13 أبريل، 2024 9:01 ص
Search
Close this search box.

في وداع “محسنة توفيق” .. “بهيه” التي أختزلت مصر في شخصيتها النبيلة

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتب – عمر رياض :

لم نكن قد إنتهينا من مشاهدة عرض خاص لفيلم (رمسيس راح فين ؟)؛ من إخراج، “عمرو بيومي”، كانت نسخة الفيلم قد توقفت بسبب ضعف إمكانات جهاز الكمبيوتر.. توقف العرض، دون قصد، عند مشهد مأخوذ من فيلم (باب الحديد)؛ للمخرج المصري العالمي، “يوسف شاهين”، أدخله المخرج، “بيومي”، على فيلمه التسجيلي الطويل.. بعد عدد من المحاولات لإعادة ضبط العرض خرجانا لنلقي نظرة سريعة معتادة على فضاء موقع الـ (فيس بوك) ليباغتنا خبر رحيل الفنانة المصرية الكبيرة، “محسنة توفيق”، التي أشتهرت على مدى تاريخها الفني الطويل باسم “بهيه”.

بهيه” والعصفور ومصر الغالية..

“بهيه”.. هي شخصية إبتكرها المخرج العالمي، “يوسف شاهين”، في فيلم (العصفور)..

فـ”بهيه”.. هي شخصية مناضلة فى زمن “النكسة”، بعد هزيمة “مصر” والعرب في 5 حزيران/يونيو 1967.

وصفت كلمات الشاعر، “أحمد فؤاد نجم”، شخصية “بهيه”، بالبسالة والشجاعة في أغنية تغنيها الفنانة، “محسنة توفيق”، بصوتها في الفيلم الذي تجسد فيه تلك الشخصية.

تغني “محسنة”، أو “بهية”، في الفيلم: “مصر ياما يا بهيه، يا أم طرحه وجلابيه، الزمن شاب وأنتِ شابه، هو رايح وأنتي جايه، جايه فوق الصعب ماشيه، فات عليكي ليل وميه وأحتمالك هو هو وأبتسامتك هي هي”.

من وقتها أصبحت “بهيه” رمزًا للمناضلة المصرية بشكل عام، وبشكل خاص عند من اختاروا أن يكونوا على اليسار.

يربط فيلم العصفور بين هزيمة حزيران/يونيو والفساد المستشري في أجهزة الدولة، من خلال مجموعة من أصحاب مراكز القوى، يقودهم مسؤول سياسي من ضمن الذين ينهبون قوت الشعب ليُحققوا لأنفسهم الثراء الفاحش، باشتراكهم في سرقة معدات أحد مصانع القطاع العام في قرية بالصعيد، وفي الوقت ذاته يضللون أجهزة الأمن بمطاردة مجرم يتهمونه بتخريب المصنع وقتل حارسه، ومن خلال البحث عن المجرم يكتشف الضباط الحقيقة، فيحاول إبعاد شقيق الحارس من الأخذ بالثأر من المجرم..

رفضت “مؤسسة السينما” المصرية، آنذاك، تمرير سيناريو فيلم (العصفور)؛ بعد مناقشة عسيرة مع “شاهين”، حتى جاء عام 1971؛ الذي شهد خطوات “السادات” الإصلاحية التي أنفرد بواسطتها بالحكم، وتدخلت الظروف وبدأ “يوسف شاهين” تصوير فيلمه وعرض (العصفور)، في العام التالي.

فيلموغرافيا ومحطات في المسيرة..

ميزت عذوبة ملامح “الست محسنة”، أدوارها الاجتماعية، فبرعت في أدوار المرأة الصبورة، والأم المصرية.

ولدت “محسنة توفيق”، في التاسع والعشرون من كانون أول/ديسمبر عام 1939، وحصلت على بكالوريوس الزراعة عام 1968، وهي شقيقة اثنان من أنجح الإعلاميات، أحدهما مذيعة الراديو الشهيرة، “فضيلة توفيق”، والتي عرفها المستمعين باسم، “أبله فضيلة”، والأخرى، “تماضر توفيق”، أول سيدة تتقلد رئاسة التليفزيون المصري.

اكتشفها الفنان والكاتب الصحافي، “عبدالرحمن الشرقاوي”، ووقفت على خشبة المسرح لأول مرة عام 1962؛ من خلال مسرحية (مأساة جميلة)، لتؤدي بعدها دور حبيبة “زيوس” في مسرحية (أغاممنون”، على مسرح “الجيب”.

تُعد “محسنة توفيق”، عضو هام بـ”المسرح القومي”، ومثلّت 30 مسرحية من أهمها: (مأساة جميلة)، (إيرما)، (أغاممنون)، (حاملات القرابين)، (الدخان)، (الأسلاف يتميزون غضبًا)، (القصة المزدوجة)، (ثورة الزنج).

تعاونت من المخرج، “يوسف شاهين”، في العديد من الأعمال، وكان أشهرها دور “بهيه”، في فيلم (العصفور)، وفيلم (إسكندرية ليه ؟)، وفيلم (الوداع يا بونابرت).

من أشهر أفلامها: (البؤساء)، (الزمار)، (قلب الليل)، (ديل السمكة)، (بيت القاصرات)، (الطقم المدهب)، (الحب قبل الخبز أحيانًا).. وغيرها الكثير.

شاركت أيضًا في العديد من الأعمال التليفزيونية، منها: (ليالي الحلمية)، (أم كلثوم)، (المرسى والبحار)، (اللص والكلاب)، (الشوارع الخلفية)، (أسماء بنت أبي بكر)، (محمد رسول الله).

كما شاركت في عدد كبير من المسلسلات الإذاعية، منها: (المعجزة الكبرى)، (تمثيلية ريحانة)، وقدمت للبرنامج الثاني بالإذاعة المصرية العديد من المسرحيات العالمية، منها (المسيح يصلب من جديد).

الجوائز والتكريمات..

حصلت على “وسام العلوم والفنون” عام 1967، وشهادات تقدير عن فيلمي (العصفور) و(بيت القاصرات)، كما حصدت الجائزة الأولى في التمثيل في “مهرجان بغداد للمسرح العربي”.

“محسنة توفيق” من “بهيه” إلى المرأة المصرية..

منزل “محسنة توفيق” في حي “المهندسين”؛ يبدو كلاسيكي، لكنه ينبض بحيوية، حيوية الأم في موضع طاولة وضع عليها طبق من الكعك الذي كانت تصنعة النساء المصريات بأيديهن، حتى وقت قريب، قبل غزو المخابز الجاهزة.

أيضًا جلسة الشاي أو القهوة التي تعصف، “بهيه”، فيها أذهاننا ببعض القضايا، خاصة السياسية، التي تشغل بالنا.

ذهبت إلى منزل “محسنة توفيق”، أول مرة، بدعوى منها لي أنا وصديقتي، قبل 12 عامًا تقريبًا، كانت بمثابة أم ثانية لصديقتي وصديقة والدته المقربة.

أربكنا هذا الهدوء الذي يرسم طريقتها وحديثها وصوتها المميز عندما استقبلتنا، لدرجة أننا بدأنا ننسى أين وضعنا أوراقًا كنا نحملها معًا وقتها.

بحس الفنان كانت تنقلنا من الإرتباك، وتقول: هذا ركن “الكاريوكي”..

وهي ماكينة موسيقية تفصل اللحن عن صوت المطرب في الغنوة لتستبدله أنت بصوتك. اليوم أصبح “الكاريوكي”، بالمناسبة، جزء من برامج “التوك شو”.

كل شيء كان حيوي في الداخل..

لدى “محسنة” وعي كبير كان يظهر في الحديث عن المرأة أو قضايا النساء، و كأن “مصر” ليست سوى قضية امرأة أو “بهيه”.

لم نلتقي، بعد تلك الفترة، رغم المكالمات ومحاولات إيجاد أوقات تناسبنا معًا، ثم التقينا مع بداية الثورة، في كانون ثان/يناير 2011، وسط المسيرات، صدفة، كانت “بهيه” أيضًا، لكن خارج كادر السينما أو معنا في الشارع.

لم تحظى “محسنة” بتكريمًا يليق في أعتقادي، لكنها حصلت على تكريم أخير في “مهرجان سينما المرأة” في “أسوان”، شهر شباط/فبراير الماضي.

في فيلم (وداعًا بونابرت)، قالت “محسنة”: “مصر هاتفضل غالية عليا”.

وداعًا “بهيه”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب