15 نوفمبر، 2024 6:05 م
Search
Close this search box.

كريستوفر نولان يفتح عبر “أوبنهايمر” الباب غير المباشر أمام إعادة قراءة “اللحظة الشيوعية” في تاريخ هوليوود !

كريستوفر نولان يفتح عبر “أوبنهايمر” الباب غير المباشر أمام إعادة قراءة “اللحظة الشيوعية” في تاريخ هوليوود !

وهذه مساهمتنا في القاء بعض الضوء..

خاص : بقلم – د. مالك خوري :

كثيرون ممن شاهدوا أو يُشاهدون فيلم كريستوفر نولان (أوبنهايمر)؛ هذه الأيام، يُعبّرون عن دهشتهم بشأن بعض الخلفيات التاريخية التي يُقدمها الفيلم، والتي تُبيّن حجم وأهمية النفوذ والدور الذي كان يضطلع به الحزب الشيوعي الأميركي في أوساط المثقفين والأكاديميين خلال الفترة الزمنية التي يتناولها الفيلم. وعلى الرُغم من أن هذا التاريخ وملابسّاته معروفة ومتداولة بشكلٍ واسع لدى أي قاريء جدي للتاريخ الأميركي المعاصر، فإن الكثير من الأجيال التي ولدت خلال العقود الثلاث الأخيرة كانت ضحية مباشرة للطغيان الجارف لسّرديات ومفاهيم أطلقت على نفسها ألقاب هلامية مثل “نهاية التاريخ” و”ما بعد الحداثة”.

فمع بداية التسعينيات من القرن الماضي؛ ومع الزلزال الذي ضرب العالم مع انهيار الاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية، والذي رافقه تصاعد جارف لأفكار تتحدث عن نهاية التاريخ والسياسة والإيديولوجيات، وعن انعدام جدوى البحث عن بدائل لواقع الهيمنة الرأسمالية الشاملة، تمّدد وازداد تأثير أفكار كانت بدأت تظهر ببطء وبغير تناسّق في أواخر السبعينيات من القرن الماضي. واطلق على هذه الاتجاهات الفكرية والثقافية في حينه بشكلٍ عام وصف “ما بِعد الحداثة”. وتناغمت هذه الأفكار إلى حدٍ كبير وبأشكال مختلفة مع التطورات السياسية الآنفة الذكر، حيث أصبح التركيز على الفهم الانتقائي أو النسّبي كأساس لرسّم معالم التحليل المعرفي لأوجه عديدة من مواضيع البحث الثقافي والسياسي والاجتماعي. وركزت معظم هذه التوجهات على أن كل رأي يُمثل حقيقة بحد ذاته، وبالتالي فإنه يعكس وجهة نظر متسّاوية في قيمتها مع غيرها من وجهات النظر. ضمن هذه الحالة من الغيبوبة “الما بعد حداثية”، تتسّاوى المفاهيم والرؤى كلها، ويجري تهميش التاريخ وحيثياته وتباين مراحله وطبيعة صراعاته وأهميتها بالنسّبة لواقع وحياة ورؤية الإنسان المعاصر لنفسه وللعالم.

وبطرح فيلم (أوبنهايمر) لهذه الخلفيات التاريخية يكون كريستوفر نولان، بأهميته كواحد من أهم النافذين في هوليوود وعلى مستوى السينما في العالم، قد أعاد لفت النظر وإن بشكلٍ غير مباشر (وبقصد أو عن غير قصد)، إلى موضوعة هامة. فالكثيرين من المهتمين المعاصرين بالسينما (ومنها سينما نولان)، ليس لديهم أي فكرة عن حيثية مركزية في تاريخ هوليوود نفسها. فمحاولة “استعادة” أميركا إلى الحضن الإيديولوجي شّبه المطلق لرأسمالية للمجمع الصناعي العسكري الأميركي (التعبير استعمله علنًا وللمرة الأولى الرئيس الأميركي؛ دوايت آيزنهاور، أوائل الستينيات في تحذيره الشهير من تزايد نفوذ وخطر هذا المجمع على مستقبل أميركا نفسها)، تحول عمليًا إلى حملات تصفية جماعية ضد كل التقدميين في الولايات المتحدة استمرت ما يقرب العقدين ونصف. وفي هوليوود في الأربعينيات والخمسينيات وجزء من الستينيات من القرن الماضي، تمخضت الحملات المكارثية ضد الشيوعيين والاشتراكيين ومؤيديهم عن قتل وتشّريد والقضاء عمليًا على مجرى حياة ومهن ومستقبل مئات الآلاف من الأميركيين وعائلاتهم، وبين هؤلاء كان العشرات من ألمع السينمائيين في هوليوود من كتاب ومخرجين وتقنيّين وممثلين خلال تلك الفترة.

وهزت هذه الحملات هوليوود في العمق ولسنوات طويلة، وما زالت آثارها وتاريخها نشعر به حتى اليوم بين المئات من أبناء وأحفاد من عانوا خلال تلك الفترة. وبعضنا ما زال يذكر الاستياء الذي عبر عنه المئات في هوليوود خلال حفل الأوسكار (1999)؛ الذي تم فيه تكريم المخرج إيليا كازان، والذي عُرف عنه مشاركته في المحاكمات “كشاهد” ضد بعض الذين “اتهموا” في حينه بأنهم كانوا أعضاء في الحزب الشيوعي. تلك الحملات كانت في صلب إعادة تطويع هوليوود ضمن الجسم الذي نعرفه اليوم لترضخ عمليًا إلى ديناميات وأطر إنتاجية وإبداعية ومهنية أكثر انسّجامًا (وإن باستثناءات وتمايزات قليلة)، مع أولويات الطبقات الاجتماعية السّائدة.

وكان من بين ضحايا هذه الحملات والذين قاوموها بلا هوادة كثيرون. من بين هؤلاء كان فنانون آثروا خسّارة الكثير عوضًا عن الرضوخ للفاشية بكافة تجلياتها… أسماء لم تختبيء وراء صياغات فصل الفن عن السياسة. هؤلاء الأيقونات السينمائية الأميركية انغمسّت في السياسة بلا أوهام وإدراكًا منها أن في العمق الذي يُحرك ويُطلق ويُحول التعبير إبداعًا داخلنا يكمن الانحياز إلى المهمشين والمضطهدين في المجتمع والنضال من أجل غدٍ أفضل. كثيرون جدًا كان هؤلاء، من بينهم لورين باكال، همفري بوغارت، لوسيل بول، أورسون ويلز، مارلين مونرو وزوجها في حينه آرثر ميللر، شارلز شابلن، بيرت لانكاستر، زيرو موستيل، والتر بيرنستين، مارتن ريت، بول روبسون، دالتون ترامبو، وغيرهم كثيرون داخل وخارج أميركا..

منذ الخمسينيات وحتى اليوم؛ ما تزال هوليوود “النظام” تتفادى بشكلٍ عام التعاطي مع هذه الفترة لما تفتحه من جروح بعضًا منها ما لم يندمل بعد، خاصة أن الموضوع ما يزال حسّاسًا جدًا لبعض الاستديوهات والقائمين عليها، وكذلك لأسباب سياسية واسّعة واضحة وشديدة الحضور دومًا. والأفلام التي أضمنها اليوم في هذا البوست؛ هي لبعض من أهم الأعمال السينمائية الأميركية التي تجرأت وتعاطت مباشرة مع بعض وقائع هذه الفترة الحسّاسة. وهي أفلام قليلة جدًا آخذًا بالاعتبار مفصلية تاريخ هذه المرحلة الهوليوودية وأهميتها المركزية في رسم معالم السينما الأميركية المهيمنة؛ كما أصبحنا نعرفها اليوم.

طبعًا لا بد هنا من التركيز على أن السينما الأميركية قبل وبعد هذه الفترة بقيت دومًا مسرحًا لنشوء وإبداعات رديفة واسعة وغنية جدًا لا يمكن تجاهلها واختزالها بما يتبناه نظام الإنتاج والتوزيع والتسّويق والإعلان المهيمن في الصناعة السينمائية الأميركية.

وفيما يلي لائحة بأفلام أميركية هامة تناولت الحملات ضد اليساريين في هوليوود خلال الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي؛ (طبعًا اللائحة مفتوحة لأي اضافات).

أفلام روائية

The Front (Martin Ritt, 1976)

The House on Carroll Street (Peter Yates, 1988)

Guilty By Suspicion (Irwin Winkler, 1991)

The Majestic (Frank Darabont, 2001)

One of the Hollywood Ten (Karl Francis, 2001)

Good Night, and Good Luck (George Clooney, 2005)

Trumbo (Peter Askin, 2008)

Trumbo (Jay Roach, 2015)

Fear On Trial (TV Drama by Lamont Johnson, 1975)

أفلام تسجيلية

Point of Order (Documentary by Emile de Antonio, 1964)

Hollywood on Trial (Documentary by David Helpern, 1976)

The Legacy of the Hollywood Blacklist (Documentary Judy Chaikin, 1987)

Waldo Salt: A Screenwriter’s Journey (Documentary by Eugene Corr, 1990)

Red Hollywood (Documentary by Thom Andersen and Noel Burch, 1996)

(البوم الصور المرفق يضم صور لشخصيات هامة أتيت على ذكرها في المقالة؛ ومنها من كان جزء من المحاكمات أو في التظاهرات والنشاطات المقاومة لحملات التنكيل، هذا بالإضافة إلى كتب وصفحات جرائد من أو عن تلك الفترة المفصلية في تاريخ السينما. كما يضم الألبوم لائحة بأفلام أميركية هامة تناولت الحملات ضد اليساريين في هوليوود).

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة