11 أبريل، 2024 2:41 م
Search
Close this search box.

كتابات سينمائية: سائق التاكسي.. دي نيرو الخالد

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

كتب: يوخنا دانيال

لا يمكنك أبداً أن تشيح أبصارك عن “روبرت دي نيرو”، وهو بدور “سائق التاكسي” المتوحد.. المنفصل عن الواقع.. الذي يحلم بمحاربة الشر.. ويصمم على تحقيق ما يحلم به.. إنه الجندي السابق.. الذي يعيش في نيويورك في منتصف السبعينات.. ويتحدث إلى نفسه.. ويكتب يومياته ورسائله إلى والديه..

ويظل “دي نيرو”  الشاب.. هو سر نجاح الفلم.. وحتى بعد أكثر من أربعة عقود.. لا يمكنك أن تشيح بصرك عن “دي نيرو”.. خصوصا عندما يكون بمفرده على الشاشة.. يخطط.. يتدرب على الأسلحة.. ويتحدث إلى المرآة أو إلى العدسة.. حضوره مدهش.. مقنع.. تنسى أنك في فلم.. أو أن هذا تمثيل.. بل تصبح جزءا من الأحداث.. شاهدا على مدينة كبيرة.. يعيث فيها الفساد.. السياسي والاجتماعي.. في أعقاب حرب فيتنام.. خلال حكومة الرئيس نيكسون.. الذي يستقيل من منصبه بفضيحة.

يشع حضور “دي نيرو” على باقي أقرانه عندما يكون معهم في المشهد.. ويرتقي أداءهم إلى حد كبير معه.. فيتحولون إلى شخصيات حقيقية.. تحبها وتتعاطف معها.. مثل الرائعة المراهقة الصغيرة.. “جودي فوستر”.. التي تلعب دورها ببراعة.. كعاهرة قاصرة هاربة من أهلها.. أو يتحولون إلى شخصيات  تكرهها.. وتتمنى لها الموت مثل الممثل الكبير “هارفي كايتل”.. القواد الشرير.. المجرم الرئيسي في الفلم.. الذي يخدع فوستر بكلماته المعسولة.. وحبه الزائف.. كي يواصل استغلالها جنسيا وماليا.. وبالطبع فإن “روبرت دي نيرو”.. و”جودي فوستر”.. أصبحا أيقونتين سينمائيتين بعد الفلم.. ولا يزالان.. وكلما شاهدنا الفلم.. يخرجان من الشاشة إلى الواقع..

يقف خلف هذا الفلم.. مخرج الروائع “ماتن سيكورسيزي”.. الذي يرسم الأحداث بطريقة تدريجية.. توصلنا إلى النهاية المحتومة العنيفة.. لنكتشف أن سائق التاكسي ليس إنسانا مهووسا يعاني من خيالات.. بل إنسانا يعيش فعلا في داخل هذه الهلوسات.. ويخطط بهدوء لنقل هذه  الخيالات إلى الواقع.. ليخلطهما مع بعض.. لنتوهم أحيانا أن النهاية العنيفة.. ربما هي من أوهام البطل أو مجرد كوابيس.. لم تحدث واقعيا كما يقترح بعض النقاد.. لكن كاتب النص الفنان “پول شريدر”.. لا يكتفي بالتأكيد على أن جميع الأحداث في الفلم.. ليست حلما أو خيالا بما فيها النهاية الدموية العنيفة جدا.. بل يقول إن هذه النهاية تلتصق بالبداية.. وكأننا في دورة أو حلقة.. وأن “سائق التاكسي”.. لا يزال يجول المدينة.. باحثا عن الأشرار كي يصفي حسابه معهم.. وينقذ الضحايا الأبرياء.. كأنه بطل جبار أو سوبرمان.. من لحم ودم يعاني ويشعر ويتألم مثلنا.

هذا البطل.. الذي يريد تنفيذ العدالة بيديه.. بعيدا عن السلطات والشرطة.. ينبثق من الإحباط الذي يشعر به سكان المدن الكبرى.. تجاه السلطات السياسية والأمنية.. إحباط يدفع الناس إلى تجاوز القانون أحيانا.. والتمرد على السلطات.. التي تحمي الأشرار أحيانا.. وربما دائما.. وتوفر لهم المناخ الملائم للقيام بجميع موبقاتهم..

كل هذا ينقله لنا “سيكورسيزي” و”شريدر”.. بواسطة “دي نيرو” و”فوستر” و”كايتل” وآخرين.. في واحد من أهم الأفلام التي أنتجتها هوليوود.. فلم بمثابة درس للفنانين والمشاهدين والنقّاد.. لكن “سيكورسيزي” يندمج في عمله.. ويأخذ دورا قصيرا متميزا لراكب تاكسي مختل نفسيا.. ربما كي يذكرنا أن ما نراه هو فلم.. وعلينا أن ننتبه ولا ننغمس كليا.. إذ يحاول أن يعمل كسرا للتغريب الذي تمارسه السينما علينا.. وتبعدنا عن واقعنا..

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب