14 نوفمبر، 2024 1:29 م
Search
Close this search box.

“كمال الجزولي”.. شاعر ومن أبرز خبراء القانون في السودان

“كمال الجزولي”.. شاعر ومن أبرز خبراء القانون في السودان

خاص: إعداد- سماح عادل

“كمال الجزولي” محامي وكاتب سوداني من أبرز الخبراء القانونيين السودانيين المعاصرين.

حياته..

“كمال الدين عوض الجزولي دياب”، من مواليد 15 أبريل 1947 في حفرة كلودو بأم درمان،
حصل علي ماجستير القانون بتخصص في القانون الدولي العام من كلية القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة كييف بأوكرانيا، 1973، ودبلوم الترجمة من نفس الجامعة 1973.
السكرتير العام المنتخب لاتحاد الكتاب السودانيين، فترة الميلاد الأول (1985 ـ 1989)، وخلال الدورة الأولى للميلاد الثاني (2006 ـ 2007)، وعضو مؤسس بالمنظمة السودانية لحقوق الإنسان. كذلك هو عضو مؤسس بجامعة أم درمان الأهلية، وعضو مؤسس بالمرصد السوداني لحقوق الإنسان، وعضو اتحاد المحامين السودانيين، وعضو شرف بـمنظمة القلم العالمية للدفاع عن الكتاب المضطهدين.
تعرض “كمال الجزولي” للسجن والملاحقة من قبل نظامي نميري وعمر البشير، وعرف بانتمائه للحزب الشيوعي السوداني، وشارك بتكليف من حكومة السودان الانتقاليَّة (1985 ـ 1986)، في هيئة الاتهام ضد اللواء عمر محمد الطيب، النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس جهاز الأمن خلال حقبة نميري، بالإضافة إلى عدد من ضباط الجهاز، وتولى الدفاع طوعاً عن أغلب متهمي الرأي والضمير خلال نظامي نميري والبشير.

الشعر..

صدر له مجموعات شعرية مطبوعة منها (القصيدة الجبلية) عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق، 1993، و(عزيف الريح خلف بوابة صدئة)، دار الأشقاء بالخرطوم، 2000، و(أم درمان تأتى في قطار الثامنة، الأعمال الشعرية غير الكاملة)، دار العلوم ودار تراث بالقاهرة، 2004م، و(طبلان وإحدى وعشرون طلقة لـ 19 يوليو)، دار مدارك بالخرطوم، 2008. كما ترجمت العديد من قصائده إلى الإنجليزية والروسية والأوكرانية.
كما صدر له من الدراسات والبحوث: (الشيوعيون السودانيون والديموقراطية)، دار عزة بالخرطوم، 2003، و(الحقيقة في دارفور)، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، 2006، و(النزاع بين حكومة السودان والمحكمة الجنائية الدولية)، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، 2006، و(الآخر)، دار العلوم ودار تراث بالقاهرة، 2006، و(أبو ذكرى: نهاية العالم خلف النافذة)، دار العلوم ودار تراث بالقاهرة، 2006، و(إنتليجينسيا نبات الظل)، دار مدارك، القاهرة، 2008، و(كتاب الرزنامة الأول: 2007 ـ 2008)، دار مدارك، القاهرة، 2009، و(عتود الدولة: ثوابت الدين أم متحركات التدين؟!)، دار مدارك، القاهرة، 2010، بالإضافة إلى مئات البحوث والدراسات والمقالات في الأدب والقانون والتاريخ والفكر السياسي والاجتماعي، منشورة في عدد من الدوريات المتخصصة والمجلات والصحف الورقية والاليكترونية داخل وخارج السودان.

الصِراع الاجتماعِي..

في مقالة بعنوان (أجراس فكريَة: الصِراع الاجتِماعِي وَالتَكوِينَات الهويوِيَّة فِي السودَان!)
كتب “كمال الجزولي”: “(1)
يتَصل مفهوم «الهويَة»، اتِصالا وثيقا، بمفهوم «الثَقافة» التي تعتبر المحدِد الرَئيس لها، إذ أن الأخيرة، من الزاوية النظريَة لفلسفة التَاريخ، وعلم النفس الاجتماعي، هي جماع السلوك العام، أمَا من النَاحية العمليَة فهي جماع صور الإبداع المكتوب، والمرئي، والمسموع، لدى الأمّة المعيَنة المنحدرة من عنصر إثني معيَن.
وفي بلادنا تنتسب غالبيَّة الجّماعة المستعربة المسلمة، بثقلها الاقتصادي السِّياسي والاجتماعي الثَّقافي، إلى العنصر النوبىِّ المنتشر على امتداد الرقعة الجغرافية من أقاصى الشَّمال إلى مثلث الوسط الذَّهبي «الخرطوم ـ كوستي ـ سنار»، وهو العنصر الذي ينتمي إليه غالب من باتوا يُعرفون، اليوم، بـ «الجَّلابة»، أو الطبقات والشَّرائح الاجتماعية التي تمكنت، منذ خمسة قرون، من تركيز الجزء الأكبر من الثروة في أيديها (ساندرا هيل ـ ضمن ب. ودوارد، 2002م)، والتي تَشكَلَ في رحمها، تاريخيَاً، التَيَار «السلطوي» المستعلي على مساكنيه في الوطن بالعِرق «المستعرب»، ودين وثقافة «الإسلام»، بالإضافة إلى اللغة «العربيَة»، بطبيعة الحال.
فعلى الرغم من الأصول النوبيَّة لأغلب المنتمين لهذه القوى الاجتماعيَّة، إلا أنهم لم يعودوا يستبطنون الوعي بهذه «الهويَة» التي استحالت هي نفسها إلى «هامش»، وإنما يزعمون تشكلهم كنموذج «قومي» محدَد، ثقافيَاً، بالإسلام والعروبة. بعبارة أخرى، فإن المشكلة لا تكمن في مجرَّد هذه السَّيرورة «الهُويويَّة»، بقدر ما تكمن في الأسلوب القامع الذي اتَّبعته هذه القوى الاجتماعيَّة في الاستعلاء، باستعرابها وتأسلمها، على كلِ من أضحت تتوهَم أنهم دونها، ضربة لازب، من سائر أهل «الهُويَّات» الأخرى، أعراقاً، وأديان، وثقافاتٍ، ولغات”.

الهوية القديمة..

ويضيف عن الهوية القديمة: “لقد ذوت «الهويَة» القديمة، إلى حدٍ بعيد، في وجدان تلك القوى، ولم يعد لـ «نوبيَتها» أي معنى، ومع ذلك انطلقت تقدِم نفسها كنموذج «قومي»، وثقافتها كثقافة «قوميَة»، على أساس ارتكاز هذه «القوميَة» إلى اللغة و«الثَقافة» العربيَتين، والدين الإسلامي، دون أن تستوفى أشراط تشكلها كنموذج كلىٍ يعبِر عن مجموع «الثَقافات» السودانيَة، أو يعكس منظومة «تنوعها»، فما تزال تعبِر، فحسب، عن محض «إدراك وفهم نيلي شمالي لهذه الهويَة السودانيَة الصَاعدة» (دورنبوس، في بارنت وكريم ـ ضمن المصدر).
وإذن، فقد شكَّلت مراكمة الثَروة في أيدي هؤلاء «الجلابة» الخلفيَة التَاريخية لنشأة تيَار الاستعلاء السلطوي وسطهم، وتمكينه من فرض نمط تدينه والمستوى الذي يناسبه من الثَقافة واللغة العربيَتين. ولأنه ليس من أهداف هذه الورقة، بل ليس في وسعها تتبع السَيرورة التَاريخيَة التَفصيليَة الطويلة لرأسماليَة المستعربين المسلمين الطفيليَة الراهنة، فإننا نكتفي بالإشارة هنا إلى أهمِّ محطاتها، كالدفعة الكبيرة التي تلقَّتها، مثلاً، من الإدارة البريطانيَّة (1898 ـ 1955)، عندما احتاجت هذه الأخيرة إلى «مؤسَسة سودانيَة» تدعمها، فاصطنعتها من الكتل الاجتماعيَة الآتية:
الأولى: شريحة كبار التِّجار الذين مكَّنتهم خدمتهم، وقتها، لرأس المال الأجنبي في السُّوق المحلي من مراكمة ثروات أعادوا استثمارها، بعد الاستقلال السِّياسي، في تجارة الاستيراد والتَّصدير، أو في بعض الصِّناعات التَّحويليَّة الخفيفة (ت. نبلوك، 1990م)، قبل أن يتفرَّغوا نهائيَّاً، منذ أواخر سبعينات القرن الماضي، للمضاربة في أسواق العقارات والعملات .. الخ،
الثَّانية: الأرستقراطيَّة القبليَّة والطائفيَّة التي جرى تمكينها من الأراضي والثَّروات.
الثَّالثة: الشَّرائح العُليا من بواكير خريجي «الكليَّة» الذين لعبت دخولهم العالية دوراً مهمَّاً في تشكيل نزعاتهم المحافظة (نفسه)”.

الأهمية التاريخية..

ويواصل عن الأهمية التاريخية لتكوين الجماعة المستعربة: “(2)
غير أن ما يهمُّنا إبرازه، هنا، بوجه خاص، هو الأهميَّة التَّاريخيَّة التي يكتسيها التَّكوين الأوَّلىُّ الباكر للفئات والشَّرائح الاجتماعيَّة العليا، المنتمية، بالأساس، إلى الجَّماعة المستعربة المسلمة، والأوضاع الاقتصاديَّة السِّياسيَّة والاجتماعيَّة الثَّقافيَّة التي تشكَّلت في عقابيل انهيار الممالك المسيحيَّة، وتأسيس «مملكة سنار»، على النَّحو الآتي:
جرى ذلك التَّكوين، وما ترتَّب عليه من أوضاع، في ملابسات النَّشأة الأولى لنظام التِّجارة البسيط، على نمط التَّشكيلة ما قبل الرَّأسماليَّة، منذ مطلع القرن السَّادس عشر (ك. بولانى ـ ضمن المصدر)، وازدهار التِّجارة الخارجيَّة تحت إشراف ورعاية السَّلاطين، على غرار قوافل التِّجارة الموسميَّة في مكة مع بدايات الانقسام الطبقي، واكتمال انحلال النِّظام البُدائي خلال القرنين الخامس والسَّادس الميلاديَّين (بيلاييف، 1973م) ، وإلى ذلك اندغام مختلف شرائح التجار، والموظفين، والفقهاء، وقضاة الشرع «أهل العلم الظاهري»، أو الطبقة الوسطى قيد التَّكوين، آنذاك، في إطار «السُّلطة الزَّمنيَّة»، من باب الدعم الذي كانوا يقدمونه للطبقة الأرستقراطيَّة العليا من السَّلاطين، والملوك، وحكَّام الأقاليم، وما كانوا يجنونه من امتيازات تحلُّقهم حول مركز السًّلطة، وما كانوا يحصلون عليه، ويعيدون استثماره تجاريَّاً من أنصبة صغيرة من الذَّهب والرَّقيق وخلافه (أوفاهي وسبولدنق والكرسني والبشرى ـ ضمن ت. نبلوك، 1990).
ولكون المراكمة، بطبيعتها، عمليَّة بطيئة لا تكاد نتائجها تستبين إلا وفق القوانين العامَّة لحركة التطوُّر، فقد أمكن، فقط مع خواتيم القرن السَّابع عشر ومطالع القرن الثَّامن عشر، أن يفضي التَّراكم الكمِّى لتناقضات المصالح المتباينة، بين مختلف شرائح التِّجار، إلى تغيُّر كيفي في النِّظام التِّجاري نفسه، مِمَّا أفضى، في المدى الطويل، إلى تفكُّك وانحلال الدَّولة السِّناريَّة ذاتها خلال العقدين الأوَّلين من القرن التَّاسع عشر. ومن أبرز عوامل ذلك تراجع دور السَّلاطين في ذلك النِّظام خلال القرن الثَّامن عشر، نتيجة تشجيع التِّجار الأجانب لصغار التِّجار المحليِّين على اقتحام التِّجارة الخارجيَّة، والتَّعامل بالعملات الأجنبيَّة، كالدولار الأسباني، للانعتاق من الذَّيليَّة لتجارة السُّلطان، وتحكُّمه المطلق في الأسعار عن طريق تحكُّمه في كمِّيَّات الذَّهب التي تصل الأسواق، وانحلال قبضة السَّلاطين، نتيجة ذلك، على أراضى السَّلطنة بحلول نظام الملكيَّة الخاصَّة للأراضي محلَّ ملكيَّة الدَّولة، فحازها التِّجار الأثرياء وأصحاب النُّفوذ، وجرى تكبيل الرُّعاة، والمزارعين العبيد، وأنصاف العبيد، بالمزيد من علاقات الإنتاج العبوديَّة والإقطاعية المتداخلة (ت. نبلوك، 1990م).
إضافة إلى تعمُّق التَّناقض بين عجز السُّلطة السِّياسيَّة المفكَّكة، وبين النُّموِّ المتسارع للنَّشاط التِّجاري، مع تزايد حاجته إلى قوَّة مركزيَّة تفرض الأمن، والاستقرار، والسُّوق الموحَّدة، والحدود الجُّغرافيَّة، وتحدُّ من عوائق النِّظام الضَّريبي المتعدِّد بتعدُّد الأنظمة السِّياسيَّة في الأقاليم (القدال، 2002). ثم جاء من فوق ذلك كله تفاقم الحركات الانفصاليَّة، ضغثاً على إبالة، في أجواء انقسامات السُّلطة، وصراعات أجنحتها، مِمَّا نجم عنه انسلاخ مناطق بأكملها، كمنطقة الشَّايقيَّة، عن المملكة (ت. نبلوك، 1990)، ودعوة مناطق أخرى لمحمد علي باشا للتَّدخُّل (القدال، 2002)”.

قوي الإنتاج البدوي..

ويكمل عن قوي الإنتاج البدوي: “بالمقابل، كانت هناك قوى الإنتاج البدوي في قاع المجتمع، المُكوَّنة من الرَّقيق، ورعاة الإبل والماشية، وحِرَفيىِّ الإنتاج السِّلعي الصَّغير في القرى، ومزارعي الأراضي المطريَّة والري الصناعي، الرازحين بين مطرقة السيطرة المطلقة للسُّلطان، وسندان النُّفوذ الاقتصادي للتِّجار، بنظام «الشِّيل» حيناً، وحيناً آخر بنظامي «السُّخرة» أو «المشاركة» في الإنتاج، بحسب الحال، نتيجة لاستحواذ التِّجار الأثرياء، وذوي النُّفوذ على الأراضي في مرحلة لاحقة من صراع المصالح، كما سلفت الإشارة. وتنتسب إلى قاع المجتمع هذا، بالأساس، قبائل الجَّنوب، وجبال النُّوبا، والفونج بجنوب النِّيل الأزرق، وقبائل النِّيل الأبيض، مِمَّن اعتبروا مورداً رئيساً للرَّقيق، والعاج، وسلع أخرى «كانت تنتزع بالقوَّة.. مما جعل لهذه العملية تأثيراتها السَّالبة على المناطق المذكورة» (ت. نبلوك، 1990).

الثقافة..

وعن تأُثيرات ذلك علي الثقافة يتابع: “كان لا بُدَّ أن تلقي مجمل تلك التَّأثيرات بظلالها السَّالبة، أيضاً، على جبهة «الثَّقافة» واللغة. فعلى حين لم يُفض انهيار الممالك المسيحيَّة إلى «محو» المسيحيَّة نفسها، بضربة واحدة، كـ «ديانة» و«ثقافة» سائدتين، حسبما يعتقد بعض الكتاب خطأ (مثلاً: جعفر بخيت، 1987م)، ناهيك عن الدِّيانات الأرواحيَّة الأفريقيَّة، وما يرتبط بها من «ثقافات»، كانت قد بدأت تتشكَّل خصائص الفضاء الرُّوحي لذلك النَّشاط المادِّي، وفق المعايير «الثَّقافيَّة» لمؤسَّسة «الجَّلابة» السَّائدة اقتصاديَّاً، والمتمكِّنة سياسيَّاً، مثلما بدأت في التكوُّن «الهُويَّة» التي يطلق عليها، زوراً وبهتاناً، «الشَّخصيَّة السُّودانيَّة»، من زاوية سيطرة هذه «الثَّقافة» نفسها، أي شخصيَّة «الجَّلابي» المنحدرة من العنصر المحلي النُّوبي المستعرب بتأثير «العنصر العربي» الذي ظلَّ ينساب داخل الأرض السُّودانيَّة منذ ما قبل الاسلام، كما وبتأثير «الثَّقافة الاسلاميَّة» التي ظلت تشقُّ طريقها، منذ 641م، عبر المعاهدات، وعمليَّات التَّبادل التِّجاري، ثم، لاحقاً، بتأثير البعثات الأزهريَّة، والفقهاء الذين استقدمهم مكوك سنار من مصر، فضلاً عن المتصوِّفة، ومشايخ الطرق الذين قدموا من المشرق والمغرب.
ومع مرور الزَّمن أخذت تلك الخصائص تتمحور حول النَّموذج «القومي» المتوهَّم وفق المقايسات «الهُويويَّة» لذهنيَّة ووجدان «الجَّلابي» اللذين تشكلا على الخوف المتوارث من العالم الميتافيزيقي الخفي للاغيار المساكنين أو المجاورين، وجُلهم من الزِّنج الذين يجلب «الجَّلابي» إليهم ومنهم بضاعته، مُلقياً بنفسه في لُجج مخاطر لم يكن لديه ما يتَّقيها به سوى التَّعويل، حدَّ التَّقديس، لا على الفقهاء وقضاة الشرع «أهل العلم الظاهري»، فأولئك وجدهم يجوسون معه في عرصات الأسواق، وأبهاء البلاط، فباخت هيبتهم في نفسه، وسقطت منها، إنَّما على السُّلطة «الرُّوحيَّة» للأولياء، والصَّالحين، وشيوخ المتصوِّفة «أهل العلم الباطني» المنحدرين، بالأساس، من ذات جماعته الإثنيَّة المستعربة المسلمة، والزَّاهدين في ذهب السَّلاطين ونفوذهم، والقادرين، وحدهم، على أن «يلحقوا وينجدوا» بما يجترحون من «ثقافة» الكرامات، والخوارق، والمعجزات التي ترتبط عنده، في الغالب، بصيغ «لغويَّة» تتمثل في ما «يكتب» أولئك «الفُقرا»، في ألواحهم، وما «يقرأون»، و«يمحون»، فيمسُّه، من ذلك، ما يمسُّه من خير أو شر (!)
الأمر الذي زاد من تشبثه بـ «العلم الباطني» لتينك اللغة و«الثَّقافة»، وضاعف من رهبته بإزاء أسرارهما الميتافيزيقيَّة (راجع «الطبقات» لود ضيف الله)، كما فاقم من استهانته بـ «رطانات» الزَّنج وغرارتهم، وأسَّس لاستعلائه التَّاريخي عليهم.
مهَّد ذلك، بمرور الزَّمن، لتكوُّن حجاب حاجز بين العنصرين في وعي «سنَّار» الاجتماعي، فاستعصم العنصر الزِّنجى مع لغته و«ثقافته» بالغابة والجبل، وحدث الشيء نفسه تقريباً في سلطنة الفور ومملكة تقلى (محمد المكي إبراهيم، 1976م). ولئن كان ذلك كله محدوداً بظروف تلك الممالك المتفرِّقة، فقد جرى تعميم النَّموذج مع الحكم التركي المصري عام 1821، وتأسيس الدَّولة الموحَّدة الحديثة التي «تمتلك أدوات تنفيذ عالية الكفاءة، فبرز النَّهج الاستتباعى للثَّقافة العربيَّة الإسلامية بشكله السَّافر» (أبكر آدم إسماعيل، 1999م)”.

وفاته..

توفي “كمال الجزولي” يوم الأحد 12 نوفمبر 2023، في القاهرة، عن عمر الـ 76 عامًا، إثر معاناته مع المرض.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة