9 أبريل، 2024 3:18 ص
Search
Close this search box.

كتاب “تغلب على الاكتئاب بسرعة”(1).. الوعي التام والتقبل خطوتين للسلام النفسي

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: قراءة- سماح عادل

الاكتئاب من أكثر الأمراض النفسية انتشارا في الوقت الراهن، وقد انتشر في بلدان العالم ولم يصبح متوطنا في الدول الأكثر ثراء، في السابق كان ينظر لمرض الاكتئاب على أنه مرض بعيد عن الكثير من الناس، لكنه أصبح قريبا جدا، لذا كان من المهم معرفة هذا المرض والطريقة المناسبة لمعالجته. وقد لفت انتباهي كتاب (تغلب على الاكتئاب بسرعة) للكاتبة “إلكساندرا ماسي” الذي يبدو أنه يعرض مرض الاكتئاب من منظور مغاير ومختلف.
علة انفعالية..
تقول الكاتبة في المقدمة: “إن هذا الكتاب موجه إلى من يعانون الاكتئاب، ولا يجدون سبيلًا للخلاص، ويهدف إلى أن يكون المرشد في رحلة لا بد من أن نخوضها، إذا أردنا التغلب على الاكتئاب نهائيا وبسرعة. اكتشفت أن ماهية الاكتئاب تتجاوز توصيفها المبسط بكونها مجرد اختلال توازن كيمياء المخ؛ فالاكتئاب هو علة انفعالية تستنزف الحياة من المريض، وتخلف وراءها شعورًا بالعجز، واليأس، والانهزامية؛ لذلك أود بهذا الكتاب تعريفك بالخطوات التي يمكنك اتخاذها لمعالجة الاكتئاب حين يداهمك، وحماية نفسك من الوقوع في قبضته مرة أخرى، وأنا أعلم جيدًا أن هذه الخطوات ستجدي نفعًا؛ لأنني قد سرت في الطريق نفسه يومًا ما.


وتصف الكتاب بأنه “مختلف؛ لأنه يبحث في طرقٍ للتغلب على الاكتئاب بوتيرة أسرع من خلال تطبيق أساسيات علم النفس الإيجابي ، يعتبر علم النفس الإيجابي منهجية جديدة كليا في تحقيق الصحة النفسية؛ حيث بدأ العمل وفقًا له خلال السنوات العشر الأخيرة وهو عبارة عن دراسة علمية لنقاط القوة والمزايا التي تمكن الأفراد من الازدهار والنجاح في مقابل دراسة ما بنا من عيوب، كما يستهدف حثنا على تبني سبل الوصول إلى السعادة بدلًا من محاولة تحديد الأمور التي تحتاج إلى الإصلاح والتغيير، كذلك يوضح أن إصلاح المشكلة ليس هو المهم، بل استيعابها وتقبلها؛ فيساعدنا حس المرونة الفطري، ورغبتنا في التعافي على العودة إلى الشعور بالسلام النفسي”.
الفصل الأول
كل ما يخص الاكتئاب..
يعرف الكتاب في فصله الأول الاكتئاب بأنه مرض يستنزف حياتك ويدمر آمالي وأحلامي، ويقضي عليها؛ ويدمر قدرتي على عمل العلاقات الطيبة بالآخرين، ويبث الشعور بالعجز واليأس في نفسي.
دائرة الاكتئاب وإيذاء الذات (الاكتئاب- كره الذات- إيذاء الذات- المزيد من الاكتئاب- المزيد من كره الذات – المزيد من إيذاء الذات – المزيد
من الاكتئاب).
الاكتئاب هو طريقة النفس البشرية للتعامل مع المواقف التي نجدها صعبة، أو من المستحيل التعامل معها، وهو شعور يغلب علينا عندما تغيب أحلامنا عن نواظرنا، ونُصاب به عندما نتبرأ من ذواتنا، الحقيقية، الأصلية، أو عندما نعجز عن دعم أنفسنا واستخدام قدراتنا.
الهجوم المزدوج: يؤثر الاكتئاب فينا بطريقتين: الأولى، أنه يكبت الانفعالات، والثانية، أنه يجعلنا نبالغ في التفكير بشكل مرضي.
عدم التعبير عن الانفعالات بشكل صحي:
فإننا نكتئب نتيجة كبت انفعالاتنا، ولا نسمح لها بالظهور إذا شعرنا بالحزن ولم نطلق العنان لهذه المشاعر لتنفرج، فسنحبس دموعنا إلى أن “نكبتها” أيضًا.
المبالغة في التفكير:
المبالغة في التفكير هي الأمر الثاني الذي يجعلنا نشعر بالاكتئاب، وهو الاجترار؛ ويعني الرغبة في استحضار الأحداث مرارا وتكرارا، كأسطوانة معطلة تستمر في تكرار المقطع نفسه؛ ويتمثل في إعادة التفكير في مشكلة ما أو أخطاء في الماضي بطريقة غير سوية، وقد اكتشفت الأبحاث أن هذه العادة تجعلنا نركز على الأحداث السلبية التي مررنا بها في الماضي، ونفسر المواقف في حياتنا الحالية على نحو أكثر سلبية ومن ثم يستحوذ علينا التفكير في مشكلاتنا، حتى إننا نعجز عن تجاوز الأفكار السلبية.
نحن الذين نسهم في استمرار شعورنا بالاكتئاب:
لعل الأمر الغريب في ما يتعلق بالاكتئاب أننا إن تركناه يأخذ مساره الطبيعي، فقد نُشفى منه في فترة وجيزة؛ فالاكتئاب حالة مؤقتة. وإذا تركنا حس المرونة الفطري يقودنا خلال دورة المرض، فقد نخرج من دائرة الاكتئاب ونتعافى. وبشكل عام، نحن لا نتقبل اعتبار الاكتئاب جزءًا من مسار الحياة الطبيعي، ودائما ما نحاول تجاوزه، ولكننا في أثناء هذه المحاولة، نجعل الأمر يتضخم.
والاكتئاب غير مقبول اجتماعيا لذلك نسلك نحن طرقًا عدة لمحاولة تجنب الإصابة به، ونحاول الهرب منه عن طريق أن “نمضي قدمًا” في حياتنا؛ وهو ما يعرف بالاستمرار على الرغم من كوننا “خائري القوى”؛ حيث نحاول إرغام أنفسنا على المضي على الرغم من أننا لا نملك الطاقة الكافية لذلك. ولأننا نعجز عن إبداء انفعالاتنا، يكون علينا استخدام الدعائم لمساعدتنا على الاستمرار والمضي؛ فنلجأ إلى “تخدير” مشاعرنا بطرق مدمرة عدة، منها تناول الأطعمة الغنية بالسكر أو الدهون أو الكحول أو السجائر، أو إدمان العمل، أو إدمان التسوق، أو الدخول في علاقات محرمة، أو إدمان ممارسة التمرينات الرياضية، ومن السهل إيجاد طرق لإخفاء انفعالاتنا، وإذا فعلنا هذا مدة طويلة بالقدر الكافي، فسيصبح الاكتئاب أمرًا طبيعيا.
وبمجرد أن ننغمس في هذه السوداوية بشكل يومي، سيكون من المستحيل أن نجد مخرجًا منها، وبدلًا من تخطي مرحلة الاكتئاب، سنجده بشكل ما يسيطر ويتغلب علينا.
تناول الاكتئاب بطريقة مختلفة:
توضح الكاتبة وهي تحكي طوال الوقت عن تجربتها الشخصية قائلة: نبهني الاكتئاب إلى أن هناك خطبًا جللًا عليَّ إصلاحه، والعمل عليه، ثم تغييره، كما استطعت الخروج من القالب الذي فُرِضَ عليَّ؛ فاكتشفت ذاتي الحقيقية؛ وهو ما أضفى معنى على حياتي، ومن بئر الاكتئاب، تمكنت من إيجاد ذلك المكان الدفين في أعماقي، الذي مكنني من زيادة قدرتي على الإبداع على وزاد من عزيمتي على تحقيق أهدافي، وأدركت أنني من لم أكن فاشلة، لكنني كنت مثقلة الكاهل بالكثير من الأعباء. فأتى شيء في داخلي؛ ليقول لي: “هذا يكفي!”.
الفصل الثاني
المساعدة على التعافي من الاكتئاب بسرعة..
جوهر علم النفس الإيجابي: الوعي التام والتقبل.
تتناول الكاتبة الحديث عن علم النفس الايجابي وهي تحاول تقديم تفسير عنه، فعلم النفس الإيجابي يساعدنا على الشعور بالتحسن عن طريق بث الأمل في داخلنا بأننا يمكننا أن نشعر بتحسن، وهذا ليس جديدا فكثيرا ما نادى المرشدون الروحانيون وشددوا على أهمية العلاقات الطيبة، وإيجاد المعنى والهدف في الحياة اليومية، وتعزيز الشعور بالتعاطف والامتنان، والإسهام في المصلحة العامة والاستمتاع باللحظة التي نعيشها، والتحلي بإحساس الإنجاز، وإعادة النظر في الأحداث العصيبة ورؤيتها باعتبارها فرصًا يمكن استغلالها للنمو. علم النفس الايجابي هو طريقة لاستغلال وعيك لإحداث تغيير.
الوعي التام:
يُقصد بالوعي التام الإدراك الذي ينتج عن الانتباه عمدًا إلى اللحظة الحالية. ويمكننا من خلال وضع منهجية واعية فيما يتعلق بالاكتئاب اكتشاف كيفية الاستمتاع بالحاضر بدلًا من الاستغراق في الماضي، أو القلق بشأن المستقبل. ويوفر الوعي التام ترياقًا فعالًا لعلاج التوتر الناتج عن ضغوطات الوقت، والتوقعات المفروضة على الذات، والتشتت، والعصبية، والقلق. ويعتبر حالة ذهنية، لا سمة سلوكية، ويساعدنا الوعي التام على الكشف عن إحساس جديد بالثقة بالنفس والاعتزاز بالذات. وبالممارسة المنتظمة نصبح واعين بانفعالاتنا، وبتأثيرها فينا، وأسبابها، وكونها مؤقتة. ونصبح كذلك واعين بطرق تفكيرنا الخاصة.وكيفية تأثير أفكار معينة في انفعالاتنا، ونصبح شهودًا على أفكارنا وتجاربنا دون تحيز، كلما مارسنا تقنية الوعي التام، صرنا قادرين على التغلب على الحكم المستمر على الذات، والمبالغة في ردة الفعل تجاه التجارب الداخلية والخارجية التي تنساب داخل عقولنا باستمرار. وفي النهاية، يتولد لدينا تركيز مستديم، ونستطيع اكتشاف منظور جديد للأشياء، وكسب رؤية أوضح، وإطلاق العنان لطرق مبتكرة لحل المشكلات.


يمكننا تعزيز الوعي التام عن طريق ممارسة تمرينات “تأمل الوعي التام” وهو ممارسة تنظيم ذاتي تركز على تدريب الانتباه والوعي على وضع العقل تحت المزيد من السيطرة الإرادية؛ ومن ثم، يؤدي إلى التمتع بالصحة النفسية، والهدوء، والصفاء الذهني، والتركيز بشكل عام. وقد أوضحت الدراسات التي أجريت في جامعة أوكسفورد أن تأمل الوعي التام لا يساعد على تخفيف أعراض الاكتئاب بسرعة فحسب، بل إنه يمنع عودة إصابة الفرد بالاكتئاب بنسبة هائلة تُقدر ب ٥٠٪.
التقبل:
التقبل هو الإقرار بما يجري في داخلنا، والرغبة في معايشته في اللحظة الحالية، تكمن اختصار الطريقة البسيطة لفهم التقبل في عبارة “الإقرار و بالأمر والتسليم به”. ويساعدنا التقبل على الإحساس بأنفسنا بدرجة أعمق، نعجز عن الوصول إليها عندما تعج عقولنا بالأفكار السلبية، أو عندما نحاول تجاهل شعورنا باليأس. وتعرف الذات العميقة بالذات السامية، وهي ذلك الجزء الموجود في داخلنا ويضم الحكمة؛ تلك التي تستشعر وجود شيء ما خارج حدود مشاعرنا، وأفكارنا، واكتئابنا.
يعني التقبل أن نكون أكثر دراية بحقيقة “ما يجري” في الحاضر؛ ذلك لأن كونك أكثر انفتاحا وصدقا مع حاضرك يوجد احتمالية خروجك من دائرة الأفكار السلبية على وجه أسرع. سيقلل التقبل من إصدار الأحكام على الذات؛ وهو ما سيرفع عنك تلقائيا الشعور بالخجل من أخطاء الماضي.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب