13 أبريل، 2024 6:09 ص
Search
Close this search box.

قصة الحضارة (8): الرجال أحبوا كثرة الأطفال لذا جعلوا الأمومة مقدسة

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: قراءة- سماح عادل

يتناول الكتاب تنظيم العلاقات ما بين الجنسين، وظهور فكرة العفة وأيضا ظهور الاتجار بالعلاقة الجنسية، كما يشرح كيف أصبح الوفاء الزوجي والأمومة من الأمور المقدسة، في حين تحول العري إلى أمر مشين، وأصبح الطلاق أمرا مستهجنا. وذلك في الحلقة الثامنة من قراءة “قصة الحضارة” الكتاب الموسوعي الضخم وهو من تأليف المؤرخ الأمريكي “ويل ديورانت” وزوجته “أريل ديورانت”، ويتكون من أحد عشر جزء.

أخلاق العلاقات بين الجنسين..

يحكي الكتاب عن تنظيم العلاقة الجنسية لدى الإنسان البدائي: “إن أهم مهمة تقوم بها الأخلاق هي دائماً تنظيم العلاقة الجنسية؛ لأن الغريزة التناسلية تخلق مشكلات قبل الزواج وبعد الزواج وإبَّان الزواج، وهي تهدد في كل لحظة بإحداث الاضطراب في النظام الاجتماعي لإلحاحها وشدتها وازدرائها للقانون وانحرافاتها عن جادة الطبيعة؛ وأولى مشكلاتها تقع قبل الزواج، أتكون العلاقات الجنسية عندئذ مقيدة أم طليقة؟ وليست الحياة الجنسية بالطليقة من كل قيد حتى في عالم الحيوان؛ فرفض الأنثى للذكر، إلا في فترات التهيج، يحصر الحياة الجنسية عند الحيوان في دائرة أضيق جداً من مثيلتها عند الإنسان ذي الشهوة العارمة.

وأنك لتجد بين الشعوب البدائية ما يشبه قيود الحيوان أو ما يضادها، في تحريم الاتصال بالنساء في أيام حيضهن،َ ولو استثنيت هذا القيد العام وجدت الاتصال الجنسي قبل الزواج طليقاً إلى حد كبير في الجماعات البدائية الأولى؛ فعند هنود أمريكا الشمالية، يتصل الشبان بالشابات اتصالا حراً دون أن يكون ذلك عائقاً للزواج، وكذلك عند قبيلة بابوا في غينا الجديدة تبدأ الحياة الجنسية في سن مبكرة جداً والقاعدة قبل الزواج هي الشيوعية الجنسية وكذلك توجد مثل هذه الحرية قبل الزواج في قبيلة “السويوت” Soyots في سيبريا”.

وعن ظهور الاتجار بالجنس: “في مثل هذه الظروف لا يُنتظر أن نجد عُهراً كثيراً في المجتمع البدائي، فهذه المهنة التي هي “أقدم المهن” حديثة نسبياً لأنها لم تنشأ إلا مع المدنية مع ظهور الملكية واختفاء الحرية الجنسية قبل الزواج؛ نعم لقد تجد هنا وهناك فتيات يبعنَ أنفسهنَ حيناً ليجمعنَ مهورهنَ أو ليحصلن مبلغاً يقدمنه إلى المعابد، لكن ذلك لا يحدث إلا إذا كان التشريع الخلقي في الإقليم يوافق عليه باعتباره تضحية تعبدية لمساعدة أبوين مقتصدين أو لإشباع آلهة جائعة”.

ظهور فكرة العفة..

وعن مفهوم العفة وإراقة دم الفتاة: “وأما العفة فهي الأخرى مرحلة جاءت متأخرة في سير التقدم، فالذي كانت تخشاه العذراء البدائية لم يكن فقدان بكارتها، بل أن يشيع عنها أنها عقيم، فالمرأة إذا ما حملت قبل زواجها كان ذلك في معظم الحالات معيناً لها على الزواج أكثر منه عائقاً لها في هذا السبيل، لأن ذلك الحمل يقضي على كل شك في عقمها، ويبشر بأطفال يكسبون لوالدهم المال، بل إن الجماعات البدائية التي قامت قبل ظهور الملكية، كانت تنظر إلى بكارة الفتاة نظرة ازدراء لأن معناها عدم إقبال الرجال عليها.

حتى كان العريس من قبيلة “كامشادال” إذا ما وجد عروسه بكراً ثارت ثورته و “طفق يسب أمها سباً صريحاً لهذه الطريقة المهملة التي قدمت بها ابنتها إليه”، وفي حالات كثيرة كانت البكارة حائلا دون الزواج، لأنها تلقي على الزوج عبئاً ثقيلا على النفس، وهو أن يخالف أمر التحريم الذي يقضي عليه بألا يريق دم أحد من أعضاء قبيلته، فكان يحدث أحيانا أن تُسلم البنات أنفسهن لغريب عن القبيلة ليزيل عنهن هذا العائق الذي يحول بينهن وبين الزواج.

ففي التبت تبحث الأمهات في جدٍ عن رجال يفضون بكارة بناتهن، وفي “ملبار” ترى الفتيات أنفسهن يرجون المارة في الطريق أن يؤدوا لهن هذه المكرمة “لأنهن ما دمن أبكاراً فهن لا يستطعن الزواج”، وعند بعض القبائل تضطر العروس أن تُسَلّم نفسها لأضياف العرس قبل دخولها إلى زوجها، وعند بعضها يستأجر العريس رجلاً ليفض له بكارة عروسه، وقبائل أخرى في الفليبين يقوم موظف خاص يتقاضى راتبا ضخما تكون مهمته أن يؤدي هذا العمل نيابة عمن اعتزموا الزواج من الرجال.

فما الذي غيَّر النظر إلى البكارة بحيث جعلها فضيلة بعد أن كانت خطيئة؟ فجعلها بذلك عنصراً من عناصر التشريعات الخلقية في كل المدنيات العالية؟ لا شك أنها الملكية، حين قام بين الناس نظامها، هي التي أدت إلى هذا التحول؛ فالعفة الجنسية بالنسبة إلى البنات قبل الزواج جاءت امتداداً للشعور بالملك الذي أحسَّه الرجل إزاء زوجته بعد أن أصبحت الأسرة أبوية يرأسها الزوج، وازدادت قيمة البكارة لأن العروس في ظل نظام الزواج كانت تشترى بثمن أغلى إن كانت بكراً من ثمن أختها التي ضعفت إرادتها، إذ البكرُ يُبشّر ماضيها بالأمانة الزوجية التي أصبحت عندئذ ذات قيمة كبرى في أعين الرجال الذين كان يؤرقهم الهم خشية أن يورثوا أملاكهم إلى أبناء السفاح.

وأما الرجال فلم يدر في خواطرهم قط أن يقيدوا أنفسهم بمثل هذا القيد، ولست تجد جماعة في التاريخ كله قد أصَرت على عفة الذكر قبل الزواج، بل لست تجد في أية لغة من اللغات كلمة معناها الرجل البكر.

بهذا قضى على البنات وحدهن أن يعانين الخوف على بكارتهن، فأثر فيهن هذا الوضع على صور شتى؛ فقبيلة “توارج” تعاقب البنت أو الأخت التي حادت عن الجادة بالموت، وزنوج النوبة و الحبشة والصومال وغيرها يضعون على أعضاء التناسل للبنات حلقات أو أقفالا تمنع أداء العملية الجنسية، وما يزال شيء كهذا قائما إلى يومنا هذا في بورما وسيلان؛ كذلك نشأت ضروب من عزل البنات عزلاً لا يتيح لهن أن يُغرين الرجال أو يجيهن الإغراء من الرجال؛ والآباء الأغنياء في بريطانيا الجديدة يحجزون بناتهم خلال الخمس السنوات الخطرة في أكواخ يقيمون عليها حارسات من العجائز الفضليات، فلا يسمح للبنات بالخروج أبداً ثم لا يؤذن لأحد برؤيتهن إلا الأقارب؛ وليس بين هذه التصرفات كلها، وبين “البُردة” التي تلبسها المسلمات والهندوس إلا خطوة واحدة، وإن هذه الحقيقة لتذكرنا مرة أخرى بقرب المسافة بين “المدنية” و “الهمجية””.

العري..

وعن اعتبار العري أمرا مشينا: “وجاء الخَفرَ مصاحباً للبكارة ولسيطرة الوالد على أسرته؛ فهنالك قبائل إلى يومنا هذا لا يأخذها الحياء من ترك أجسادها عارية، لا بل إن بعضها ليخجله لبس الثياب؛ ولقد اهتزت جنبات أفريقيا كلها بالضحك حين التمس “لفنجستون” من مُضيفيه السود أن يضعوا على أجسادهم بعض الثياب قبل قدوم زوجته؛ وكانت “ملكة بالوندا” عارية من قمة رأسها إلى أخمص قدمها حين عقدت مجلسها من أجل “لفنجستون”.

وبين القبائل أقلية صغيرة تباشر العلاقة الجنسية علنا دون أن يداخلها أثر من الخجل؛ وكان أول ظهور الحياء عند المرأة حينما أحست أنها محرَّمة أيام حيضها؛ وكذلك حين قام نظام الزواج بالشراء، وأصبحت بكارة البنت تدر الربح على أبيها، فولدَ عزل الفتاة وإرغامها على البكارة شعوراً عندها بضرورة احتفاظها بعفتها؛ أضف إلى ذلك أن الحياء عند الزوجة في ظل نظام الزواج بالشراء، هو شعورها بتبعة مالية إزاء زوجها بأن تمتنع عن أية علاقة جنسية خارجية ليس من شأنها أن تعود عليه بشيء من الربح.

وهاهنا ظهرت الملابس، إن لم تكن الدوافع إلى التزين وإلى الوقاية قد أنشأتها بالفعل قبل؛ ذلك ففي قبائل كثيرة لا تلبس المرأة ثياباً إلا بعد زواجها علامة على حيازة زوجها لها حيازة تامة، وحائلا يحول دون سائر الرجال أن تأخذهم شهامة الرجولة؛ فالرجل البدائي لا يوافق على الرأي الذي ذهب إليه مؤلف “جزيرة البطريق” من أن الثياب تشجع على الدعارة.

وعلى كل حال فليست العفة متصلة بالثياب صلة ضرورية، فيحدثنا الرحالة في أفريقيا أن الأخلاق هناك تناسب في تقدمها تناسباً عكسياً مع كمية الثياب فواضح أن ما يستحي من فعله الناس إنما يعتمد على أساس التحريم الاجتماعي والتقاليد التي تسود جماعتهم، فإلى عهد قريب كانت المرأة الصينية يخجلها أن تعرى عن قدمها، والعربية يخجلها أن تكشف عن وجهها، والمرأة من قبيلة “تاورج” يخجلها أن تبدي فمها، على حين أن النساء في مصر القديمة، وفي الهند في القرن التاسع عشر، وفي “بالى” في القرن العشرين لم يخجلهن أبداً أن يكشفن عن أثدائهن حتى أتاهن السائحون الشهوانيون.

الالتزام بعلاقة الزواج..

وعن الزنا: “لما تطورت الملكية، تدرج الزنا فأصبح من الكبائر بعد أن كان معدوداً من الصغائر؛ فنصف الشعوب البدائية التي نعرفها لا تعلق على الزنا أهمية كبرى وعلى ذلك فنشأت الملكية لم تؤد فقط إلى مطالبة المرأة بالوفاء التام لزوجها، لكنها كذلك ولَّدت في الرجل شعوراً بالملكية إزاء زوجته؛ حتى حين يعيرها لضيفه، فهو إنما يفعل ذلك لأنها مِلكه جسداً وروحاً؛ ثم كملَ هذا الاتجاه في تصور المرأة حين ألزموها أن تهبط إلى قبر زوجها مع سائر أدواته؛ وعُدَّ الزنا في الأسرة الأبوية مساوياً للسرقة كأنما هو في أساسه اعتداء على الامتلاك.

وتفاوت عقاب الزنا في شدته من أخف العقوبات إلى أقساها، من عدم المبالاة عند القبائل البدائية إلى بقر بطون الزانيات وإخراج أمعائهن عند بعض قبائل الهنود في كاليفورنيا وبعد أن مرت الجريمة بقرون طويلة من العقاب، قَرَّت في النفوس فضيلة الوفاء الزوجي عند الزوجة قراراً مكينا وولدت لها ضميرا في فؤاد المرأة يرعاها، حتى لقد أدهشت قبائلُ هندية كثيرة غزاتهم بما لزوجاتهم من فضيلة الوفاء التي يستحيل عندهن التفريط فيها؛ وتمنى كثير من الرحالة أن يجيء يوم على النساء في أوربا وأمريكا يساوين فيه من حيث الوفاء الزوجي زوجات الزولو والبابوا.

وكان الوفاء الزوجي أيسر على أهل “بابوا”، لأنهم كمعظم الشعوب البدائية لا يقيمون إلا قليلا من العوائق التي تعوق الزوج عن طلاق زوجته، حتى أن الاتحاد الزوجي أوشك ألا يزيد بين الهنود الأمريكيين على عدد قليل من السنين؛ ويقول في ذلك “سكولكرافت”: “إن نسبة كبيرة من الرجال الكهول أو الشيوخ، قد اتصلت بزوجات كثيرة حتى أن هؤلاء ليجهلون أبناءهم المنتشرين في أرجاء إقليمهم”؛ “إنهم يسخرون من الأوروبيين لاكتفاء الرجل منهم بزوجة واحدة مدى حياته، وهم يرون أن “الروح الطيبة” قد زاوجت بين الزوجين ليكونا سعيدين، فلا ينبغي أن يظلا معاً إلا إذا تلاءمت فيهما الاتجاهات والميول”؛ لهذا ترى الرجال من قبيلة “تشروكي” يبدلون الزوجة ثلاث مرات أو أربعاً كل عام، وأما أهل “ساموا” فيبقون على زوجاتهم ثلاث أعوام لأنهم يميلون إلى المحافظة”.

الطلاق..

وعن الطلاق وتأثيره على الملكية: “لما جاءت الزراعة بما تقتضيه من حياة مستقرة، أمتدَ أمد الروابط الزوجية؛ ففي ظل النظام الأبوي للأسرة، كان الطلاق عملية لا تتفق وقواعد الاقتصاد في رأي الرجل، لأن طلاق الزوجة معناه في حقيقة الأمر تفريط في أمةٍ تعود على سيدها بالربح ولما أصبحت الأسرة هي نواة الإنتاج في المجتمع، تحرث الأرض وترعاها بالتعاون، ازدادت ثراء كلما ازدادت نفراً وتماسكا، على فرض المساواة في سائر الظروف بينها وبينما هو أصغر منها من الأسر.

وتبين للناس ما هو في صالح المجتمع من أن الرابطة الزوجية ينبغي أن تدوم بين الزوجين حتى يفرغا من تربية أصغر الأبناء؛ ولكنهما إذا ما بقيا معاً حتى هذه السن، لم يعد لديهما من نشاط الحياة ما يدفعهما إلى حب جديد. وتصبح حياة الزوجين كأنها نفس واحدة لما اشتركا فيه معاً من عمل وصعاب؛ ولم يعد الطلاق إلى اتساع نطاقه من جديد، إلا بعد انتقال الإنسان إلى الصناعة في المدن، وما تبع ذلك من خفضٍ لعدد أفراد الأسرة وقلة في خطرها.

ويمكن القول بصفة عامة أن الرجال خلال عصور التاريخ كلها أحبوا كثرة الأطفال؛ ولذا جعلوا الأمومة مقدسة؛ بينما النساء اللاتي يقاسينَ مرارة النسل، قد اضطربت في أنفسهنَ ثورة خفية على هذا التكليف الثقيل، فاستخدمنَ ما لا عدد له من الوسائل ليتخففنَ من أعباء الأمومة؛ فالرجال البدائيون لا يأبهون عادةً لعدد السكان أن يزيد إلى غير تحديد، لأن الأبناء مربحون لهم في ظروف الحياة السوية، ولئن أسف الرجل على شيء فذاك أنه يستحيل عليه أن يستولد امرأته البنين بغير البنات.

أما المرأة فتقابل هذا من ناحيتها بالإجهاض ووأد الأطفال وضبط النسل- فحتى هذا الأخير قد كان يحدث آنا بعد آن في الشعوب البدائية؛ وأنه لمما يثير الدهشة أن نرى شدة الشبه بين الدوافع التي تحرك المرأة “الهمجية” والدوافع التي تحرك المرأة “المتمدنة” إلى اتقاء الولادة، وهي أن تفلت من عبء تربية الأطفال، وتحتفظ لنفسها بقوام فيه فتوة الشباب، وتتقي العار الذي يلحقها من أمومة لطفل جاءها من غير زوجها، وتجتنب الموت، وغير هذه من شتى الدوافع”.

تحديد النسل..

وعن تحديد النسل: “وأبسط الوسائل التي تتبعها المرأة لتحديد الأمومة أن ترفض الرجل أبان الرضاعة التي قد تطول مدى أعوام كثيرة، ويحدث أحياناً- كما هي الحال عند هنود تشيني- أن تأبى المرأة حملا ثانياً إلا إذا بلغ طفلها الأول عامه العاشر؛ وفي بريطانيا الجديدة لم تكن المرأة لتنسل الأطفال قبل مرور عامين أو أربعة أعوام بعد زواجها؛ ولاحظ أن قبيلة “جوايكورو” في البرازيل كانت تتناقص تناقصاً مطرداً، لأن نساءها لم يقبلن حمل الأطفال قبل أن يبلغن الثلاثين؛ والإجهاض شائع بين أهل “بابوا” فيقول نساءهم في ذلك: “عبء الأطفال ثقيل، فلقد سئمناهم، لأنهم ينهكون قوانا”، والنساء في بعض قبائل “الماوري” يستعملن أعشاباً أو يسببن في أرحامهن اعوجاجاً ليتقين الحمل.

وإذا فشلت المرأة في إجهاض نفسها، فقد بقى لها أن تئد طفلها، ومعظم الشعوب الفطرية تبيح قتل الطفل عند ولادته إذا جاء شائها أو مريضاً أو سِفَاحا، أو إذا ماتت أمه عند ولادته؛ وكأنما يجد الإنسان مبرراً مقبولا في كل وسيلة تؤدي به إلى ضبط عدد السكان ضبطاً يتناسب مع مواد الرزق، فترى كثيراً من القبائل التي تقتل الأطفال إذا ما ظنوا أنهم ولدوا في ظروف لا يحالفها السعود؛ فقبيلة “بُندى” تخنق المولود إذا نزل إلى الدنيا برأسه أولا؛ وقبيلة “كامشادال” تقتل الطفل إذا ولد في جو عاصف، وقبائل مدغشقر تترك الطفل الوليد في العراء حتى يموت أو تغرقه في الماء أو تئده حيا إذا ما أطل على العالم في مارس أو إبريل، أو يوم أربعاء أو جمعة أوفي الأسبوع الأخير من أي شهر.

وإذا ما ولدت المرأة توأمين في بعض القبائل، عد ذلك برهاناً على اقترافها الزنا، لأنه يستحيل على الرجل أن يكون والد لطفلين في آن واحد، وعلى ذلك فأحد الاثنين أو هما معاً يقضى عليهما بالموت.

وأد الأطفال كان شائعا بين البدو بصفة خاصة لأنهم كانوا يسببون لهم أشكالا في ترحالهم الطويل؛ فقبيلة “بانجرانج” لآ في فكتوريا كانت تقتل نصف أطفالها عند الولادة؛ وقبيلة “اللنجوا” في إقليم شاكو من باراجواي لم تكن تسمح للأسرة الواحدة بأكثر من طفل واحد كل سبعة أعوام، وتقتل ما زاد عن ذلك، وقبيلة “أبيبون” حدد تعددها على نحو ما يفعل الفرنسيون، وذلك بأن تنشئ كل أسرة ولداً واحداً وبنتا واحدة، وكل نسل غير ذلك يقتل فور ولادته.

وإذا حلت ببعض القبائل مجاعة أو تهددتهم مجاعة، قتلوا أطفالهم حديثي الولادة أو أكلوهم، وكانت البنت عادة هي التي تتعرض للوأد، وكانت أحيانا تعذب حتى تموت بحجة أن ذلك يجعل روحها تعود إلى الحياة في جسد صبي إذا ما عادت إلى الحياة من جديد، وكان وأد الأطفال لا يشوبه في أعينهم بشاعة ولا يستتبع تأنيباً من الضمير، لأن الأم فيما يظهر لا تحس الحب الغريزي لأطفالها عند ولادتهم مباشرة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب