7 أبريل، 2024 1:11 ص
Search
Close this search box.

قيس العزاوي.. عاش الشقاء وتنوعت دراساته ليصل إلى مراتب عليا فكريا وسياسيا

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: إعداد – سماح عادل

“قيس خزعل العزاوي” مفكر سياسي عراقي، عيُنَ مندوباً دائماً لجمهورية العراق في الجامعة العربية لمدة 5 سنوات، ثم عُيّن نائباً لرئيس الجامعة العربية لشؤون الإعلام والاتصال منذ 7 آذار سنة 2019، خرج من العراق باسم مستعار، “قيس جواد”، وظل خارج العراق 35 سنة، من سنة 1968، حتى 2003. حصل على الجواز السوري سنة 1975 بعد أن ألغت جوازَه العراقي وزارةُ الداخلية حين علموا بأنه معارض لاتفاقية شط العرب في الجزائر.

وصل إلى القاهرة يوم 6 أيلول سنة 1963، ودرس في جامعة القاهرة ثم في جامعة عين شمس، درس علم النفس. حصل على  دكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى في التاريخ الحديث للدولة العثمانية، تخصص علم الاجتماع العسكري من جامعة السوربون الفرنسية عام 1993. و دبلوم الدراسات المعمقة من مركز الدراسات الإستراتيجية بجامعة السوربون عام 1986. ماجستير فلسفة إسلامية من معهد الدراسات الإسلامية في القاهرة. ليسانس علم نفس واجتماع من جامعة عين شمس المصرية عام 1969.

أنشأ فرقة مسرحية وكتب مسرحية ومثّل هو فيها، ثم سُجّلت المسرحية وعُرضت في التلفزيون العراقي فجاء أبو قيس إلى مصر مهرعاً وقال لابنه «أنا أرسلتك إلى القاهرة لتدرس القانون لتصبح محاميا، فدرستَ علم النفس ورضينا، ولكن أن تصبح «ممثلا» لا بد أن ترجع إلى الإسلام»، فقال “فأقسمت له أنني لن أعيد الكرة مرَّة أخرى، فسجلت دراسة الماجستير في الفلسفة الإسلامية ودرست على يد أساتذة كبار منهم الدكتور «الباقوري» والدكتور «عبد الحليم محمود».

عمل في تحرير وطباعة مجلة “شؤون عربية” التي تصدرها الجامعة العربية في بداية الثمانينيات. ومصحح لغوي في مركز دراسات الوحدة العربية. و سكرتير تحرير مجلة «المستقبل العربي»، وإصدار دار “أفكار” للطباعة، وفيها طبعت عدة كتب، منها رواية “آيات شيطانية”، ثم إصدار مجلة “دراسات شرقية” قال قيس “تعرفت على المفكر الكبير روجيه جارودي الذي أسلم وسمى نفسه رجاء وقد تعرض بعد إشهار إسلامه لمشاكل كثيرة، بعد أن كان مطلوبا من كل دور النشر فأصبح منبوذا، فقد رفضت 200 دار نشر فرنسية النشر له، إلا أنا فقد أخذت منه كتاب «مجد الإسلام وانحطاطه» وطبعته ونشرته لذلك وضعني اللوبي الإسرائيلي تحت نظره.”.

اسم زائف..

يقول في أحد حواراته عن اضطراره إلى اتخاذ اسم زائف: “خرجت من بغداد في 63 لم أعد إليها إلا في 68 وتشاء الصدفة أثناء عودتي قام «حزب البعث العربي الاشتراكي» بعمل انقلاب عسكري في يوم 17 يوليو 68 وكان عمي وزير في هذا الانقلاب بينما أنا ناصري أتحدث في إذاعة صوت العرب وأتكلم عن البعثيين، وقتها قال صدام حسين وكان أيامها نائبا للرئيس لعمي إنه سيقضى على كل القوميين وسيحبسهم فساعدني عمي بعلاقاته ونفوذه على الخروج من العراق بجواز سفر باسم غير حقيقي، أنا اسمي قيس خزعل العزاوي، فأصبح اسمي قيس جواد، وقد تخرجت في الجامعة باسم قيس جواد وتزوجت وأنا اسمي قيس جواد وعشت طوال 36 عاما باسم غير اسمي.

نتيجة لعملي بالسياسة وملاحقة نظام صدام حسين لى، أعلن أخي الكبير خبر وفاتي حتى لا تتعرض عائلتي للتنكيل لكوني معارضا لنظام البعث وبالتالي مطرودا منه لقد كان النظام العراقي الذي كنا ضده في ذلك الوقت يمارس أنواعا من الاستبداد لم يعرف العالم مثيلا لها من قبل، ولأنني كنت منتميا لأول لتنظيم جبهوي معارض لنظام صدام النائب في ذلك الوقت، وهو التجمع الوطني العراقى، قام النظام بالحجز على حصتي من ميراثي فحرمني من كل شيء”.

الشقاء في باريس..

وعن حياته الصعبة في فرنسا يقول: “في عام 1972 تركت مصر إلى ليبيا، وقمت بالتدريس في طرابلس سنتين دراسيتين قررت بعدهما أن أكمل الدكتوراه في أمريكا، وفى طريقى طلب منى صديق يدرس الدكتوراه هناك التوقف في باريس لكي أسلم عليه لمدة 24 ساعة فبقيت في باريس 34 سنة لم أغادرها طوال هذه السنوات.

كانت أياما صعبة في البداية، لذلك أجبرت على العمل لكسب قوتي ونتيجة لعدم معرفتي باللغة الفرنسية كان الحصول على وظيفة صعبا جدا، وفى النهاية وجدت عملا في شركة تنظيف شوارع باريس صباحا ومكاتبها مساء، وكان الجو في فصل الشتاء في الصباح قارسا جدا، وكان معي زميل مصري وكنا لا نستطيع الاحتفاظ بلبس المعطف لأنه يجعل حركتنا مقيدة وبطيئة، لذلك كنا مجبرين على خلعه فكنا نلف أوراق الصحف تحت القميص حول جسمنا حتى نحتفظ بالحرارة لنستمر في عملنا بالشارع.

واستمرت الأمور على هذا المنوال لمده ثلاث سنوات كنت أعمل منذ الصباح وأركب أول مترو الساعة الخامسة والنصف صباحا، أبدأ العمل من السادسة حتى التاسعة بعدها أعود للاستحمام وأتوجه إلى الجامعة وأعود في المساء من السادسة إلى التاسعة أي أعمل 6 ساعات يوميا، كل هذا لكي أدبر المال الكافي للسكن والدراسة، وفى السنة الثالثة انتخبني العمال مندوبا لهم في النقابة فكنت أجلس في مكتب وأدير مخزنا لأجهزة وآلات التنظيف فكانت بالنسبة لي وظيفة مريحة”.

الرجوع إلى بغداد..

وفي لقاء تلفزيوني حكى عن العودة إلى وطنه يقول: “بعد نفى لمده 35 سنة هي فترة حكم صدام حسين من 68 إلى 2003 بعد سقوط صدام، خرجت أنا وثلاثة من رفاقي إلى سوريا ومن القيماشلي على ظهر لوح خشب وضعناه على عجلتي سيارة ودفعناه حتى عبرنا للناحية الثانية إلى أن وصلنا إلى بغداد، وعند وصولنا لأرض الوطن بكينا عندما رأينا الكلاب تعوي والجنود الأمريكان في بلادي والحرائق في كل مكان كان مشهدا حزينا لن يمحى من ذاكرتي”.

الوظائف التي عمل فيها..

  • رئيس اللجنة الدولية لحماية الصحفيين العراقيين ـ باريس منذ عام 2005.
  • رئيس اللجنة الدولية للتضامن مع أساتذة الجامعات العراقيين ـ باريس وجنيف منذ عام 2006.
  • رئيس تحرير صحيفة الجريدة اليومية الصادرة في بغداد من مايو 2003.
  • مدير مركز المرصاد العراقي في بغداد فرع لمركز السرمام في جنيف منذ 2004.
  • رئيس تحرير مجلة دراسات شرقية الصادرة في باريس من 1987 وحتى 2004.
  • باحث في مركز فلسفة الإستراتيجية بباريس من عام 1988.
  • باحث في مركز الدراسات الإستراتيجية بجامعة السربون 1987-1997.
  • أستاذ في الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية في لندن من 1997.
  • مستشار في شؤون الهجرة الإسلامية في فرنسا لدى مؤسسة موزاييك من 1993 حتى 1994.
  • رئيس تحرير مجلة البديل الصادرة في باريس من 1984 حتى 1986.
  • الإشراف على تحرير وطباعة مجلة جامعة الدول العربية “شؤون عربية” (1983- 1984).
  • سكرتير تحرير مجلة المستقبل العربي الصادرة عن مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت من1978 حتى 1983.
  • أمين تحرير مجلة الفكر الاستراتيجي العربي / معهد الإنماء العربي بيروت عام 1981.
  • أمين تحرير مجلة الفهرست في بيروت 1981 ـ 1983.

مقاومة الإرهاب..

في حوار معه  لبرنامج “بدون قناع” مع “كابي لطيف” يقول الدكتور “قيس العزاوي” عن مقاومة الإرهاب: “ما يجري أمر طبيعي لكي نصل إلى ما وصلت إليه الشعوب والمجتمعات التي مرت عبر التاريخ في هذه المعارك التي تجري في الشرق، حيث عاشت فرنسا 100 سنة من الحروب لتصل إلى ما هي عليه اليوم.لا يمكن محاربة الإرهاب بالطرق التقليدية والوسائل العسكرية والأمنية فقط، بل ينبغي محاربته ثقافيا من خلال تغيير المناهج المدرسية التي تدرّس الدين بالطرق العشوائية وغير المنفتحة على الآخر، مما يؤدي إلى كوارث كما نحن عليه اليوم”.

وعن عمله في مجال السياسة، يقول: “مارست السياسة بنفس ثقافي- رياضي ونفس الإنسان العادي، يقال أن لديّ ميزة قبول الآخر والتحاور معه، لا أخشى من يختلف معي بل بالعكس وقد وضعت تجربتي في كتاب “الاختلاف والتنوير” يجب أن نستفيد من التجربة الغربية في حركة التغيير والنهضة وعلينا أن نقبل اختلافاتنا”. عن تجربته في الجامعة العربية قال: “كانت تجربة غنية جدا وأنا بصدد وضع كتاب عنها فيه أسرار وقضايا كثيرة تخص طريقة عمل الجامعة العربية وكيف تؤثر الأنظمة العربية في الجامعة وغيرها من القضايا”.

ما أعطته فرنسا له..

وعن ما منحته فرنسا يقول: “فرنسا أعطتني أجمل شيء في حياتي، عائلتي وزوجتي وأولادي هم ثمرة اللقاء بين الشرق والغرب وأنا فخور بهم. وعلى المستوى الفكري والثقافي أتاحت لي فرصة في وقت كنت أفتقد فيه كل شيء، احتضنتني ووضعتني في مكانة لم أحلم بها بين المثقفين الفرنسيين والفلاسفة والسياسيين وانتميت إلى أحزاب سياسية فرنسية. وقد ألفت كتابين عن باريس هما “المثقفون العرب والوقوع في سحر باريس” و”باريس بأقلام العرب من الطهطاوي إلى نزار قباني””.

الصالون الثقافي العربي..

عن تأسيسه الصالون الثقافي العربي في القاهرة، يقول: “هو أفضل ما أنجزت في حياتي، حيث أسس الصالون عام 2011 وضم خيرة الوجوه الثقافية والفكرية العربية وهو في نشاط مستمر، وانتقل الصالون إلى أكثر من دولة حيث استقبل العديد من المفكرين والسياسيين، ويهدف إلى رفع وعي النخبة بما يجري في العالم العربي والدفاع عن حقوق الإنسان والمرأة، وقد أصدر الصالون العديد من الكتب”.

المشهد الإعلامي العربي..

في حوار آخر معه أجراه “أحمد أبو هارون- أسامة عجاج” يقول عن رؤيته للمشهد الإعلامي العربي: “المشهد الإعلامي هو تجسيد للمشهد السياسي، فعندما نقول الإعلام العربي تعنى أن هناك شخصية موحدة متكاملة، هذا الأمر واقعيا غير موجود. هناك مؤسسات إعلامية عربية كثيرة وقد لا تكون بالضرورة متكاملة، بدليل أنه لا يوجد خطاب إعلامي موحد، وعندما نخاطب الآخر نخاطبه بوسائل قد لا تكون مؤثرة للرأي العام الغربي على سبيل المثال. قبل أن أتولى رئاسة قطاع الإعلام والاتصال دعيت من قبل الجامعة لأقدم محاضرة حول تحديات الإعلام العربي، وحددت هذه التحديات بتسعة تحديات أساسية:

أولها التحدي المعرفي، فغالبية الذين يعملون في قطاع الإعلام في الدول العربية لم يدرسوا في كلية الإعلام، وعندما كنت أعمل في منظمة مراسلون بلا حدود مسئولا أو مستشارا للشئون العربية وتجولت مع روبير مينار مدير المنظمة في الدول العربية، كان طلب الإعلاميين نحن نريد تدريب لأنه بإمكانك أن تتجاوز المعرفة الأكاديمية بدورات إعلامية مستمرة في السنة شهر مثلا للتعرف على مدارس الإعلام ومستجدات تقنياته، لكن حتى ميزانيات التدريب في الكثير من المؤسسات الإعلامية غير موجودة ويعتمدون على تمويلات الآخر، والآخر هنا دولة أو منظمة دولية معنية بهذا الملف لها أجندات وأفكار خاصة ضمن شروطه يغذيك بأمور أخرى غير التدريب تتوافق مع إستراتيجيته.

 

أما التحدي الثاني فهو التحدي القانوني في الغرب هناك معرفة قانونية مسبقة للإعلامي ودراسة للقانون تجعله يعلم ما الممنوع والمحظور والمجتنب لكي يتحاشى الوقوع فيه. ينبغي أن تكون هناك معرفة قانونية فما يحلل في مناطق غربية قد يحرم في مناطق أخرى، فالمعايير الخلقية والقانونية ليست متطابقة في الوقت نفسه في الأماكن العديدة فتختلف من مكان لآخر، بالتالي لدينا إعلام ملئ بالممنوعات، السقوط في بث الحث على الكراهية على سبيل المثال، بث العنصرية، والتحريض على الآخر، هناك أشياء ممنوعة دوليا وتمارسها وسائل الإعلام عن جهل وعدم معرفة قد لا تكون عن نية سيئة، إذن نحن لم ندرس إعلاميينا ماهي حدودك عندما تكتب مقالتك، فتكتب وترتكب بعض الممنوعات، دون إدراك لتأثيرها”.

هناك التحدي الثالث هو معرفة القوانين الدولية وهى إحدى أهم مستلزمات مزاولة المهنة الإعلامية، إن مهنة الإعلامي تقتضى توفر الوعي الكافي بالبنية القانونية والأخلاقية للمجتمع لكي لا يقع الإعلامي في مغبة خرق القوانين أو تجاوزها. وهناك تحدى الوعي بالشرائع والمواثيق الدولية، حيث صدرت عشرات القوانين الخاصة بحرية الإعلاميين وبحقوقهم وضمانات سلامتهم وعلى الإعلامي العربي معرفتها والرجوع إليها عند الحاجة.

فعلى سبيل المثال قرار مجلس الأمن 1738 هذا القرار بعدما ازداد في العراق خطف وقتل الصحفيين إلى درجة تجاوز عدد الضحايا 300 صحفي في سنوات قليلة، فأصبح العراق في ظل الاحتلال الأمريكي البلد الأول المهدد لحرية الإعلام والصحافة، الأمر الذي دفع منظمة مراسلون بلا حدود بعمل نصب منحوت بأسماء الذين سقطوا شهداء الإعلام، لماذا قتل كل هذا العدد دون أن يحرك الأمريكيون وهم يحتلون البلاد ساكنا لماذا لم يقدم المسئولون عن القتل للمحاكمة؟ أن عليهم مسئولية قانونية وفق الاتفاقات الدولية وأمام القانون الدولي لماذا لم تفتح قط تحقيقات بذلك ما هو السبب؟!”.

وفاته..

توفي د. “قيس العزاوي” يوم 15 يناير 2022 بعد صراع مع المرض .

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب