خاص: كتبت- سماح عادل
فيلم padman فيلم هندي، مأخوذ عن قصة واقعية لرجل في الهند قرر أن يكون مفيدا لأهل قريته، يعمل عاملا بسيطا في ورشة ويعول أسرته، ثم تحول إلى رمز من الرموز الاجتماعية، حيث سعى إلى خدمة النساء وحل مشكلة خطيرة تؤثر على صحتهن.
البداية..
يبدأ الفيلم بزواج لاكشيمي البطل، والذي يقوم بدوره الممثل الشهير والوسيم “أكشاي كومار”، وبأغنية رومانسية وهي أمر مألوف في الأفلام الهندية الذي تعتبر فيه الأغنية جزء من تكوين الفيلم، ثم يبدأ لاكشيمي يتعرف على عالم النساء بزواجه، رغم أنه يعيش مع أمه وأختين له، وله أخت متزوجة وتعيش مع عائلة زوجها، لكنه بزواجه يتعرف عن قرب على عالم النساء الذي كان بعيدا عنه ذهنيا، ويلاحظ أن زوجته في أول شهر لزواجه خرجت لتقضي ليلتها خارج المنزل.
لنكتشف نحن المشاهدون غير الهنود أن المرأة في الريف الهندي حينما يأتيها الطمث يحرم عليها دخول المنزل، لأنها غير طاهرة، وبالتالي تقضي خمسة أيام كل شهر في غرفة مخصصة خارج المنزل، أشبه بشرفة لكنها محاطة بسياج حديد حتى لا يهاجمها أحد من الغرباء، وتظل جالسة في تلك الغرفة لا تفعل شيئا، لا تقوم بأعمال المنزل ولا تقوم بأي عمل.
غالية الثمن..
يلاحظ لاكشيمي أن زوجته تستخدم قطعة قماش متسخة، وحين سألها فيما تستخدمها لم تجبه وغلب عليها الخجل، وغطتها بالساري الذي تنشره على حبل ممتد في غرفة العزل التي تجلس فيها في أيام الطمث، وحين ألح عليها فهم أنها تستخدمها لتستقبل عليها دماء طمثها، ثم تغسلها مرة أخرى لتعيد استخدامها مرات متعددة، يندهش لاكشيمي ويذهب ليشتري لها فوط صحية، ثم يفاجأ أن سعرها غالي، وترفض زوجته استخدامها بسبب ارتفاع ثمنها، وتقول له أنه لن يستطع أن يوفر ثمن فوط صحية لها ولأختيه.
ويحاول لاكشيمي إعادة الفوط لكن المحل الذي ابتاعها منه يرفض، ثم يتصادف أن يجرح أحد العاملين في الورشة التي يعمل بها ويسارع لاكشيمي بتغطية الجرح بفوطة صحية بدلا من خرقة متسخة، وحين يذهبوا للطبيب يثني على ما فعله لاكشيمي ويقول له أن الأقمشة المتسخة تسبب التهابات للجرح والفوط الصحية معقمة، ويفهم لاكشيمي، ذلك الرجل الذي لم يتعلم أن كثير من النساء في القرية يصبن بالأمراض، وربما بالعقم، بسبب أنهن يستخدمن أقمشة متسخة أو حتى الرماد في التعامل مع طمثهن.
صنع فوط رخيصة..
ويخاف على زوجته ويحاول صنع فوطة صحية من القطن، لكنها لا تنفعها، ويحاول مرات لكنها تخجل منه وتطالبه ألا يتدخل في شؤون النساء، وتصر على رفضها استخدام الفوط التي يقوم بصناعتها وتجريبها فيحاول التواصل مع أخواته لكنهن يرفضن أيضا. ويحاول التواصل مع فتيات أخريات ليعرف هل الفوط القطنية تجدي، لكن يعرف أهل البلدة أنه يعطي للفتيات فوط صحية وينبذونه لأنه يتكلم في أشياء تخص النساء.
ويزداد النبذ حين يحاول تجربة الفوطة بنفسه ويحضر بعض الدماء لكن تطفح الدماء على ملابسه، ويقرر أهل القرية معاقبته، ثم تقرر أمه الرحيل من المنزل ويغضب أخوة زوجته ويأخذونها إلى منزلهم.
فيقرر لاكشيمي ترك بلدته، يحاول فهم المزيد عن أمر الفوط الصحية فيعمل لدى أحد أساتذة الجامعة، لكنه لا يقابله ويساعده ابنه الطفل عن طريق الانترنت في التعرف على الكثير حول الفوطة الصحية، ليكتشف أنها تصنع من ألياف تمتص السوائل، ويطلب تلك الألياف من أحد الشركات في أمريكا، ويشتري عينة، وحين يعرف الأستاذ الجامعي باهتمامه يسخر منه ويقول له أن عليه أن يعمل ليوفر لزوجته ثمن الفوطة الصحية غالية الثمن، بعد أن يعرض عليه آلة باهظة الثمن تستخدم لصنع الفوط الصحية في الخارج.
البحث والتقصي..
بعقله وفهمه القليل يتفحص لاكشيمي الآلة، ثم يذهب إلى إحدى القرى ويأخذ قرضا من أحد الناس ويصنع آلة بدائية، تستطيع أن تنتج فوطة صحية، آله تتكلف ثمنا ضئيلا مقارنة بالآلة الضخمة التي رآها على الانترنت. لكنه لا يجد امرأة يستطيع أن يطلب منها أن تجربها، ويتصادف أن تمر امرأة تبحث عن صيدلية بحثا عن فوط صحية فيعطيها لاكشيمي عينات مما صنع.
وفي اليوم التالي يذهب إليها ليعرف رأيها، ويعرف أنها تعيش في العاصمة وأنها خريجة الجامعة، وحين تعرف هي بأمره تتحمس له وهي وأبيها، وتقنعه بالتقدم إلى مسابقة في العاصمة للمخترعات، ويفوز لاكشيمي وينشر اسمه في الصحف الهندية.
لكن حين يعرف أهل القرية التي يعيش فيها أنه اخترع آلة لصنع الفوط الصحية يعاملونه بغضب، لكن الفتاة تساعده وتحاول إقناعه أن يسجل براءة اختراع لآلته، وأن يبيع فكرته لإحدى الشركات ليربح أموالا كثيرة، لكنه يرفض مؤكدا أنه كان في البداية يريد مساعدة زوجته وحمايتها من أن تصاب بمرض هي وأختيه، لكن بعد ذلك أصبح يريد أن يساعد كثير من النساء الفقيرات، ويوفر لهن فوط صحية رخيصة الثمن، لا أن يكسب أموالا.
تمكين اقتصادي للنساء..
وتتطوع الفتاة للعمل معه، وتذهب هي لتعرف النساء على الفوط التي يصنعها لاكشيمي وتبيعها بثمن رخيص، ثم يفكر لاكشيمي والفتاة أن يوظفن إحدى السيدات الفقيرات، لكي تعمل معهم، ثم يوظفن أخريات ويتسع المشروع. وتلمع الفكرة في ذهن الفتاة وتقنع لاكشيمي أن يبيع الآلة للسيدة وسيدات معها لتصبح مشروعا لهن، يجمعن من خلاله الأموال ويتفرغ هو لصنع مزيد من الآلات، ويبيعها للنساء لتصبح وسيلة لتوعيتهن صحيا وأيضا لإتاحة فرص اقتصادية للفقيرات.
ويذهب لاكشيمي والفتاة إلى عدة قرى ويبعن الآلات، ويقمن بالتوعية بأهمية الفوط الصحية المعقمة، ويعرف لاكشيمي من قبل الامم المتحدة التي تكرمه على عمله الاجتماعي ويصبح شهيرا في الهند، ويفتخر أهل قريته به بعد أن نبذوه في البداية.
توعية وكشف..
الفيلم مميز ورائع لأنه أولا يقوم بالتوعية بأهمية الفوط الصحية، وخطورة الممارسات التي تقوم بها نسبة كبيرة من نساء الهند، حيث أن تعداد السكان في الهند كبير ونسبة الفقر عالية، ولا يوجد تصنيع كثير للفوط الصحية المعقمة، مما يجعلها غالية الثمن، لذا تستخدمها نسبة 18 % فقط من النساء في الهند وهن أكيد الغنيات.
كما يقدم تجربة واقعية للنضال الاجتماعي ومساعدة الناس، والأهم أنه يبرز كيف أن المجتمع الهندي، وخاصة في الريف، مازال يعاني من وطأة ذكورية مستفحلة، فالنساء وقت الطمث يعاملن على أنهن مصدر للنجاسة، حتى أنهن لا يقمن بأية أعمال بسبب عدم طهارتهن، كما أن التحدث في أية أمور تخص النساء من قبل الرجال محظور اجتماعيا. هناك تعالي في التعامل مع أمور تخص صحة النساء وحياتهن.
الأهم أن فكرة نجاسة الطمث فكرة ذكورية نشأت مع انحسار المجتمع الأمومي، وتسيد المجتمع الذكوري، حيث نكل الذكر المنتصر بالأنثى التي كانت تقود المجتمع وتعبد كإلهة، وحول كل رموزها المقدسة إلى وصمة عار ونجاسة. ويعزز الفيلم فكرة أن يتعامل الرجل بالجانب الأنثوي في داخله، وأن يحنو على النساء ويعاملهن بود ورحمة. فالأفلام الهندية تتميز في أن بعض منها يهدف إلى خدمة المجتمع بشكل حقيقي وتقديم رسالة هادفة.
الفيلم..
فيلم “باد مان” هو فيلم هندي درامي، من إخراج وتأليف “آر. بالكي”، ويضم (أكشاي كومار، سونام كابور، رادهيكا أبت) في الأدوار القيادية. مستوحى من حياة الناشط الاجتماعي “أروناتشالام موروغانانثام”، رائد أعمال اجتماعي من تاميل نادو.
تم إصدار فيلم “باد مان” في 9 فبراير 2018. الفيلم حقق (US$34 مليون) في جميع أنحاء العالم، ليصبح نجاحا تجاريا نقديا، تلقى “باد مان” جائزة أفضل فيلم عن قضايا اجتماعية أخرى. تم الإشادة بأداء كومار في الفيلم، حيث حصل على ترشيح أفضل ممثل في حفل توزيع جوائز فيلمفير رقم 64. في نوفمبر 2017 ، أصبحت شركة سوني بيكتشيرز الموزع العالمي للفيلم.
يعد فيلم “باد مان” هو ثاني فيلم بوليوود يتم منحه حق الوصول لتصوير الفيلم داخل مقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك، بعد فيلم “نصف صديقة” في عام 2016.
بدأ ما قبل الإنتاج في مارس 2017، وبدأ التصوير الرئيسي في 14 مارس. انتقل التصوير إلى دلهي في أبريل. عمل موروجانانثام بشكل وثيق مع آر. بالكي و أكشاي كومار في موقع التصوير في الهند، مع التأكد من دقة كل التفاصيل من الطريقة التي صنع بها ماكينته، إلى كيفية تشغيلها، وحتى وضعيته الخاصة.
أثار الفيلم جدلا حيث تم حظر “باد مان” في الكويت وباكستان بسبب موضوعها الذي يدور حول المحرمات. رفض المجلس المركزي لمراقبي الأفلام الباكستاني منح شهادة عدم ممانعة للفيلم وقال: “لا يمكننا السماح بفيلم لم يعد اسمه وموضوعه وقصته مقبولة في مجتمعنا بعد” لقد منعوا موزعي الأفلام الباكستانيين آي أم جي سي وأتش كي سي من شراء حقوق الفيلم وصرحوا بأنهم “يدمرون التقاليد الإسلامية والتاريخ والثقافة”. كما تمت إزالة ملصقات الأفلام من دور السينما المحلية. واحتجت بعض الباكستانيات على هذه القرارات بإرسال صور لهن يحملن الفوط الصحية إلى مجلس الرقابة.