28 فبراير، 2025 6:10 م

قصة الحضارة (192):  الناس في غرب اليونان يعيشون حياة ريفية هادئة

قصة الحضارة (192):  الناس في غرب اليونان يعيشون حياة ريفية هادئة

خاص: قراءة- سماح عادل

حكي الكتاب عن الدول الأصغر في حضارة اليونان، وقدم تفصيلات حول جغرافيتها. وذلك في الحلقة الثانية والتسعين بعد المائة من قراءة “قصة الحضارة” الكتاب الموسوعي الضخم وهو من تأليف المؤرخ الأمريكي “ويل ديورانت” وزوجته “أريل ديورانت”، ويتكون من أحد عشر جزء.

الدول الصغرى ..

يحكي الكتاب عن الدول في اليونان: “كان الأهلون في الجزء الغربي من أرض اليونان الأصلية يعيشون قانعين بحياتهم الريفية الهادئة طوال تاريخ اليونان القديم ولا يزالون كذلك حتى اليوم. لقد كان الناس في لكريس، وإيتوليا، وأكرنانيا، واينيانيا، لشدة قربهم من الحقائق البدائية الواقعية، وبعدهم عن تيار الحركة والتجارة الجارف، لا يجدون متسعاً من الوقت، وليست لهم المهارة الكافية، للاشتغال بالأدب أو الفلسفة أو الفن؛ إن الملعب والملهى العزيزين على أتكا لم يجدا لهما مواطناً في هذا المكان، وكانت الهياكل نفسها أضرحة قروية لا يجملها الفن ولا تثير العاطفة القومية.

وكانت تقوم في فترات طويلة مدائن متواضعة مثل أمفسا Amphissa في لكريس، أو نوبكتوس Naupactus الإيتولية، أو كليدون Clydon الصغيرة حيث صاد مليجر Meleager في يوم من الأيام الخنزير البري مع أطلنطا Atalanta وعلى الساحل الغربي بالقرب من كليدون تقوم مسولنجيون Messolongion أو مسولنجي

حيث حارب ماركو بوزارس Marco Bozzaris وقُتل بيرن Byron ويجري بين أكرانيا وإتوليا أعظم نهر في بلاد اليونان- نهر أكلوس الذي أتخذه اليونان ذوو الخيال الخصب إلهاً لهم وعبدوه واسترضوه بالصلاة والضحايا. وبالقرب من منابعه في إبيروس Epiros ينبع نهر أسبركيوس Spercheus وبالقرب من شاطئيه في دولة إبنيانيا Aeniania الصغيرة كان يعيش الآخيون في العصر السابق لعصر هومر، هم وقبيلة صغيرة تسمى هلينز وهو الاسم الذي سمى به اليونان كلهم أنفسهم طوعاً لحكم العادة التي لا تخضع لغير الهوى”.

الأبواب الحارة..

ويفصل الكتاب أكثر: “وفي اتجاه الشرق يقع ممر ترموبيل المعروف باسم “الأبواب الحارة…” بسبب عيونه الكبريتية الساخنة وممره الضيق المنبع الممتدة من الشمال إلى الجنوب بين الجبال والخليج الماليMalic Gulf؛ وبعد أن يصعد الإنسان جبل أثريس Othrys ويخترق آخيا ثيوتيس Achaea Ththiotis ينحدر إلى سهول تساليا العظيمة.

وفيها عند فرسالس Pharsalus أبادت جنود قيصر المتعبة قوات بمبي؛ وليس في بلاد اليونان كلها إقليم آخر من تساليا زرعاً، أو أقوى منها خيولاً، أو أفقر فنوناً. وتجري فيها الأنهار من جميع الجهات، ويصب كلها في نهر بنيوس فتكون فيها تربة غرينية خصبة تمتد من حدود الإقليم الجنوبية إلى سفوح السلاسل الشمالية. ويشق نهر ينيوس طريقه خلال الجبال مخترقاً تساليا بحر تراقية، وينحت بين قمم أسا Assa وأولمبس وادي التمبي القطع حيث يحيط بالنهر الغَضوب من جميع الجهات صخور وعرة تمتد على شاطئيه مدى أربعة أميال، وتعلو عن ماء النهر نحو ألف من الأقدام.

وقد قلمت على طول النهر في الزمن القديم مدن كثيرة – فيرى، وكرانون، وفركا، ولاريسا، وجيرتون، وإلاتيا ، كان يحكمها أمراء إقطاعيون يعيشون من كدح رقيق الأرض. وهنا في أقصى الشمال يعلو جبل أولمبس أعلى قلل البلاد ومواطن الآلهة الأولمبية. وعلى سفوحه الشمالية والشرقية تقوم بيريا Pieria التي كانت موطن ربات الشعر قبل انتقالهن إلى هليكون . وإلى الجنوب، على طول الخليج، تمتد مجنيزيا حيث تتجمع الجبال من أسَّا Assa إلى بليون Pelion..

جزيرة عوبية..

ويضيف الكتاب: “وتمتد جزيرة عوبية Euboea مقابلة لسواحل اليونان القارية بين الخلجان الداخلية ومياه بحر إيجة الخارجية، مبتدئة في عرض المضيق على بعد أميال قليلة من مجنيزيا، وترتكز على شبه جزيرة في كليس تكاد تصلها ببؤتية. والعمود الفقري للجزيرة سلسلة جبلية هي امتداد لأولمبس، وبليون، وأثريس وتنتهي بجزائر سكلديس. وقد بلغت سهولها الساحلية درجة من الخصب والثراء أغرت بها الأيونيين القادمين من أتكا في أيام غزو الدوريين، وأدت إلى فتحها على يد الأثينيين في عام 506 ق. م.

وكانت حجة أثينة التي تذرعت بها لهذا الفتح أنها إذا حوصرت عند ببريوس ماتت جوعاً إن لم تصلها حبوب عوبية. وكانت رواسب النحاس والحديد وأجراف الأصداف مصدر ثراء كلسيس و الأصل الذي اشتق منه اسمها. وقد ظلت وقتاً ما أهم مراكز الصناعات المعدنية في بلاد اليونان، واشتهرت بسيوفها التي لا تضارعها قط سيوف أخرى، وبمزهرياتها البرونزية التي بلغت أعلى درجة من الإتقان. ومما ساعد على انتعاش تجارة الجزيرة أن استخدمت فيها نقود من أقدم النقود اليونانية، وكانت تخرج من كلسيس فكانت مصدر ثراء أهلها وحافزاً لهم إلى إنشاء مستعمرات تجارية في تراقية وإيطالية وصقلية.

وكاد نظام الموازين والمكاييل العوبي أن يعم بلاد اليونان كلها، كما أضحت حروف كلسيس الهجائية التي أخذتها رومة من كومي الإيطالية مستعمرة عوبية، كما أضحت هذه الحروف في صورتها اللاتينية هي الحروف الهجائية لأوربا الحديثة. وعلى بعد أميال قليلة من جنوب كلسيس كانت مدينة إرثريا منافستها القديمة حيث أنشأ منديموس Meredemus أحد تلاميذ أفلاطون مدرسة للفلسفة؛ وفيما عدا هذا فإن إرتريا وكلسيس Chalcis كلتيهما لا يظهر أسماهما واضحين في تاريخ الفكر أو الفن اليونانيين.”

كلسيس..

ويتابع الكتاب: “ومن كلسيس يعبر المسافر على جسر قائم مكان المعبر الخشبي الذي أنشئ في عام 411 ق. م مضيق يوربوس Euripus عائداً إلى بؤوتية. وعلى بعد بضعة أميال إلى الجنوب على الساحل البؤوتي تقع بلدة أويس الصغيرة حيث ضحى أجممنون بابنته للآلهة. وكانت تعيش في هذا الإقليم في يوم من الأيام قبيلة خاملة الذكر هي قبيلة الجرايس التي أرسلت مع العوبيين جماعة من أهلها أنشئوا مستعمرة كومي بالقرب من نابلي، واشتق الرومان من اسم هذه القبيلة الاسم الذي أطلقوه على من قابلهم من الهيلنيين فسموهم الجراكي الإغريق . ومن أجل هذا أطلق العالم كله على هلاس Hallas اسماً لم يسمِ أهلها بلادهم بهِ في يوم من الأيام.

وإلى جنوب أويس تقوم تنجارا Tangara التي كسبت شاعرتها كورنا Corinna الجائزة من بندار حوالي عام 500 ق. م. والتي صنع خزافوها في القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد أشهر التماثيل الصغيرة في التاريخ. وبعد خمسة أميال أخرى إلى الجنوب يدخل السائح أتكا وفي وسعنا إذا وقفنا على قلل جبال بارنيس أن نبصر تلال أثينة”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة