16 نوفمبر، 2024 10:25 م
Search
Close this search box.

قصة الحضارة (68): تميز الهنود بالنظافة الفائقة والتجمل والتزين

قصة الحضارة (68): تميز الهنود بالنظافة الفائقة والتجمل والتزين

 

خاص: قراءة- سماح عادل

يحكي الكتاب عن تفاصيل الحياة اليومية لدى الهنود في العصور القديمة، الثياب والنظافة وممارسة طقوس العبادة، وعادة التعري التي تميز بها الهنود، والتجمل. وذلك في الحلقة الثامنة والستين من قراءة “قصة الحضارة” الكتاب الموسوعي الضخم وهو من تأليف المؤرخ الأمريكي “ويل ديورانت” وزوجته “أريل ديورانت”، ويتكون من أحد عشر جزء.

العادات والأخلاق..

انتقل الكتاب للحكي عن عادات وتقاليد المجتمع الهندي في العصور القديمة: “إن العقل الساذج قد يصعب عليه التصوير بأن هؤلاء الناس الذين قبلوا نظماً اجتماعية مثل زواج الأطفال وعهر المعابد وقتل الزوجة بعد موت زوجها، هم كذلك غاية في رقة الحاشية والاحتشام والمجاملة، فلو غضضت النظر عن عدد قليل هن زانيات المعابد، لوجدت البغاء نادرا في الهند، وألفيت العفة الجنسية مصونة إلى حد يستوقف النظر.

يقول “دبوا” الذي لا يعطف على الهنود في كتابته: “لابد من الاعتراف بأن آداب السلوك واحترام المعاملة الاجتماعية أوضح في قواعدها وأكثر اتباعاً لدى طبقات الهنود كلها، حتى أدنى هذه الطبقات منزلة، منها عند أي شعب أوربي له ما للهنود من مكانة اجتماعية” فالدور الرئيسي الذي يلعبه الجنس في الحديث وفي النكات عند الغربيين، لا تعرفه آداب السلوك بين الهنود، فهذه الآداب تحرم تحريماً قاطعاً كل علاقة علنية بين الرجال والنساء من شأنها أن تعبر عما بينهم من ارتفاع الكلفة، وهي تعتبر التلاصق البدني بين الجنسين في الرقص شيئاً مرذولاً قبيحاً، وتستطيع المرأة الهندية أن تذهب خارج دارها أنى شاءت دون أن تخشى من أحد اعتداء أو إساءة.

بل إن الوضع في عين الشرقي على عكس ذلك. إذ يرى الخطر في ذلك واقعا كله على الجنس الآخر، فترى “مانو” يحذر الرجال: “إن المرأة نزاعة بطبعها دائماً أن تغري الرجل، ومن ثم كان واجباً على الرجل ألا يجلس في عزلة مع امرأة حتى إن كانت من أقرب ذوات قرباه” ولا ينبغي لرجل أن ينظر إلى أعلى من عقبي فتاة عابرة”.

تهذيب البدن..

وعن النظافة يواصل الكتاب: “وتأتي النظافة في منزلة بعد العبادة مباشرة، فليست القواعد الصحية “بالخلق الأوحد” كما ظن أناتول فرانس، بل هي عندهم جزء حيوي من العبادة، ولقد سن “مانو” من عدة قرون تشريعا يستلزم تهذيب البدن، ففي تعليماته مثلاً: “يجب على البرهمي أن يستحم في الصباح الباكر وأن يزن جسده وينظف أسنانه، ويغسل عينيه ويعبد الآلهة”. والمدارس الأهلية تجعل أولى المواد في برامجها آداب السلوك الطيب والنظافة الشخصية، فعلى الهندي ذي المكانة المحترمة أن يغسل جسده كل يوم وأن يغسل ثوبه الذي سيرتديه، وإنه ليقشعر تقززاً إذا ما لبس الثوب، بغير غسل، أكثر من يوم واحد.

ويقول “سير وليم هيوبر”: “إن الهنود يضربون المثل لنظافة الأجسام بين القبائل الأسيوية كلها، بل لعلهم يضربونه بين أجناس العالم بأسره ولقد أصبح وضوء الهنود يجري مجرى الأمثال”. قال هندي كبير، هو لاجبات راي، مخاطباً أوربا: “قبل أن تعرف الشعوب الأوربية شيئاً من قواعد الصحة بزمن طويل، وقبل أن تتبين فوائد فرجون الأسنان والاستحمام اليومي بزمن طويل، كان الهنود بصفة عامة يتبعون العادتين، فلم يكن في منازل لندن أحواض الاستحمام حتى عشرين سنة مضت، وكان فرجون الأسنان من أسباب الترف الكمالي””.

عادات الأكل..

وعن عادات تناول الطعام يضيف: “وفيما يلي وصف عادات الأكل عند الهنود كما وصفها يوان شوانج منذ ألف وثلاثمائة عام:

“إنهم يندفعون إلى التطهر بدافع من أنفسهم، لا يجبرهم عليه أحد، فحتم عندهم أن يغتسل الآكل قبل وجبته، ويستحيل أن تقدم الفتات والبقايا لوجبة أخرى، ولا تستعمل أوعية الطعام لأكثر من أكلة واحدة، فما كان منها مصنوعا من الخزف أو من الخشب يجب رميه بعد استعماله، وأما ما كان منها مصنوعا من ذهب أو فضة أو نحاس أو حديد، وجب إعادة صقله، ولا يلبث الهنود بعد فراغهم من طعامهم أن يلوكوا مساويكهم لتنظيف أسنانهم، ولا يلمس أحد منهم أحداً إلا إذا اغتسلوا متوضئين”.

فمن عادة البرهمي أن يغسل يديه وقدميه وأسنانه قبل كل وجبة وبعدها؛ وهو يأكل بأصابعه من الطعام الذي يقدم على ورقة من أوراق الشجر، اعتقاداً منه مما يتنافى وقواعد النظافة أن يأكل مرتين من طبق واحد، بسكين واحدة أو شوكة واحدة، حتى إذا ما فرغ من طعامه، غسل أسنانه سبع مرات وفرجون أسنانه دائماً، لأنها غصن شجرة يقطعه لتوه لأن الهندي يعتقد أنه مما يسئ إلى سمعته أن ينظف أسنانه بفرجون من شعر الحيوان، أو أن يستعمل الفرجون الواحد مرتين، فما أكثر السبل التي يستطيع بها الناس أن يحتقروا بعضهم بعضاً؛ ولا ينفك الهندي يمضغ ورقة من أوراق نبات الفلفل التي تصبغ الأسنان صبغة قاتمة لا يرضاها لنفسه الأوربي؛ بل لا يرضاها الهندي لنفسه، لكن هذه المضغة مضافة إلى الأفيون الذي يأكله حيناً بعد حين، يعوضانه عن امتناعه المألوف عن تدخين التبغ واحتساء المسكرات”.

الحياة اليومية..

وعن التعامل مع تفاصيل الحياة اليومية يكمل: “في كتب القانون الهندي نصوص صريحة على ما ينبغي اتباعه من القواعد الصحية في حيض المرأة، وفي تلبية نداء الطبيعة، فلن تجد من القوانين ما هو أدق في ذكر التفصيلات وأرصن في طريقة التعبير، من تلك التي تذكر طقوس التبرز عند البراهمة فالبرهمي إذا ما انخرط في سلك الكهنوت وجب ألا يستعمل في هذه الطقوس إلا يده اليسرى، ويجب أن يستخدم الماء في تنظيف هذه الأجزاء، وإنه ليعد بيته نجساً إذا دخله الأوربيون، لأنهم يكتفون في هذه العملية بالورق، وأما المنبوذون وكثيرون من طبقة الشودرا فهم أقل من ذلك مراعاة للدقة، وقد يزيلون هذه الضرورة الطبيعية في أي مكان من جانب الطريق، ولذا فإن الأحياء التي تسكنها هذه الطوائف يكتفي فيها من أجل الصحة العامة “بمجرور” مفتوح يشق في وسط الطريق”.

الثياب والتعري..

وعن الثياب والتعري يتابع: “وفي مناخ حار كمناخ تلك البلاد، تكون الثياب نافلة، فكنت ترى السائلين والأولياء الصالحين عراة الأجسام، وبذلك العرى أكملوا درجات السلم الاجتماعي، ولقد تهددت إحدى طوائف الجنوب- كما فعلت قبيلة دوخوبور في كندا، بالهجرة إلى مكان آخر لو اضطر أفرادها إلى لبس الثياب، وكانت العادة حتى أواخر القرن الثامن عشر، على الأرجح، أن يسير الجنسان في الهند الجنوبية، وما يزال الناس على هذه الحال في بالي، عراة فيما يعلو أوساطهم.

وكان الأطفال يكتسون في الأغلب بخرزات وحلقات، ومعظم الناس يمشون حفاة الأقدام، وإن لبس الهندي الأصيل حذاء اتخذه من القماش، لأنه لا يجوز تحت أي ظرف أن ينتعل حذاء من الجلد، وعدد كبير من الرجال كان يكفيه من الثياب خرقة على ردفيه، فإذا أرادوا الزيادة من الغطاء لفوا أوساطهم بثوب، وطرحوا طرفه المرسل على الكتف اليسرى.

وأما أهل راجبوت فكانوا يلبسون السراويل من كل لون وشكل، وصدارا مخروما بمنطقة في أسفله، ولفاعا حول الرقبة، وخفا أو حذاء في القدم، وعمامة على الرأس، جاءتهم هذه العمامة مع المسلمين، ثم أخذها الهنود، وجعلوا من عاداتهم أن يلفوها لفا متقنا حول رءوسهم في أشكال مختلفة تدل على طبقة لابسيها، لكنها في جميع الحالات تتألف من قماش حريري لا ينتهي طوله، تظل تفكه بغير نهاية كأنه مسحور، فقد يبلغ طول القماش في العمامة الواحدة إذا ما نشرته، سبعين قدما.

ونساؤهم يلبسن أثواباً فضفاضة من حرير يسمونها “ساري” أو يلبسن “خداراً” من نسيج البلاد، يتلفعن به على أكتافهن، ويربطنه عند الوسط ربطا وثيقا، ثم يرسلنه على القدمين، وهن يتركن أحيانا جزءا من أجسادهن البرونزية عاريا تحت الثديين؛ ومن عاداتهم كذلك أن يطلوا شعورهم بالزيت فيقيهم حرارة الشمس اللافحة، أما الرجال فيفرقون شعورهم في الوسط، ثم يجمعون أطرافه في حزمة خلف الأذن اليسرى، وأما النساء فيضفرن بعض شعرهن حوية فوق الرأس، ثم يرسلن بقية الشعر إرسالا، وكثيرا ما يزينه بالزهور، أو يغطينه بلفاع، فكان لرجالهم هندام لطيف، ولفتياتهم جمال، وجميعهم ذوو قوام رائع، وكثيراً ما يكون الهندي من عامة الناس بقماشة ثوبه على ردفيه أكثر في طلعته جلالا من دبلوماسي أوربي كامل الثياب الرسمية”.

التجمل..

وعن براعة الهنود في التجمل يحكي الكتاب: “ومن رأى “بييرلوتي”: “أنه مما لا يحتمل جدالا أن جمال الجنس الآري يبلغ ذروة كماله ورقته في الطبقة العليا في الهند” وكلا الجنسين ماهر في استخدام الدهون للتجمل. ونساؤهم يشعرن كأنما هن عراة إذا كن بغير حلى، وعندهم أن خاتما يوضع في جانب الأنف الأيسر يدل على الزواج، وفي معظم الحالات، تراهم يرسمون على الجبهة رمزاً يدل على العقيدة الدينية”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة