8 أبريل، 2024 2:00 م
Search
Close this search box.

كمت (28): انتهى حكم الأسرة الحادية عشرة بفوضى

Facebook
Twitter
LinkedIn

 خاص: قراءة- سماح عادل

في ملف (الحضارة المصرية القديمة)، ستكون القراءة في الكتاب الثالث في (موسوعة مصر القديمة) للكاتب المصري “سليم حسن”. (موسوعة مصر القديمة) هي موسوعة تاريخية ضخمة من تأليف عالم الآثار المصري الرائد الدكتور “سليم حسن” (8 إبريل 1893 – 29 سبتمبر 1961)، الذي يعتبر ثاني عالم آثار مصري يساهم في تأسيس علم المصريات باللغة العربية بعد “أحمد كمال باشا”، وقد بدأ تأليفها بعد إحالته للمعاش وهو في السادسة والأربعين من العمر فقط نتيجة خلاف بينه وبين القصر الملكي على مجموعة قطع أثرية طالب بها الملك فاروق بعد أن أعادها الملك فؤاد لتعرض في متحف القاهرة، وهذه الموسوعة تعتبر الموسوعة الوحيدة المتكاملة في التاريخ المصري القديم التي وضعها وألفها عالم واحد بمفرده، وقد تناول فيها شرحاً دقيقاً وتحليلاً مستفيضاً عن مراحل الحضارة المصرية منذ عصور ما قبل الأسرات إلى قرب نهاية العصر البطلمي، وذلك في 16 عشر جزءاً أضيف لها في طبعة مكتبة الأسرة ضمن مهرجان القراءة للجميع عام 2000 جزأين إضافيين هما كتاب “الأدب المصري” القديم ليصبح عدد مجلدات الموسوعة 18 مجلداً.

 

حالة البلاد الزراعية والاجتماعية..

يبدو أن مدينة منف، التي يحتمل أنها كانت تسمى “ددأسوت” باسم هرم الملك ثنى، قد بقيت المركز الإداري للبلاد، وقد استولى الطيبيون على الممتلكات هناك، وقد كشفت ذلك مجموعة أوراق عثر عليها في مقابر طيبة من هذا العصر، وهذه الأوراق لها أهمية خاصة لأنها تكشف صفحة مهمة عن الحياة الأسرية والحياة الزراعية والاجتماعية في هذا العصر الغامض، وفيها تلميح عن نواحي الحياة الدينية.

كان المصري، رغم تشككه الديني في هذا العصر وتحوطه للمحافظة على قبره، ما يزال يبذل عن سخاء محافظة على بقاء روحه المادية “كا”، فيجهز القبر بكل ما يحتاج إليه، وإذا كان من الأغنياء وقف الضياع على روحه، وأقام القربان لروحه في المواسم والأعياد من ريع هذه الضياع. وكان لزاما على الكاهن أحيانا أن يسكن في مزار مقبرة المتوفي مدة من الزمن ليل نهار، ولذلك كان يضطر أن ينقل بعض أوراقه الخاصة ليقوم بدرسها وقت فراغه في المزار، وقد أسعد الحظ الأستاذ “ونلك” فعثر على بعض هذه الأوراق بعد أن مضى عليها أربعة آلاف عام، وكانت تعد من المهملات.

وقد وجد فيها أن كاهن الروح الطيبي الأصل كان يفكر في أشياء أخرى خارجة عن نطاق الأمور الدينية، التي تصورها لنا دائما مناظر بعض القبور، وأول مهملات من هذا النوع عثر عليها كان في شق طبيعي، في مغارة صغيرة بالقرب من مقبرة “حور حتب” بمقابر الدير البحري، إذ عثر على بعض الفخار كتب عليها كاهن الروح مذكرات بقطعة من الفحم، وكذلك عثر على قطع بردي كتب عليها أناشيد دينية، وعلى ظهرها كتب حساب قمح أعطي اثني عشر رجلا مختلفين، ومن بينها كذلك ورقة أخرى كتب عليها حساب قمح وشعير وبلح صرف جراية الجيش، ومن المحتمل أن هذه كانت ضرائب يجبيها كاهن روح “حور حتب” بصفته المسيطر على أوقاف القبر.

وفي مقبرة “مكترع” عثر على حزمة من روق البردي المهشم في جحر في الطريق المؤدي إلى بابا مزارة المقبرة، وعند فض هذه الأوراق وجدت أنها تحتوي على نتف من قوائم وبيانات عن ارض قد أعطاها الملك خادم الروح، وهذه بلا شك كانت الأوقاف التي منحها الملك للمقرب “مكترع”، وقد وجد مع هذه الأوراق خطاب كتب على طريقتنا المصرية الحالية التي نشهدها عند عامة الشعب في مكتباتهم، إذ نجد أن ثلث الخطاب قد خصص للموضوع الأصلي وثلثيه للتسليمات والتحيات بألفاظ منمقة، ولهذا الخطاب أهمية أثرية عظمى إذ أن صاحبه كان يبتهل فيها لآلهة منف وهراكليوبوليس، مما يدل على أنه كتب في الجهة الشمالية من القطر.

رسائل حقا نخت..

أهم من كل ما سبق الرسائل التي عثر عليها لكاهن الوزير “إبي” المسمى “حقا نخت”، وكان الوزير قد وقف على قبره ضيعة في بلدة “دديسوت” يحتمل أنها منف، وضيعة أخرى في الجنوب بالقرب من مدينة طيبة، ويظن الأستاذ “ونلك” أن “منتوحتب الثاني” قد استولى على هذه الأراضي الشمالية بعد انتصاراته على مملكة اهناسية، وقسمها بين أتباعه.

وإعطاء “حقا نخت” أراضي كان يستلزم منه أن يقوم برحلات متعددة طويلة الأمد إلى الدلتا، وكان يكتب لأسرته وخاصة ابنه، وقد عثر على هذه الرسائل ضمن المهملات. وتعد أوراق “حقا نخت” من أهم الكنوز التي عثر عليها في حفائر طيبة من عهد الأسرة الحادية عشرة، ولم يتم دراستها بعد دارسة وافية،على أن ما نعلمه منها حتى الآن يصور لنا الحياة المصرية من الناحية الزراعية والناحية الأسرية منذ أربعة آلاف سنة، ويمكننا أن نعتبرها أبسط وأصدق صورة صورها المصري بنفسه عن حياته الريفية.

والرسائل كلها في موضوع واحد عدا رسالة واحدة من ابنة لأمها، وفي نهاية الرسالة تقول الابنة لأمها بلغي سلامي إلى “جر” منحه الله الحياة والصحة والعافية، ولا تجعليه ينسى الكتابة عن أحواله، أما باقي الوثائق السبع فهي: “قطعة صغيرة وثلاث رسائل والثلاثة الباقية قوائم حسابات كاملة ويوجد بين الخطابات رسالة مختومة ومعنونة وملفوفة كما طواها كاتبها”.

الجزء المهم في خطابات “حقا نخت” هو ما جاء فيها تلميحا عن الحياة الأسرية لابنه “مرسو”، ويبدو أن “مرسو” كان غبيا بعض الشيء كما يصفه والده، ورغم ذلك كان يمكنه الاعتماد عليه في إدارة أمور بيته وحفظ نظام الأسرة، فقد كانت أسرة “حقا نخت” كبيرة مكونة من خمسة أولاد بأسرهم وحظية له وخدم، ولذلك كانت هناك اضطرابات كثيرة تحدث في البيت أثناء غيابه، وقد لمح لابنه في إحدى الرسائل أنه ليس شريكا له في أملاكه وأطفاله، وكان يهدد بأن يقصي أولاده من البيت إذا لم ينفذوا أوامره، فقد كان “حقا نخت” رجلا مشاغبا متعبا، وكانت رسائله مملوءة بالتهديدات مثل قوله: “افهم هذا واحترس جدا وكن نشيطا جدا وستكون مسئولا أمامي عن ذلك ولا تنس أن تجيب عن كل شيء كتبت لك عنه “.

آثار الملك سعنخ كارع..

قد بقى عدد محدود من الآثار الصغيرة التي تحمل اسم الملك سعنخ كار، أما معبده فكان يتألف من جدار رخيص ملتو بنى من اللبن فوق المكان الذي دفن فيه، وقد أقيم خارج هذا المعبد بيت صغير من اللبن للكاهن الحارس، ولم يوجد حول قبره سوى حفرا صغيرة اتخذت مقابر وكان لكل منها بئر مستطيلة الشكل، ولم يقم بجواره حتى فيما بعد إلا بعض مدافن مربعة الشكل في أوائل الأسرة الثامنة عشرة.

الملك نب تاوي رع منتوحتب الرابع..

الذين كافحوا للاستيلاء على العرش مدة خمسة أعوام التي تلت موت “سعنخ كارع” لم يتركوا لنا أي أثر يثبت وجودهم، إلا أن نجد ملكا يظهر لمدة قصيرة باسم “منتوحتب” وقد بقى المكان الذي يحتله هذا الملك في قائمة ملوك هذه الأسرة غامضا، إلى أن كشف الأستاذ “ونلك” عن أثر لهذا الملك وكان يسمى “نب تاوي رع”، غير نقوشه التي عثر عليها في وادي الحمامات وغيرها من الأماكن الأثرية، وهي عبارة عن إناء ونجد كما فهمنا من النقوش التي على قطعة الإناء أن الأسرة الثانية عشرة قد سبقها ملك مشكوك في شرعيته لتولى عرش البلاد، وقد تولى عرش البلاد فعلا غير أن اسمه لم يظهر في قوائم الملوك التي ألفت بعد عهده، ومن المحتمل أنه كان هناك مدعون للعرش غيره لم تصل إلينا أسماؤهم، والمختصر الذي جاء في ورقة “تورين” عن سنوات حكم ملوك الأسرة الحادية عشرة عند نهايتها هو كما ياتي:

 

مقابر أهل طيبة

مجموع الملوك ستة حكموا 136 سنة مضافا إليها سبع سنوات فيكون المجموع 143، والسبعة أعوام المضافة فكانت عهد فوضى وعبارة وعن الفترة التي تطاحن فيها “سونسرت” الولد المقدس و”نب تاوي رع” وغيرهما على تولي العرش الذي فاز به الأخير مدة وجيزة، ثم انتزعه منه “امنمحات الأول” مؤسس الأسرة الثانية عشرة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب