4 مارس، 2024 4:00 م
Search
Close this search box.

كمت (27): استمر التحنيط كطقس هام في عهد الدولة الوسطى

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

 خاص: قراءة- سماح عادل

في ملف (الحضارة المصرية القديمة)، ستكون القراءة في الكتاب الثالث في (موسوعة مصر القديمة) للكاتب المصري “سليم حسن”. (موسوعة مصر القديمة) هي موسوعة تاريخية ضخمة من تأليف عالم الآثار المصري الرائد الدكتور “سليم حسن” (8 إبريل 1893 – 29 سبتمبر 1961)، الذي يعتبر ثاني عالم آثار مصري يساهم في تأسيس علم المصريات باللغة العربية بعد “أحمد كمال باشا”، وقد بدأ تأليفها بعد إحالته للمعاش وهو في السادسة والأربعين من العمر فقط نتيجة خلاف بينه وبين القصر الملكي على مجموعة قطع أثرية طالب بها الملك فاروق بعد أن أعادها الملك فؤاد لتعرض في متحف القاهرة، وهذه الموسوعة تعتبر الموسوعة الوحيدة المتكاملة في التاريخ المصري القديم التي وضعها وألفها عالم واحد بمفرده، وقد تناول فيها شرحاً دقيقاً وتحليلاً مستفيضاً عن مراحل الحضارة المصرية منذ عصور ما قبل الأسرات إلى قرب نهاية العصر البطلمي، وذلك في 16 عشر جزءاً أضيف لها في طبعة مكتبة الأسرة ضمن مهرجان القراءة للجميع عام 2000 جزأين إضافيين هما كتاب “الأدب المصري” القديم ليصبح عدد مجلدات الموسوعة 18 مجلداً.

منتوحت الثاني موحد الأرضين..

اعترف كاتب قائمة الكرنك بالمركز الهام الذي ناله هذا الملك بوصفه ملكا على مصر كلها، ونجد اسمه في قائمة الملوك التي نقشت في مقبرة “نتري” بسقارة، فهناك نجد الملك “مينا” والملك “نب حبت رع” والملك “أحمس” يظهرون بوصفهم المؤسسين للدولة القديمة والدولة الوسطى فالدولة الحديثة على التوالي.

استمرار الحروب بين الشمال والجنوب..

كانت الحرب ماتزال مستمرة وإن كانت سائرة ببطء، تدل الآثار الباقية على أن هذا الملك كان سخيا في إنشاء مبان عدة بعد أن ملك البلاد من أقطارها، ومعظم هذه المباني كانت في الصعيد موطنه الأصلي.

المعبد الجنازي بالدير البحري..

شرع الملك “نب حبت رع” قبل توحيد الأرضين في بناء معبده الجنازي في سفح الصخور الواقعة في طيبة الغربية، وقد كان يريد أن يكون أعظم معبد قام ببنائه واحد من أسرته، غير أنه وقت فتحه للدلتا والاستيلاء عليها لم يكن أقام في بناء هذا المعبد إلا جدارا عظيما أمام ردهته، وشيد ستة محاريب فوق المقابر الست التي نحتت لنسائه، ولكنه بعد فتح الدلتا أحدث تغييرات في تصميم هذا المعبد.

التحنيط في هذا العصر..

كشفت محتويات بعض مقابر هذا العصر عن ناحية هامة في عادات الدفن والمراسيم الجنازية بقيت مستعملة طوال التاريخ التالي، وذلك أن الحفائر في الدير البحري من عهد الأسرة الحادية عشرة تدل على اهتمامهم بالتحنيط، فقد عثر على حجرة تحنيط الوزير “ابي” مختومة لم تمس بعد، وتقع بالقرب من قبره، وقد بقى أشياء تعد فريدة فلقد جهز هذا الوزير هذه الحجرة بكل سخاء، من منسوجات وعقاقير وزيوت عطرية ونشارة وأوان من الفخار، تفوق ما يحتاج إليه عادة تحنيط الجسم، وقد استحضر كل ذلك في هذه الحجرة استعدادا لليوم الذي سيحنط فيه.

كما وجدت مغسلة من الخشب طولها سبع أقدام وعرضها أربع أقدام وهي في شكلها تشبه المشرحة الحديثة، وقد حليت أركانها الأربعة بتعاويذ أربع تمثل كل منها علامة الحياة، كما وجدت في هذه الحجرة آلة سحرية لم يعرف العلماء طبيعتها بعد، ويعتقد أنها ذات مفعول سحري عظيم، وبعد تحنيط جثة “ابي” وتكفينها يجمع كل ما لامسها اعتقادا منهم بأن استيلاء العدو على شيء من ذلك، وإن كان شعرة من رأسها، يعتبر سلاحا سحريا يؤذي المتوفي، من أجل ذلك كانت كل الخرق القذرة والفخار المهشم وما تبقى من الأملاح والخشب وعلامة الحياة والآلة السحرية تجمع كلها وتوضع في 67 جرة كبيرة، ثم تختم وتوضع في حجرة تحنيط الوزير.

وتدل الظواهر على أنه كان لزاما على القائمين بهذه العملية أن يحضروا هذه المواد على أربع دفعات من الحاضرة إلى المقبرة، إذ وجد 18 حبلا لحمل هذه الجرار، وذلك يقتضي قطع المسافة على أربع مرات، وكان يعتقد أن ما يعسر على المحنط القيام به يستطيع الكهنة أن يحققوه بما لديهم من تعاويذ سحرية، فمثلا كان يمكن الساحر في هذا العصر أن يصنع مومية سحرية من الشمع ويقرأ عليها تعاويذ خاصة، فتنقلب إلى الصورة الحقيقية التي تمثلها، وبذلك يمكن أن تحل محل الجسم إذا كان قد هشم رغم الاحتياطات التي أخذت لحفظه، وقد عثر فعلا على مومية من الشمع موضوعه في صندوق صغير من الخشب لرجل يدعى “سيوه”، عاش في زمن الأسرة الحادية عشرة، وقد عثر على هذا التابوت الصغير في ردهة معبد الملك “منتوحتب”.

ويجب لفت النظر إلى أن هذه التماثيل الصغيرة المصنوعة من الشمع هي السابقة لتماثيل المجاوبين التي انتشرت فيما بعد، مع فارق هو أن الأولى كانت تصنع لتمثل المتوفي نفسه، أما الثانية فكانت تمثل خدامه الذين كانوا يقومون بالعمل المفروض على الشريف الإله “أوزير” في عالم الآخرة، ولذلك سمي كل منهما مجاوبا لأنه يحل محل سيده في القيام بما فرض عليه من الأعمال التي تحتاج إلى عناء ومتاعب جثمانية.

أما القربان التي كانت توضع في المقابر فكانت تحتوي على رؤوس وأفخاذ وضلوع من لحم البقر، وكذلك كانت توضع في المقبرة نماذج للنساء الحاملات للقربان، آتيات بالمؤن في سلات، كما كان يوضع أيضا مجازر ومخابز حيث كان يجهز القربان، كما كانت تعد نماذج قوارب ليقوم المتوفي بسياحاته حتى لا تحبس الروح في القبر طويلا.

ولأن طيبيو هذا العصر قوما مارسوا الحروب نحو قرن من الزمان فقد وجد في معظم مدافنهم القوس والسهم الطويلان، وكانت الكنانة مصنوعة على هيئة اسطوانة من الخشب الخفيف المغطى بالجلد، وكذلك عثر على سيور القوس وهي مصنوعة من الأمعاء المفتولة وكانت توجد عادة ملفوفة مهيئة للاستعمال، كما عثر على نماذج آلات وأزميل حقيقي تركه حجار خطأ، وعثر على أداة مصنوعة من الحبال ذات ناحيتين، توضع على جانبي الحمار، ومن الأدوات الخاصة بالرجال التي عثر عليها في هذه المقابر هي المحبرة والورق، وكذلك جعارين نادرة وأشكال أخرى للأختام.

أما أدوات النساء فقد عثر على صاجات على هيئة العصا السحرية نحتت من أسنان فرس البحر، وعلى حيوانات خرافية لتطرد الشيطان الذين جبلوا على مهاجمة الأطفال. وكان كل من النساء والرجل والأطفال أحيانا في حاجة إلى النعال المصنوعة من الجلد، أو نماذج نعال مصنوعة من الخشب، ومن الأشياء التي وجدت أيضا المرايا التي كانت في العادة دون مقبض، ونماذج جعب المرايا وصناديق للزينة والعطور وأواني الكحل، وسلات صغيرة ليوضع فيها كل ما كان المتوفي في حاجة إليه، وكذلك وسادات الرأس أو سرير عليه وسادته، وأدوات الكاتب وقد رسم عليها صور خشنة للحفار، وأخشاب عطرية كانت تطحن لتكون عطورا ومناشف كتان ورقع لعب.

الملك سعنخ كارع – منتوحتب الثالث..

عاش الأمير “انتف” بكر أولاد “نب حبت رع” حتى جاوز سن الكهولة ثم توفى قبل والده، وذلك آل الملك لأخ له يدعى “منتوحتب”، وقد اشترك “منتوحتب” في الحروب والغزوات التي شنها والده على ملوك “هيراكليوبوليس” إذ نشاهده في منظر من مناظر معبد الدير البحري مرسوما خلف والده مباشرة بملابسه الحربية، وبعد وفاة والده تقلد الألقاب المعتادة وأسلوب الملك، مسميا نفسه “حور سعنخ تاوي اف” الذي يجعل أرضيه تحييان، وصاحب الالهتين “سعنخ تاوي اف” و حور الذهبي “حتب” السلام ملك الوجه القبلي والبحري.

وفي ورقة “تورين” كتب عنه أنه حكم 12 عاما وكانت أعوام سلام وهدوء، إذ كان قد انقضى على السنين الأولى الطافحة بالعصيان والثورات من حكم “نب حبت رع” جيل، وخلفها عهد استقرار تمتع به ابنه الملك الذي تسلم الحكم وهو في الخمسين من عمره.

أقام هذا الملك معبدا في “الفنتين” بقى منه قطعة حجر جيري، نقش عليه منظر يرى فيه مادا صولجانه ليقدم قربانا لبعض الآلهة، وكانت في غاية الإتقان . كما أقام بعض المباني في “ارمنت” ومن أهم أعمال هذا الملك استغلاله محاجر وادي الحمامات، وتمهيد الطريق من قفط إلى البحر الأحمر لتسهيل طرق التجارة بين مصر وبلاد بنت، وقد كانت محاجر وادي الحمامات معروفة للمصريين منذ الدولة القديمة، غير أنها لم تستغل بطرق منظمة إلا في عهد الأسرة الحادية عشرة.

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب