خاص: قراءة- سماح عادل
حكي الكتاب عن الحضارة اليونانية بعد حضارة الآخيين، وعن أسطورة هرقل، وذلك في الحلقة الثمانين بعد المائة من قراءة “قصة الحضارة” الكتاب الموسوعي الضخم وهو من تأليف المؤرخ الأمريكي “ويل ديورانت” وزوجته “أريل ديورانت”، ويتكون من أحد عشر جزء.
أصل الآخيين..
يحكي الكتاب عن أصل الآخيين: “توحي إلينا خرافات عصر الأبطال بأصل الآخيين وبما آل إليه أمرهم. وليس من حقنا أن نغفل هذه القصص، فهي وإن سادها خيال القتل وإراقة الدماء قد يكون فيها من الحقائق التاريخية أكثر مما نظن، وهي ممتزجة بالشعر والمسرح والفن اليوناني امتزاجا يجعل فهمها مستحيلا بغير هذه القصص .
وتذكر النقوش الحثية اسم ملك يدعى أتارسياس تقول إنه ملك الأهيجافا في القرن الثالث عشر قبل الميلاد؛ وأكبر الظن أنه هو أتريوس ملك الآخيين. وتقول الأساطير اليونانية إن زيوس أعقب تنتالوس ملك فريجيا، وإن هذا أعقب بلبس، وأعقب بلبس أجممنون. ولما نفي بلبس من وطنه جاء إلى إليس في غرب البلوبونيز حوالي 1283 وصمم على أن يتزوج هبودوميا ابنة أونوماؤس ملك إليس. وما تزال القوصرة الشرقية فوق الهيكل العظيم المقام لزيوس في أولمبيا تقص علينا قصة خطبتهما”.
زواج..
عن قصة خطبة أحد الملوك يروي الكتاب: “وقد كانت عادة الملك أن يختبر من يتقدمون لخطبة ابنته بأن يتبارى وإياهم في سباق المركبات، فإذا سبقه الخطيب تزوج هبودوميا؛ أما إذا لم يسبقه فإنه يقتل. وحاول كثير من الخاطئين أن يفوزوا بها، ولكنهم خسروا السباق وخسروا حياتهم جميعاً؛ وأراد بلبس أن يقلل ما يتعرض له من الأخطار بأن أرشى مريتلوس سائق عربة الملك ليزيل المسامير التي تربط عجلات العربة بقطبها، ووعده بأن يقتسم معه المملكة إذا أفلحت خطتهما. وحدث في أثناء المباراة أن انكسرت عربة الملك وقتل، وتزوج بلبس هبوداميا وحكم إيليس، ولكنه لم يقتسم مملكته مع مرتيلوس بل ألقاه في البحر؛ وصب مرتيلوس وهو يغرق لعنة على بلبس وعلى جميع نسله.
وتزوجت ابنة بلبس سثنلوس بن برسيوس ملك أرجوس؛ وورث الملك من بعده ابنهما يوريسثيوس، ولما مات خلفه عمه أتريوس. وتزوج أجممنون ومنلوس ابنا أتريوس، كليتمنسترا وهلن ابنتي تنداريوس ملك لاسيديمون، ولما مات أتريوس وتنداريوس اقتسم أجممنون ومنلوس فيما بينهما بلاد البلوبونيز الشرقية بأجمعها، وحكماها من عاصمتيهما ميسيني وإسبارطة، وسميت تلك البلاد بلوبونيز أو جزيرة بلوبس نسبة إلى جدهما، بعد أن نسي أحفاده لعنة مرتيلوس.
وكانت بقية بلاد اليونان في ذلك الوقت تجد في إنجاب الأبطال، وكانوا يعملون في الغالب في تشييد المدن. وتقول الرواية اليونانية إن زيوس غضب على الجنس البشري لما كان يقترفه من مظالم، فسلط عليه طوفانا جائحا لم ينج منه إلا رجل واحد هو ديوكاليون وزوجته بيرها في فلك أو صندوق استقر على جبل بارنسس”.
قبائل اليونان..
وعن أصل القبائل اليونانية يواصل الكتاب: “وتناسلت من “هيلين بن ديوكاليون” جميع القبائل اليونانية، واشتق من اسمه هيلين اسم هذه القبائل مجتمعة. وكان هيلين جد أخيوس وأيون اللذين تناسلت منهما القبائل الآخية والأيونية، واستقرتا بعد تجوال طويل أولاهما في البلوبونيز والثانية في أتكا. وأنشأ سكربس أحد أبناء أيون بمعونة الإلهة أثينة في موضع كان البلسجيون قد استقروا من قبل على رابية فيه المدينة التي سميت فيما بعد باسمها وهي مدينة أثينة. وتقول القصة: إنه هو الذي نشر الحضارة في أتكا، وسن شريعة الزواج، وحرم التضحية بالأحياء، وعلم رعاياه عبادة الآلهة الأولمبية، وخاصة زيوس وأثينة.
وحكم أبناء سكربس وأحفاده أثينة وكانوا ملوكا عليها. وكان رابع من حكمها من نسله إركثيوس الذي ألهته المدنية وأقامت له فيما بعد هيكلا من أجمل هياكلها. وجمع حفيده ثسيوس حوالي 1250 ق.م قرى أتكا الاثنتي عشرة في وحدة سياسية سمي سكانها فيما بعد أينما كانوا بالأثينيين. ولعل السبب في أن اسم أثينة اليوناني ينطق به بصيغة الجمع كما ينطق أيضا باسم طيبة وميسيني هو أنها نشأت في بداية أمرها من اجتماع سكان عدة قرى متجاورة.
وكان ثسيوس هو الذي وهب أثينة النظام والقوة، وقضى على عادة التضحية بأبنائها قربانا لمتيوس، وأمن أهلها في ترحالهم بقتل قاطع الطريق بركرستيس الذي كان يجب أن يمد سيقان أسراه أو يقطعها حتى تكون في طول سريره. وعبدت أثينة ثسيوس بعد وفاته واتخذته هو أيضا إلها لها. وجاءت المدينة في عام 476 ق.م أي في عصر التشكك أيام بركليز، جاءت بعظام ثسيوس من اسكيروس وأودعتها آثاراً مقدسة في هيكل ثسيوس”.
كادموس..
وعن مدينة أخري يحكي الكتاب: “وقامت في شمال أثينة في بؤوتية حاضرة أخرى تنافسها، وكان لها مثلها تاريخ مثير للمشاعر، قدر له أن يكون محور المسرحيات اليونانية في عصر البلاد الأدبي. فقد أنشأ الفينيقيون أو الكريتيون، أو كادموس أحد أمراء المصريين في أواخر القرن الرابع عشر مدينة طيبة، عند ملتقى الطرق التي تعبر بلاد اليونان من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، وعلم منشئوها أهلها الحروف الهجائية، وقتلوا التنين ولعل هذا رمز قديم لوباء معد أو فتاك الذي كان يمنع الأهلين من الانتفاع بماء العين الأرية.
وخرج من أسنان التنين التي غمرها كدموس في الأرض رجال مسلحون، أخذوا يقتتلون كما يقتتل اليونان في عصورهم التاريخية حتى لم يبق منهم إلا خمسة؛ وهؤلاء الخمسة هم الذين أنشئوا المدينة المالكة، على حد قول طيبة نفسها. وكان مركز حكومة المدينة حصناً يدعى كدمية أقيم على ربوة عثر فيها في هذه الأيام على “قصر كدموس”، وحكم بعد كدموس من هذا الحصن نفسه ابنه بوليدوروس، ثم حفيده ليدكوس، ثم ابن حفيده لايوس، وهو الذي قتله ابنه أوديبوس أوديب كما يعرف العالم كله وتزوج أمه. ولما مات أوديب تنازع الملك أبناؤه كما يتنازع الأمراء على الدوام، وطرد إيتوكليز أخاه بولينيسيز، فذهب هذا إلى أدراستوس ملك أرجوس وأقنعه بالعمل على تنصيبه ملكاً.
وحاول أدراستوس أن يقوم بهذه المهمة (حوالي 1213 ق.م) وشن على أثينة حرب الأحلاف السبعة، ثم عاد إلى حربها مرة أخرى بعد ستة عشر عاماً من ذلك الوقت في حرب الإبجوني أو الأبناء السبعة. وفي هذه الحرب قتل إتيوكليز وبولينيسيز وحرقت طيبة عن آخرها.
وكان بين أشراف طيبة رجل يسمى أمفتريون متزوج من امرأة فاتنة تدعى ألكمين. وزارها زيوس وأمفتريون غائب في حرب من الحروب واستولدها هرقليز هرقل أو هرقول. ولم تكن هيرا تحب أن ينزل الآلهة في عبثهم إلى هذا الحد فأرسلت حيتين لإهلاك الوليد في مهده؛ ولكن الطفل أمسك كل واحدة منهما بإحدى يديه وخنقهما جميعا، ومن أجل ذلك سمى هرقليز لأنه ورث المجد عن هيرا. وحاول لينوس، أقدم الأسماء في تاريخ الموسيقى، أن يعلم الطفل العزف والغناء، ولكن هرقليز لم يعبأ بالموسيقى، وقتل لينوس بقيثارته. ولما شب الطفل، وأصبح جبارا، شقيا، سمجا، سكيرا، نهما، تعهد أن يقتل أسدا كان يفتك بقطعان أمفتريون وثسيبوس.
وقدم ثسيبوس ملك ثسيبا بيته وبناته الخمسين إلى هرقليز. وقام البطل بما تعهد به على أحسن وجه، فقتل الأسد واتخذ جلده لباسا له، وتزوج مجارة ابنة كريون الطيبي وحاول أن يحيا حياة مستقرة هادئة، ولكن هيرا سلطت عليه نوبة من الجنون، فقتل أبناءه على غير علم منه. وجاء إلى مهبط الوحي في دلفي يستنصحه، فأُشير عليه بأن يذهب إلى تيرينز، ويعيش فيها ويخدم يورثيوس ملك أرجوس مدى اثني عشر عاماً، يصبح بعدها إلها مخلدا. فصدع بالأمر وقام ليورثسيوس بالاثني عشر عملاً الذائعة الصيت. ولما أطلقه الملك عاد إلى طيبة، حيث قام بأعمال كثيرة شاقة، وانضم إلى ركاب السفينة أرجوس، ونهب طروادة فيمن نهبوها، وأعان الآلهة على أن تنتصر على المردة الجبابرة، وفك قيود بروميثيوس، وأعاد الحياة إلى ألسستيس، وقتل أصدقاءه في أوقات مختلفة بطريق الصدفة. واتخذه الناس بعد موته بطلاً وإلهاً وعبدوه. وإذا كان قد أحب فتيات يخطئهن الحصر فقد ادعت كثير من القبائل أنها من نسله .”