خاص: إعداد- سماح عادل
“كريم مروة” كاتب ومفكر لبناني.
التعريف به..
كتب عن نفسه وسيرته في “الحوار نيوز”: “ولدت في الثامن من شهر آذار في عام 1930 في بلدة حاريص في جنوب لبنان. والدي هو الشيخ أحمد مروة رجل الدين والدين. تعلمت من والدي، بعد ختمي للقرآن في كتّاب القرية، قيم الدين الاسلامي السمحاء، قيم الحرية والتسامح والاعتراف بالآخر واستخدام العقل.
تحولّت منذ شبابي الباكر، في ضوء مطالعاتي في مجلة الهلال والرسالة والكاتب المصري ومجلة الطريق، وفي كتب وكتابات جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وأمين الريحاني وطه حسين وتوفيق الحكيم وجورجي زيدان وعباس محمود العقاد وكثرة من الكتاب العرب. تحولت الى مواطن لبناني عربي وسميت نفسي قومياً عربياً. وأعطيت لقوميتي صفة مختلفة عما كان سائداً عن الكثيرين من القوميين العرب، صفة ابتعدت فيها عن التمييز والتمايز والقوميات الأخرى. الأمر الذي جعلني من دون قرار محدد أقرب الى الشيوعيين مني إلى القوميين العرب المعروفين، لا سيما من أصدقائي ومن أساتذتي. وكانت في أساس قوميتي تلك وطنيتي اللبنانية ومشاعري القومية العربية. وصارت فلسطين بحكم قريتنا مع شمال فلسطين وفي ذلك التاريخ والعلاقة الوطيدة بين أهل بلدتنا وأهالي المدن الفلسطينية صارت جزءاً من وجداني”.
العراق..
وعن ذهابه الي العراق يقول: “أرسلني والدي في أواخر عام 1947 إلى مدينة بغداد لمتابعة دراستي الثانوية برعاية ابن عمي المفكر التراثي حسين مروة، حيث تعرّفت إلى عدد كبير من مثقفي العراق، كان في مقدمتهم الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري. في ذلك التاريخ، وفي أعقاب وثبة الشعب العراقي ضد معاهدة “بورتسماوث” المعروفة التي أسقطتها الوثبة، وفي أعقاب الحرب العربية في فلسطين لمنع قرار التقسيم والهزيمة التي منيت بها الجيوش العربية، قررت أن أنتمي إلى الاشتراكية بصفتي الآنفة الذكر، وطنيّ لبناني وقومي عربي. وكان ذلك القرار من قبلي احتجاجاً على الهزيمة وعلى تضييع فلسطين، إذ ألحق البلدان العربية بعد الهزيمة الضفة الغربية من فلسطين الى المملكة الأردنية وقطاع غزة الى مملكة مصر. وساهم في قراري هذا إلى جانب ما أشرت إليه انبهاري بالإنجازات التي حققها الجيش السوفياتي في الحرب العالمية الثانية من إسقاط النظام النازي في ألمانيا والنظام الفاشي في إيطاليا.
عندما عدت الى بيروت بعد عامين من دراستي في بغداد استكملت دراستي الثانوية ثم انتسبت الى الجامعة اللبنانية في عام 1952 في فرع الأدب لعام واحد. وانتخبت نائباً لرئيس الرابطة الطلابي بصفتي شيوعياً قبل أن أنتسب إلى الحزب الشيوعي، ثم انتسبت إلى الحزب بعد ذلك وكلفت على الفور بالمسؤولية عن التنظيم الطلابي في الحزب.
ثم كلفت عام 1953 بقرار من الحزب أن أتقدم للامتحان النهائي في الجامعة للذهاب إلى مدينة بودابست لتمثيل الشبيبة العربية في قيادة اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي. وشاركت في تنظيم بعض المهرجانات العالمية للشباب والطلاب التي كانت في أرقى ما عرفته من نشاطات ثقافية ورياضية ولقاءات صداقة بين شبيبة العالم”.
الحرب الأهلية اللبنانية..
ويقول عن الحرب: “وفي نهاية الحرب الأهلية في لبنان التي استمرت خمسة عشر عاماً حاولت قدر إمكاناتي أن أمارس استقلاليتي، وأنا نائب الأمين العام للحزب الشيوعي، في التعبير عن أفكاري، بما في ذلك القراءة النقدية للتجربة الاشتراكية. وكان كتابي بعنوان “حوارات” أحد أبرز التعبير عن القراءة وصولاً إلى القول بأن التجربة الاشتراكية العالمية كانت تمر في أزمة تهدد بانهيارها. وقد ناقشني في أفكاري في الكتاب أربعون مثقفاً عربياً من جميع الاتجاهات. وقد صدر الكتاب في مطلع عام 1990، الى أن بلغ عددها ما يناهز أربعين كتابا.
أذكر منها الكتاب الأول بعنوان “كيف نواجه الأزمة في حركة التحرر الوطني العربية” الصادر عام 1947، وكتاب “المقاومة” الصادر في عام 1985 الذي حاولت أن أحدد فيه مفهومي للمقاومة في شتى مجالات التعبير عنها في شكل مختلف عما كان سائداً، وكتاب “حوارات” الذي أشرت إليه الصادر عام 1990، وكتب أخرى متنوعة مواضيعها في آخر عام 2020 تحت عنوان “كنوز من الفكر الانساني”.
وفي عام 2004 قدّم لي وزير الثقافة غازي العريضي باسم رئاسة الجمهورية وسام الأرز من رتبة فارس في احتفال كبير أقيم في قصر الأونيسكو تكلّم فيه ثمانية مثقفين من أكثر من بلد عربي. وأنا اليوم أتابع كتاباتي من دون أن أكون منتمياً الى أي تنظيم سياسي.
هدفي من تلك الكتابات إعطاء دور للثقافة في حياة بلداننا ومساعدة الأجيال الصاعدة في تطوير رؤيتهم للمستقبل نحو التقدم والحرية والعدالة الاجتماعية”.
حركة التحرر الوطني..
في حوار معه أجراه “كارم يحيي” يقول “كريم مروة” عن حركة التحرر الوطني: “”عندما نتحدث عن مرحلة التحرر الوطني نعني بذلك المرحلة التي كنا نسعي لإنجاز مهمة تحررنا السياسي من السيطرة الأجنبية وتحقيق استقلال بلادنا السياسي. ويتبقي من قضية التحرر الوطني ومن مهامها أن نخرج بلادنا مما وقعت فيه بعد الاستقلال من قبضة الاستبداد بصيغة المختلفة. فهل تعلمنا حتي لا نكرر المأساة التي واجهتنا في مراحل سابقة من تاريخنا. لكن شرط التعلم أن تقوم قوي المجتمع بأطيافه المختلفة والقوي الديموقراطية علي وجه التحديد بتعبئة الجماهير في النضال من أجل قضاياها، والوقوف في وجه كل المحاولات التي يمكن أن تودي بالقادة التاريخيين إلي الانحراف عن المهام المطلوب انجازها وتصحيح مسار ودور الدولة لكي تلعب وظيفتها في الاقتصاد والاجتماع وهكذا. وبمقدار ما تكون قوي المجتمع حاضرة فإنها تستطيع أن تجعل دور الفرد القائد عندما يوجد اذا كان وجوده ضروريا دورا ايجابيا بدلا من ان يكون سلبيا”.
أزمة الحركات الإسلامية..
وعن رأيه في الحركات الاسلامية يقول: “أكاد أصل الي رأي شبه قاطع بأن جميع الحركات التي ارتبطت بالدين الإسلامي وهي بالأصل ضد قيمه الإنسانية ما وصل منها للسلطة وما لم يصل غير مهيأة علي الإطلاق لقيادة دولنا. لذلك فإن من الأفضل لهذه الحركات الإسلامية أن تقرأ تجاربها في السلطة وخارجها كي تقرر كيف تخرج من الأزمة التي خلقتها لبلادها وتندمج في حركات التغيير الديموقراطية وتأخذ مكانها داخل هذه الحركات.
وهذا حق لها ولما يرتبط بها من جمهور كبير. آن الأوان لكي تتعلم هذه الحركات من تجاربها. وفي يقيني أن الحل الأسلم والصحيح هو الإقرار بفصل الدين عن الدولة والخروج من إقحام الدين في شئون الدول. وبالمقابل أري أن علي القوي الديموقراطية أن تحسن معاملة المؤمنين وأن تبذل كل جهدها لكي يندمجوا في حركة التغيير الديموقراطي التي جوهرها تغيير شروط حياة الناس نحو الأفضل دون أن يؤدي هذا الاندماج إلي تغيير قناعاتهم الدينية”.
من مؤلفاته..
• ماذا بعد حرب تشرين؟ 1974 دار الفارابي.
• كيف نواجه الأزمة 1974 دار الفارابي في حركة التحرر الوطني العربية؟.
• المقاومة أفكار للنقاش حول الجذور والتجربة والآفاق 1985 دار الفارابي تقديم جورج حاوي.
• حوارات دارالفارابي، مفكرون عرب يناقشون كريم مروة في القومية والاشتراكية والديمقراطية والدين والتراث والثورة 1990.
• جدل الصراع مع إسرائيل وجدل السلام معها 1994 دار الفارابي.
• الوطن الصعب والدولة المستحيلة 1995 دار الجديد، وهو حوارساقه ودوّنه وقدّم له الإعلامي طانيوس دعيبس مع كل من كريم مروة القائد الشيوعي وكريم بقرادوني القائد الكتائبي حول الآثار التي ولدتها الحرب الأهلية وحول الآفاق المستقبلية.
• حوار الأيديولجيات دار الفارابي بين أفكار ماركسية وأفكار دينية 1997.
• من ذاكرتي الفلسطينية 1998 نشر في مجلة الطريق.
• نحو جمهورية ثالثة 2001 دار الفارابي.
• كريم مروة يتذكر في ما يشبه السيرة 2002 دار المدى حاوره الإعلامي صقر أبو فخر.
• عشية أفول الإمبراطورية 2003 دار الفارابي أسئلة حول موقعنا في عالم الغد.
• جورج حـاوي 2005 دار النهار.
• مواقف القائد وشهادات الرفاق ،بالاشتلااك مع جورج البطل وسمير مراد وتقديم ميشال إدّه.
• الفكر العربي وتحولات العصر 2005 دار الفارابي رؤى وأفكار من وجهات نظر ماركسية مختلفة بمشاركة ستة عشر مفكّراً عربياً قدّم له جورج البطل.
• الظاهرة العراقية 2006 دار المدى قدّم له فالح عبد الجبار.
وفاته..
توفي “كريم مروة” اليوم الأربعاء 10 يناير 2024 عن 94 عاماً بعد صراع مع المرض.