خاص: قراءة- سماح عادل
تتميز رواية (عصير أحمر) للكاتبة العراقية “شذى سلمان” بنظرتها الإيجابية للحياة، والنهاية السعيدة التي تعطي إيحاء بأن الحياة رغم المآسي والكوارث لابد وأن تستمر، وأن يسعى الناس رغم تعرضهم لكوارث كبيرة إلى استئناف الحياة بروح المقاومة والتحدي.
الشخصيات..
نزار: البطل، شاب عراقي، عاش حياة قاسية بسبب أن أخته كانت منضمة لحزب معارض للنظام، وتم اعتقالها وتعذيبها وإعدامها والتوصية بدفنها سرا، ورغم ذلك فقد ظل حاملا لوصمة اجتماعية فرضها عليه وعلى عائلته النظام الذي كان يحكم في ذلك الوقت، الذي يصم أسرة المعارضين طوال حياتهم ويحرمهم من كل الميزات في الوطن، أحب شابة لكن والدها لم يقبل تزويجه لها وظل سنوات طويلة منتظرا على أمل أن يوافق الوالد، وفي النهاية أجبر على تركها وسافر إلى السويد، لكنه ظل محتفظا بحبه حتى في الغربة.
أمينة: شابة عراقية عملت معلمة بأحد المدارس، وتعرفت على البطل بالمصادفة أثناء تجنيده في الجيش وبدأت بينهما علاقة حب طويلة، ورغم رفض والدها تزويجها منه إلا أنها ظلت مخلصة لحبها تنتظر تغير الأحوال، وحين هددها والدها بإيذاء البطل إذا لم تتزوج من شاب ذا نفوذ مالي ضحت بحبها لكي تنقذه من قتل محتوم، كما تعرضت لكارثة كبيرة حين فقدت طفلها من زواجها بذلك الشاب.
عدنان: أخو أمينة، رغم أنه لم يكن صعبا مثل أبيه وكان متعاطفا مع أخته إلا أنه لم يمنع زواجها من رجل لا تحبه، وحين تدهورت حياتها ساندها ودعمها وعاشت في بيته وكان حنونا معها، وحين عاد البطل استقبله بترحاب وسهل له زواجه منها.
نادية: زوجة “عدنان”، تعرفت على “أمينة” بعد زواجها من أخيها وعرفت بحكايتها، وحين تدهورت حالة “أمينة” الصحية حاولت مساعدتها بالتواصل مع “نزار” ومحاولة إعادته لها.
الراوي..
الراوي هو البطل “نزار” الذي يحكي عن نفسه بضمير المتكلم، ويحكي عن باقي الشخصيات.
السرد..
يعتمد السرد على حكاية واحدة هي قصة الحب بين “نزار” و”أمينة” وبين طيات هذه القصة تظهر ملامح المجتمع الذي يعيش فيه البطلين، لكن دون تعمد لرصد أحوال المجتمع من قبل الكاتبة خارج حكاية الحب.
الوصمة الاجتماعية وانتصار الحب..
أهم ما تتناوله الرواية كيف أن أهالي المحكومون بالإعدام يعانون في العراق في فترة حكم الحاكم السابق، وكيف أنهم يظلون طوال حياتهم يعانون من الاضطهاد ومن الحرمان من أية امتيازات، وحتى توضع لهم العراقيل في العمل وفي الترقي في الوظائف في الدولة، وابرز مثال على ذلك رفض والد “أمينة” تزويج ابنته من “نزار” لأن أخته حكم عليها بالإعدام، خوفا من أن يلحق أولادها بنفس الاضطهاد الذي يعاني منه “نزار” وأهله.
كما ترصد الرواية ظاهرة أخرى وهي الاختطاف الذي أصبح متفشيا بعد غزو أمريكا للعراق في 2003، ورغم أن زوج أمينة كان ذا نفوذ مالي وله علاقات بالسلطة الجديدة، إلا أن المختطفون استطاعوا خداعه مدعين أنهم من رجال الشرطة، واختطفوا ابنه من منزله مما يشي بعدم الأمان وبعد أن دفع المال قتلوا ولده رغم ذلك.
وأهم ما تتناوله الرواية هي النظرة الإيجابية للحياة، فرغم أن “نزار” ظل سنوات طويلة في انتظار أن يتزوج من “أمينة” ثم هجرته ليسافر إلى السويد ويظل بها سنوات، إلا أنه حين عرف بحكايتها وطلاقها من زوجها وكارثة موت ابنها عاد ليساندها ويدعمها، ورغم أن حالتها النفسية قد ساءت كثيرا إلا أنه ظل معها يحاول مساعدتها على التعافي، وبالفعل استطعت أن تتعافى بدعمه ومساندته، كما وأنه هو أيضا رفض الاستمرار في الاغتراب عن وطنه الذي يعاني من ظروف اقتصادية وسياسية واجتماعية سيئة، وقرر أن يعيش في وطنه ويعمل به وقام بعمل مشروع صغير لكي تستمر الحياة رغم الكوارث والمآسي، وتزوج من “أمينة” أخيرا مما يعني أن المقاومة والتحدي تؤتي ثمارها، وقد تعافت “أمينة” ورزقها الله بطفل جديد يعوضها عن فقدها في طفلها الأول.
فالنهاية السعيدة هي أهم ما تتميز به الرواية والتي تعطي أملا وأفقا جديدا لحياة امتلأت بالكوارث والمآسي، كما أن أهم رسالة تعطيها الرواية أن الحياة تستمر والتحدي في الاستمرار فيها يؤتي بنتائج جيدة، فالعراقيون رغم ما يمرون به من حياة صعبة إلا أن الاستمرار في الحياة أمر لابد منه.
الكاتبة..
“شذى سلمان” كاتبة عراقية، حاصلة على بكالوريوس إعلامـ، جامعة بغداد، قسم صحافة، صدر لها: (ألف عام- التواء- عصير أحمر).