خاص: إعداد- سماح عادل
“كريم العراقي” شاعر عراقي وإعلامي. نال جائزة الأمير عبد الله الفيصل العالمية عام 2019.
حياته..
اسمه الحقيقي “كريم عودة”، ولد 18 شباط/ فبراير 1955 في محلة الشاكرية في كرادة مريم في صَوب الكرخ ببغداد، حاصل على دبلوم علم النفس وموسيقى الأطفال من معهد المعلمين في بغداد، عمل معلما في مدارس بغداد لعدة سنوات ثم مشرفا متخصصا في كتابة الأوبريت المدرسي. بدأ الكتابة والنشر وهو طالب في المدرسة الابتدائية في مجلات عراقية عديدة منها: “مجلة المتفرج، والراصد، والإذاعة والتلفزيون، وابن البلد، ووعي العمال ومجلة الشباب”. كتب الشعر الشعبي والأغنية والأوبريت والمسرحية والمقالة، بالإضافة إلى اهتمامه بالثقافة والأدب منذ أن كان طفلا.
الأغنية..
كانت البداية في مجال كتابة الأغنية في 1974 حيث كتب أغنيتين للأطفال (الشميسة) و(يا خالة يالخياطة) قدمها وهو طالب في المرحلة المتوسطة، ثم قدم العديد من الأعمال الناجحة وهي (تهانينا يا أيام) لصلاح عبد الغفور و (دار الزمان ودارة) لسيتاهاكوبيان وأغنية (جنة جنة) للفنان رضا الخياط وألحان عباد عبد الكريم و(عمي يبو مركب) لفؤاد سالم و(وي هلة) لأنوار عبد الوهاب و(عرفت روحي أنا) لرياض احمد و(يا أمي) لسعدون جابر و(هلة بيك) أغنية رياضية، وقدم كلمات لأربع أغان لسعدون جابر من ألحان الفنان بليغ حمدي عام 1981 وثلاث أغان لحسين نعمة (تحياتي ـ شكد صار أعرفك ـ هنا يمن كتلي اعتمد)، وأغنية (خيرتك حبيبي) لصلاح عبد الغفور وكذلك أغنية (الشمس شمسي والعراق عراقي) ألحان وأداء جعفر الخفاف.
واستمرت رحلته من 1987 ولحد الآن مع صديقه ورفيق دربه الفنان “كاظم الساهر” حيث بدأت هذه العلاقة في الجيش وكانت أول أغنية في مسلسل (شجاهه الناس) ومن ألحان الخفاف و(ناس وناس) و(معلم على الصدمات قلبي) و(افرح ولا تحرموني منه) حيث كتب للساهر أكثر من 70 أغنية.
وكانت الانطلاقة الحقيقية ل”كريم العراقي” مع “كاظم الساهر” في مصر، ومن خلال وجوده في القاهرة ثم التعامل مع الفنانين العرب (ديانا حداد ـ فضل شاكرـ عمر العبدللات ـ سميرة سعيد – محمد منير- هاني شاكرـ أصالة نصري ـ صابر الرباعي ـ وآخرين) وكذلك لمطربين عراقيين مغتربين منهم (رضا الخياط – ماجد المهندس ـ عادل مختار ـ رضا العبد الله) وغيرهم. وفي عام 2005 كان “كريم العراقي” له كاسيت بصوته لأول مرة لشركة روتانا بعنوان (دللول) وهذه هي أبرز قصيدة في المجموعة يؤديها الشاعر المبدع (كريم العراقي)، توضح حبه للعراق مع عزف منفرد للعود.
وهذه هي كلمات الأغنية ويقول في بدايتها: أهدي قصيدة دللول ـ أدعية للعراق الجريح إلى جميع أطياف الشعب العراقي وإلى الأمهات العراقيات.
تونس..
غادر العراق إلى تونس في مطلع التسعينات بالتزامن مع مغادرة عراقيين كثيرين من الوسط الأدبي والفني. وقد اشتهر “كريم العراقي” بقصائده التي تشجع بها الجنود العراقيين للذهاب إلى مقاتلة العدو الإيراني. كتب وشارك في أعمال مسرحية كثيرة عن الحرب العراقية الإيرانية. انتقل في التسعينات بموجب دعوة عمل في مدينة سوسة بعد عدة سنوات غادر تونس متنقلًا بين عدة دول عربية إلى ثم استقر في الإمارات.
كما عمل محررا فنيا لسنوات عدة في مجلة “فنون” العراقية، ومحررا صحفيا في عدة مجلات عربية في مصر والسعودية والإمارات، وكان عضو جمعية المؤلفين وناشري الموسيقى العالمية.
الجوائز..
حصل على جائزة منظمة اليونسيف لأفضل أغنية إنسانية عن قصيدة تذكّر التي لحنها وغناها الفنان كاظم الساهر. وجائزة الأمير عبد الله الفيصل العالمية عام 2019.
مؤلفاته..
- ديوان «للمطر وأم الضفيرة» من الشعر الشعبي العراقي صدر عام 1974 في بغداد.
- «ذات مرة» حكايات شعبية.
- «سالم يا عراق» قصائد شعرية للأطفال.
- «الخنجر الذهبي» رواية للأطفال.
- «الشارع المهاجر» رواية للأطفال.
- «كسل وبغلته الرمادية» رواية للأطفال.
- إعداد وتقديم البرنامج التلفزيوني «في ضيافة الأغنية».
- مسرحية «ياحوته يامنحوته».
- مسرحية «عيد وعرس».
- مسرحية «دنيا عجيبة».
- مسرحية «يقظة الحراس».
- كتاب «أغاني وحكاياتها» الجزء الأول.
- «حكايات بغدادية» مجموعة قصص قصيرة.
- ألبوم «ها..حبيبي» الصوتي الذي يضم 17 قصيدة.
- ألبوم «يا شاغل الفتيات».
- البوم «دللول» والذي انتجته روتانا
- كتاب «هنا بغداد» صدر في دبي يونيو 2009
كتب مجموعة قصص وسيناريو وحوار للأفلام السينمائية التالية: “عريس ولكن”، “افترض نفسك سعيدًا”، و”مخطوبة بنجاح ساحق” وفيلم الأطفال “الخياط المرح”. وسلسلة تلفزيونية «مناجاة للواحد الأحد» عرضها راديو وتلفزيون العرب.
المرض..
في حوار هاتفي له وهو في غرفته بمستشفى كليفلاند في أبو ظبي، ل لـET بالعربي تحدث “كريم العراقي” عن وضعه الصحي وفقدانه النظر بأحد عينيه وتساقط شعره، وعلاجه، مشيرا إلى أنه يقاوم مرضه بالإرادة وكتابة القصائد، والمرض جعله ينضج وأنه نادم على بعض قصائده. وتحدث عن قصيدة “لا تشكو للناس جرحا أنت صاحبه” وماذا فعلت هذه القصيدة بالناس يقول “إن القصيدة كانت عند كاظم الساهر، ثم طلبها الموسيقار طلال ولحنها وغنتها أصالة مؤخرا، لافتًا إلى أن فائق حسن وماجد المهندس مضرب مثل في الوفاء.
غروب شمس..
في مقالة بعنوان (غروب شمس الرافدين.. الشاعر كريم العراقي) كتب “علاء الدين محمود”: “سيكون الأول من سبتمبر/ أيلول من هذا العام، تاريخاً فارقاً في الساحة الثقافية الشعرية العراقية والعربية بصورة عامة؛ إذ شهد رحيل الشاعر الكبير كريم العراقي، بعد أن أنهك جسده مرض السرطان في مستشفى «كليفلاند» أبوظبي، وبرحيله الفاجع تكون قد طويت صفحة مهمة لواحد من أكبر علامات الشعر في الوقت الراهن، فهو صاحب سجل حافل من القصائد، ولم يتخل عن كتابة القصيدة حتى وهو في أشد ساعات المرض؛ إذ يشار إلى أنه كتب قرابة ال55 نصاً، أُطلق عليها اسم «على سرير الأمل»، لأنها عبرت عن لحظة مهمة، وهي الأمل في الشفاء وقهر المرض، لكن كان للقدر كلمته، فأسلم الروح بعد تلك المسيرة الطويلة والحافلة التي كونت تجربته الشعرية والإنسانية، وجعلت اسمه يلمع في سماء الشعر والثقافة العربية. حيث وجد الشاعر اهتماما كبيرا من كل الدول العربية”.
ويضيف: “لا تخلو كلماته من ذلك الحس الإنساني الذي ينشد الخير والحب والجمال لكل البشر في جميع أرجاء العالم، فقد كان كريم العراقي ضمن محفل الفن والأدب الذي كان بمنزلة ترياق لأمراض الانغلاق، ومصائب الإرهاب والشر الذي انتشر، فكانت الكلمة المعبرة الرقيقة بمنزلة دواء يسري في جسد البشرية كلها؛ حيث نجد الرؤية الفكرية والفلسفية تتجول بين نصوصه حرة طليقة، ولا عجب في ذلك، فهو حاصل على دبلوم علم النفس وموسيقى الأطفال من معهد المعلمين في بغداد؛ لذلك امتلك مقدرة في قراءة العالم، وتأويله، وتحليله عبر قصائده وأعماله الإبداعية الأخرى.
وكان يشارك في الحراك الثقافي في كل مكان يحل فيه، فقد كان متفرغاً للأدب، فحمل لواءه كخير سفير للإبداع العراقي، وفي كل تلك البلدان التي حل فيها، صار الناس والنقاد والأدباء يتعرفون إليه وإلى تجربته الإبداعية المختلفة، كونه صاحب لونية وأسلوبية متميزة، قريبة من وجدان الإنسان البسيط، وفي ذات الوقت، تجد الاهتمام من المثقفين والمتعلمين”.
الغزل..
ويواصل عن الغزل: “ظلت قصائد العراقي تجد تفاعلاً كبيراً من قبل جمهور الشعر، وظلت مقاطعه الشعرية توظف من قبل الناس، خاصة أن نصوصه مترعة بالحكمة والغزل، كما طرق العديد من الأغراض الشعرية الأخرى، غير أن ما يميز كل تلك النصوص مجتمعة تلك العطرية الخاصة، والأسلوبية التي تميل إلى السهل الممتنع، والتنقل البديع بين القصيدة الفصحى والشعبية؛ حيث يعد فارساً في كل من المضمارين، كما تميزت نصوصه بالمسحة الإنسانية؛ إذ تحدث في العديد من قصائده عن هموم ومشاغل الناس حتى في غير البلدان العربية، ولعل ذلك الاهتمام الكبير الذي وجده يؤكد مكانته الكبيرة كظاهرة شعرية متفردة؛ حيث يرى كثير من النقاد أنه امتداد لجيل الشاعر الكبير نزار قباني”.
وفاته..
توفّي “كريم العراقي” في 1 أيلول/ سبتمبر 2023 في أحد مستشفيات مدينة أبو ظبي عن عمر ناهز الثامنة والستين. حتى اللحظة الأخيرة لم ينقطع عن كتابة الشعر، وخلال فترة رقوده في المستشفى ألّف 55 قصيدة، أطلق عليها اسم “على سرير الأمل”.
قصيدة “لا تشكو للناس جرحا انت صاحبه”
لا تشك للناس جُرحاً أنت صاحبه
لا يؤلم الجرحُ إلا من به ألم
شكواك للناس يا ابن الناس منقصة
ومَن مِن الناس صاحٍ ما به سقم
لا لا لا لا، لا تشك للناس
فإن شكوت لمن طاب الزمان له
عيناك تغلي ومن تشكو له صنم
وإن شكوت لمن شكواك تسعده
أضفت جرحاً لجرحك اسمه الندم
لا لا لا لا، لا تشك للناس
لا اليأس ثوبي ولا الأحزان تكسرني
جرحي عنيد بلسع النار يلتئم
يغزو الشموع حريق وهي تبتسم
إشرب دموعك واجرع مرها عسلاً
ومن سوى الله ناوي تحت سدرته
ونستعين به عوناً ونعتصم
كن فيلسوفاً ترى أن الجميع هنا
يتقاتلون على عدمٍ وهم عدم