4 مارس، 2024 8:39 م
Search
Close this search box.

فيلم  Tomorrowland..  خلق عدو وهمي وتزييف الوعي من خلال الإبهار

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: كتبت – سماح عادل

فيلم Tomorrowland أو “أرض الغد” هو فيلم خيال علمي حالم، يتناول نهاية العالم ومسؤولية البشر عنها لكنه يتناول تلك القضية بنوع من التضليل والتعمية عن الأسباب الحقيقية التي تؤدي إلى تدمير الأرض. كما يقدم حلولا خيالية لا تمت للواقع بصلة.

الحكاية..

تجد المراهقة “كاسي نيوتن” دبوس عليه علامة غريبة، ثم  تدخل عالم غريب لا تفهم عنه شيئا، وهي تعيش مع والداها ولديها بعض المشاحنات معه، في هذا العالم الغريب تجد بيتا به أجهزة لا تفهم عملها وتظل تفتش ذلك المنزل، بعد أن تتقابل مع صاحبه، رجل خمسيني يدعى “فرانك واكر” يوم بدوره الممثل “جورج كلوني”. يندهش من وجودها المفاجئ في منزله ومن تطفلها على أجهزته وبعد حوار قصير يدور بينهما يهاجم المنزل آليين، ويحاول “فرانك” الهرب من هؤلاء الآليين مستخدما أدوات وأجهزة تنبهر بها “كاسي” ولا تفهم ماذا يحدث أو من يهاجمهم.

ثم بعد نجاحهما في الهروب من الآليين تقابلهم فتاة صغيرة تعرض عليهم ركوب شاحنتها للهروب من ملاحقة الآليين، يتبين أن “فرانك” يعرف تلك الفتاة ويلومها على شيء و”كاسي” أيضا تعرفها، ونفهم من الحوار أن تلك الفتاة آلية أيضا وأنها هي من بعثت الدبوس ل”كاسي” ودفعتها إلى الذهاب لمنزل “فرانك”، وأنها تتوقع من “كاسي” أعمالا هامة.

السفر لبعد آخر..

وأثناء الهروب من ملاحقة الاليين يذهب الثلاثة إلى فرنسا، لبرج إيفل لكنهم يذهبون في آلات عجيبة تسمح لهم بالسفر عبر المكان في وقت قصير،  يكشف “فرانك” ل”كاسي” أن برج إيفل الذي بناه أربعة من العلماء المشهورين كان مكانا للسفر إلى عالم آخر، وليس بهدف أن يكون معلما سياحيا، وأن “تسلا” هو من استخدمه للتواصل مع عالم آخر، ولم يشرح كثيرا عن “تسلا” ذلك العالم الغربي الشهير الذي اختفى في غموض.

ينشق برج إيفل ويخرج صاروخ كبير من بين شقيه، يركبه الثلاثة ويذهبون إلى أرض الغد، ذلك المكان الذي حدث “فرانك” “كاسي” عنه أكثر من مرة، بعدا آخر للأرض، يعيش فيه حاكم وأناس وآليون، مكان متطور كثيرا عن العالم الذي تعيش فيه “كاسي” ويتميز بالرخاء والثراء.

ينطلق الصاروخ ويذهب إلى وجهته ليصدم الثلاثة بالحاكم، وهو رجل خمسيني أيضا يبدو من حديثه أنه معادي ل”فرانك”، يفتش الآليون  “فرانك” الذي يسارع ويعطي الفتاة الآلية قنبلة لتخبئها، ويتساءل الحاكم عن سبب عودة “فرانك” رغم أنه نفي من زمن طويل من أرض الغد، وعن الفتاة التي بصحبته، فيقول له “فرانك” أن تلك الفتاة ربما تغير النتيجة الحتمية وأن لها قوى رائعة، لتكتشف “كاسي” أن نهاية العالم ستحدث خلال 58 يوما وأن العالم سيتعرض لانهيارات وحرائق واشتعالات، وأن فرانك والفتاة الآلية يعتقدان أنها تستطيع تغيير ذلك المصير المحتوم.

المراقب..

ينفيهم الحاكم مرة أخرى، ويأمر بإعادتهم إلى البعد الذي يعيشون فيه، وتبدأ “كاسي” في فهم الأمر، وأن أرض الغد تلك تعتمد على جهاز كبير يدعى مراقب، هذا الجهاز يتواصل مع البعد الذي يعيشون فيه ويبث للناس أخبارا وحقائق عن نهاية العالم الوشيكة، تلك الأخبار والحقائق تزرع زرعا كأفكار في عقول الناس، وتعتقد “كاسي” أن ذلك هو ما يجعل الناس تستلم لحقيقة نهاية العالم ولا يفعلون شيئا حيالها، وأن المراقب لابد وأن يدمر حتى يتوقف عن بث الأفكار في عقول الناس. وتكتشف أيضا هي و”فرانك” أن الحاكم غير مهتم بإنقاذ العالم أو الأرض، أولا لأنه يعيش في بعد آخر لن يتأثر بنهاية العالم ويعيش حياة مليئة بالتطور التكنولوجي والثراء، كما أنه يمنع وصول الناس إلى بعده لينقذهم من تلك النهاية الوشكية.

هو بالأحرى يشاهد العالم وهو ذاهب إلى نهايته ولا يريد تغيير ذلك المصير، وحين يسألونه عن سبب عدم اكتراثه يقول لهم الحاكم أن المراقب أخذ يبث للناس حقيقة نهاية العالم لكي يشعرهم بالخطر، ويقومون بالتغيير وإنقاذ عالمهم، لكنهم بدلا من اليقظة استخدموا فكرة نهاية العالم كفكرة طريفة في ألعاب الفيديو وفي الأفلام وفي الإثارة، وتعاملوا مع حقيقة نهاية العالم كأمر محتوم ليس قريبا بما يكفي وبالتالي لم يهتموا بالتعامل معه وإنما استسلموا لحدوثه، وبالتالي الناس هم المسئولين في البداية والنهاية عن دمار العالم بتكاسلهم واستسلامهم وهذه فكرة مغلوطة تستهدف التضليل.

تدمير المراقب..

وتدور معركة تحاول فيها “كاسي” و”فرانك” تدمير المراقب ويقاوم الحاكم وأعوانه، ويحاول الحاكم قتل “فرانك” فتحميه الفتاة الآلية وتتلقي الضربة من مسدس آلي بدلا منه، ثم تودع “فرانك” والذي يتبين أنها عرفته منذ طفولته وأنها هي من سعت إليه لينقذ العالم لأنها شعرت أنه حالم، كما فعلت مع “كاسي” فيما بعد. لكنه حين كان طفلا لم يفهم أنها آلية ووقع في غرامها وهي لم تخبره لأنها أحبت فكرة أن يكن لها مشاعر، ثم تم طرده بسبب حبه للآلية.

وتقترح الآلية عليه بما أنها ستتوقف عن العمل أن يستخدمها ليدمر المراقب تدميرا ذاتيا، وبالفعل يحملها “فرانك” ويلقي بها بعد وادع إلى المراقب لينفجر ويموت الحاكم، ويبقى “فرانك” و”كاسي” الذين يذهبا إلى البعد الذي كانا يعيشان فيه ويحاولان تأجيل نهاية العالم، ويستغلان أرض الغد في بناء عالم يحاولان من خلاله إنقاذ عالمهم. ثم نرى “فرانك” بعد مرور عام، وقد تأجلت نهاية العالم بالفعل ولا يخبرنا “فرانك” ماذا فعلوا ليأخروا التدمير والانفجاريات والاحتراق الذي رأيناهم كنهاية للعالم.

استقطاب الحالمين..

لكنهما يستقطبان أناسا من جميع أنحاء العالم ويعطونهم دبابيس عليها تلك العلامة التي رأتها “كاسي” في أول الفيلم، ويطلبان منهم أن يرشحوا أناسا آخرين حالمين لكي يكون هؤلاء الناس هم القوة التي ستحمي العالم من نهاية محققة وتغير ذلك المصير ولم يقولا كيف أيضا.

وينتهي الفيلم على استقطاب أناس من بلدان مختلفة من آسيا وإفريقيا وأوربا ويجتمعون جميعا في حديقة كبيرة.

عدو وهمي..

الإخراج اعتمد على الحركة والأكشن كما في معظم الأفلام الأمريكية، وعلى الإبهار بآلات مدهشة وغريبة، لكن السيناريو به فجوات متعددة، أولا لم يذكر الهدف من أرض الغد، وكيف أنشأت، ثانيا لم يقدم حلولا عملية لتغيير نهاية العالم وإنقاذه من الخراب والحرائق، وقع في تناقض حين قدم الحاكم لأرض الغد على أنه هو الشرير الذي يستهدف الوصول إلى نهاية العالم، في حين أن احتراق العالم أو بقاءه أمر لا يؤثر في البعد الذي يعيش فيه وبالتالي نهاية العالم أو بقاءه ليس أمرا مهما له، وكأنه خلق عدوا وهميا ولم يقدم مبررات كافية على العداء.

أيضا حين استقطب “فرانك” الحالمين من كل أنحاء العالم لم يقدم الحلول العملية التي سيفعلونها لكي ينقذوا العالم، وإنما هو استقطاب لجميع الحالمين وفقط، ووقع في فخ الكلام العام والحالم والجميل والذي يخدر وعي الناس وإنما لا يقدم لهم فهما حقيقيا أو كشفا لمشاكلهم.

وهذا بالضبط ما فعله الفيلم، تناول نهاية العالم كأمر مصيري محتوم لكن يمكن تغييره، لكن لم يشر للأسباب الحقيقية التي أدت إلى ذلك المصير وهو الرأسمالية العالمية التي هي المسؤولة عن التصنيع وعن إنتاج كل تلك السلع التي تفيض عن حاجة سكان الأرض، والتي تسعى إلى الربح ومزيد من الربح ولا تهتم بكون هذا التصنيع يلوث الأرض أم لا، تستنزف الرأسمالية موارد الأرض، وتحتل البلاد عسكريا واقتصاديا وتهيمن على جميع بلدان العالم لتحصل على الثروات وموارد الأرض لتقوم بتصنيع سلع ومنتجات لا أحد في حاجة إليها، وتطور العلم لصالحها فقط.

وتستمر في تلويث الأرض وإفسادها باستخدام طاقة غير نظيفة مع أنها تستطيع استخدام مصادر طاقة نظيفة وغير مكلفة ولا تلوث الأرض، وتستطيع استخدام الموارد بطريقة متوازنة تحافظ على تجددها، وتستطيع تكريس التطور لعلمي الذي تستحوذ عليه لإنقاذ الأرض لكن الرأسماليون لا يفعلون لأنهم لا يهتمون سوى بالأرباح والأموال والثراء.

لذا فالناس الذي يشير إليهم الفيلم باعتبارهم المسئولين عن تدمير الأرض هم محكومون من قوة كبيرة وباطشة ،وليس لهم أية قدرة على إفساد أو إنقاذ العالم، هم يعيشون بالكاد معظم. سكان الأرض يعانون من الفقر والحياة البائسة ويبيعون قوة عملهم مقابل أموال قليلة لا تكفي لتوفير حياة كريمة لهم، فيكف يكونوا مسئولين عن إفساد الأرض وتلويثها وكيف يستطيعون إنقاذها وهم لا يملكون الحرية ولا القوة ولا الوسائل والأهم لا يملكون السلطة.

الفيلم يغيب الوعي مثل معظم الأفلام الأمريكية التي تخلق أعداء  وهميين من الفضاء أو من عوالم أخرى وتناقش القضايا بسطحية وبتضليل لكي لا تكشف للناس المسئولين الحقيقيين عن الكوارث التي تلحق بالعالم.

الفيلم..

“أرض الغد” (Tomorrowland)‏ هو فيلم خيال علمي وغموض ومغامرة أمريكي من إخراج “براد بيرد” الذي كتبه وأنتجه مع “دامون ليندلوف”. الفيلم من بطولة “جورج كلوني وبريت روبرتسون وهيو لوري”. سيناريو الفيلم متأثر بشدة بفلسفة والت ديزني المتفائلة للابتكار والمدينة الفاضلة. صدر “أرض الغد” في 22 مايو 2015 وتلقى مراجعات إيجابية من النقاد.

تمت الموافقة على مشروع الفيلم من قِبل “شون بيلي” رئيس قسم الإنتاج في استوديوهات أفلام والت ديزني في يونيو 2011، بعدما وقّع “دامون ليندلوف” عقدًا لتولّي كتابته وإنتاجه. في مايو 2012 تمّ توظيف “براد بيرد” ليكون مخرجًا للفيلم، وفي وقتٍ لاحقٍ في نوفمبر 2012، دخل الممثل “جورج كلوني” في المفاوضات لبطولة الفيلم. في فبراير 2013 انضم “هيو لوري” لطاقم الفيلم.

بدأ التصوير الرئيسي في إندربي بكولومبيا البريطانية في 19 أغسطس 2013، وأيضًا تمّ التصوير في فانكوفر ووسوري، بكولومبيا البريطانية، وانتهى في 15 يناير 2014.

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب