13 أبريل، 2024 5:47 ص
Search
Close this search box.

فيما يتخطى هستيريا الخطابات عن “الفنون الهابطة” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : بقلم – د. مالك خوري :

القمع والتهميش لا يخلقان فنًا “أفضل”. والرأسمالية بطبيعتها هي التي تدفع بالكثير من الممارسات الفنية والكثير من الفنانين أنفسهم لأن يتحولوا إلى سلع تجارية للبيع والشراء، ولكي يُصبحوا أشبه “بالبوب كورن” الذي لا يصلح لأكثر من الاستهلاك السريع.

أي قمع ضد أي نوع من “التعبير الإبداعي” (إلا في حال اتسم هذا التعبير بالعنصرية ومعاداة المرأة والدعوة للكراهية والعنف والإذلال ضد الآخر والمختلف)، يعني ويؤدي بالنهاية إلى فتح الطريق للقمع الفاشي لكل التيارات الثقافية والفنية المغايرة لمذاق ومزاجيات و”أخلاقيات” النفاق الاجتماعي للطبقات البورجوازية المهيمنة والتي دائمًا تتلطى، وزورًا، وراء الأديان “والتراث” و”الأخلاق” لتستعملها لصالحها كلما احتاجت لضبط سيطرتها الإيديولوجية على المجتمع.

تاريخيًا وواقعيًا، فإن تعابير مثل: “الفن الهابط” استخدمت وما تزال تُستخدم من قبل الطبقات المهيمنة كتبرير وكحجة لضمان التهميش الثقافي للطبقات العاملة والفقيرة والمهمشة، ولكبح جماح الفنون ذات الطابع الثوري أو التقدمي أو المغاير لمنعها من الخروج إلى العلن وللحد من تداولها الشعبي الواسع.

في الوقت الذي ينبطح الكثيرون أمام كل ما يأتي صوبهم من نواحي الهيمنة المتدرجة للثقافة الخليجية الكمبرادورية، والممهدة للسيطرة الشاملة (للطراز والمثال الهوليوودي) على الفنون المصرية، فإن الحملات الهيسترية ضد بعض الفنانين المحليين ومحاولات “تربيتهم” ومعايرتهم وتذكيرهم بأصولهم “الوضيعة”، (كما قال البعض وبكل وقاحة)؛ تتزايد وتزداد بشاعة ووقاحة وتتخذ أبعادًا سياسية وطبقية سافرة وخطيرة في مفاعيلها…

وكأن وجبات “الفنون غير الهابطة” التي تقدمها لنا دوائر الإنتاج والتوزيع والدعاية والمهرجانات وحتى النقد، والتي أضحت بشكل شبه كامل تحت سيطرة جماعات ووكلاء دول الخليج، لا تستحق من نقاباتنا الفنية وقياداتها أي تعليق أو إدانة للأثر المدمر لتلك السيطرة على أهم مركز للثقافة في العالم العربي وإفريقيا وشرق آسيا.

أو كأن هذا الغزو الخليجي الشامل أصبح المعبر الذي يتوجب الحصول على موافقته وبركته قبل أن نسمح لأي شكل تعبيري بالوصول إلى المشاهدين (محمد رمضان يُسمح له عمليًا وبالنهاية بكل شيء على الرغم من تمثيليات المنع من وقت لآخر). أو كأن هذا الغزو غير المقدس سوف يُساهم بتشجيع وتعميق ثقافة العمل والتعليم والإنتاج الفني الجدي لشبابنا وعشرات آلاف العاطلين عن العمل في القطاعات الفنية !

وبالمقابل، تزداد بشكل مخيف حملات الكراهية ضد كل أنواع موسيقى أو موسيقيي وثقافة وحتى مجتمعات وبيئة “المهرجانات”، (الجيد منها والسخيف والسيء)، إلى درجة غير مسبوقة.

في خضم هذا “الهرج والمرج” الشعبوي، تقع على المثقفين التقدميين مسؤولية التعاطي مع هذا الموضوع بجدية ووضوح. إذ لا يمكن لهؤلاء الانسياق وراء الخطاب السطحي والرجعي الذي يهيمن اليوم على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب