بقلم: أمين الساطي
منذ فترة كتبت مقالة في إحدى المجلات، وكان عنوانها لماذا نكتب؟ تحدثت فيها بإسهاب عن الأسباب التي تدفعني للكتابة، وإذ فجأة أكتشف بأنني أغفلت سبباً مهماً، وهو أننا نكتب أحياناً لإرضاء الأشخاص الذين نحبهم. بدأت فكرة كتابة قصة للأطفال تختمر في رأسي، لما سألني ابني الكبير، لماذا لا تكتب قصةً للأطفال لتذكّر أحفادك بك بعد موتك، على الرغم من أني قد ألفت أكثر من خمسة كتب طوال حياتي، ولكن لم يخطر ببالي ولو لمرة واحدة كتابة قصة للأطفال.
أخذت الفكرة تدور في رأسي، وشجّعني على ذلك أن حفيدي قد تعهّد بأنه سيقوم بإعداد الصور اللازمة للكتاب، وبما أني من مواليد برج الحوت، فأنا أشعر دائماً بأعماقي بأنني مرتبطٌ بطريقة ما بهذا المخلوق، ما دفعني لأن تكون قصة الكتاب حول الحيتان.
بدأت الحكاية، باحتفال يقيمه ملك جزيرة المرجان في قصره، بمناسبة عيد ميلاد ابنه الأمير يودا، وضع بالحفلة كعكة كبيرة عليها إحدى عشرة شمعةً لتبيّن عمر الأمير، وعلى ظهرها حوت زهري صغير من البورسلين، مشيراً إلى أن الأمير من مواليد برج الحوت. بعد انتهاء الحفلة أخذ الأمير تمثال الحوت إلى فراشه وعانقه طوال الليل، وتخيّل أنّ هناك علاقة خاصة تربطه بهذا المخلوق.
في صباح اليوم التالي، سأل أستاذه عن الحوت، فأخبره بأنه حيوان بحري يشبه السمكة بشكله الخارجي، لكنه مثل البشر، يمتلك رئتين يتنفس منهما الهواء، ويستطيع أن يغوص تحت الماء لمدة ثلاثين دقيقة، وأن أمّات الحيتان ترضع صغارها حليباً من ثديها، وتفطمها حين يبلغ عمرها أحد عشر شهراً، تصور الأمير بأن الحيتان تشبه البشر، فازداد حبه لها، وقرر أن يذهب إلى البحر ليحاول أن يرى هذه الحيتان.
هنا تبدأ المغامرة، في طريق الأمير إلى البحر يصادف الحصان برونو والدجاجة هينا، ويدخل الخيال ليشكل أبطال هذه القصة، وليتعرف الطفل على طبيعة هذه الحيوانات وحقيقة مشاعرها، ربطتُ جميع أبطال القصة بالبيئة والطبيعة، وركزتُ على ضرورة توطيد المحبة بين الإنسان والحيوان، وأشرت إلى خطورة تلوث البيئة آلذي سيقضي بالنهاية على الحياة فوق الكرة الأرضية، كما نبهتُ إلى فظاعة الصيد الجائر الذي سيؤدي بدوره إلى انقراض كثير من المخلوقات الموجودة حالياً على كوكبنا.
بقدر استطاعتي حاولت تحميل هذه القصة بعض القيم الأخلاقية للأطفال، كما قامت صور حفيدي الملونة بإغناء هذه الأفكار، ما جعل الكتاب في نظري جذاباً للجميع.
بالنهاية لا أريد أن أسترسل كثيراً في تفاصيل هذا الكتاب، لكي أترك للقارئ الفسحة ليكتشفه بنفسه.