في ذكرى تأسيس “التليفزيون الإيراني” .. كارثة باسم “الاحتكار” !

في ذكرى تأسيس “التليفزيون الإيراني” .. كارثة باسم “الاحتكار” !

خاص : ترجمة – محمد بناية :

ربما يمكننا اعتبار “التليفزيون” أحد أفراد الأسرة في هذا العصر. حيث يرافق، هذا الصندوق السحري، الكثير من الأسر طوال اليوم ويملأ صوته أجواء المنزل كخلفية.

وقبل 61 عامًا، وفي نفس هذه الأيام، بدأ التليفزيون العمل في “إيران”. لكن ماذا واجه الصندوق الأسود من تهديدات خلال العقود الستة الماضية ؟، بحسب صحيفة (المبادرة) الإيرانية الإصلاحية.

البدايات..

يعود تاريخ ظهور “التليفزيون” إلى، العام 1884، حين اخترع طالب ألماني يُدعى، “بأول نيپكو”، أول نظام تليفزيوني إلكترومكانيكي قادر على نقل صورة ثابتة. وفي بدايات 1900؛ أدرك المهندسون قدرتهم على إرسال الصور عبر الاستفادة من أمواج “الراديو”. لكن لم يدخل هذا العمل حيز التنفيذ حتى، العام 1926.

وكان البريطاني، “جان لوغي بيرد”، أول من استطاع إطلاق بث ملون للبرامج التليفزيونية. وبعدها بثلاثة عقود فقط وجد التليفزيون طريقه إلى “إيران”. كان التليفزيون الإيراني في البداية يُدار بشكل بث خصوصي كامل، وبدأ بالبث مدة أربع ساعات في اليوم. وللمزيد من التغطية تم تأسيس أبراج إرسال، عام 1961، في “عبادان” و”الأحواز”. وفي نهاية العام 1963؛ تغير هيكل التليفزيون الإيراني من شركة خاصة إلى شركة مساهمة، إلى أن بدأ التليفزيون الوطني الإيراني بشكل تجريبي وبإمكانيات بسيطة، (أستوديو و3 كاميرات وجهازي ضبط مغناطيسي)، في العام 1966.

وأخيرًا تم افتتاح “منظمة التليفزيون الوطني الإيراني” رسميًا، بتاريخ 20 آذار/مارس 1966. ومع انتصار ثورة 1979؛ تغير اسم “منظمة الإذاعة والتليفزيون الوطني” إلى “إذاعة وتليفزيون الجمهورية الإسلامية الإيرانية”. ونمت بمرور الوقت فعاليات هذه المنظمة وانتشرت شبكات الإذاعة والتليفزيون في “طهران” والمحافظات الإيرانية الأخرى.

عملاق الاتصالات !

وفي هذا الطريق واجه التليفزيون منافسة شرسة من الصحافة، والراديو والسينما. لكن منذ دخل التليفزيون البيوت فقدت الوسائل الأخرى تأثيرها. ومن الطبيعي حين تشرع وسيلة إعلامية جذابة، ذات صور متحركة، بالحديث في المنزل، أن يتم تهميش الصحف، والراديو، والكُتب وحتى السينما.

لقد تمكن التليفزيون من سحر المشاهد، وهو ما لم يصدر من الراديو، وتفوق على السينما في التأثير على المشاهد. وعليه استطاع التليفزيون من الإطاحة بكل الخصوم في المنافسات وتفرد بالساحة الإعلامية. وطوال هذه السنوات وصف الكثير من الخبراء، حول العالم، التليفزيون، بـ”عملاق الاتصالات”، في العالم الحديث. ووصفه “مارشال ماك لوهان”، أستاذ مركز “تورنتو” للدراسات الإعلامية وصاحب مفهوم “العالم قرية صغيرة”، التليفزيون، بـ”العملاق الخجول”؛ واعتبره أداة للعالمية.

وكذلك يقول “نعوم تشامسكي”، المُنظر الأميركي، عن مشاهدي التليفزيون: “هؤلاء المساكين، حيث يجب أن يجلسوا بمفردهم أمام شاشات التليفزيون وأن يلقنوا رسالة مفادها أن القيمة الأساسية في الحياة هي أن يتوافر لديك أكبر كمية من السلع، أو أن تعيش مثل الطبقة الغنية المتوسطة التي تشاهدها،وأن تتبنى قيمًا لطيفة مثل التناغم والهوية الأميركية، هذا كل ما هنالك في الحياة. قد تسول لك نفسك بأنه ربما هناك أشياء أخرى في الحياة، ولكنك تقول حينئذ إنه ربما أصابك الجنون للتفكير بذلك؛ لأن هذا هو كل شيء يحدث هناك، وبما أنه غير مسموح بالتنظيم، وهو أمر غاية في الأهمية؛ إذ ليس بمقدورك معرفة ما إذا كنت بالفعل مجنونًا أم أنك تفترض ذلك؛ لأن الإفتراض يبدو طبيعيًا”.

احتكار لا ينكسر !

لكن هذه القوة وهذا الاحتكار لم يستمر أكثر من مئة عام، وتمكن عملاق جديد باسم “الإنترنت” من التفوق على التليفزيون نسبيًا. ونما سريعًا، خلال العشرين عامًا الأخيرة، مع الطفرة التكنولوجية.

ومع اتساع دائرة “الإنترنت” ودخول الهواتف المحمولة؛ ثم تشكيل شبكات التواصل الاجتماعي وظهور “تليفزيون الإنترنت”، تبلورت ثورة في مجال الاتصالات. وأضحى “التليفزيون” مريض مسن لا يقوى على مسايرة التكنولوجيا الجديدة.

وهذا الحدث، وإن كان عالميًا، فقد كان مسار حياة “التليفزيون” في “إيران” مختلف نسبيًا. لأنه بالتزامن مع دخول التكنولوجيا الجديدة، “إيران”، كانت “منظمة الإذاعة والتليفزيون” تحتكر السيطرة على “التليفزيون”، رغم طرح مشروع إطلاق التليفزيونات الخاصة مرارًا خلال العقود الأخيرة، إلا أن هذه الأطروحات لم تتمكن من تجاوز سد احتكار الإذاعة والتليفزيون.

لكن، وقبل عقد تقريبًا، تمكن نوع آخر من الوسائط الإعلامية يتعثر كما الطفل الرضيع من مقارعة “التليفزيون”. وبدأت قنوات البث الخاصة بنشر عدد من المسلسلات في شكل أسطوانات، (دي. في. دي) و(س. دي)، ولم تكن هذه الشبكات تخضع لسياسات “منظمة الإذاعة والتليفزيون”.

ثم إزدادت المسألة تعقيدًا بظهور “الإنترنت”، حيث ميلاد قنوات الإنترنت ذات الإمكانيات والقدرات الهائلة التي توفرها شبكات الإنترنت، فضلاً عن مجانية هذا الفضاء الإلكتروني وإمكانية تحميل الأفلام والمسلسلات والبرامج الإيرانية وغير الإيرانية.

ولذلك هناك محاولات حالية تستهدف جذب المخاطب نحو الصفحات المحلية بعد فلترة الصفحات غير المحلية التي تقدم للمتلقي محتوى مصور. لكن كأن مواقع تحميل الأفلام والمسلسلات تتوقف عن العمل الواحد تلو الآخر، للسيطرة على قنوات احتكار إذاعة الأفلام والمسلسلات على الإنترنت. والسؤال: إلى متى نتجاهل دروس الماضي، ونسعى لاحتكار كل شيء ؟

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة