7 مارس، 2024 3:10 م
Search
Close this search box.

كمت (26): الدولة الوسطى وحكام طيبة الذين تسيدوا

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

 خاص: قراءة- سماح عادل

في ملف (الحضارة المصرية القديمة)، ستكون القراءة في الكتاب الثالث في (موسوعة مصر القديمة) للكاتب المصري “سليم حسن”. (موسوعة مصر القديمة) هي موسوعة تاريخية ضخمة من تأليف عالم الآثار المصري الرائد الدكتور “سليم حسن” (8 إبريل 1893 – 29 سبتمبر 1961)، الذي يعتبر ثاني عالم آثار مصري يساهم في تأسيس علم المصريات باللغة العربية بعد “أحمد كمال باشا”، وقد بدأ تأليفها بعد إحالته للمعاش وهو في السادسة والأربعين من العمر فقط نتيجة خلاف بينه وبين القصر الملكي على مجموعة قطع أثرية طالب بها الملك فاروق بعد أن أعادها الملك فؤاد لتعرض في متحف القاهرة، وهذه الموسوعة تعتبر الموسوعة الوحيدة المتكاملة في التاريخ المصري القديم التي وضعها وألفها عالم واحد بمفرده، وقد تناول فيها شرحاً دقيقاً وتحليلاً مستفيضاً عن مراحل الحضارة المصرية منذ عصور ما قبل الأسرات إلى قرب نهاية العصر البطلمي، وذلك في 16 عشر جزءاً أضيف لها في طبعة مكتبة الأسرة ضمن مهرجان القراءة للجميع عام 2000 جزأين إضافيين هما كتاب “الأدب المصري” القديم ليصبح عدد مجلدات الموسوعة 18 مجلداً.

الدولة الوسطى..

الأسرة الحادية عشرة..

في العهد الذي نجحت فيه أسرة “هراكليوبوليس” اهانسية في اغتصاب السلطة من آخر ملوك “منف” الضعفاء كانت هناك أسرة أخرى في الصعيد تنمو في مقاطعتها التي كان يطلق عليها اسم “واست” الأقصر الحالية، وهي المقاطعة الرابعة من مقاطعات الوجه القبلي وكانت هذه المقاطعة تضم مدنا صغيرة.

وقد انتهت الدولة القديمة حسب الرواية التي يرويها مؤلف ورقة “تورين” في عام 2242 ق.م وهو تاريخ بداية الدولة الوسطى، وحدث ذلك نتيجة للثورة التي قام بها الملك “مري أب رع خيتي” فرعون “هيراكليوبوليس” مؤسس الأسرة التاسعة وموحد مصر حتى الشلال.

أصل ملوك الأسرة الحادية عشرة..

وحوالي منتصف القرن الثاني والعشرين قبل الميلاد رزقت امرأة تدعى “اكوي” ابنا اسمه “أنتف”، ومن هذا الطفل نسل كل أمراء طيبة الذين أصبح منهم فيما بعد ملوك مصر في عهد الأسرة الحادية عشرة، ولم يعثر على آثار عنه إلا لوحه لحارس باب يدعى “ماعت”، وقد دعا “ماعت” في نقوش لوحته بصلوات جنازية من أجل “أنتف عا” ابن “اكوي” قائلا: “ليته يهديني قربانا في الجبانة بقدر ما أحتاج إليه كل يوم من مأكل” وهذه اللوحة محفوظة في متحف مترو بوليتان بأمريكا.

وبعد مرور قرن على تاريخ هذه اللوحة هناك “سونسرت الأول” الذي أهدى تمثالا صغيرا من الجرانيت على هيئة رجل جالس متربع على الأرض وذراعاه موضوعتان على صدره بخشوع، وقد نقش اسم صاحب التمثال في بردية محفورة على حجرة جاء فيها: “عملة الوجه القبلي والبحري خبر كا رع بمثابة أثر لوالده الأمير انتف عا قربانا ملكيا يقدم من خبز وجعه ونبيذ وألف من البقر والأوز وألف من أواني المرمر وألف من الملابس والبخور إلى المحترم عند آمون رب عروش الأرضين الأمير الوراثي انتف عا الذي وضعته أمه اكوي”.

أسرة انتف..

وتدل كل الشواهد على أن جد سلالة أمراء طيبة وهم الذين أصبحوا فيما بعد ملوكا فيها كان يسمى “انتف”، وكان أميرا معروفا لدرجة أن “تحتمس الثالث” الذي خلفه على عرش مصر بعد 800 عام بنى في معبده بالكرنك قاعة خاصة لأجداده، ونقش أسماؤهم عليها وكان أول اسم نقشه على جدرانها للأسرة الحادية عشرة هو الحاكم والأمير الوراثي “انتف”.

سهر تاوي انتف..

ويبدو أنه جاء بعد انتف مؤسس الأسرة انتف آخر كان يحكم المقاطعة الطيبية، وقد روت لنا الأجيال التالية لحكمه أن اسمه “حور سهرتاوي” أي حور مهديء الأرضين ابن الشمس انتف من غير لقب خاص، ويعتبر “سهر تاوي انتف” في نظر التاريخ الأمير الأول من الأمراء الستة الذين تتألف منهم الأسرة الحادية عشرة، وهم الذين حكموا نصف البلاد قبل مجيء الأسرة الثانية عشرة بما يقرب ب143 سنة  أي نحو 2143ق.م إلى سنة 2000 ق.م، وقد كان أول حاكم طيبي كتب اسمه داخل طغراء بل أنه بدا مناهضا للملك الذي يحكم البلاد في “اهناسية” و”منف” في تلك الفترة، ولقد أفلح هذا العصيان قبل وفاة “سهر تاوي بثلاث أو أربع سنوات.

واح عنخ انتف..

لما توفى “سهر تاوي” تولى بعده على طيبة والمقاطعات الأربع الأخرى المؤلفة للوجه القبلي فتى بقى يحكم حوالي نصف قرن وتولى قيادة ملكه حوالي 2140 ق.م، وقد تسمى باسم “حو واح عنخ حور” مثبت في الحياة انتف العظيم، وكان أحد أبناء “سهر تاوي”، ومن المؤسف أن هذا الأمير العظيم “واح عنخ انتف” لم يبق لنا منه إلا لوحه واحدة نقش عليها نقش هام، ولم يبق منها إلا الجزء الأسفل من نقوشها، وقد عثر عليها “مريت” عام 1860 ولكنه تركها في مكانها وقد هشمت والنقوش التي على هذه اللوحة تنقسم قسمين: جزء سياسي محض والآخر ديني، ففي الجزء السياسي يقول “حور واح عنخ” كيف سقطت منطقة طينة في يده وكيف خرب تخومها الشمالية.

نخت نب تب نفر انتف..

تولى الحكم انتف الثالث بعد وفاة والده، ولابد أنه كان متقدما في السن لأن والده حكم البلاد خمسين سنة وقد حكم هو ثلاث سنوات.

سعنخ أب تاوي منتوحتب..

وهو بكر أولاد انتف الثالث وحكم 18 عاما مليئة بالمتاعب والحروب.

نب حبت رع منتوحتب الثاني..

حكم 51 عاما.

توحيد البلاد..

لا يعرف العلماء شيء عن الحروب التي أدت إلى القضاء الأخير على سلطان ملوك “هيراكيلوبوليس” بعد مضي 180 سنة من بداية استلامهم عرش البلاد.

نهاية الحروب بين هيراكليوبوليس وطيبة..

وتدل قرائن الأحوال على أن ختام الحروب بين طيبة وهيراكليوبوليس كانت السنة التاسعة من حكم “نب حبت رع” أي سنة 2061 ق.م، وكانت قد حلت وقد دامت هذه الحرب مدة طويلة بين الجنود، وكان معظم الجنود في ذلك الوقت يحملون قوسا بسيطا طويلا أما القوس المركب فقد جلبه الهكسوس معهم، ومع هذا القوس كان الجندي يسلح بقبضة من السهام لأن الكنانة كانت غير عادية بشكل مدهش، وكان بعض الجنود يتسلح لحماية نفسه بدروع ضخمة من جلد الثور، وينتخب الجلد ذا شعر كثيف بقدر ما تجود به الطبيعة.

وليس هناك معلومات صريحة عن سير القتال منذ أن استطاع أمراء طيبة ضم مقاطعة طينة إلى ملكهم، ولذلك لا نعلم شيئا على وجه التحقيق قبل الهجوم العام الذي قام به “منتوحتب الثاني” وهو الهجوم الذي أدى إلى توحيد البلاد كلها وجعلها تحت سلطانه، اللهم إلا حادثا واحدا هو الثورة التي قام بها أهل طيبة في السنة الرابعة عشرة من حكم “منتوحتب الأول”، ولكن من جهة أخرى لدينا شواهد غير مباشرة تشير إلى الحالة التعسة التي سادت البلاد خلال تلك الفترة،  مما يؤكد ما جاء في الوثائق التاريخية النادرة الخاصة بهذا العهد.

ومن بين هذا مصادر تنحصر في لوحات كانت تهدى للجنود بعد وفاتهم فتنصب على قبورهم، لتكون تذكارا لما قاموا به في سبيل الدفاع عن مملكتهم الجنوبية، وهو ذلك الدفاع الذي أدى إلى تغلب أمراء طيبة على ملوك “هيراكليوبوليس” واعتلائهم عرش البلاد كلها، وهذه اللوحات وجدت مبعثرة في المتاحف الأوربية وقد جمعها الأستاذ “فنديه”، وأظهر مالها من قيمة تاريخية حربية هامة في هذه الفترة من تاريخ البلاد الغامض، وعدد هذه اللوحات 12 لوحة يرجع تاريخ معظمها إلى ما قبل حكم “منتوحتب الثاني”، ولابد أن الكثير منها يرجع إلى عهد “انتف واح عنخ”، ومعظم هذه اللوحات مصدرها مدينة نقاده أو مدينة الجبلين، وهما مدينتان تقعان في شمالي وجنوبي طيبة على التوالي.

للأسف لا توجد تفاصيل ثمينة عن الحياة الحربية في تلك الفترة لأن المصري كان يعتبر أن مثل هذه التفاصيل لا قيمة لها عنده، لأنها شيء عادي رتيب لا يحتاج إلى شرح أو تفصيل، وعلى أية حال فإن فحص هذه اللوحات قد وضع أمام العلماء صفحة جديدة في تاريخ الحياة الحربية في هذا العصر، إذ صورت الجندي في ملابسه وأسلحته، وكذلك الكلاب والدور الذي تلعبه في ساحة القتال، هذا فضلا عن العلاقات الأسرية التي كانت تربط بين أفراد الأسرة وما يكنه كل منهم للآخر من الألفة والمحبة التي تجلت بكل معانيها في مناظر تلك اللوحات.

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب