8 مارس، 2024 4:15 ص
Search
Close this search box.

فيلم The First Purge..  إبادة الفقراء لإنقاذ الرأسمالية من أزماتها

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: كتبت- سماح عادل

فيلم The First Purge أو “التطهير الأول” هو الفيلم الرابع من سلسلة أفلام أمريكية من نوع الديستوبيا والرعب، حيث يحكي عن فكرة خطيرة وهي تحرير العنف، وإعطاء الحرية للناس لممارسة عنفهم دون عقاب قانوني أو اجتماعي، حتى لو وصل العنف إلى حد القتل.

الحكاية..

يبدأ الفيلم باستجواب أحد المختلين نفسيا عن العنف الذي بداخله، وكيف يتخلص منه فيستخدم الرجل، الذي يظهر من طريقته في الحديث أنه غير طبيعي، كلمة تطهير للتعبير عن رغبته في التخلص من العنف الذي يملأه من الداخل. ثم تعرض الشاشة أخبار سابقة عن حدوث أزمة اقتصادية عنيفة في أمريكا وارتفاع نسبة المديونية وحدوث احتجاجات في كافة المناطق في أمريكا، مما ساهم في رفض الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وصعود حزب ثالث اسمه “الآباء المؤسسون الجدد لأمريكا”، يلقى هذا الحزب قبولا من الناس أملا منهم في تخليصهم من الأزمة الاقتصادية ويتولى أحد أعضاء الحزب رئاسة أمريكا.

يوم للتطهير..

ثم وبانتقال سريع يكتب على الشاشة عنوان يومان قبل التجربة، فنعرف من الأخبار أيضا التي تتواتر على شاشات التليفزيون أنه تم التفكير في عمل يوم للتطهير، كتجربة أولى في جزيرة في نيويورك تدعي “ستاتين”، ونشاهد القائمين على التجربة وهم يقنعون الناس في الجزيرة بالبقاء في ذلك اليوم الذي حدد للتطهير مقابل خمسة آلاف دولار، مستغلين حاجة الناس المادية مع تفشي الأزمة الاقتصادية، ويغرونهم بالمشاركة في يوم التطهير للحصول على أموال أكثر. منهم من يوافق تحت إغراء المال ومنهم من يكتفي بمبلغ 5 آلاف دولار على أمل أن ينجو من التطهير وهو جالس في بيته.

ثم يقابل مذيع الأخبار الطبيبة النفسية المسئولة عن التجربة ويسألها عنها بصحبة أحد من حزب “الآباء المؤسسون الجدد لأمريكا” الذي يحكم أمريكا واختصاره “إن اف اف بي”. وتؤكد الطبيبة أن هذه التجربة ليست لها أغراض سياسية وإنما أغراضا علمية طبية وأن حزب “إن اف اف بي” هو من تبنى تمويل التجربة وتنفيذها على أرض الواقع. وتعلن الأخبار عن وجود مؤيدين ومعارضين في أنحاء أمريكا لفكرة التطهير، كما أنه داخل الجزيرة نفسها هناك معارضين للفكرة يتظاهرون قبل تطبيق الفكرة منددين باستخدام المال لإغراء الناس للمشاركة في يوم التطهير.

اعتداء..

ثم تظهر البطلة “ناي” وأخوها “ايزا” وصديقها القديم “ديمتري” الذي يتبين أنه رئيس لعصابة إجرامية في الجزيرة تدير أعمالا غير قانونية من تجارة مخدرات وتجارة سلاح. يتعرض “ايزا” للاعتداء من قبل أحد المدمنين والذي يقول له أنه سيقوم بقتله في يوم التطهير، ويشعر “ايزا” بالغضب الشديد فيقرر المشاركة في يوم التطهير لينتقم من ذلك المدمن. وهو مراهق صغير فقير ليس لديه سوى أخته “ناي” يهرب من المدرسة لبيع الممنوعات لكي يحصل على أموال سهلة، لأنه غير راض عن المكان الفقير الذي يعيش فيه في أحد الأبراج التي يعيش فيها الفقراء من الناس. تكتشف أخته هذا وتذهب إلى “ديمتري” لتحذره من أن يورط أخيها في العمل الإجرامي فيقول لها أنه لا يعرف بالأمر.

الاستعداد..

ثم يبدأ الناس للاستعداد ليوم التطهير، يهرب كثير من الناس خارج الجزيرة خوفا على حياتهم ويبقى منهم البعض الذين يطمحون في الحصول على الخمسة آلاف دولار دون أن يصيبهم الأذى، ويشارك البعض الآخر لدوافع عدة، منها التنفيس عن شعورهم بالاضطهاد ومنها اللهو والشعور بأنها تجربة جديدة، ومنهم من يريد القتل فعلا مثل المدمن الذي اعتدي على “ايزا” وأيضا يحصل على الأموال مقابل العنف الذي يحبه والذي لن يعاقب عليه.

تذهب “ناي” إلى الكنيسة هي وأناس كثيرون للاحتماء بها، ويكذب عليها “ايزا” مدعيا أنه ذاهب إلى خاله خارج الجزيرة، ويقرر “ديمتري” أن يختبئ هو وعصابته في المنازل لحماية أهله وأقاربه والذين يهمونه، مبررا عدم سعيه للهروب بأنه لو هرب الأموال والأسلحة وممتلكاته سيلفت ذلك أنظار الشرطة إليه، كما أنه يعتقد أنه سيستطيع حماية نفسه ومن يهمونه.

التطهير يبدأ..

ويتلقى “ايزا” عدسات يضعها عند بداية يوم التطهير لكي يسهل ذلك تعقبه ومتابعته وتصوير كل ما يمر ب أثناء اليوم. ويبدأ اليوم ويرتدي “ايزا” العدسات التي يتبين أن لونها أزرق وتشع ضوء وتسجله طائرات صغيرة بدون طيار تحلق في السماء لتصور كل ما يحدث وتتعقب المشاركين في اليوم، وتحاول “ناي” دعم الناس في الكنيسة ويخطب القس فيهم، ويدور “ايزا” في الشوارع بحثا عن المدمن الذي اعتدى عليه بعد أن أعطوه مسدسا صغيرا. لكنه يفاجئ بوجود أناس يريدون قتله ويحاول الهرب، ثم يجد تجمعا كبيرا للمحتفلين بيوم التطهير، مجموعة كبيرة من الشباب والفتيات يشربون الخمر والمخدرات ويرقصون في الشارع في حرية دون رغبة منهم في ممارسة العنف، وكأن يوم التطهير يوما لممارسة الحرية بالنسبة لهم، وينضم لهم “ايزا”.

لكن المدمن يبدأ في القتل ويجهز نفسه بأدوات وحشية، وتسجل أولى حالات القتل وتبثها الشاشات، بعد أن تم بث خطبة رئيس الجمهورية الذي يقول أنه يهتم بتجربة التطهير، لكن يلاحظ أن حالات القتل قليلة وأن المشاركين يندفعون إلى مهاجمة المحال التجارية لسرقتها أو ماكينات صرف الأموال. ويبدأ ممثل حزب “إن اف اف بي” في الانزعاج وتتابع الطبيبة المسئولة عن التجربة كل الأحداث.

ويرسل مساعد “ديمتري” له فتاتين لترفهان عنه لكن الفتاتان تهاجمانه في محاولة لقتله ويهزمهما ويستجوبهما عن من دفعهما لقتله فتخبرانه ليكتشف أنه أحد رجاله الذي يسعى لأن يكون رئيس عصابة بعد قتل “ديمتري”، فيذهب “ديمتري” لقتله بنفسه.

وفي تلك الأثناء يتصل “ايزا” بأخته بعد أن فشل في محاولة قتل المدمن لأنه خاف من استخدام المسدس، ثم يهرب في الشوارع لكنه يلاحق من الناس الراغبين في القتل. تخرج أخته “ناي” إلى الشارع لتنقذ أخيها وتتعرض هي أيضا لمضايقات ورعب، ويهاجمهما المدمن فيضربه “ايزا” ويفقد وعيه، ويظلان يحاولان الوصول إلى الكنيسة في رعب، ليكتشفا “ناي وايزا” أن هناك أناس هجموا على الكنيسة وقتلوا جميع الناس، وأنهم قتلة منظمين ولديهم أدوات وأسلحة كثيرة وضخمة. وتكتشف “ناي” نجاة صديقة لها وابنتها ادعتا أنهما قتلتا، فتأخذهما وتقرر الذهاب إلى شقتها في البرج، ويتسلل الأربعة في الشوارع خوفا من المهاجمة.

مرتزقة..

وبعد أن يركب “ديمتري” سيارته ليعود إلى منزله تهاجمه إحدى السيارات وتصطدم بسيارته، ويجدهم أناس ملثمون معهم أسلحة ثقيلة يقتلون كل من يجدونه في طريقهم، لكن ينجو “ديمتري” ومساعده ويذهبان فورا إلى المنزل، ويقرر “ديمتري” الذهاب لمحاربة هؤلاء القتلة لأنه يشك أنهم ليسوا أناسا عاديين من المشاركين في لتطهير وإنما هم جنود مدربة على مهارات القتل والإبادة.

فيخبره مساعدة أنهم مرتزقة يتم تأجيرهم بهدف المشاركة في الحرب أو القتل، فيجهز “ديمتري” أعوانه ويحشد الأسلحة التي يملك منها الكثير لينزل ليحمي الناس من هؤلاء المرتزقة.

وفي نفس الوقت تشعر الطبيبة بالريبة فبعد أن كانت نسبة القتل ضعيفة زادت بشكل مفاجئ، وتركزت في الأماكن التي يعيش فيها الفقراء والكادحين، فتسأل مسئول الحزب الذي يراوغها في الحديث، ثم تذهب إلى غرفة المراقبة وتطلب من العاملة تسجيلات بانتقالات القتلة ومن أين أتوا؟، لتكتشف الطبيبة أن جميع من بدأوا القتل المكثف خرجوا من مكان واحد مهجور وهو مخزن في شارع نائي. لتشعر بالشك بترتيب ذلك من قبل الحزب، وتواجه المسئول بشكوكها وأنه هو من جلب هؤلاء القتلة المحترفون، فيقول لها أن حجم المدينوية زاد أضعافا وأن الناس يتذمرون من فرض الضرائب، وأن يوم التطهير هذا هو المخرج لتلك الأزمة الاقتصادية الطاحنة، فتتسائل الطبيبة في اندهاش هل تقتلون الناس من الطبقات الأدنى لأنكم لا تريدون إعالتهم. ويتم القبض على الطبيبة وتركها في الشارع ليقتلها بعض القتلة المأجورين، ويأمر مسئول الحزب من مساعده أن يمحو ذلك التسجيل الذي صور قتل الطبيبة.

الدفاع عن النفس..

ويبدأ “ديمتري” ورجاله في محاربة المرتزقة لكن تستهدفهم الطائرات الصغيرة بلا طيار، والتي من المفترض أن يكون هدفها رصد وتسجيل الأحداث التي تدور في الشارع فقط دون تدخل. ويموت أعوانه ولا يتبقى غيره، فيتسلح بعدة أسلحة وقنابل ويذهب للمقاتلة وحده.

وتكون “ناي” قد وصلت إلى شقتها في البرج بصحبة أخيها وصديقتها وابنتها، ويغلقون عليهم الباب وتأتي صديقة أخرى لتختبئ معهم، لكن يبدأ المرتزقة في مهاجمة كل الأحياء مستعينين بأجهزة المراقبة التي وفرها لهم الحزب ليقتلوا الناس بحرية وبأعداد كبيرة. ويقاتل بعض الناس بشجاعة وآخرون يتم إبادتهم، ويذهب “ديمتري” ليقاتل ويهاتف “ناي” ليعرف مكانها ويقول لها أنه آت لينقذها.

وبالفعل يهاجم الحي الذي تقطن فيه “ناي” هؤلاء المرتزقة، ويبدأوا بإبادة الناس في كل طابق، فينصحها “ديمتري” بالاختباء حتى يصل إليها خاصة وأنها في الطابق الرابع عشر، ويقاتل “ديمتري” وحده ويقطع الكهرباء لكي يسهل قتل المرتزقة في الظلام، وتقرر”ناي” وأصدقاءها المقاتلة، وتجهز “ناي” مسدسا و”ايزا” سكينا وصديقة أخرى سكينا، ويبدأوا في قتل المرتزقة حتى يأتي “ديمتري” وينضم إليهم ويتغلب على ما تبقى منهم بقنبلة حارقة، وينتهي اليوم الذي كان محددا ب12 ساعة من التطهير. ويخرج الجميع الذي بقوا بعد يوم الإبادة ومنهم “ناي” و”ديمتري” والأصدقاء وتسأل “ناي” “ديمتري” عن ماذا سيفعلون في المستقبل؟، فيقول لها سنقاتل.

ويعلن مسئول الحزب عن نجاح يوم التطهير، وعن نسبة القتل العالية والتي جعلتهم يفكرون في تكرار التجربة في نفس اليوم كل عام، ولكن هذه المرة في باقي أنحاء أمريكا وينتهي الفيلم على ذلك.

الإخراج جيد، لكن امتلأ الفيلم بمشاهد عنف كثيرة كان يمكن تجنبها، لكن يبدو أن الإخراج تعمد حشد الفيلم بمشاهد عنف وقتل وحشية وكثيرة، كما نجح الفيلم في إثارة الرعب في نفوس المشاهدين.

إبادة الفقراء لإنقاذ الرأسمالية..

أداء الممثلين كان رائعا، وقصة الفيلم جديرة بمناقشتها، فهي تحكي عن مستقبل تسعى فيه السلطة الأمريكية إلى التخلص من الفقراء والكادحين لكي تخفف من الأزمات الاقتصادية، والتي تتسبب فيها الرأسمالية نفسها التي تصر على مضاعفة إنتاج السلع التي لا تجد تصريفا لها فيدخل الاقتصاد في دورات من الركود. مما يعني أن الرأسمالية تجر العالم إلى أزمات اقتصادية وركود، وبدلا من اللجوء إلى الحروب كما في التاريخ تلجأ إلى حل آخر، وهو تشريع العنف والقتل، وإبادة الفقراء والكادحين الذي يمثلون عبئا عليها لأنهم ليسوا مستهلكين ولا مفيدون اقتصاديا بالنسبة للرأسمالية.

وبالتدقيق في فكرة الفيلم نجد أن وباء كورونا نفسه وانتشاره الكبير منذ 2020 ما هو إلا محاولة للتطهير، لكنها واقعية هذه المرة لأنها حدثت على أرض الواقع، وحصدت أرواح الكثير من الناس، وسيستمر الوباء في حصد الأرواح لا نعلم لمتى؟.

مما يطرح تساؤلات عديدة، هل هذا الفيلم وفكرته المرعبة محاولة لجس نبض الناس أو لتهيئتهم لما كان سيحدث من وباء وإبادة، أو هو محاولة لتنبيه الناس لما قد تقوم به الرأسمالية لإنقاذ نفسها على حساب الجموع من الكادحين والفقراء، فتقتلهم بوحشية في الشوارع. ويحسب للفيلم أنه تناول فكرة المقاومة، فالناس في الجزيرة يقررون مقاومة تطهيرهم بشجاعة حتى لا يموتون دون أي فعل حقيقي يقومون به.

الفيلم..

The First Purge  أو “التطهير الأول” هو فيلم ديستوبيا حركي رعب من إخراج “جيرارد مكاري”. وهو رابع أفلام سلسلة التطهير، صدر في 4 يوليو 2018، مدة العرض “98 دقيقة”، السيناريو “جيمس ديموناكو”.

أخرج الأجزاء الثلاثة السابقة “جيمس ديموناكو”، والذي كتب السيناريو وأنتج هذا الجزء. الفيلم من بطولة “وايلان نويل وليكس سكوت ديفيس وجويفان ويد ولورن فيليز وماريسا تومي”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب