رحلة جميلة في السرد يأخذنا فيها نعيم عبد مهلهل (الكاتب والصحفي والناقد الأدبي العراقي) في كتابه (طوبوغرافيا المكان من أربيل إلى حاج عمران) ، تمثلت في ذكرياته وعواطفه وتجاربه وهواجسه في شمال العراق (كردستان العراق) في أيام خدمته العسكرية، في فترة الحرب الإيرانية، في ثمانينات القرن المنصرم.
في هذا الكتاب المكون من عدة مقالات ونصوص يتنقل مهلهل في أماكن متفرقة من (كردستان) بين القرى الهادئة والجبال الشاهقة والوديان العميقة ، ليسرد خواطره وهواجسه وتجاربه وذكرياته في كل مكان مرَّ فيه، فيذكر طبيعة المكان، وهموم الجنود الذين اجبرتهم خدمة العلم (التجنيد الإلزامي) والحرب العبثية، بأن يتركوا جنوبهم الهادئ، ويبتعدوا عن أهاليهم واحبابهم.
مع وصف المكان وطبيعته، لم يهمل (مهلهل) الإنسان هناك، فوصف بدقة طبيعة الأكراد وسرائرهم، وحياتهم وكيفياتها، الأخلاق والطبائع، والأديان والمذاهب، اضافةً للتطلعات والهموم القومية للأكراد في بناء دولة منشودة، ونضالهم المستمر أمام الحكومات العراقية المتعاقبة من الحكم الملكي إلى الجمهوريات المتعاقبة، وبيان ١١ آذار، ونقضه بعد ذلك، وفي فترة حكم البعث الأخيرة، وصراع قطبي القضية الكردية في منتصف التسعينات، وصولا إلى الحصول على الحكم الذاتي فيما بعد ٢٠٠٣. الذي لم يكن الهدف الأسمى، ولكن بتسوية أمريكية تمت القبول به، وليكون للقوى السياسية الكردية النصيب الكبير في رسم السياسية العراقية ما بعد ٢٠٠٣، في فترة مجلس الحكم والحكومة المؤقتة والحكومة الانتقالية، بالإضافة إلى الدور الكبير في كتابة الدستور.
أنه كتاب رائع وممتع، وذو لغة أدبية تطفوا عليها لمسة شاعرية عالية.
✍️محمد ساجت السليطي.
#كتاب_وتعليق