خاص: قراءة- سماح عادل
في كتاب (قهر الخجل والقلق الاجتماعي) للدكتور “موري بي شتاين” والأستاذ “جون آرووكر”، يتم عمل علاج ذاتي للخجل والقلق الاجتماعي الذي ينتاب الإنسان، مما يعطي أهمية كبيرة لهذا الكتاب الذي سنقوم بقراءته.
الخجل ليس عيبا..
ليس هناك عيب في أن تكون خجولا، فالعالم في حاجة إلى الذين يتصفون بالهدوء والتأمل والرؤية، إلى الذين لا يقحمون أنفسهم في شؤون الآخرين، ويحرصون على عدم جرح مشاعرهم، لذا فكن فخورا بخجلك. لكن المشكلة أن هناك كثيرون لا يسعدهم خجلهم ويعتبرونه معوقا للتعبير عن أنفسهم، وإقامة علاقات صداقة مع الآخرين، والاستمتاع التام بحياتهم، وهناك من يرى أن الخجل هو الغطاء الواقي لهم فيشعرون من خلاله بالأمان والدفء، لكنه ربما يؤدي إلى الشعور بالظلم والوحدة.
فهم الخجل والقلق الاجتماعي..
الخجل يعني ميلا إلى الانسحاب من أمام الآخرين، خاصة هؤلاء الذين لا نعرفهم، وهو سمة شخصية، إن كلا منا لديه درجة معينة من الخجل، البعض لديه قدر كبير من الخجل، والبعض لديه قدر قليل، والغالبية لديهم قدر متوسط بين الاثنين. ورغم أن القلق الاجتماعي يتبع الخجل ومتصل به فإنهما غير متطابقين تماما، القلق هو حالة داخلية من عدم الراحة، شيء يحسه الأشخاص داخليا، وهو عادة ما يكون مصحوبا بالشك، أو عدم المعرفة. إن القلق انفعال وهو شديد الشبه بالخوف، ويعني القلق الاجتماعي ما تحس به من قلق أو عدم ارتياح عندما تكون محاطا بالآخرين، عادة يكون القلق الاجتماعي مصحوبا بالقلق من أن تكون موضع تفحص وتدقيق من الآخرين.
بواعث القلق الاجتماعي..
إن للجينات تأثير في كون الشخص قلقا اجتماعيا، ويحتمل أن تكون مجموعة من الجينات وليس جينا واحدا يساهم كل منها بنصيب في تشكيل شخصية الإنسان، وتؤثر على مستوى الخجل والقلق الاجتماعي لدى الشخص. وبالإضافة إلى الجينات هناك الخبرات ،سواء في بداية الحياة أو فيما بعد، ذلك فضلا عن البيئة الأسرية التي تلعب دورا في تشكيل شخصية الإنسان، وهذه الخبرات بدورها قد تؤثر على الطريقة التي تتطور بها أجهزتنا البيولوجية، بما في ذلك المخ، وفي ذلك يكمن الأسلوب الذي نرى من خلاله العالم ونتفاعل معه.
إذا ما استعرضنا قطاعا أكبر من المرضى بالقلق الاجتماعي، فإننا نجد أن معظمهم له تاريخ أسري مليء بالقلاقل، يزيد عن هؤلاء الذين ليس لديهم قلق، فالخلفية الأسرية المترسبة داخل الإنسان، إما تكون عونا له أو عائقا أمام نمو ثقته بذاته في المواقف الاجتماعية.
التغلب على سنوات التنشئة..
العادات القديمة وبالأخص طرق التفكير القديمة لا تموت بصعوبة، وعلى الرغم من أن إدراكنا لأصل هذه العادات ومنبع هذه الأنماط في التفكير يمكن أن يكون عونا لنا، فإن مجرد الاقتصار على الفهم ليس كافيا حتى يتسنى لك معالجة قلقك الاجتماعي، إنك بحاجة إلى أن تتعلم أطرا جديدة للتواصل مع الناس، وطرقا جديدة في السلوك إزاء الآخرين، ومع المواقف الاجتماعية وممارستها مرات عديدة.
طبقا للدارسات فإن حوالي 5% من الأطفال والمراهقين في أمريكا يعانون من القلق الاجتماعي، وربما يتطور الأمر بمرور الوقت إلى المعاناة من عدة مشاكل وهي: ( الوحدة- تقدير ضئيل للذات- الاكتئاب).
العلاج بمساعدة الذات..
ثلاثة خطوات للتغلب على القلق الاجتماعي..
1- أن تدرك نمط القلق الذي تعاني منه.
2- أن تغير تفكيرك في المواقف المثيرة للقلق.
3- أن تغير سلوكياتك المثيرة للقلق.
إن تحديد الأهداف سوف يبقيك متحمسا للتغلب على القلق، وللشروع في هذه المهمة يجب أن تضع مخاوفك جانبا، وتتخيل حياة لا يعوقها الخوف، وهذه الأهداف تنقسم إلى أهداف طويلة الأجل تستغرق أكثر من سنة أو اثنتين لتحقيقها، وأهداف متوسطة الأجل يمكن تحقيقها في سنة واحدة، وأهداف قصيرة الأجل يمكن تحقيقها خلال القليل من الشهور. لا تفكر فقط في أهدافك للتغلب على متاعب القلق ولكن فكر أيضا في أهدافك للفترة الباقية من حياتك، مثل مهنتك وحياتك الأسرية.
التغلب على الأفكار المثيرة للقلق..
إن التفكير السلبي هو جوهر القلق الاجتماعي، أن تعلم كيفية تغيير أنماط هذا التفكير السلبي يتطلب تدريبا متواصلا:
– الوعي المفرط للذات: إن الأشخاص الذين يعانون من مستويات عالية من الوعي بالذات، يقضون قدرا كبيرا من الوقت مركزين اهتمامهم بأنفسهم أكثر من العالم المحيط بهم، فهم يركزون على مشاعرهم وأفكارهم وأفعالهم، ويركزون أيضا على محاولة تخمين رد فعل الآخرين.
– إن التركيز المفرط على الذات يسبب مشكلات عديدة.
– إنه يزيد من مستوى قلقك.
– يصرف انتباهك بعيدا عن الآخرين. لو أنك شاردا قد يفترض الآخرون أنك غير مهتم بهم، مما يجعلهم يستجيبون لك بصورة أقل حماسة.
– يجب عليك أن تتعلم كيف تحول انتباهك من نفسك إلى الآخرين، إننا جميعا لدينا درجة من التحكم في انتباهنا، ويمكننا اختيار التركيز على جهة معينة من المواقف التي نعايشها، فكر في الاستماع إلى الموسيقى وأيضا:
– عندما تكون شاعرا بالقلق ذكر نفسك بالتركيز على الآخرين.
– اجعل هدفك هو الاستماع إلى ما يقوله الشخص الآخر. فكر في مدى شعور هذا الشخص بما يقوله، وهل هذا موقف يشتمل على عاطفة قوية؟ أو هل هذا يعتبر معلومات مهمة بالنسبة لهذا الشخص؟.
– سوف يرتد انتباهك غالبا إلى نفسك لاسيما عندما تراودك فكرة مثيرة للقلق أو شعور جسدي معين، لا تقلق بشأن محاولة إيقاف تلك المشاعر ولكن تقبلها وحسب، ثم وجه انتباهك مرة أخرى إلى الشخص الآخر.
– لا تحاول أن تكتشف ما يعتقده الآخرون عنك، إن تركيز انتباهك على الآخرين قد يكون صعبا في البداية، ولكن بمواصلة هذا التركيز مع الممارسة سوف تشعر بتحسن.
عندما تكون منزعجا من الأفكار المثيرة للقلق فأنت تميل إلى رؤية الأشياء على أنها أكثر سلبية مما هي عليه في الواقع، قبل الحدث قد تتوقع توقعات سلبية بشأن كيفية استجابة الآخرين بالنسبة لك، وكيفية ادائك، وكيفية ظهور الأحداث، أما بعد الحدث قد تقيم تقييمات سلبية لكيفية تعاملك مع الحدث.
هناك أنماط معينة من التفكير المثير للقلق تتعلق بالقلق الاجتماعي، وكونك واعيا بتلك الأنماط يمكن أن يساعدك على التعرف عليها:
– الكمالية: التركيز على القيام بالأعمال بصورة مثالية.
– التفكير في كل شيء أو لا شيء.
– التفكير التشاؤومي.
– المغالاة في تقدير الخطر في أي موقف.
– بخس تقدير قدرتك على التوافق مع أي موقف صعب.
– تفسير القلق كعلامة للفشل.
– قراءة العقل: قد تترك موقفا اجتماعيا صعبا معتقدا أن الآخرين أظهروا رد فعل سلبي بالنسبة لك، إنه من الصعب فعلا أن تعرف ما يفكر فيه الشخص الآخر دون أن تسأله.
– النزعة السلبية في التفكير عن نفسك.
فور تعرفك على أفكارك المثيرة للقلق في أي موقف اجتماعي صعب فإن الخطوة التالية هي الاستفسار عن مدى واقعية وفائدة هذه الأفكار، ثم المناقشة مع النفس، والتفكير بشكل ايجابي يساعد على رؤية الصعوبات بشكل أكثر واقعية، وعلى اقتراح طرق تمكنك من التعامل معها.
استراتيجيات الاسترخاء..
كثير منا يعاني من توتر عضلي في حياتنا اليومية، فإذا ما تعلمت كيفية الاسترخاء وأنت تحت عدة ضغوط، فهذا يجعلك تؤدي عملك بمهارة وسرعة، فالتوتر الشديد يؤدي إلى صعوبة الحركة، واستخدام مزيد من الطاقة لانجاز العمل.
التنفس الاسترخائي: يكون الاسترخاء عن طريق التنفس ببطء، مما يساعد على التحكم في القلق، وبإمكانك ممارسته في أي مكان دون أن يلاحظ أحد.
الاسترخاء العميق للعضلات: يتضمن تحركا منتظما لعضلات الجسم، حيث ينبغي عليك أن تقوم بشد عضلاتك ثم ترخيها، للتخلص من التوتر العضلي.
الاسترخاء التأملي:وهو أسلوب قوي، ويتمثل في إيجاد صورة تأملية في ذهنك تساعدك على الاسترخاء، قم بالتأمل في تفاصيل صور حية، وحاول أن توجد كل المشاعر التي ستشعر بها، إذا كنت موجودا في هذه الصورة التي أعطيت تفاصيلها، بما في ذلك كل ما ستراه وما ستسمعه أو تتذوقه أو تشمه.
الخطوات الأساسية للتغلب على القلق..
– افعل شيئا إزاء القلق، الطريق الذي يتسم بأقل مقاومة هو أن تسمح للقلق بالتحكم في حياتك، لا تقدم أية تنازلات أمام القلق، وإنما امسك بزمام الأمور، وناضل وحرر حياتك من القلق.
– اختر وسيلة للعلاج التي تناسبك.
– كن مرنا، تختلف نتائج عمل وسائل العلاج من شخص لآخر، فإذا لم تحرز تقدما كن مستعدا لتغيير أدوات العلاج، وتحقق من وسيلة علاج مختلفة.
– كن صبورا، يحتاج التغيير إلى وقت لكي يحدث، امتدح نفسك عندما تحرز تقدما نحو هدفك، ولا تقسو على نفسك عندما يكون التقدم بطيء.
– التمرين يزيدك اتقانا، إذا كان لديك الجرأة لتضع نفسك في مواقف تثير قلقك، والتشبث الذي يبقيك في الموقف وقتا كافيا حتى يختفي شعورك بعد الارتياح سيجعلك تتحسن بالفعل.
– دع الآخرين يدخلون حياتك، واخرج إلى العالم.