خاص: كتبت- سماح عادل
فيلم vicky donor أو “فيكي المانح” وهو فيلم رومانسي كوميدي هندي، يتناول قضية هامة وهي مدى قبول التبرع بالحيوانات المنوية للأسرة التي يعاني الذكر فيها من العقم، وهل يمكن اعتبار ذلك التبرع تأييدا لفكرة استمرار الحياة وتجددها، مما يعطي استنتاجا أن صناعة السينما في الهند على ضخامتها والمكسب الاقتصادي الضخم الذي تحققه إلا أنها مع ذلك تهتم بالتنويع في تناول الموضوعات والقضايا، وكثير من الأفلام التي تصنع في “بوليوود” تناقش قضايا هامة في المجتمع الهندي.
الحكاية..
الشاب “فيكي أرورا” شاب ينتمي للشعب البنجابي، يعيش مع جدته وأمه بعد وفاة والده وهو صغير، وأمه تدير صالونا للتجميل صغير يعينها على تربية ابنها، حينما يتخرج يحاول البحث عن عمل، لكنه لا يجد، وبالمصادفة يتقابل مع طبيب متخصص في العقم، يجد فيه الطبيب نموذجا ناجحا لأن يكون متبرعا بسائله المنوي، أولا بسبب وسامته وأنه في مقتبل العمر، ولأنه أعزب، ويعرض هذا الأمر على “فيكي” الذي يتردد في القبول لكن يغريه المال الذي يعرضه عليه الطبيب في مقابل سائله المنوي، مؤكدا له أن هناك اتفاقية تتم بينه وبين الأسرة التي تتلقى سائلة كمنحة، وأن الزوجين يعرفان بذلك ويوافقان عليه أملا في تغيير حياتهما وبعث الأمل فيها.
أموال سهلة..
يبدأ “فيكي” في التبرع بسائله المنوي وتغريه الأموال السهلة والكثيرة التي يحصل عليها دون جهد أو تعب، ويتقابل مصادفة مع”أشيما روي” التي تعمل في المصرف الذي ذهب إليه ليفتح حسابا هناك، ويبدأ في التودد إليها، ويتقابلان عدة مرات، ويعترف بإعجابه بها، وهي أيضا تبادله نفس الإعجاب.
اختلاف العرق..
ويفكر “فيكي” في الزواج من “أشيما” لكن تواجهه مشكلة كونها بنغالية، فيذهب إلى والدها بصحبة الطبيب صديقه لأن والدته ترفض الذهاب معه ليتزوج من فتاة بنغالية، وهنا يظهر حجم الكراهية ما بين البنجاب والبنغاليين، حيث يقول كل طرف أشياء سلبية عن الطرف الآخر، كلها تنتقد السلوكيات ومظاهر الحياة، وتصل إلى حد المبالغة في وصف الشعب الآخر بصفات عامة وكأنها تنسحب جميعا على كل أفراد الشعب.
يقابل فيكي والد “أشيما” ويحاول إقناعه بالزواج من ابنته التي يتبين أنها مطلقة، وأنها تزوجت ليوم واحد من أحد الرجال ورجعت إلى منزل والدها عندما اكتشفت أنه يحب فتاة أخرى وأنه تزوجها نتيجة ضغط عائلته.
يحاول “فيكي” إظهار محبته للثقافة البنغالية واستعداده ومرونته في التعامل معها، وهذا أعجب والد “أشيما” فذهب هو وعمتها و”أشيما” إلى والدة “فيكي” وجدته في المنزل، وعندما علمت والدة “فيكي” أن ” أشيما” مطلقة كادت أن تعترض، لكنها انصاعت لقبول الجدة لهذا الزواج، مما يعكس سلطة الأم الكبيرة في الأسرة الهندية ومدى احترامها من الجميع.
الاستمرار في المنح..
يتزوج “فيكي” و”اشيما” وتتقبل العائلتان الاختلافات التي كانا في السابق يعلنان كراهيتهما لها، ويحدث الاندماج بين أفراد العائلتين، ويلح الطبيب على “فيكي” في أن يستمر في التبرع بسائله المنوي فيستمر في إمداده به سرا من دون علم زوجته. لكنه يبحث عن عمل آخر، لأنه مل هذا العمل.
وبعد عدة شهور تكتشف “أشيما” أنها لن تكون قادرة على الإنجاب، لأن لديها انسداد في قناة فالوب، وتنهار بسبب ذلك، ويحاول “فيكي” مواساتها، لكنها تحاول مرة أخرى وتطالبه بعمل تحاليل طبية له، وتغضب عندما تكتشف أنه لم يقم بعمل التحاليل، فيتعرف لها أنه كان يتبرع بسائله المنوي، وأنه أنجب من قبل، ويغيظها هذا الأمر كثيرا، وتترك المنزل وتعود لمنزل والدها، وتصارح والدها بالأمر ومن جانبه يرى أن هذا الأمر ليس شيئا سيئا وأنه يمكن تقبله.
كشف..
لكن “أشيما” تظل في منزل والدها وتظل غاضبة من “فيكي”، ثم تهاجم الشرطة منزل والدة “فيكي” بعد أن جاء طرد إليها وتسلمته إحدى الجارات وقامت بتبليغ الشرطة لأنها ارتابت في هذا المبلغ الكبير ومن أين يأتي ل”فيكي”، وذلك انتقاما منه لأنه لم يتزوج من ابنتها.
تقبض الشرطة على “فيكي”، ويجيء الطبيب ويخرجه بسبب علاقاته بمسؤولين كبار في الدولة، لكن تعرف والدة “فيكي” الأمر وجدته ويخاصمانه بسبب ذلك، وتعنفه والدته على ما فعله. ويجد “فيكي” نفسه وحيدا بعد ترك” أشيما” للمنزل وبعد خصام والدته، ويحزن كثيرا ويرفض التعاون مرة أخرى مع الطبيب، والطبيب يتأثر لأن “فيكي” كان يشكل بالنسبة له مصدرا هاما للثراء، ويحاول إغرائه وإقناعه لكن “فيكي” يصر على موقفه.
ويحاول الطبيب مساعدة “فيكي” الذي سينهار زواجه، فيطلب من مساعده جمع كل الأسر التي تبرع لها “فيكي” بسائله المنوي، ويدعو الطبيب تلك الأسر إلى يوم يدعى أنه الاحتفال ال25 بافتتاح عيادته.
ويذهب الطبيب إلى “فيكي” لكي يقنع “أشيما” بأن تذهب إلى هذا اليوم في العيادة، لكن “فيكي” لا يتوقع قبول “أشيما” أن تحضر. ويذهب إلى منزل والدها ويطلب منها الذهاب إلى عيادة الطبيب لساعة واحدة، وحينما ترفض يقول لها “فيكي” أنها حرة في اختيار نهاية لزواجهما إما الطلاق أو الانفصال، لكن والدها ينزعج من فكرة طلاق ابنته للمرة الثانية خاصة وأنها لا تنجب. فيوبخها قائلا لها أنها غاضبة ليس لان “فيكي” يتبرع بسائلة المنوي وإنما لأنها هي لا تستطيع الإنجاب، وتستجيب “أشيما” لكلام والدها وتذهب مع “فيكي” إلى عيادة الطبيب في اليوم المحدد.
فرحة تجدد الحياة..
وحين ترى “أِشيما” كل الأطفال الذي كانوا نتاج تبرع “فيكي” بسائله المنوي تنبهر هم 53 طفل، ومنهم من يشبهونه، ويتحدث الطبيب عن الأمل والحياة وكيف أن هذه الأسر وجدت السعادة بهذا التبرع بعد أن كانت تعيش في حزن. وأن هؤلاء الأطفال مثلوا لتلك العائلات فرحة.
ثم يصارحهم الطبيب أن هناك طفلة من التي أنجبهم “فيكي” مات والداها في حادثة وعندما عرف الجدان أنها نتيجة تبرع بالسائل المنوي رمياها في دار للأيتام، بدعوى أنهما لا يقويان على تربيتها، وعرض على “أِشيما” تبنيها، ووافقت “أِشيما” على الفور لأن هذه الطفلة هي التعويض لها كما أنها ابنة “فيكي” مما سيجعلها مقبولة من الأم والجدة. وكان هذا هو المخرج لمشكلة “أشيما” ووجدت السعادة وراحة البال، وانتهى الفيلم على ذلك.
الإخراج جيد، وأداء الممثلين كان رائعا رغم أنهم من الممثلين الشباب، وركز الفيلم على تناول القضية المحورية دون حاجة للإبهار، لكن كانت هناك الأغاني والموسيقى التي هي جزء أساسي من معظم الأفلام الهندية.
طرح الفيلم قضية هامة، وهي هل التبرع بالسائل المنوي أمر يمكن قبوله في المجتمع الهندي، مناقشا فكرة استمرار الحياة، وبعث الأمل في أسر لا تستطيع الإنجاب وأن يكون لها امتدادا، وأن يتمتعا بصحبة الأطفال ومرحهم وفكرة وجود مستقبل لهم بوجود أطفال تتربى.
صراع الأعراق..
ورغم أن الطبيب تعامل معها بجشع، وكذلك “فيكي” الذي وجدها فرصة سانحة لكسب المال دون جهد، إلا أن الفيلم في النهاية تناولها من وجهة نظر بعث الأمل وتأييد استمرار الحياة بغض النظر عن فكرة الأنساب الذكورية، وإثبات نسب الطفل لأبيه، ففي النهاية يتقبل الرجل تربية طفل آخر ليس من صلبه لأنه ليس لديه حلا آخر، أو هكذا طرح الفيلم المسألة، واعتبر قبولها نوعا من أنواع التحضر والتفتح على الحياة والتقدم العلمي. كما حرص الفيلم أن يغلف تلك الفكرة بغلاف رومانسي كوميدي مستعينا بقصة رومانسية تجذب الجمهور، ولا تجعله ينفر من الفكرة.
كما ناقش قضية هامة ومجتمعية أيضا وهي الصراع بين الناس على أساس العرق، والتصورات المبالغ فيها عن الأعراق الأخرى التي يحتفظ بها الناس في أذهانهم كداعم لفكرة شعورهم بالتفوق العرقي، واتضح ذلك في الفيلم عندما قرر “فيكي” البنجابي الزواج من “أشيما” البنغالية” و عرض الفيلم وجهة نظر والدة “فيكي” ووالد ” أِشيما” وتلك التصورات الوهمية عن الآخر والتي لا تخلو من مبالغة.
فكل عرق يعتقد أنه الأفضل والأرقى وأن العرق الآخر أدنى منه وأقل تحضرا، كما يرفض السلوكيات والعادات للعرق الآخر، ويعتبر كل طرف أن سلوكيات الطرف الآخر دليلا على تدني مكانته، وقد عرض الفيلم بجرأة آراء الناس وكراهيتهم لكنه بعد ذلك انتصر لفكرة المرونة و الاختلاط والتزاوج بين الأعراق المختلفة، بل وتعرف كل عرق على سلوكيات العرق الآخر ومحاولة تقبلها وفهمها.
وهذه إحدى ميزات السينما الهندية التي تكرس نسبة من أفلامها لمناقشة قضايا هامة بل وتقديم حلول تقدمية ومنفتحة لها، وتكريس القيم الإنسانية التي تجمع البشر ولا تفرقهم، ومحاربة الأفكار العنصرية والطائفية التي يحفل بها المجتمع في قالب حلو جذاب لا يستطيع المشاهد رفضه وإنما ينجذب إليه وبالتالي تتم التوعية من خلال الترفيه والاستمتاع.
كم طرح الفيلم قضايا فرعية مثل قبول تزويج الابن الذي لم يسبق له الزواج من مطلقة، واحترام المرأة رغم أنها لم تتزوج وكبرت في السن، واحترام الجدة. والاهتمام بالمرأة وتبجيلها. فالسينما أحد الوسائل الهامة لتغيير السلوكيات وللتوعية ولنشر الأفكار السامية والإنسانية.
الفيلم..
الفيلم من إخراج “شوجيت سيركار” وإنتاج الممثل “جون ابراهام”. كتبه “جوهي شاتورفيدي” وبطولة نجوم السينما المبتدئون “أيوشمان كورانا واليامي غوتام” مع أنو كابور في دور محوري. تم إصدار الفيلم في 13 أبريل 2012 في حوالي 750 شاشة في الهند. وحقق نجاحًا تجاريًا محققًا أرباحًا بقيمة 66.32 كرور روبية في جميع أنحاء العالم، مقابل ميزانية قدرها 15 كرور روبية.
حصل الفيلم على جائزة National Film Award لأفضل فيلم شعبي يقدم ترفيهًا صحيًا في حفل توزيع جوائز الفيلم الوطني الستين. تمت إعادة إنتاج الفيلم في التيلجو باسم Naruda Donoruda” “2016 وفي التاميل مثل Dharala Prabhu (2020)..
عندما سئل عن الموضوع المحفوف بالمخاطر، أجاب “أبراهام”، “في الأساس، فيكي دونور هي كوميديا رومانسية. لكن المفهوم تم وضعه على خلفية التبرع بالحيوانات المنوية”. وأعرب “أبراهام” عن أمله في أن يلقي الفيلم الضوء على قضية خطيرة ما تزال تعتبر “من المحرمات ” في المجتمع الهندي.
وقال “سيركار”: “أريد أن ألقي نظرة على المحرمات المرتبطة بالعقم والتلقيح الصناعي”. قبل بدء التصوير، بحث سيركار في مواضيع الحبكة لمدة ثلاث سنوات. و”جوهي شاتورفيدي”، المديرة الإبداعية في وكالة الإعلانات بيتس، التي كتبت السيناريو بناءً على فكرتها الخاصة، أقامت في “لاجبات ناجار” كطالبة في كلية الفنون في دلهي. بينما كان النص يمر بالعديد من المسودات، التقت بزوجين يديران عيادة خصوبة ملحوظة في مومباي.
النقد..
نال الفيلم استحسان جميع كبار النقاد. صنف Blessy Chettiar من DNA India الفيلم بـ 4/5 وقال: “اركض إلى أقرب مسرح وسلم نفسك لسحر فيكي وفريقه. هذا” Aryaputra “يوفر فقط ترفيهًا ذا نوعية جيدة”. Madhureeta Mukherjee من The Times of India أعطت الفليم 3.5 من 5 وقالت: “يتطلب الأمر رجلاً لصنع فيلم كهذا، حرفيًا. مجد لجون أبراهام على إنتاجه الشجاع قبل الزواج. لحسن الحظ، هذا الحيوان المنوي يضرب نقطة الهدف”. أعطى “ماثوريس بول” من “رجل الدولة” الفيلم 3.5/ 5 وكتب، ” فيكي دونور هو فيلم رائع وبسيط وعاطفي وجريء ووجهك في نفس الوقت”.