17 يونيو، 2024 7:44 م
Search
Close this search box.

“لاريسا بندر”.. أحبت اللغة العربية وتولت ترجمة روائعها

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: إعداد – سماح عادل

“لاريسا بندر” مترجمة ومستشرقة ألمانية، ترجمت لمجموعة من الكتاب العرب مثل “عبد الرحمن منيف وفاضل العزاوي ويوسف زيدان وجبور الدويهي وسمر يزبك وديما ونوس وحمد عبود وغياث المدهون” وغيرهم.

دور المترجم..

في حوار معها مع DW عربية اجراه: “حسن ع. حسين” تقول “لاريسا بندر” بمناسبة تسلمها وسام الدولة الرفيع وهل كان مفاجأة لها: “طبعاً كان الخبر مفاجئاً لي، فلا أحد يتوقع مثل هذا النبأ. إنه تكريم كبير لي كمترجمة تساهم في التواصل بين الثقافات. أعتقد أن هذا التكريم ليس اعترافاً بجهدي الشخصي في المساهمة في التواصل الثقافي بين الشعوب فحسب، بل يشكل أيضاً اعترافاً بجهد كل المترجمين والمترجمات. لأنه غالباً ما يتم تغييب عمل المترجم، فهو غير مرئي وغير حاضر أمام أنظار القارئ.

فحين يتحدث المرء عن كاتب ما وعن عمله الروائي المترجم لا يلاحظ أنه لم يكتب عمله بهذه اللغة التي يقرأها، بل بلغة أخرى. في الحقيقة يُقرأ الكتاب المترجم بلغة المترجم، وهذا ما يتم تجاهله دوماً. لذلك نكافح، نحن المترجمين والمترجمات، من أجل ألا يُغيب دورنا. وأعتقد أن هذا التكريم يشكل منعطفاً كبيراً على طريق تقريب المترجمين للقراء”.

جسور الثقافة..

وعن نشاطها في الترجمة تواصل: “مجتمعياً لا أريد أن أكبر من شأن عملي كمترجمة للأدب العربي، ولكني كنت ومازلت أميل إلى الرأي الذي يقول إن الأدب في كل حال عنصر مهم جداً لفهم الآخر. وأعتقد أن قراءة رواية مترجمة من الأدب العربي أفضل من الاستماع إلى محاضرة عن العالم العربي، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالناس وبحياتهم اليومية وما يفرحهم وما يحزنهم.

نحن المترجمين للغة العربية لدينا وضع خاص، إذ يُواجه العالم العربي والعالم الإسلامي بالرفض من قبل المجتمع الألماني. طبعا لذلك أسبابه وخلفياته التاريخية. في نفس الوقت نحاول نحن المترجمين من خلال أعمالنا الأدبية المترجمة أن نلفت الانتباه إلى أننا جميعاً نتشابه في أمور كثيرة. ولهذا أعتقد أن مصطلح بناء الجسور صحيح وفي مكانه في هذا السياق. وأعتقد أن من يقرأ الروايات المترجمة يفهم العالم العربي بشكل أفضل”.

الاندماج..

وعن أهمية الترجمة الأدبية لعملية الاندماج في المجتمع الألماني: “أعتقد أن الترجمة تلعب دوراً مهماً في عملية الاندماج. فالعدد الكبير من اللاجئين العرب الذين وصلوا مؤخراً إلى ألمانيا، خصوصاً من سوريا والعراق، أظهر أن المجتمع يدخل في مواجهة مباشرة مع مواطنين من العالم العربي ومع الثقافة العربية. وهناك اختلافات في المجتمع وفي الشرائح الاجتماعية، اختلافات في التصرف والتعامل واختلافات في التفكير وفي التاريخ. وعليه يجب على الجانبين أن يتعرفا على بعضهما البعض. وهنا تلعب الأعمال الأدبية المترجمة دوراً مهماً في أن يفهم الجانب الألماني الوافد العربي بشكل جيد.

وفي حين أن الأدب الأوروبي معروف ومنتشر في العالم العربي لا يبدو أن العكس صحيح. فالأدب العربي ليس منتشراً كثيراً في أوروبا. وأعتقد أن كثرة الترجمة من العربية ستساهم حقاً، ليس في فهم المجتمع الألماني للعالم العربي فحسب، بل وفي فهم اللاجئ أو الوافد العربي أيضاً وهذا ما يسهل عملية الاندماج أيضاً.”

اللغة العربية..

وعن حكاية اهتمامها باللغة العربية ودراستها تقول: “ثمة قصة خاصة في هذا المجال أكررها دوماً. فقد تعرفت على اللغة العربية للمرة الأولى في حياتي عندما كنت في زيارة للمغرب مع والديّ. يومها كنت في الرابعة عشرة من عمري. لقد أعجبت كثيراً باللغة والثقافة العربيتين وقررت بعد ذلك أن أدرسها.

سلطة الناشر..

في حوار آخر معها أجراه “حسن الوزاني” تقول “لاريسا بندر”: “عن سلطة الناشر علي المترجم: “للأسف، ليس بإمكان المترجم، عادةً، أن يختار ما يريد أن يترجمه أو أن يحدِّد ما هو ضروري، في رأيه، أن يكون مترجَماً من اللّغة العربية، ففي معظم الحالات يعمل بتكليف من دور النشر. شخصياً، قدَّمتُ عدّة اقتراحات لدور النشر تخصّ أعمال عدد من الكاتبات والكُتَّاب العرب، والتي كنتُ أراها مهمّة، بيد أن ردود الفعل لم تكن إيجابية عموماً. هناك، فقط، روايتان عرضتهما على دور النشر، قوبلتا بردّ إيجابي، هما: «شرق المتوسط» لعبد الرحمن منيف، ورواية «القوقعة» لمصطفى خليفة. ويمكنني القول إن هذين العملين هما الوحيدان اللذان ترجمتهُما وتمت الموافقة على نشرهما حتى الآن، بناءً على طلبي.

بالطبع، هذا الكلام لا يقلِّل من شأن الأعمال الأخرى التي ترجمتها بناءً على تكليفات من دور النشر، فمعظمها أعمال مهمّة لكاتبات وكتَّاب مهمّين ومعروفين في العالم العربي.

وعن الصعوبات التي تواجه مترجم النصوص العربية: “في الدرجة الأولى، تكمن أهمّ الصعوبات في اختلاف اللّغتين؛ من حيث تركيب أو بناء الجمل. فعلى كلّ مترجم أن يفكّ الجمل، تماماً، إلى مجرَّد كلمات فردية، ثم يعيد تركيبها من جديد. وعديد من الجمل العربية تحمل، في أعماقها، عدّة إمكانات للفهم؛ فعلى المترجم أن يختار مقاربته لفهم الجملة المعنيّة، وطريقة التعبير عن معنى الجملة في لغته التي يترجم إليها، فـ«الترجمة تفسير»، أيضاً، كما يقول الفيلسوف الألماني «غادامِر».

أمّا المشكلة الثانية فتكمن في استعمال المجازات الكثيرة، وأحياناً غير المفهومة أو غير المنطقية بالنسبة إلى القارئ الألماني؛ فعلى المترجم أن يقرِّر كيف يتعامل معها”.

الاستشراق الألماني..

وعن كون الاستشراق الألماني له دور سلبيّ في بداية القرن العشرين. وعن تحوّلاته في الوقت الحاضر تقول: “يبدو أن دراسة الاستشراق الجامعية أو «العلوم الإسلامية»، في ألمانيا، قد تغيَّرت كثيراً بشكل إيجابي، ولأسباب مختلفة. ولعلّ أبرز هذه الأسباب هو أن عدد طلّاب الاستشراق، أو طلاب دراسات «لغات وثقافات العالم الإسلامي»، مثلما تسمّى الدراسة في جامعة كولونيا (كولن)، الذين لديهم خلفيات ثقافية عربية أو تركية أو إيرانية،… يزداد سنةً بعد سنة؛ ما يعني ظهورَ أساتذة ذوي خلفيات مختلفة، غير ألمانية بالضرورة، ومن ثَمَّ تغيُّر مناهج دراسة العلوم الإسلامية، وتغيّر التوجُّه الذاتي لهؤلاء الأساتذة في العقود الثلاثة أو الأربعة الأخيرة.

يضاف إلى ذلك احتكاك المستشرقين الشبّان المباشر بالمجتمعات العربية والإسلامية، وتعلُّم اللهجات المختلفة؛ بمعنى أن الاستشراق لم يعد «علماً مخبرياً» فوقيّاً، بل دراسات ميدانية مباشرة”.

وعن هجرة الأدباء العرب إلى ألمانيا تقول: “أظن أن هؤلاء الكتاب، وأيضاً الكاتبات الذين وصلوا، مؤخَّراً، إلى ألمانيا هم مثل بَنَّائي جسور بين الثقافتَيْن؛ الألمانية والعربية، وبالعكس، وحالهم حال المترجمين، سواء إذا ترجموا إلى اللّغة الألمانية أو إلى اللّغة العربية؛ فهؤلاء هم الذين يغوصون في أعماق المجتمع وأرواح الناس، ويلعبون دوراً أساسياً في فهم الآخر.”

في حوار ثالث أجراه “جورج كدر كولن”: ” تقول “لاريسا بندر” عن اهتمام دور النشر بالأدب العربي: “للأسف، أكبر مشكلة تواجه ترجمة الأدب العربي إلى اللغة الألمانية هي عدم الاهتمام به؛ فدور النشر هي من يقوم باختيار الأعمال التي ستترجم، وأنا في الحقيقة لا أختار الكتب التي أترجمها، لأن دور النشر في ألمانيا لم تعد تهتم بالنشر بالعربي.

في العشرين عاما السابقة ازداد اهتمام الدور بترجمة الأدب العربي لعدة أسباب، منها: الوضع السياسي في الدول العربية، وتأسيس جائزة “بوكر” العربية، أي من وقت الإعلان عن الفائزين بهذه الجائزة، حيث كان الإعلام الألماني مهتما بهذه الجائزة ويعلن أسماء الفائزين بها، وبسبب ذلك كانت دور النشر تسألني لتقديم كتب الفائزين، أو أن أكتب عن الجائزة أو الكتب، لكن مؤخرا حتى الإعلام لم يعد مهتما بذلك ولا يذكر ذلك إطلاقا؛ ولذلك خف العمل، ومنذ عام وأكثر لم يعد لنا أنا والكثير من المترجمين عمل في الترجمة، وليس لدي أي كتاب لأترجمه أو عقد لترجمة كتاب.

بصراحة أنا لا أعرف السبب، فقد شاركت مؤخرا في مهرجان الأدب العربي في مدينة زوريخ السويسرية، وكان هناك جمهور كبير جدا جدا، وكل الأمسيات كانت ممتلئة، وهناك مكتبة تبيع الكتب، وكان البيع جيد جدا، أي أن هناك اهتماما كبيرا من قبل القراء بالأدب العربي في أوروبا، ولكن أنا أستغرب جدا لماذا قل الاهتمام من دور النشر بهذا الشكل.

بالتأكيد العامل الاقتصادي مهم، فهم يقولون نحن مؤسسات اقتصادية ولسنا جمعيات خيرية، ويهمنا البيع والربح، ولكن الجمهور موجود، لذلك أنا حقا لا أعرف ماذا يحصل، أنا تقريبا من عشر سنوات ليس لدي عمل جيد لترجمة رواية أو كتاب، صحيح أن لدي عملا في ترجمة قصص اللاجئين ورواياتهم عن الحرب والهروب، ومؤخرا بسبب الحرب في سوريا، وهناك الكثير من الشباب المهتمين، لكن دور النشر ما زالت غير مهتمة.

نعم هناك القليل من الدعم كمنحة لدار النشر التي تريد نشر كتاب مترجم، وهناك مؤسسة ليتفون التابعة لوزارة الخارجية الألمانية لدعم مثل هذه المشاريع وتقدم المنح بهذا الخصوص، وحصلت عليها مؤخرا الشاعرة التونسية نجاة العدواني، لكن إذا قالت دور النشر أنا لا أريد هذا الكتاب لأني أخشى ألا يباع فلا أحد يستطيع عمل شيء بعدها حتى مع الدعم.

 

 

 

 

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب