خاص: إعداد- سماح عادل
قصة حب “عمر الشريف” و”فاتن حمامة” من أبرز قصص الحب في السينما المصرية، في مجلة الكواكب في 18 يناير عام 1977 حاولت الإجابة على عدد من الأسئلة: كيف بدأت قصة الحب بين فاتن حمامة وعمر الشريف؟ وكيف صارح كل منهما الآخر بمشاعره نحوه؟ وكيف اتفقا علي الزواج؟ وكيف انتهت هذه القصة إلى الطلاق الذي تم منذ شهور في سفارة مصر بباريس.
لقد عاصر محرر المجلة هذه القصة منذ بدايتها عام 1954 وروت له “فاتن حمامة” نفسها تفاصيل كثيرة عنها أثرت الاحتفاظ بها هذه السنين الطويلة إلى أن جاء خبر زواج “عمر الشريف وسهير رمزي” هذا الخبر الذي تؤكده سهير رمزي في القاهرة وعمر الشريف في باريس.
بداية الحب..
أول لقاء ل”فاتن حمامة وعمر الشريف” كان في اليوم الأول لبدء العمل في فيلم “صراع في الوادي”، لقد ذهبت “فاتن حمامة” إلى أستوديو الأهرام ودخلت غرفة المكياج وطلبت من المخرج “يوسف شاهين” أن يحضر الوجه الجديد الذي سيقوم بالبطولة أمامها والدي سبق ل”يوسف شاهين” أن حدثها عنه بعد نجاح الاختبار السينمائي الذي أجراه له.
وبعد لحظات دخل “يوسف شاهين” وخلفه شاب يسير وهو يتعثر في خطواته وانحنى بأدب يحيي فاتن وشعرت فاتن من طريقة حديثه أنه شديد الخجل شديد الخوف منها.
إنها “فاتن حمامة” وهو لم يكن إلا مجرد وجه جديد ووجدت فاتن من واجبها أن تشجعه وتساعده فهي تعلم مدى الاضطراب الذي يصيب شابا خجولا يدخل الوسط السينمائي للمرة الأولى، فدعته إلى الجلوس معها في غرفة الماكياج وبدأت تحدثه عن هوايتها للسينما ودراسته والأفلام التي شاهدها، والممثلين الذي يعجب بهم حتي استطاعت أن تخلصه من الخجل والخوف بعد لحظات قصيرة من حديثها معه.
ولما بدأ التصوير كان عمر يقف أمام الكاميرا في المشاهد التي تجمعه بفاتن بقوة وحماسة وبعد فترة قصيرة استطاع عمر أن يتأقلم مع الظروف الجديدة ويرتبط بصداقة مع الزملاء العاملين معه في الفيلم، وكأنما هو زميل قديم، ويرجع الفضل في ذلك إلى “فاتن حمامة” الذي كانت السبب في هذا التغيير منذ استطاعت بلباقتها وبساطتها أن تزيل كل ما في نفس عمر من خوف ويشعر أنه أمام إنسانة عادية قبل أن تكون مشهورة.
وانتهى العمل في هذا الفيلم وتبادل الجميع التحيات والتمنيات الطيبة ولم تلتق فاتن بعمر الشريف بعد ذلك إلا في حفلة العرض الأول للفيلم بدار سينما ميامي.
كانت فاتن في هذه الفترة تمر بأزمة عنيفة بعد أن استحالت الحياة الزوجية بينها وبين زوجها الأول المخرج “عز الدين ذو الفقار” واتفقا على الطلاق وفعلا وقع هذا الطلاق، وبدأت تحس بالفراغ من حولها ويستولي عليها شعور المرأة التي تعيش في أعقاب تجربة انتهت بالفشل.
ولم يكن يملأ حياتها إلا ابنتها نادية ولكن ما كاد يعرض فيلم “صراع في الوادي” حتى قامت معركة أثارها بعض هواة نشر الشائعات فقد أشاعوا أن فاتن تعيش قصة حب مع “عمر الشريف”، وكانوا يؤيدون هذه الشائعات بالقبلة التي وافقت فاتن على أن تبادلها مع “عمر الشريف” في الفيلم وكانت هذه أول قبلة في حياتها على الشاشة.
ومن ظريف ما يروي في هذه المناسبة أنه عند تصوير هذه القبلة كانت حوادث الفيلم تقتضي أن يغمى على عمر الشريف وبعد تم تصوير هذا المشهد اكتشفوا أنه أغمى على عمر فعلا ولم يجد عمر تفسيرا لهذا الإغماء الحقيقي بعد ذلك وكانوا يستشهدون بهذه القبلة على أن فاتن وقعت في حب عمر الشريف بدليل موافقتها على أن يقبلها مع أنها لم تسمح بظهور مثل هذا المشهد مع أي ممثل آخر.
وقد قالت فاتن بعد ذلك إنها حتى هذا الوقت لم تكن تفكر في عمر كفتى أحلامها ولم تحاول أن تكذب هذه الشائعات التي أثيرت حولها، وفضلت ألا تغيرها فهي مؤمنة بأن الحقيقة تستطيع أن تقتل هذه الشائعات. ولما سمع عمر بهذه الشائعات خشي أن تعتقد فاتن أنه مصدرها فبادر يتصل بها معتذرا عنها وفوجئ بأن فاتن غير غاضبة ودعاها إلى تناول الشاي معه فاستجابت لدعوته فشعرت أثناء اللقاء بأن شيئا يحدث.. وقد كانت قصة الحب بينهما ثم الزواج.
الزواج..
حكي “عمر الشريف” عن طلب الزواج من “فاتن حمامة” قال: “مازلت أذكر تلك اللحظة التي عرضت فيها الزواج، لقد فأفأت وثأثأت ورجعت عدة خطوات وكنت أشبه التلميذ الذي نسى كل معلوماته في الامتحان الشفهي وفجأة صحت أقول لها “ما رأيك لو اتجوزنا؟ وكدت أجرى بعد أن نطقت بهذه الجملة ولكن شيئًا ما جعلني أجلس في مكاني”.
صحيح أنني اعتقدت أنها غاضبة من هذا العرض، وقررت أن أعتذر لها، والطريف أنني كنت أتخيل ما سيجرى من حديث بيني وبينها وأتخيل أنها غاضبة يجرى على لسانها كلاما شديدا ثم أتخيل نفسي أنني اعتذر وكتبت الحوار الذي جرى على لسانها والحوار الذي جرى على لساني وسجلت هذين الحوارين ومازلت أحتفظ بالورقة التي كتبت عليها الحوار نستعيد قراءتها أنا وفاتن ونضحك كثيرًا”.
قرر “عمر الشريف” التحول من اليهودية إلى الإسلام للزواج ، حيث كتب في مذكراته، أن قراره بتغيير ديانته كان صعبًا على أفراد أسرته، واستغرق الأمر بعض الوقت حتى تصل إليهم الأخبار. ومع ذلك، في يوم الزفاف، قال والده للجميع: “من الآن، أريد أن يكون الجميع سعداء”، مضيفًا أن ابنه ترك دينه ليتزوج وهي مشكلة كبيرة لجميع أفراد الأسرة.
والمثير للدهشة أن زوج “فاتن حمامة” “عز الدين ذو الفقار” لم يعترض على ترك زوجته له حيث قال “عمر الشريف”: “كان زوج فاتن رجل نبيل حقيقي”. حيث وافق حتى على إجراء شكلي لضمان حدوث الانفصال بشكل ودي.
فاتن حمامة..
ولدت في 27 مايو/أيار، سنة 1931، في حي عابدين، وسط العاصمة المصرية القاهرة، وعاشت حياة استثنائية في كل شيء، إذ بدأت نجوميتها في سن السادسة، عندما فازت بجائزة أجمل طفلة في مصر، وأرسل والدها صورتها للمخرج محمد كريم أثناء بحثه عن طفلة تقف أمام الموسيقار محمد عبد الوهاب في فيلم “يوم سعيد”. واختار المخرج محمد كريم “فاتن” وشاركت في الفيلم الذي تم إنتاجه عام 1940.
الانفصال..
في الستينيات انقلبت حياة “عمر الشريف”، إذ اختاره المخرج العالمي دافيد لين، لبطولة فيلم “لورانس العرب” وهو الفيلم الذي ترشح عنه لجائزة الأوسكار، وتوالت أعمال عمر الشريف العالمية، لذا سافر إلى أوروبا وصحب معه زوجته فاتن حمامة، وبعد 5 سنوات دبت الخلافات بينهما، وتحول المنزل الهادئ إلى بيت مليء بالضجيج والصخب.
انشغل عمر الشريف عنها، وفشلت في أن تجد لها مكاناً بجانبه، وحاولت أن تعمل لاسيما أنها كانت تجيد الفرنسية والإنجليزية بطلاقة، لكنها لم تتحقق، فشعرت بالغيرة من نجاح زوجها، وطلبت منه العودة إلى مصر، لكن “لورانس العرب” رفض أن يضحي بحلم العالمية من أجلها، ولهذا السبب وقع الطلاق، وأسدل الستار على قصة حب رائعة.
يقول “عمر الشريف” عن سر عدم زواجه مرة أخري: “لأنني لم أحب بعد فاتن، أنا لا أتحمل عقلية المرأة الغربية، وليس لي أصدقاء هنا، أصدقائي كلهم من العرب، حقيقي أن اسمي ارتبط بالعديد من النساء لكني لم أحب أي واحدة منهن.
تحدث “عمر الشريف” في مقابلة مع الجارديان في عام 2004 عن زواجه الفاشل من فاتن حمامة، قائلا إنه اختار الخروج من الزواج على الرغم من أنه أحب زوجته وأنجبا طفلاً معًا. وأرجع الشريف سبب الانفصال إلى أنه عندما حقق نجاحًا كبيرًا في هوليوود، كان يخشى أن تغريه ممثلة أخرى ويكسر قلب حمامة، لم يكن يريد أن يفعل ذلك لها وقرر أنه سيكون من الأفضل لهما إنهاء الزواج.
وأضاف “عمر الشريف”: “زوجتي كانت تتقدم في العمر منذ سنوات، وكنت أخشى أن أتركها فيما بعد، حيث لم يكن لديها فرصة لتعيش حياة أخرى.. في الحقيقة، لقد أخبرتها بذلك. وقد نجح ذلك لأنها التقت بعد ذلك رجلا آخر وتزوجت”.
ويواصل: “هذا لا يمنع أنى أنا وفاتن صديقان، وهي أقرب الناس لي وأسراري كلها معها، أيضا علاقتي بأسرة فاتن لم تتغير بعد الطلاق وكلهم يحبونني وكأني فرد منهم، ووالدة فاتن تحبني وأنا أعتبرها مثل أمي، والحقيقة أنا الآخر نفسي أتجوز وأخلف بنت تملأ على حياتي لأن البنت فيها حنان كبير وده لا يمنع أني أحب الأولاد وأنا بحب نادية بنت فاتن وطارق ابننا كثيرا، ودائما هناك تواصل معهما برغم الانفصال”.