغل على نحو واضح.انه بلاريب إجراء تعسفي والقارئ الفطن لنصوصه يكتشف بعد فترة من الزمن من تقليب إرهاصات كهذه أن هيغل نفسه لم يدركــها وسيصل الى قناعة بكونه أثناء سيرورة الكتابة لم يكن يكتب مفكراً وإنما كان يكتب ناقلاً فيما يتعلق بالمنظومات الفكرية العميقة التي لايمكن للمرء إلا أخذها على محمل الجد.والقارئ نفسه بمـــجرد مواجهته حماقة إقصاءه الدين عن عالم الفلسفة حتى يستثبت أن هذا هو هيغل نفسه ولابـد ثمة مأرب عدواني يحفزه اليه. وفي هذا المقام لاأدري كيف يمــكن لشخص يدعي صلته بالفلسفة ويعتلج الروح بعلاقتها هذه وفي ذات ألأجل يقتطعها بـــماهيتها الموصوف هو بها والقائم بها ولها عن محيطها ألأشمل ـ الدين ملقياً به بعيداً عنها.انناسوف لن نأت بجديد حين نؤكد على أن الروح هي نتاج لتساوقات تأريخية مديدة للثقافات في حضـارات وادي الرافدين ألأقدم على وجه الأطلاق في تأريخ العالم وقد وصـلت الى ألأديان التوحيدية عبرها ولم تنفصل عن منابعها ومؤثراتها وإيحاءاتها أبداً حتى يومنا هذا. وحتى لانثير حفيظة مشايعي هيغل هنا ماعلـى الحليم إلا أن يقولنا رأيه بعالم أحياء يوصي بنقل سمكة من اليم للصحراء لتمكينها من البقاء على قيد ألحياة وهذا مافعله بالضبط بعزله ألديـن عن الفلسفة ليبقى يستنسخ الروح كما وصلته في ترجمات الفلسفة العربية ومــهما يكن الحال فأنـه نفسه وليس سواه بأدعاءه:( استطاعة القوى المسيحية بفعل محفزات الغيرة دحر المسلمين ودفعهم بأتجاه آسيــا وأفريقيا حيث وضعوا في زاويــة آلت الى إختفاء ألأســلام من تأريخ العالم (1) يحدد بنفسه مدى سطحيته الصليبية في فهم الوقائـــع وسيروراتها المتوقعة.وكما نلاحظ هنا انه وضع المسيحية كقوى منتصرة ومقابلها الأسلام مندحراً وعبر ذلك يكشف عن إصـــطفافه مع بني جلدته وهذا مالانـــأخذه عليه ولِمَ نفعل ذلك أصلاً ؟ بالمقابل ننتظر أن لايؤخذ علينا إنتصــارنا لأبناء جلدتنا وهو يُجهز عليهم:(أن ألأنسان بحد ذاته مخلوق حر ولكن ألآسيويين وألأفارقة ليسوا أحراراً لأنهم لم يتوفروا على الوعي ألذي يجـعلهم بشراً(2).بهذه الثلاثية نكتفي:إقصاء العرب فلسفياً وإقصاء العرب عسكرياً ثم إقصـــــاء العرب بعيداً عن كينونتهم ألأنسانية. ومع انه لم يتمكن من ذلك إلا في الوهم إلا ان هذه ألأقصاءات على مافيها من سطحية وبعد قرون من إعلانها يتواصلن بمجرى الأحداث المعاصرة ليكتسبن حالية في ضرورة سبر أغـــوارها ومعالجتها بالكيفية التي تضع ألأمور والقوى بمنصبـــهما الفعلي.ولاأخالني في هذا القول عصبياً الى حد أتجاهل عنده وقائعاً تجسد الأتجاهات المـختلفة في أوربا بعضها ولاريب لايجرأ على الذهاب الى ماذهب اليه هيغل بالضبط والآخر يجهلهما تماماً وثمة بين هذا وذاك والمتحكم بهما المعادي للعرب وهو الأكـثر خطورة في مجمل البنية ألأوربـية وهو المستتب والأقوى في حيثيات الصراع حرباً وسلماً وثـــمة مفردات هامشية يكاد المرء لايراها ويجب أن لايحسب لها أي حساب وفي هذا المـعتبر تتدخل الثلاثية الهيغلية بحق في مضمار إستجلاء القوى الفعلية الصانعة للثقافة والسياسة والحروب الأوربية ضد معشرالعرب حتى وقتنا الـــــــــراهن وفيما يخصها هي نفسها الثلاثية المنتحلها هو في هذا السياق فـأنها كما هو مثبت علمياً أكتشافاً معرفياً لأخوان الصفاء وخلان الوفاء :(فهكذا حكم القوة المتخيّلة إذا إجتمعت عندها آثـار هذه المحسوسات التي أدَّت إليـها القوة الحساسة دفعتها الـى القوة المفكرة التي مسكنها وسط الدماغ لتنظر فيها وترى في معانيها وتعرف حقائقها ومضارها ومنافعها ثم تؤديها الى القوة الحافظة لتحـفظها الى وقت التذكار(3) وقد استخدموها تواترياً في معظم بحوثهم العلمية وإذا وجدناها في كتابات لاحقينهم كأبـن رشــــد فبتأثير منهم غير اننا لاندري هل انتحلها هيغل منهم مباشـرة أم من نصوص كانت مترجمة لللاتينية لفلاسفة عرب آخرين.وإننا إذ نستثبت كون جميع الحروب ألأوربية منذ الحملات الصليبية ألأجرامية ضد معشرالــعرب حددتها بالدرجة ألأولى عناصر قامت عليها ثلاثـية ألأقصاء وتطورت سياقاتها عبر تفاعـــلات ارتجاعية تطورت حسب تغير ألأحوال لتغير بذلــك شروطها فأننا نخالف التركيز على اعتـبار نظرية المصالح ألأقتصادية عاملاً أساسياً لهذه الحروب أو لـفهم خلفياتها ألتأريخية وبالطبع أن عواملاً جمة تدامجت في إتون ألصراع بــين العرب والغرب الأمبريالي الذي خرج للتو من ظلامات القرون ألوسطى بمساعدة العرب أنفسهم ولولاهم لما قدر لـهذا الخروج الحدوث ان هذا الفضل من جانب العرب لم يجد صداه الطبيعي لدى الأوربيين الذين استيقظـــوا منزعجين من نومتهم القروـ وسطية الطويلة والمريحة في آن فأخذوا ينظرون على وجه الفور لهؤلاء القادمين من أصقاع بعيدة نظرة شك وريبة وتحتمـل مخاوفاً جدية من إمكانية ظهور ألأسلام حنيفاً في بلدانهم.وهذا ماكان يعمل من أجله العرب بالفعل ولكنهم كانوا في ذات الوقت ينشغلون بصراعات ومحاقات ومشاكـــل كلها عويصة على إمـــتداد دولتهم لم تكن سبباً من أسباب تراجعهم عن هذا المشروع التنويري فحسب وإنما أيضاً لتمزق هذا الدولة وتــشرذمها وفيما بعد نـــجاح الحملات الصـــــليبية في المناطق التي إستطاعت الوصول اليها.غير إن دحرها من قبلهم لم يكسبهم القوة الكــفيلة لترميم جبلاتهم ألداخلية المضعضعة لصد الهجمات المتنوعة من الداخل والخارج فكانت الدولة العثمانية الأستبدادية الفصل ألأكثر طولاً وعتــمةً من الفصول ألأستعمارية الغاية في التخلف والوحشية وهو الفصــل الذي هيأ عملياً لكافة ألأشكال الأستعمارية ألأوربــية والمتضمنة لللأجزاء الفاعلة لتنامي أواصر الوعي المجّرح في خفايا النفس العربية وكان لأحتلال أرض فلسطين والتكوين المفتعل لدولة إســـرائيل ان يجعل هذا الوعي أكثر حدة ومرارة.ضـمن تدامج القوى وتصادمها ثم تبلورها بالهيئات المترتبة على الحـــرب العالمية الثانية في علاقة بين مستعمِر ومســتَعمَر.وبقياسنا أن البحث عن العلل الجــوهرية المنتجة لهذا المستوى من العلاقة والمكرسة لأطوارها المختلفة ينبغي أن لاينجز عبر عرض الوقائع إعلانياً والركون لسطوحها بل في الذهاب عميقاً في هذه الوقائع وتشريحها رقاقةً رقاقةً لقد بـدت وحشية الحـملات الصليبية كلها وكأنها ردة فعل على سلوك إجرامي عربي حيال ألأوربيين.ومادام التأريخ بما فيه جزءه المكتوب من قبل المؤرخين ألأوربيين لم يذكر ولو حـادثة واحدة تشير ولو من بعيد لذلك أو على ألأقل توحي به فمن الأولى بنا دراسة الشواش الصـليبي بصوره الدموية الشنـيعة ودون ذلك سوف لن نتمكن من معرفة أسباب الشواشات المرتبطة به جبلوياً حتى وقتنا الحاضر وبهذه الكيفية سنتمكن من صــياغة ألأسـاليب الكفيلة بالتعامل مع الجبلات ألأوربية العدائية على نحو أفضل وبنهاية ألمطاف مع أنفسنا وهي تحاول التصدي لقوى التخريب المـــنطوية هي عليها ضدنا ويبدو في هذا ألصدد ومنذ البدء أن الجزء ألأكثر صليبية من أوربا والذي كان قد إنتشله معشر العرب المسلمين من ظلامـــات القرون الوسطى لم يحتمل الصعقة التي لحقت به حين وجد نفسه مغموراً بنورهم الذي يغذيه نور الله وهذه القضية يجب أن تؤخذ على محمــل الجد وصـولاً لأطوريه.أن هيغل بأرجاعه العوامل الدافعة للهجوم الصليبي على العرب للغيرة ويختزله في حـدودها يكشف لنا نتيجة عيانية للجبلات الأوربـية وهو لم يذهب أبعد مما تحتمله عقليته الصليبية نفسها فيبقي التفسير محصوراً في حدودها ومع ذلك نراه في جزء من مكان آخر من شـواشاته الذهنية الفاقعة يعترف بكون( الشرق عمل على تطهير نفسه من جميع المفاهيم الخاصة والمحددة في وقت ذهب الغــرب فيه نـــزولاً الى أعماق ألأشياء بأتجاه المعاصرة ففي روح الرسالة المحمدية التي أرست حكمها مكتملاً إزدهرت الى جانب ألروح ومخـــتلف الفنون والفـلسفة الى حد كبير بصرف النظر عن كونها غير متميزة.أن العرب إعتنوا بالفلسفة وأولوها رعايتهم وهم بنفس الســـرعة التي تطوروا بها في هذا المجال إستطاعوا توسيع نطاق حكمهم في الشرق والغرب وقد ساعدتهم ألعصبية على الأرتــقاء لهذا الطور وبنفس هذه الدرجة من السرعة كانوا قد إرتقوا الى درجات علمية راقـــية وتمكنوا خلال وقت قصير التفوق على الغرب في هذا المجال ولـهذا السبب نسمح لأنفسنا إدراج فلسفتهم في التأريخ الخاص بالفلسفة(4).ومايلاحظ فيما قاله إنه يأخذ على العرب بما تحتمله النزعة التعميمية المغرضة عدم توفرهم على الروية أو المشابهها.فما هو الخاص والمحدد؟ ثم ماهي هذه ألأعماق؟ إنه الهـــراء النضيج الذي يبدو من الخـارج وكأنه تفكيراً معقداً غير قابل للفهم. واننا حيث نراه يقصي الدين عن الفلسفة ثم يدخل فلسفة العرب بمعتبرها هذا في تأريــخ الفلسفة وهــي بكل اتجاهاتها كما هو معروف غرفت من الفكر الأسلامي ماجعلها تقف على قدميها يناقض نفسه ضمن هذه التدامجات مرئيةً وغير مرئيةٍ في مـحيط مســـتقرءنا هذا يغدو من السهولة بمكان تحديد الخلفية الصليبية لهيغل في كيفية التعامل مع معشر العرب بوصفها المكونة لعناصر العدوان الثقافـي حيالهم بحلهم وترحالهم وهي العناصر نفسها المعايشينها نحن الآن للتفكير الأوربي السائد عبر وضع الأسلام بمنصب العدو وهــو صورة جـديدة لأقصاءه الهيغلي عن الفلسفة بصفته العنصر الأساسي للحضارة العربية ولمجمل تساوقاتها السابقة لها وعلى هذا النحـو يتوجه هذا السلوك بقياسنا ضد الصانعها وهو طموح لألغاء التأريخ المستوعبها.وإذا لم يقيض لهذا الطموح أن يتحقق فأنه لايزال يشغله ويـقض عليه مضجعه.إن هيغل حتى في حالات تناقضه مع ذاته ظل وفياً لصليبيته والصورة هذه تنطبق تماماً على القوى السياسية والثقافية الأوربـية الحاسمة فـي صناعة الأحداث اذا مااتفقنا مع هذه الرؤيا يغدو من الغفلة بمكان الأطمئنان لهذه القوى والتعامل معها دون محاذير وتحـفظات حتى في الأوقات التي تبدو هي في صورة الوديــــعة ستعمل على محاربة العرب عندما تقتضي مصالـحها الموصولة بالعناصر الأخـرى للعدوان وتذهب معهم جانحةً للسلم إصطناعياً عندما تشترط ذات المصالح مثل هذا التعاطي.غير إنها في هذه الحالة لاتعاف ماهيتها الموصوفة هي بها ولاتغادرها قط انها بهذه الوسيلة تَكيَفها للحــــالة المشترطة مصلحياً في هذه الصورة.أن المرء يألف مثل هذا التصرف يومياً فـي العلائق المجتمعية الأوربية حيث لاينظر له نظرة ازدراء لأنه لم يخرج على التقاليد المتبعة أصلاً والأنتقال بهذه الصورة من وضع الى آخــر وإن جافاه تماماً اذا كــان الغرض منه تمرير مصالح معينة هو في العرف السائد من الأمور الطبيعية التي تلقى المديح وليست غير محـبذة كما هـو عندنا. وحسب ذلك نستثـبت أن ثمة خلافاً حاداً بين المنظومة القيمية المجبلتنا إسلامياً والنزق الميكيافيلي المتحكم بالعقلية الأوربية ومن أعراف المنطق ان نصل عــبر هذا النزق الــى استثبات التماثل بين الجبلات السياسية الأوربية والواقع الأجتماعي المتمخـضة عنه وبالتـخصيص في العلاقة بالمال ولانرانا مبالغين في تكرار كون المفاهيم الميكافيـلية هي نسخة طبق الأصل لمجمل العلاقات القائـــمة في أوربا أن الأخـلاق مـفردة تـمضغ في الأفواه بمناسبة وغير مناسبة وخاصة إذا تعلق الأمر بوضع خـارج حدود أوربا ولكـنها ليست ذات قيمة لدى الجميع اذا لم نقل انها تـهمة خطيرة ماعلى المرء إلا تجنبها.هكذا أما الخوف من الله جل وعلى وهلم جراً من المفاهــيم المنظمة للرقابة الذاتية روحياً فتكاد تكون معدومة تماما والحق لايرى إلا به هو الحق فلابد من عدم نسيان وجود بعض المفردات الأنسانية التي تحاول الأقتراب من ذاتها وتعمل بأتجاهها غير انها قليلة وتتوزع هنا وهناك بهيئات بقع باهتة في اللوحة وهي في كل الأحــــوال مغيبة على نحو كارثي وبوضعنا هيغل في هذا المحــــيط سنتمكن من فهم شواشاته على نحو أفضل : وكل إناءٍ بما فيه ينضحُ.. ولانجــد ضرورة في هذا السياق تكرار حقيقة بحثت طويلاً من قبل كتـاب عرب وإفرنجة تستخلصها كون أوربا تفتقر لموروث روحي يمكنها من الأرتـقاء لمستوى حضاري متوازن في الحد الذي يسمح به المعقول إنـــسانياً ومالم يمكن مخالفته على وجـــه الأطلاق أن النصـرانية وقد جاءت من بلاد العرب المعرفة إيانا أيضاً قد شوهتها الكنيسة القروـ وسطية الى حد الشيطنة ويكفينا نموذجها الصليبي الذي جعلها أداة للعدوان للتثبت من هذه الحــقيقة واســتقصاء سيروراتها في مجمل الحروب الأستعمارية ألأيوروـ أمريكية ضد بلاد العرب والمسلمين حيث ينبغي فهم ماأُطلق عليه الخطاب المضاد بالأزدواجية وهو توصيف في حدود المرامي السياسية التي رسمها لنفسه غاية في الدقة لأننا بمجرد وضعنا الغرب برمته فـي إطـاره التأريـخي ألأجرامي نكتشف على وجه الفور ان ماتتلبس به من شعارات حقوق الأنسان هو مجرد أكاذيب لاأكثر والأزدواجــية تـجترح هذا المعنــى بالضبط وهو يستمد دِعامَه من اعتبارحرب التقصيف الثلاثينية حـرباً صليبية وهذا ماينطبق على إمتدادها:الحصار

أواخر آيار 1996

إشارات:

1-vorlessung ueber die philosophie der geschichte,werke12,suhrkamp taschenbuch wissenschaft,frankfurt 1970,seite 434

2- vorlessung ueber die philosophie der religion,werke 16, suhrkamp taschenbuch wissenschaft,frankfurt 1969,seite 252

ـ3ـ رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء،المجلد ألثاني،دار صادرـ بيروت ، الصفحة411 ـ

4-vorlesung ueber die geschichte der philosophie,werke 19,suhrkamp taschenbuch ,frankfurt,seite514

ـ5ـ لكنه ونقصد هيغل في غياهب شواشه الذهني سرعان مايذهب على الصفحة 517 في نفس المرجع وفي المقال نفسه محدداً إياها:(انها ليست فلســـفة إنما مجرد حكايات حقيقية) بعد وصفها بالفلسفة المتوهجة والعميقة الخ من التعابير الفضفاضة التي لاتنم قط عن فهم منظوماتها المعقدة:. dreischritt von these,antithese und synthes

www.el-karamat.de

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة