14 نوفمبر، 2024 5:07 م
Search
Close this search box.

في رواية “ميكانيك الغرام”.. العشق يُكمل اللذة

في رواية “ميكانيك الغرام”.. العشق يُكمل اللذة

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “ميكانيك الغرام” للكاتب اللبناني “علي سرور” رواية تتحدث عن حالات العشق، وترصد تفاصيله الحميمة التي بدورها تكشف عن نفوس الشخصيات.

الشخصيات..

جميل أنيس: البطل، هو سكرتير تحرير جريدة أحد الأحزاب الثورية في لبنان، ولم يذكر اسم هذا الحزب، وهومكلف من قبل قيادة الحزب بصوغ بيان الثورة في وقت الحرب الأهلية اللبنانية.

زينات: صحافية وتعمل مع ” جميل” في الصحيفة، وتريد أن تصبح كاتبة.

صفية: فتاة تعرف عليها “جميل” في المرحلة الثانوية، ونشأت بينهما قصة حب ثم افترقا حين أصر “جميل” على اختيار الانضمام إلى العمل الثوري، وتقابلا مرة أخرى بعد حصولها على الماجستير.

زوجة فخري: زوجة أحد زملاء “جميل” في الصحيفة،  تعرضت لاغتصاب في طفولتها ثم أصبحت مهووسة باغتصاب الرجال.

ملك: فتاة خليجية تعيش في “ليننجراد” ومنخرطة في العمل الثوري.

الراوي..

الراوي هو البطل “جميل أنيس”، يكشف القراء مشاعره وانفعالاته وإحساسه بمن حوله، ويحكي عن باقي الشخصيات من خلال تفاعلهم معه.

السرد..

السرد يعتمد على استدعاء الأحداث في ذهن البطل، ويعتمد على حركة التداعي، والرابط الوحيد للأحداث ذهن البطل الذي يستدعيها وفق التداعي الحر، لكنه مع ذلك يخضع لنظام التقسيم، البطل يحكي تارة عن عزلته في إحدى الشقق لتنفيذ مهمة صوغ بيان الثورة، ثم يحكي عن زوجة فخري ثم يعود لعزلته، ثم يقفز إلى “ليننجراد” في النهاية حيث سافر إلى الاتحاد السوفيتي قبل سقوطه، ورغم ذلك يستدعي أثناء حكيه عن “ليننجراد” أحداث من مرحلة المراهقة، الرواية تقع في حوالي 220 صفحة من القطع المتوسط، ويتميز السرد بلغة ساخرة وتقترب في بعض المواقع إلى الفكاهة.

آلية الغرام واللذة..

رغم بعض الهجوم والاستهجان الذي يشنه بعض القراء، وربما الكتاب أيضا، على الأدب المسمى”أيروتيكي”، أو الذي يتناول تفاصيل العلاقة الحميمة، إلا أن هذا الأدب له وجاهته حين يكون للكاتب رؤية ما يريد أن ينقلها، والكاتب في الرواية رغم أنه يجعل البطل يتنقل في علاقات حميمية عدة إلا أن له فلسفته الخاصة في الغرام، ينقلها أولا على لسان زوجة فخري التي تتحرش بالبطل “جميل أنيس” منذ بداية لقاءها به، حتى أنها تغتصبه بعد أن زارها بصحبة زوجها في المنزل، بعد أن ترسل زوجها لشراء الخبز، وحين يتعرض البطل لهذا الاغتصاب يشعر بامتهان كرامته، لكنها تظل تبحث عنه وتجد عنوانه وتذهب إليه في بيته، في محاولة منها لمواصلة إغوائه، وعندما لا يستجيب لها يتعرف على حكايتها.

لكن ما يهم هنا أنها حين تحكي عن زوجها تشرح له أن للغرام آلية ما “ميكانيك”، لابد أن يُتبع حتى تكتمل اللذة، فهو ليس فعلا عاديا ومكررا وإنما محاولة متجددة، لابد أن يبذل فيها الشريكان مهارتهما لكي تصبح ممتعة، و تقوم على فهم الشريك ورغباته واستجاباته ومعرفته بشكل عميق، وحينما يكف الشريك عن التجديد أو عن محاولة إرضاء شريكه الآخر تصبح لعبة الغرام مملة وغير مشبعة.

وفي نهاية الرواية حين يلتقى البطل “جميل أنيس” ب”ملك” ويتبادل معها الغرام يكتشف أن العلاقة الحميمية تكتمل بالعشق، بالتوافق، بوجود مساحات كثيرة مشتركة بين الشريكين، وليس مجرد التقاء جسدي بحت، لذا حينما اقترب منها شعر بالاكتمال ليس لأنه يتصل بها فقط جسديا، وإنما روحيا وذهنيا، لأنهما يتفقان في أشياء كثيرة الأهداف والأحلام والأفكار.

“جميل أنيس” رغم أننا نشاهده في الرواية يتنقل بين أكثر من امرأة، إلا لأنه رجل صاحب مبدأ، لم يستسلم لإغواء زوجة فخري رغم كل محاولتها ورغم تعريها، ورغم أنها حكت عن ماضيها لتثير داخله الشفقة، لكنه لم يرضى بأن يكون خائنا لصديقه، كما أنه يردد دوما أن مطارحة الغرام تكتمل بالعشق .

اغتصاب..

تحكي الرواية أيضا عن جريمة اغتصاب قام بها خال زوجة فخري، حينما كانت طفلة في ال12 عشرة من عمرها، وقد استغل طفولتها واغتصبها وقد أثر فيها هذا الانتهاك الجسدي كثيرا، أولا لأنه بغير إرادتها، وثانيا لأنه من قريب لها، كما أن أمها لم تهتم ولم تلاحظ أية تغيرات على ابنتها، كل تلك الأجواء جعلت زوجة فخري معتلة نفسيا، وجعل الغرام بالنسبة لها أشبه بمعركة تحاول فيها أن تقتص لكرامتها ولإنسانيتها التي سفكت على يد خالها، اللطيف المتدين الذي يحبه الجميع وخاصة أمها.

العلاقة بين الرجل والمرأة..

ركزت الرواية على رصد العلاقة الحميمة بين “جميل أنيس”، شاب ثوري انضم لأحد الأحزاب في لبنان في فترة الحرب الأهلية، وبين بعض السيدات، الأولى كانت معلمته في المدرسة الثانوية، كانت تكبره بأعوام كثيرة وهي التي عرفته على الشيوعية من خلال الكتب وأولها البيان الشيوعي، كما أنها عرفته على الغرام وحميميته، وجعلته يكتشف جسده ورغبته واللذة وهو بعد مراهق، ثم “صفية” الفتاة التي أحبها في مرحلة الثانوية وكان العشق بينهما متوهجا، لكنها تخلت عنه حينما شعرت أنه فضل العمل الثوري عليها، وقد وعدته أن تظل تحبه، ثم “زينات” زميلته في الصحيفة التي يعمل بها والتي جمعته بها علاقة حب أيضا، وخاف أن يستجيب لزوجة فخري حتى لا يخونها هي أيضا، لكنه مع ذلك يقوم بعلاقة عابرة حين يقابل فتاة بالمصادفة على الطريق، وتطلب منه إيصالها إلى أحد الأماكن، ونتيجة لتعقيدات الحرب ولأنها تبحث عن زوج مفقود تتراجع عن هدفها، وتذهب معه لبيته وتغويه وهو يستجيب لها، ثم أخيرا “ملك” الذي يكرر البطل كثيرا أنه يعشقها وأنه يشعر معها بلذة لا توصف..

وكأن الكاتب يريد رصد تفاصيل العلاقة بين بعض الناس الذين اختاروا أن يعيشوا حياتهم بحرية خارج قواعد المجتمع وتقاليده.

الثوريين وصراعاتهم..

يشير الكاتب أيضا إلى وجود نزاعات فردية بين صفوف الثوريين أنفسهم، وذلك حين حكي عن لقاء الرفيق “سليمان” الذي جهز الشقة التي سوف ينعزل فيها “جميل أنيس” فترة من الزمن، ليتفرغ لكتابة بيان الثورة، وكيف أن هذا الرفيق يبدي حقدا ما تجاه “جميل” لأنه مكلف دون سواه بصياغة بيان الثورة، وهذه مهمة كبيرة، كما أنه سعى لإغاظته حين جلب له كتبا كثيرة ولوحات لكنه تعمد ألا يجلب لوحات بها وجود أنثوي، وكأنه قصد أن يعيش “جميل” في بيئة قاسية وجافة، كما تعمد اختيار اللون الرمادي الذي يعلم جيدا أن “جميل أنيس” يكرهه ويعتبره لون الشيطان، لذا فقد اختار أن تكون المقاعد والجدران بهذا اللون تنكيلا ب”جميل” الذي شعر فعلا بوطأة العزلة حيث أن جو الشقة يبعث على الكآبة.

كما أشار الراوي حين كان موجودا في “ليننجراد” إلى وجود كاميرا في الفيلا التي يعيش فيها، تسجل كل شيء مما يعني أن المخابرات السوفيتية تراقبه وتراقب كل الثوريين الذين يدعي الاتحاد السوفيتي احتضانهم وحمايتهم، بما يشي بأن أهداف الاتحاد السوفيتي ليست بريئة تماما وليست ثورية ولصالح النضال الصرف.

الكاتب ..

“علي سرور” كاتب لبناني، صدر له ورايات( سادة الاستفهام- ميكانيك الغرام- دين النسوان- أخت المتعة)

يقول الكاتب”علي سرور” في أحد الحوارات التي أجريت معه ونشر في “جريدة المستقبل” عن الرواية: ” إن رواية «دين النسوان» هي الجزء الثاني من رواية «ميكانيك الغرام» والروايتان مشروع ثلاثية وربما أكثر. والعمل بمجمله يقوم على الصدمة والجرأة، والأمور المغلقة، في أعماق الرجال والنساء. وبالتحديد في النزوات الجنسية.. هذا المشروع يقوم على محور رئيس هو اختبار قدرة الايديولوجيا على الصمود أمام تحولات الحياة، وفي طليعتها القضية الجنسية. والرواية تقوم على مجموعة أعمدة، وهنا لا استغرب قولك أن الرواية هي جمع لشتات من المشاهد البورنوغرافية (لا أوافق على هذا الرأي). في الوقت الذي أقول ما أقول، ممن حقك أن تخرج بهذا الانطباع، لأن الرواية لم تكتمل بعد. ومع ذلك، فإن الراوي (جميل أنيس) حاضر في كل هذه الأعمدة. وهناك أعمال روائية تقوم على محور واحد. لكن روايتي لا تقوم على ما تقوم عليه بعض الروايات. لهذا السبب تحتاج روايتي إلى قراءة متأنية للإمساك بخيوطها. فإذا كان للقارئ كامل الحق في استنتاج ما يراه محقاً، فمن حقي أن أطلب منه أن تكون قراءته متمعنة في قراءة نبض الشخصيات من دون استثناء. فمثل هذا العمل لا يمكن قراءته بسرعة أو بتصفح متعجل. إنني أطلب حقاً من القارئ أن يكون طويل البال وكثير الصبر لأن مثل هذه الأعمال تحمل بين صفحاتها الكثير من تاريخ الحرب الأهلية في لبنان التي أزعم أن معظم الأعمال الروائية لم تعطها حقها”.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة