فيلم oh Canada.. بناء تاريخ أسطوري علي كذبات بسيطة

فيلم oh Canada.. بناء تاريخ أسطوري علي كذبات بسيطة

خاص: إعداد- سماح عادل

فيلم oh Canada فيلم أمريكي درامي يتذكر فيه أحد المخرجين المشاهير مقتطفات من حياته، وهو علي وشك الموت، وينظر لحياته نظرة مختلفة، حتى أنه يريد أن يعترف لزوجته بأخطائه الماضية.

الحكاية..

يحتضر المخرج السينمائي “ليونارد فايف” “ليو” بسبب السرطان. وهو بطل في نظر التقدميين الكنديين، الذين يقدرون أفلامه الوثائقية الحائزة على جوائز، والتي تفضح الفساد، ويفتنون بقصة حياته. تقول الأسطورة إن “ليو” فر من أمريكا إلى مونتريال لتجنب التجنيد الإجباري في حرب فيتنام، وقام برحلة برية على غرار رحلة كيرواك إلى كوبا الشيوعية في عهد كاسترو.

في أيامه الأخيرة، وافق على المشاركة في فيلم وثائقي لهيئة الإذاعة الكندية (CBC) صوره تلميذاه السابقان، “مالكولم وديانا”. وعد “مالكولم” بأنه سيقدم عرضا استعاديا معجبا بمسيرة “ليو” المهنية.

كذب..

على مر السنين، كذب “ليو “على الجمهور مرات عديدة وهجر نساء كثيرات. يرى في الفيلم الوثائقي فرصةً للاعتراف بخطاياه لزوجته “إيما”، وهي طالبة سابقة له أيضا. مع أن “مالكولم” أراد في البداية التركيز على أفلام “ليو”، إلا أن “ليو” أوضح باستخفاف أنه أصبح صانع أفلام بالصدفة، وغالبا ما يغرق في ذكريات طفولته أثناء الحكي في الفيلم الوثائقي.

الروائي الطموح..

قبل انتقاله إلى كندا، كان “ليو”، الروائي الطموح، يعيش في ولاية “فرجينيا “مع زوجته الحامل “أليشيا” وابنه “كورنيل”. يسكن والدا زوجته الثريان بالقرب منه. ورغم أن “أليشيا” تفضل البقاء في “فرجينيا”، إلا أنه يشعر بالضيق من لطف أهل زوجته وقيمهم التقليدية، ويأمل أن ينعش تغيير البيئة كتاباته. ولذلك، ورغم رغبة جامعة “فرجينيا” في بقائه، قبل “ليو” وظيفة في كلية “جودارد” في “فيرمونت”، مخفيا عرض الجامعة عنها.

ولإقناعه بالبقاء في “فرجينيا”، عرض عليه والد زوجته تدريبه على إدارة أعمال العائلة، وأمهله أسبوعا لاتخاذ القرار. في هذه الأثناء، سافر “ليو” إلى “فيرمونت” لشراء منزل بالقرب من الجامعة، على نفقة والدي “أليشيا”.

يتضح أن “ليو” تخلى عن زوجته وابنه عند فراره إلى كندا. في تعليق صوتي، يفترض أن “مالكولم” سجله لفيلمه الوثائقي، يشرح “كورنيل” البالغ أنه لم ير والده لمدة 30 عاما. ولإنقاذ سمعة زوجها، تحاول “إيما” إيقاف المقابلة، موضحةً أن “ليو” يعاني من اضطراب نفسي بسبب مرضه وتعاطيه “الفنتانيل” بوصفة طبية. مع ذلك، يصر “ليو” و”مالكولم” الذي يدرك أن لديه كشفا صادما على طريقة “ليو”  على الاستمرار.

إحراج..

يتذكر “ليو” لحظات محرجةً أخرى من ماضيه، فقد سرق من صديقٍ للعائلة وفر له وظيفةً بعد تركه الجامعة وأغوى كلا من “ديانا” و”إيما” أثناء تدريسهما، وخان زوجته الأولى أثناء حملها، وكذب على الجمهور بشأن زيارته لكوبا. تتذكر “إيما” أنه عندما عرف “كورنيل” نفسه لوالده في مهرجان سينمائي، أخبره “ليو” بقسوة أنه ليس لديه ابن لتجنب الإحراج. التقت “إيما” ب”كورنيل” على انفراد، لكنها رفضت طلبه بالبقاء على اتصال، مفضلةً تجنب تذكيرها بماضي زوجها.

الحدود الكندية..

يعود “ليو” إلى رحلته الأخيرة إلى الحدود الكندية. يزور صديقه القديم “ستانلي”، ويشعر بالحزن لسماع أن انتقاله إلى “فيرمونت” لم ينعش مسيرة “ستانلي” الفنية. في ذلك المساء، يبلغ “ليو” بإجهاض “أليشيا”. ومع ذلك، يقبل بالأمر عندما تقدم له “غلوريا”، زوجة “ستانلي” التي يعترف “ستانلي” بخيانتها، عرضا جنسيا في تلك الليلة.

أنهت “إيما” المقابلة عندما بدأ “ليو” يموت. نصبت مساعدة “مالكولم” كاميرا خفية لتسجيل كلماته الأخيرة: “يا كندا”، بعد النشيد الوطني .

يتذكر “ليو” تهربه من التجنيد الإجباري بالتظاهر بأنه مثلي، أي أنه غادر أمريكا لأسباب أخرى. يخطر بباله لحظة عبوره الحدود الكندية. يرفع “ليو” الشاب الأصغر ذراعيه نحو الشمس ويسير نحو حياة جديدة.

يكشف الفيلم في مشاهد خاطفة أن أسطورة المخرج الذي أبهر الجميع مبنية علي كذبات صغيرة، وأنه أوهم الناس أنه ناضل ضد التجنيد الإجباري وأنه فضح أمورا خطيرة بأفلامه الوثائقية بينما كل شيء حدث بالصدفة، وهو تمادي في تمجيد نفسه وإعطاءها مالا تستحق، وتمتع بتصورات الناس عنه بل وغذى تلك التصورات بأكاذيبه وبإخفاءه تفاصيل حياته، كونه رجل يبحث عن المتعة متعدد العلاقات، أناني لا يعبأ إلا بنفسه.

الفيلم..

“أوه كندا”، هو فيلم درامي أمريكي صدر عام 2024 من تأليف وإخراج “بول شريدر”، استنادا على رواية Foregone الصادرة عام 2021 بقلم “راسل بانكس” . الفيلم من بطولة “ريتشارد جير وأوما ثورمان ومايكل إمبيريولي وجاكوب إلوردي وفيكتوريا هيل وبينيلوب ميتشل وكريستين فروسيث “. في الفيلم، يجلس مخرج أفلام يحتضر يلعب دوره جير في الوقت الحاضر وإيلوردي في ذكريات الماضي، لإجراء مقابلة أخيرة، يعترف خلالها بأن مكانته كرمز تقدمي مبنية على أساس من الأكاذيب ونصف الحقائق، وأنه استخدم عائلته وأصدقائه مرارا وتكرارا وتجاهلهم. يمثل الفيلم التعاون الثاني بين “جير وشرايدر” بعد فيلم American Gigolo 1980 بالإضافة إلى ثاني اقتباس ل”شريدر” من رواية ل”بانكس” بعد فيلم Affliction عام 1997 .

تم عرض الفيلم لأول مرة عالميا في مهرجان كان السينمائي السابع والسبعين في 17 مايو 2024. وتم إصداره في 6 ديسمبر 2024 بواسطة Kino Lorber .

إنتاج..

قرر “شريدر” صنع فيلم عن الموت بعد إصابته بكوفيد طويل الأمد ودخوله المستشفى ثلاث مرات. استقر على تكييف رواية صديقه القديم “راسل بانكس” Foregone بعد أن مرض “بانكس” بالسرطان. كان قد قام سابقًا بتكييف رواية “بانكس” Affliction لفيلم عام 1997 الذي يحمل نفس الاسم . طلب “بانكس” من “شريدر” تسمية الفيلم Oh Canada، وهو اسمه الأصلي للرواية.

بالإضافة إلى رواية “بانكس”، قال “شريدر” إنه تأثر برواية ليو تولستوي “موت إيفان إيليتش” التي أثرت أيضا على فيلم “المتبقي”، واتفق مع أحد المحاورين على أن الفيلم يحمل تشابها مع فيلم “المرآة” ل”أندريه تاركوفسكي” . وأضاف أن قصة صانع أفلام يهدم الأسطورة التي خلقها عن نفسه كانت مستوحاة جزئيا من حياته الخاصة ولاحظت مجلة “فارايتي” أن “شريدر يتلذذ بإضفاء طابع أسطوري على إهماله المتعمد لرعاية نفسه”.  وأضاف “شريدر” أن “بانكس” قد “بالغ أيضا في سلوكه السيئ لأسباب شخصية”.

عدل “شريدر” شخصية “ليو” لتصبح أقل إثارة للتعاطف، إذ لم يعتقد أن تصوير “ليو” في الكتاب كان سيئا للغاية، وأراد أن “يجعل القصة أقرب إلى التوراة”. وبموافقة “بانكس”، “زاد من حدة الغموض” بإضافة “لحظة يتخلى فيها ليو عن ابنه” وشبه “شريدر” هذا الحديث بخلافه مع أخيه. ووصف دخول “ليو” إلى كندا بأنه “استعارة للهروب وعدم المسؤولية والموت”.

أوضح “شريدر” أنه عايش اضطرابات الستينيات، وأن العديد من أصدقائه وأفراد عائلته حاولوا التهرب من التجنيد، كما فعل “ليو” في الفيلم. وقد حصل هو نفسه على تأجيل للتجنيد لأسباب صحية. وأكد أن تصميم الإنتاج لم يعتمد على سمات الستينيات، كالشعر الطويل والسراويل الواسعة، وأن “الكثير من الناس بدوا طبيعيين جدا في الواقع “.

ميزانية منخفضة..

تم إنتاج الفيلم بميزانية منخفضة وبجدول تصوير مضغوط. أوضح “شريدر” أنه بسبب الميزانية المنخفضة، “لن تجعل مستثمريك أغنياء، ولكن يمكنك جعلهم كاملين”، وأن مستثمريه مدفوعون ليس بعوائد الاستثمار ولكن بفرصة الاستمتاع بسحر صناعة الأفلام دون مخاطرة مالية مفرطة.

وافقت شركة Arclight Films، التي أنتجت فيلم Schrader’s First Reformed، على تمويل وتمثيل مبيعات الفيلم في سوق الأفلام الأوروبية .

حصل الإنتاج على إعفاء من نقابة ممثلي الشاشة (SAG-AFTRA) وبدأ التصوير في مدينة نيويورك في سبتمبر 2023. وانتهى التصوير في 17 يوما. كانت مدرسة في لونغ آيلاند بمثابة منزل ليو في مونتريال، وتم تصوير مشاهد فيرمونت في مقاطعة دوتشيس وكوينز. كتب “شريدر” وصور خاتمة جديدة للقصة التي تزور فيها “إيما” و”كورنيل” المقبرة التي تضم رماد “ليو”، والتي عرضها في كان لكنه حذفها في النهاية.

الفترات الزمنية..

لتمثيل الفترات الزمنية الأربع في الفيلم، قام المصور السينمائي “أندرو وندر” بتصوير الفيلم بأربعة أنماط، مع نسب أبعاد وألوان مميزة. أوضح “شريدر” أن مقابلة “ليو” الحالية تم تصويرها بالألوان مع إضاءة داكنة؛ رحلته إلى كندا أكثر إشراقا و”مضخمة على غرار فيلم “المدينة السمينة ” تم تصوير ذكرياته بالأبيض والأسود؛ وتم تلوين زيارة “كورنيل” إلى كندا باللون البرتقالي” على غرار “بيرجمان”، في فيلم “صرخات وهمسات” .

بالإضافة إلى ذلك، يتميز الفيلم بموسيقى تصويرية قديمة مع موسيقى منخفضة الجودة من تأليف فوسفورسينت (ماثيو هوك). قال “شريدر” إنه استأجر “هوك” لأنه “أراد شيئا مضادا للنشيد” وأسلوب هوك “مضاد للنشيد رسميا”.

استقبال..

على موقع تجميع المراجعات Rotten Tomatoes ، 64% من 90 مراجعة نقدية إيجابية، بمتوسط تقييم 6.1/10. وجاء إجماع الموقع على النحو التالي: “فيلم Oh Canada، المرتكز على أداء ريتشارد جير المتفاني، فيلم شائك ومربك أحيانا، يجسد ذكريات معقدة، وينسجم تماما مع سيرة المخرج “بول شريدر” الذاتية.” أما موقع Metacritic، الذي يستخدم متوسطا مرجحا، فقد منح الفيلم 65 من 100 تقييم، بناء على 25 ناقدا، مما يشير إلى مراجعات “إيجابية عموما”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة