خاص: قراءة- سماح عادل
يحكي الكتاب عن العصر الذهبي للحضارة الهندية القديمة، والتي بلغت فيه أوج ازدهارها في مجالات الثقافة والأدب والفكر بفضل ملوك أقوياء ومخلصين. وذلك في الحلقة التاسعة والخمسين من قراءة “قصة الحضارة” الكتاب الموسوعي الضخم وهو من تأليف المؤرخ الأمريكي “ويل ديورانت” وزوجته “أريل ديورانت”، ويتكون من أحد عشر جزء.
العصر الذهبي في الهند..
يحكي الكتاب عن عصر الغزوات وملوك كوشان وإمبراطورية جوبتا: منذ وفاة “أشوكا” إلى قيام إمبراطورية “جوبتا”، وهي مدة تكاد تبلغ ستمائة سنة، تقل النقوش والوثائق الهندية قلة تجعل تاريخ هذه الحقبة يضطرب بالغموض؛ وليس هو بالضرورة عصراً مظلماً لقلة علمنا بتاريخه، فقد ظلت به جامعات عظيمة مثل جامعات “تاكسيلا” قائمة تنشر العرفان.
كما أنه حدث في الجزء الشمالي الغربي من الهند إبان تلك الفترة أن ازدهرت حضارة في إثر غزوة الإسكندر، بتأثير الفرس في فن العمارة، واليونان في فن النحت؛ ففي القرنين الأول والثاني قبل المسيح، نزحت جموع من السوريين واليونان والسُّكيسْت إلى البنجاب، ففتحوه وأقاموا فيه هذه الثقافة “اليونانية البكترية” التي ظلت هناك ما يقرب من ثلاثمائة عام”.
“كانشكا”..
ويواصل عن فترة القرن الأول: “وفي القرن الأول مما تواضعنا فيما بيننا نحن الغربيين أن نسميه بالعصر المسيحي، استولت قبيلة كوشان من قبائل أواسط آسيا، وهي قبيلة تصلها وشائج القربى بالأتراك، استولت هذه القبيلة على “كابل”، واتخذتها عاصمة نشرت منها نفوذها في أرجاء الجزء الشمالي الغربي من الهند ومعظم آسيا الوسطى؛ فتقدمت الفنون والعلوم في عهد أعظم ملوكها “كانشكا”، فها هنا أنتج النحت “اليوناني البوذي” مجموعة من أروع آياته؛ كما أقيمت مبان جميلة في “بشاور” و”تاكسيلا” و”ماثورة” وكذلك تقدم “تشاراكا” بفن الطب”.
مذهب ماهايانا..
ويضيف عن فترة حكم كانشكا: “ووضع “ناجارجونا” و”أشفاغوشا” الأسس التي قام عليها أحد المذاهب البوذية، هو مذهب ماهايانا، ومعناها، العربة الكبرى، الذي ساعد “جوتاما” على كسب الصين واليابان في صف مذهبه، وكان “كانشكا” متسامحاً مع كثير من الديانات، وجرب بنفسه كثيراً من الآلهة يعبدها، حتى انتهى به الأمر أخيرا إلى اختيار البوذية الجديدة الأسطورية التي جعلت من بوذا إلهاً، والتي ملأت أجواز السماء ببوذوات منتظرة وقديسين من أشباه بوذا.
ودعا إلى انعقاد مجلس عظيم من رجال اللاهوت البوذي، ليصوغوا هذه العقيدة فيتسنى نشرها في بلاده، وأوشك أن يكون “أشوكا” آخر في عمله على نشر العقيدة البوذية، ودون هذا المجلس قواعد بلغ عددها ثلاثمائة ألفاً، وهبط بالفلسفة البوذية إلى حاجات العاطفة عند النفس العادية، ورفع بوذا نفسه إلى منزلة الآلهة”.
تشاندرا جوبتا الأول..
ويكمل الكتاب: “وكان “تشاندرا جوبتا الأول” (وهو غير تشاندرا جوبتا موريا على الرغم من اتفاقهما في الاسم والعدد الترتيبي) قد أنشأ حينئذ أسرة “جوبتا الحاكمة في مجاذا التي قوامها ملوك من أهل البلد أنفسهم؛ وأتيح لخلفه في الحكم، وهو “سامدرا جوبتا” أن يحكم خمسين عاماً فيجعل من نفسه ملكاً في طليعة ملوك الهند في تاريخها الطويل؛ وكان مما فعله أن نقل عاصمة الحكم من “باتاليبترا” إلى “أبوذيا”، التي هي الموطن القديم لـ “راما”، ذلك الشخص الأسطوري.
ثم بعث بجيوشه الفاتحة ومحصلي ضرائبه إلى بلاد البنغال وأسام ونيبال والهند الجنوبية؛ وأنفق ما تدفق عليه من أموال تلك الأقطار التابعة له، في النهوض بالأدب والعلم والدين والفنون؛ بل برع هو نفسه، فيما تخلل الحروب من فترات السلم، في الشعر والموسيقى.
وجاء بعده ابنه “فِكرامادتيا” (ومعناها شمس القوة) فوسع من رقعة هذه الفتوحات الحربية والغزوات العقلية، وأيد أديب المسرحية “كالداسا” وجمع حوله في عاصمته “يوجين” طائفة ممتازة من الشعراء والفلاسفة والفنانين والعلماء والباحثين حتى لقد بلغت الهند من التقدم في عهد هذين الملكين ذروة لم تكن قد جاوزتها منذ بوذا، كما بلغت في وحدتها السياسية مبلغاً لم تبلغ مثيله إلا في عهد “أشوكا” وعهد “أكبر””.
مدنية “جوبتا”..
وعن مدينة جوبتا يقول الكتاب: “ونستطيع أن نتتبع الخطوط الرئيسية في مدنية “جوبتا” من الوصف الذي قدمه “فارهين” عن زيارته للهند في مستهل القرن الخامس الميلادي؛ وهو أحد البوذيين الكثيرين الذين جاءوا من الصين إلى الهند إبان هذا العهد الذهبي من تاريخها؛ بل إن هؤلاء الحجاج الدينيين كانوا على الأرجح أقل عدداً من التجار والسفراء الذين طفقوا حينئذ، رغم ما يحيط بالهند من حواجز الجبال، يفدون إليها وقد اشتملها السلام.
يفدون إليها من الشرق والغرب، بل يفدون إليها من روما النائية؛ وكانوا في وفودهم إليها يجتلبون معهم عاداتهم وأفكارهم، فسرعان ما تكون هذه الأفكار وتلك العادات الواردة من خارج حافزاً للبلاد على التغيير في أوضاعها”.
الازدهار والرخاء..
ويقدم الكتاب وصفا للهند في قت الرخاء: “جاءها “فا- هين” فألفى نفسه، بعد أن تعرضت حياته للخطر أثناء مروره في الجزء الغربي من الصين، آمناً في الهند أمناً لا يأتيه الخطر من أية ناحية من نواحيه، فجعل ينتقل في طول البلاد وعرضها، دون أن يصادفه من يعتدي عليه بالإيذاء أو بالسرقة.
وهو يحدثنا في يومياته كيف استغرق في طريقه إلى الهند ستة أعوام، وأنفق في ربوع الهند ستة أعوام، ثم عاد إلى وطنه في الصين عن طريق سيلان وجاوه في ثلاثة أعوام.
وإنه ليصف لنا وصفاً يعبر به عن إعجابه بما كان للشعب الهندي من ثروة وازدهار وفضيلة وسعادة، ومن حرية دينية واجتماعية؛ ولقد أدهشته المدن الكبرى بكثرتها وحجمها وعدد سكانها، كما أدهشته المستشفيات المجانية وغيرها من مؤسسات الإحسان التي امتلأت بها أرجاء البلاد ؛ وعجب لعدد الطلاب الذين يختلفون إلى الجامعات والأديرة، وللقصور الملكية الهائلة بعظمتها وفخامتها؛ وإنك لتقرأ وصفه فلا تجد فيه إلا مدينة فاضلة (يوتوبيا)، إذا استثنيت عادتهم في قطع الأيدي لبعض الآثمين:
“الناس كثيرون وسعداء، فليس ثمة ما يلزمهم بتسجيل أفراد أسرهم، ولا ما يضطرهم إلى المثول بين أيدي القضاة أو الاستماع إلى ما يسنون من قوانين؛ ولم يكن بينهم من يدفع شيئاً سوى زراع الأرض الملكية، فهؤلاء يدفعون جزءاً من غلة الأرض؛ ولمن شاء أن يسافر أو يقيم حيث شاء؛ والملك يحكمهم لا يقتل منهم أحداً ولا ينزل بأحد منهم عقاباً، ولا يطالب المجرمون بأكثر من غرامة. وحتى في الحالات التي يتهم فيها الآثم بالثورة المتكررة التي يشق بها عصا الطاعة، لم يكن يحكم عليه بأكثر من قطع يده اليمنى.
واذهب حيث شئت من أرجاء البلاد جميعاً فلن تجد أحداً يقتل كائناً حياً، أو يأكل البصل أو الثوم، إذا استثنيت قبيلة “شاندالا”. إنهم في تلك البلاد لا يربون الخنازير والطيور الداجنة ولا يبيعون الماشية حية، فلست ترى في أسواقهم دكاناً لقصاب ولا حانوتاً لبيع المسكرات”.
ولم يكد “فا- هين” يلحظ أن البراهمة، الذين كانوا من المغضوب عليهم لدى أسرة موريا الحاكمة منذ عهد “أشوكا” قد أخذوا يزدادون من جديد في ثرائهم ونفوذهم، في ظل التسامح الذي أبداه ملوك أسرة “جوبتا”، فأحيوا تقاليدهم الدينية والأدبية التي كانت قائمة قبل العهد البوذي، وإنهم كانوا يطورون اللغة السنسكريتية بحيث تصبح هي لغة التفاهم المشتركة بين العلماء في أنحاء الهند كلها”.
“ماهابهاراتا” و”رامايانا”..
وعن ملحمتين شهريتين يذكر: “فقد كتبت الملحمتان الهنديتان العظيمتان، “ماهابهاراتا” و”رامايانا” في صورتهما الحاضرة في ظل هؤلاء الملوك وبرعايتهم؛ وكذلك بلغ الفن البوذي في عهد أسرتهم ذروة مجده في النقوش الموجودة بكهوف “أجانتا”، وفي رأي عالم هندي معاصر أن “مجرد هذه الأسماء: “كاليداسا” و”فاراهاميهيرا” و”جنافارمان” و”فاشوباندو” و”أريابهاتا” و”براهما جوبتا” يكفي ليجعل عصرهم ذاك أوج الثقافة الهندية”.
ويقول “هَافِل”: “في وسع المؤرخ المحايد أن يقول في غير إجحاف أن أعظم فوز ظفرت به الإدارة البريطانية للهند هو أن تعيد لتلك البلاد كل ما كانت قد بلغته في القرن الخامس الميلادي”.
غزوات الهون..
وعن غزوات ارقت ذلك الرخاء يوضح الكتاب: “لكن هذا العصر الزاهر للثقافة القومية قد اعترضته موجة من غزوات الهون التي كانوا يجتاحون بها إذ ذاك آسيا وأوربا، فيدمرون حضارة الهند وحضارة روما على السواء حيناً من الدهر. ففي الوقت الذي كان يجتاح فيه “أتلا” ربوع أوربا، كان “تورامانا” يستولي على “مالْوَا” كما كان “ميهيراجولا” الفظيع يطوح بملوك أسرة “جوبتا” من فوق عرشهم.
وهكذا لبثت الهند قرناً كاملاً تتدهور إلى عبودية وفوضى؛ وبعدئذ جاء فرع من سلالة أسرة “جوبتا”، وهو فرع “هارشا- فارذانا”، وعاد فاستولى من جديد على الهند الشمالية، وابتنى عاصمة له في “كانوج” فأتاح لتلك المملكة الفسيحة سلاماً وأمنا مدى اثنين وأربعين عاماً، ازدهرت فيها مرة أخرى فنون البلاد وآدابها”.
ازدهار جديد..
ثم تعود الهند إلى الازدهار مرة أخرى: “تستطيع أن تصور لنفسك عاصمتهم تلك “كانوج” من حيث اتساعها وفخامتها وازدهارها، إذا علمت هذه الحقيقة الآتية التي تعز على التصديق، وهي أن المسلمين حين أتوا عليها بالتخريب (سنة 1018 م) دمروا عشرة آلاف معبد.
ولم تكن حدائقها العامة الجميلة وأحواض السباحة المجانية فيها، إلا جزء ضئيلاً من حسنات الأسرة الجديدة؛ وكان “هارشا” نفسه أحد هؤلاء الملوك القلائل الذين يخلعون على الملكية مظهراً ولو إلى حين بحيث تبدو أفضل ألوان الحكم على اختلافها؛ فقد كان رجلاً له سحره وله جوانب كثيرة من الثقافة، فقرض شعراً وأنشأ مسرحيات ما تزال تقرأ في الهند حتى يومنا هذا، على أنه لم يسمح لهذه الصغائر أن تتدخل في إداراته الحازمة لمملكته.
وفي ذلك يقول “يوان تشوانج”: “كان لا يعرف الشعب، ويرى اليوم أقصر من أن يسد له مطالبه، حتى لقد نسي النوم في إخلاصه لأعمال الخير التي كان يقوم بإنشائها” ولقد بدأ في ديانته عابداً لـ “شيفا” لكنه تحول بعدئذ إلى العقيدة البوذية، وأصبح شبيهاً بـ “أشوكا” في حسناته التي صدر فيها عن تقواه؛ فحرم أكل الحيوان، وأقام محطات ينزل بها المسافرون في أرجاء ملكه جميعاً، وأنشأ ألوف الأضرحة البوذية على ضفاف الكنج.
ويروى لنا “يوان تشوانج” وهو أشهر البوذيين من أهل الصين، وقد زار الهند، أن “هارشا” كان يعلن كل خمسة أعوام عن حفل عظيم لأعمال البر، كان يدعو إليه كل رجال الديانات على اختلافها، كما يدعو إليه كل الفقراء والمعوزين في مملكته، وكانت عادته في هذا الاجتماع أن يحسن على ملأ من الناس بكل الفائض عن حاجته في خزانة الدولة منذ الاحتفال الخمسي الماضي.
ولكم دهش “يوانج” لما رأى مقداراً كبيراً من الذهب والفضة والنقود والجواهر والأثواب الدقيقة النسج والغلالات الموشاة، مكدساً أكواما في ميدان مكشوف يحيط به عشرات من الأروقة يضم كل منها ألف شخص؛ وكانت الأيام الثلاثة الأولى تخصص للطقوس الدينية، ثم يبدأ توزيع الصدقات في اليوم الرابع (لو أخذنا بما يقوله هذا الحاج وإنه لقول من العسير تصديقه).
وكانوا في ذلك الحفل يطعمون عشرة آلاف من الرهبان البوذيين، ويقدمون لكل منهم لؤلؤة وثياباً وأزهاراً وعطوراً ومائة قطعة من الذهب؛ وبعدئذ يعطون البراهمة من الصدقات ما يكاد يبلغ هذا المقدار، ثم يعطون الجانتيين صدقاتهم، ثم يعقبون على ذلك بسائر العقائد الدينية وبعد ذلك يحسنون على الفقراء واليتامى الذين جاءوا من كل ركن من أركان المملكة من غير رجال الدين؛ وكان التوزيع أحياناً يستغرق ثلاثة شهور أو أربعة؛ وفي ختام الحفل يخلع “هارشا” عن نفسه أرديته الثمينة ومجوهراته، ليضيفها إلى الصدقات”.
نشوة دينية..
وكانت هناك نشوة دينية سائدة: “وتدلنا مذكرات “يوان تشوانج” على أن الروح العقلي الذي ساد ذلك العصر كان روحاً من نشوة دينية؛ وهو يرسم لنا بمذكراته صورة رائعة تنم عن شهرة الهند إذ ذاك في سائر الأقطار؛ فهذا الصيني الأرستقراطي يغادر حياته المترفة الهينة في بلده النائي “تشانجان” ليعبر الصين الغربية التي لم تبلغ من الحضارة إلا مبلغاً ضئيلاً، ويمر بطشقند وسمرقند (التي كانت مدينة زاهرة إذ ذاك)، ثم يتسلق الهمالايا ليدخل الهند، يقيم ثلاثة أعوام يدرس دراسة المتحمس في جامعة الدير بمدينة “نالاندا”.
ولما كان “يوان تشوانج” ذائع الصيت باعتباره عالماً وباعتباره إنساناً له مكانته الاجتماعية، فقد توجه إليه أمراء الهند بالدعوات، وسمع “هارشا” أن “يوان” كان في بلاط “كومارا” ملك أسام، فدعا “كومارا” إلى زيارة “كانوج ” مستصحباً “يوان”، فرفض “كومارا” دعوته قائلاً أن “هارشا” يستطيع أن يفصل رأسه لكنه لا يستطيع أن يأخذ منه ضيفه؛ فأجابه “هارشا” قائلاً: “إنني لا أقلقك إلا ساعياً في سبيل رأسك” وجاءه “كومارا” وعندئذ أعجب “هارشا” بعلم “يوان” وأدبه، وأمر بأعيان البوذيين فعقدوا اجتماعاً أنصتوا فيه إلى “يوان” وهو يعرض عليهم مذهب “ماهايانا”.
وعلق “يوان” قائمة بآرائه على باب الرواق الذي أعد للاجتماع والنقاش، وأضاف إلى تلك الآراء حاشية على طريقة ذلك العصر، يقول فيها: “إذا وجد أحد من الحاضرين هنا غلطة في تسلسل آرائي، واستطاع تفنيد قول من أقوالي، فله أن يبتر رأسي عن جسدي”.
ودامت المناقشة ثمانية عشر يوماً، استطاع خلالها “يوان” (هكذا يقول يوان نفسه) أن يرد كل اعتراض، وأن يصد كل الزنادقة (وهناك رواية أخرى تقول أن معارضيه ختموا الاجتماع بإشعال النار في الرواق؛ وبعد مغامرات كثيرة التمس “يوان” طريقه عائداً إلى بلده “تشانجان” حيث عمل إمبراطورها المستنير على صيانة الآثار البوذية في معبد فاخر، تلك الآثار البوذية التي أحضرها معه هذا الرحالة الورع، الذي يشبه “ماركوبولو” في رحلاته؛ ثم عين له طائفة من العلماء يعاونونه على ترجمة المخطوطات التي اشتراها من الهند”.
حلول الفوضى..
وعن انتشار الفوضى يتابع الكتاب: “ومع ذلك كله، فقد كان هذا المجد الذي ازدهر به حكم “هارشا” مصطنعاً زائلاً، لأنه كان يعتمد على ملك واحد بما له من قدرة وسخاء، والملك يموت كما يموت البشر؛ فلما مات، اغتصب عرشه مغتصب وأبدى من الملكية وجهها الأقتم، وجاءت في أثره الفوضى، ثم دامت ما يقرب من ألف عام عانت الهند خلالها عصورها الوسطى، كما حدث لأوروبا، واجتاحها البرابرة، كما غزاها الغزاة ومزقوها وخربوها، فما عرفت للسلم والاتحاد طعماً إلا حين أدركها “أكبر” العظيم.