فيلم Manodrome.. قلق الذكر الناجم عن قهر المجتمع 

فيلم Manodrome.. قلق الذكر الناجم عن قهر المجتمع 

خاص: إعداد- سماح عادل

فيلم Manodrome فيلم أمريكي يجسد حالة الضياع الذي يعيش فيها أحد الشبان، بسبب هجر والده له في طفولته.

الحكاية..

بعد طرده من وظيفته، يعمل “رالفي” سائق سيارة أجرة لإعالة نفسه وصديقته الحامل “سال”. يتدرب في صالة ألعاب رياضية محلية مع صديقه “جيسون”، الذي يبيع له حبوبا طبية لتساعده علي تكوين جسم رياضي قوي. يقترح “جيسون” على “رالفي” مقابلة بعض أصدقائه، مدعيا أن لديهم الموارد اللازمة لمساعدته على استعادة عافيته.

في مطعم، يتعرف “رالفي” على مجموعة من الرجال بقيادة “داد دان” ذو الشخصية الجذابة. يلاحظ “رالفي” أن كل رجل يحمل وشما على شكل مثلث بخط في أعلاه. بعد العشاء، يقترب “داد دان” من “رالفي” في سيارته. يخبره أنه يتفهم ألمه، مشيرا إلى أنه يبدو كشخص لم يكن له أب. في اليوم التالي، أهدى “جيسون” “رالف” حذاء رياضيا جديدا، مخبرا إياه أنه هدية من المجموعة لتركه انطباعا جيدا لديهم.

بيت..

حضر “رالف” اجتماعا في منزل المجموعة الفسيح خارج المدينة. قدم كل رجل نفسه باسم “ابنه” أو “أبه”، مفصلا مدة عزوبتهم. تفاجأ “رالف” بكراهية الرجال العلنية للنساء، كاشفا أنهم جميعا تركوا زوجاتهم ليعيشوا معا في هذا المجمع. أثناء استكشافه للمنزل، اكتشف “رالف” مسدسا داخل مكتب “داد دان”. بدلا من توبيخه، دعاه “داد دان” بحرارة للانضمام إلى هذه “العائلة”. أخبر “رالف” أنه يرى جمالا مذهلا بداخله، لديه قدرة على الإبداع والتدمير.

سرقة..

أوصل “رالف” طفلا صغيرا، فترك الطفل هاتفه بالخطأ في المقعد الخلفي. باع “رالف” الهاتف مقابل المال، مما أثار استياء “سال” عندما احضر لها النقود واخبرها عن الأمر. يحضر “رالفي” اجتماعا جماعيا آخر، حيث يوبخه “داد دان” خلال تمرين تمهيدي. يكشف “رالفي” عن غضبه الداخلي، وتقترح عليه المجموعة ترك حبيبته. أثناء قيادته ليلا، يلتقط “رالفي” زوجين مثليين خارج ناد ليوصلهما إلي عنوان ما. عندما يحاولان ممارسة الجنس في المقعد الخلفي، يوقف “رالفي” السيارة بقوة، ثم ينطلق مسرعا في الشوارع بشكل متسرع.

تسوق..

تذهب المجموعة للتسوق في مركز تجاري. يرفض “رالفي” أن يدفع “داد دان” ثمن قميص باهظ الثمن له، مستخدما مدخراته المحدودة لشرائه. أثناء مغادرة المجموعة، يصادفون زوجة “براد”، أحد أعضاء المجموعة، التي هجرها. يشاهدها “رالفي” وهي توبخ “براد”، مدركا أنه أخطأ ويحاول الهرب. يحث “داد دان” “رالفي” على استعادة سلطته. بعد أن صفع نفسه في الحمام، يهاجم “رالفي” شخصا غريبا في نوبة غضب.

هجر..

تسأل “سال “رالفي” عن سلوكه بعد أن لاحظت تغيير كبير عليه، مما يؤدي إلى جدال حاد يترك فيه “رالفي” المنزل الذي يعيش فيه معها. ينتقل “رالفي” إلى منزل المجموعة، ويدمج في المجموعة ويأخذ وشما. بعد الاحتفال، يقدم “داد دان” مسدسه إلى “رالفي”، الذي يكشف أن والده ترك عائلته يوم عيد الميلاد. يحاول “داد دان” تأجيج انهيار “رالفي” النفسي أكثر بادعاء أنه “لا إله إلا رالف”. يضرب “رالفي” “داد دان” ويهرب من المجمع.

جريمة..

بعد أن التقى بلاعب كمال الأجسام “أحمد” في الصالة الرياضية، يتبعه “رالفي” إلى مصنع صناعي. في الداخل، يمارس “أحمد” الجنس الشرجي معه. عندما ينتهيان، يعرف “أحمد” بنفسه، لكن “رالفي” يطلق عليه النار فجأة ويقتله، ويسرق شاحنته ويرهن ممتلكاته الشخصية. يعود “رالفي” إلى “سال”، التي أنجبت للتو طفلهما “جايس” في المستشفى. يذهبان معا إلي المنزل، يعود “رالفي” من التسوق ليكتشف أن “سال” قد تركته وتركت الطفل أيضا، ولم تترك له سوى رسالة تقول “سامحني”.

يعود “رالف” إلى منزل “داد دان” مع طفله، لكن سرعان ما تلاحقه الشرطة سعيا لاعتقاله بتهمة قتل “أحمد”. يكشف “رالف” عن المسدس، ويطالب المجموعة بمساعدته. يأخذون الطفل إلى الطابق العلوي، يحاول “داد دان” تهدئته حتى لا تقع جريمة أخري، ثم يطلق النار على رأس “داد دان”. يطلق النار على ضابط شرطة، ثم يفر من المنزل إلى الغابة.

في النهاية، يصادف “رالف” دار رعاية للمسنين، حيث يقتحم مخزن المطبخ بحثا عن الطعام. يكتشفه عامل ويعرض عليه المساعدة. يضع “رالف” المسدس على رأسه ويضغط على الزناد، لكن المسدس لا يطلق النار وينهار. يطبخ العامل طعاما ل”رالف” ويروي له قصة. يلتف “رالف” حول العامل، الذي يحتضنه كطفل خائف، بينما تصل الشرطة إلى مكان الحادث.

وينتهي الفيلم علي ذلك..

توحش الرأسمالية..

يرصد الفيلم بوضوح شديد تأُثير توحش الرأسمالية علي حياة الأفراد في المجتمع الأمريكي، متجسدة في حياة “رالف” كنموذج للكادح، ذلك الشاب الذي ينتمي لطبقة العمال، يطرد من عمله بلا أية رعاية مجتمعية له، حيث أصبحت الشركات الأمريكية تجور علي حقوق عمالها وموظفيها دون أن تردع من قبل الدولة أو القانون. كما أنه يضطر إلي امتهان مهنة خطيرة.

وعندما يحدث الحمل عن طريق الخطأ بينه وبين صديقته يريد “رالف” أن يكمل إنجاب ذلك الطفل ويريد أن تكون له عائلة، ليعوض حرمانه من العائلة بعد أن هجره والده وهو طفل صغير.

لكن المسؤوليات كبيرة عليه مع مهنة غير مربحة وعمل كثير يبذل فيه جهدا فيشعر أكثر بالضياع.  يشتته وجود تلك المجموعة التي تريد أن تتنصل من مسؤوليات وأعباء حياة العائلة المعهودةـ ويقرر أفرادها هجر النساء والعيش بحرية. هذا التشتت يساهم في اضطرابه النفسي أو يخرجه من لا وعيه ليتضخم، فيرتكب جريمة ويصبح تائها لا يعرف ماذا يفعل، لينتهي به الأمر ضعيفا بيد يدي العامل في دار الرعاية.

الرأسمالية بلغت حدا من التوحش لدرجة أنها أصبحت تدمر حياة ملايين من الأشخاص، الذين يظلون طوال حياتهم يعيشون في حدود الطبقات الكادحة الفقيرة البائسة.

الفيلم..

فيلم دراما وإثارة صدر عام 2023، من تأليف وإخراج “جون ترينجوف”. الفيلم من بطولة “جيسي أيزنبرغ، أدريان برودي، أوديسا يونغ، ساليو سيساي، فيليب إيتينجر، إيثان سوبلي، إيفان جونيغكيت، وكاليب إيبرهارت”. الفيلم هو أول فيلم للمخرج “ترينجوف” باللغة الإنجليزية، وقد عرض لأول مرة في مهرجان برلين السينمائي الدولي الثالث والسبعين في 18 فبراير 2023. وصدر عن شركة ليونزجيت في الولايات المتحدة في 10 نوفمبر 2023.

الإصدار..

عرض فيلم “مانودروم” لأول مرة عالميا في مهرجان برلين السينمائي الدولي الثالث والسبعين، وعرض في 18 فبراير 2023 في عطلة نهاية الأسبوع الافتتاحية للمسابقة الرئيسية. رشح الفيلم لجائزة الدب الذهبي المرموقة، بالإضافة إلى جائزة تيدي للسينما الكويرية. طُرِح في الولايات المتحدة الأمريكية بواسطة شركة ليونزجيت فيلمز في دور العرض والنسخة الرقمية في 10 نوفمبر 2023.

النقد..

حصل على موقع تجميع المراجعات Rotten Tomatoes، 49% من 35 مراجعة نقدية إيجابية، بمتوسط ​​تقييم 5.8/10. وجاء إجماع الموقع على النحو التالي: “يقدم جيسي آيزنبرغ أداء رائعا في فيلم Manodrome، حتى لو لم تكن القصة عميقة أو دقيقة بما يكفي لدعم أدائه الملتزم.” أما موقع Metacritic، الذي يستخدم المتوسط ​​المرجح، فقد منح الفيلم درجة 48 من 100، بناء على 13 ناقدا، مما يشير إلى مراجعات “متباينة أو متوسطة”. وصفت قائمة التشغيل الفيلم بأنه “أفضل ما قدمه آيزنبرغ منذ أكثر من عقد”. أشاد كريس بارسانتي من مجلة سلانت بترينجوف على براعته السينمائية، قائلا “بينما تتجلى مهارة ترينجوف في البناء البطيء للتوتر، إلا أنها تبرز حقا في الطريقة الأكثر إثارة للإعجاب التي يحمل بها وجهة نظر رالفي للعالم منفصلة عن وجهة نظر الفيلم”. وصفت جوائز ديلي الفيلم بأنه “قطعة مثيرة للتفكير من صناعة الأفلام المثلية لا ينبغي تفويتها”. قارنت ديدلاين الفيلم بفيلم سائق التاكسي، وكتبت أن نبرته ومعالجته الوحشية للعنف الذكوري قد لا تجذب الجميع. وفقا لمجلة هوليوود ريبورتر، يتناول الفيلم موضوعات الذكورة السامة وديناميكيات القوة في العلاقات من خلال قصة ملاذ للرجال، لكن تنفيذه متطرف للغاية، وتصوير طائفة سامة من الرجال الذين يقابل استحقاقهم شعورهم بالضحية يمكن أن يكون صادما للبعض.

كتب ديفيد روني أن أداء “جيسي آيزنبرغ” لدور “رالفي” ذو الشخصية القوية كان آسرا، و”يتجاوز عموما الجدية المفرطة لفيلم يهدف إلى دق ناقوس الموت للرجولة السامة”.

كتب “بيتر ديبروج” من مجلة فارايتي أن فيلم “مانودروم” واجه صعوبة في الارتقاء إلى مستوى فكرته الاستفزازية، إذ افتقر إلى العمق والدقة اللازمين لاستكشاف حالة الرجولة المعاصرة بفعالية، قائلًا: “الشخصيات تبدو ضعيفة، والمجتمع السري يبدو غير قابل للتصديق، وأهدافه غامضة للغاية بحيث لا تجذب الخيال”. وفي مقال له على موقع “سينوروبا”، وصف “ديفيد أباتيشياني” النتيجة النهائية للفيلم بأنها “مزيج آسر من الإثارة والدراما النفسية والكوميديا ​​السريالية، مليء بالمنعطفات والتقلبات الغريبة… قد يكون هذا المزيج مسليا أو آسرا للبعض، ولكنه محبط للآخرين. ومع ذلك، لا ينبغي للمشاهدين بالتأكيد توقع… حذّر من “المعالجة الجادة لأي من المواضيع التي يهدف هذا الفيلم إلى طرحها”.

وفي مراجعة موقع “Collider”، بعنوان “جيسي آيزنبرغ يصارع غضبه الداخلي في تفكيك خام للرجولة”، ذكر أن فيلم “مانودروم” قد يكون له عيوبه، لكنه قدم استكشافا عميقا للرجولة السامة وتأثيرها، بالإضافة إلى تحذير قوي من مخاطر تمكين الرجال المنكسرين. وكتب الموقع: “إنه بمثابة دراسة شخصية جريئة، حيث يمكن لأيزنبرغ إظهار بعض مهارات التمثيل الجديدة. أضف إلى ذلك برودي، الذي يعتمد عليه دائما، وسيكون من السهل التغاضي عن عيوب فيلم “مانودروم”.

 صراعات الرجولة..

في مقالة ل”كايو بيتيس” ناقد سينمائي محترف كتب: “فيلم “مانودروم” للمخرج جون ترينجوف هو دراسة محيرة لرحلة رجل إلى عالم مضطرب من صراعات السلطة والرجولة والاضطرابات الداخلية. يستكشف الفيلم عقل بطله، رالفي (جيسي آيزنبرغ)، الذي تتخذ حياته منعطفا مظلما ومقلقا بعد لقائه بمجموعة من الرجال بقيادة “داد دان” الغامض (أدريان برودي). الفيلم من بطولة جيسي آيزنبرغ، وأدريان برودي، وأوديسا يونغ.

في بداية القصة، نتعرف على رالفي (أوديسا يونغ)، سائق سيارة أجرة. يواجه رالفي البطالة والضغوط المالية ومسؤولية الأبوة. يُجسّد آيزنبرغ شخصية رالفي ببراعة، مظهرا ضعف الشخصية ويأسها أثناء خوضه العديد من المواقف المقلقة.

تدور أحداث الفيلم حول لقاء رالفي بمجموعة من الرجال المنعزلين، جميعهم يحملون وشومًا غريبة. تُخفي هذه المجموعة جانبًا سامًا من كراهية النساء والسيطرة خلف واجهة من التمكين والرفقة، بقيادة الأب دان الساحر والماكر (الذي يؤدي دوره أدريان برودي بسحرٍ غريب). يُبدع ترينجوف بمهارة في خلق جو من القلق والرعب بينما يعلق رالفي في شبكة الذكورة السامة هذه، وهو ما تُبرزه معتقدات المجموعة وسلوكياتها المُربكة.

تتخذ قصة الفيلم منعطفاتٍ غير متوقعة ومظلمة للغاية تعكس الاضطراب الداخلي المتزايد لرالفي. يصور أداء آيزنبرغ الدقيق ببراعة انزلاق رالفي البطيء إلى دوامة من الغضب والحيرة والضعف، مسلطا الضوء على صراع الشخصية مع هويتها والقوى التي تدفعه إلى نوبات العنف وتدمير الذات.

يتميز الفيلم بأداء قوي، ويضفي ترينجوف جوا مخيفا، لكن الحبكة غالبًا ما تبدو منفصلة وتفتقر إلى حس واضح في التوجيه. قد يُصاب الجمهور بالارتباك والحيرة بسبب التغيرات السلوكية المفاجئة لرالف وتدفق السرد غير المتوقع، مما يمنعهم من الانغماس الكامل في رحلة رالف المقلقة”.

ويواصل: “بالإضافة إلى ذلك، يبذل الفيلم جهدا لدراسة مواضيع صعبة مثل الرجولة، وعلاقات القوة، وآثار غياب الأبوة، لكنه غالبا ما يفشل في تقديم دراسة أكثر شمولًا ودقة لهذه المواضيع. في بعض الأحيان، يبدو من غير الضروري تصوير كراهية المجموعة للنساء وأفعال البطل اللاحقة، كما أن الحبكة العامة تفتقر إلى العمق الكافي.

يتوق المشاهدون إلى دراسة أعمق لديناميكيات الشخصية بين رالف ووالده دان تحديدا، بالإضافة إلى القوى التي تدفع أفعال رالف المتقلبة بشكل متزايد، على الرغم من أن هذه العلاقات تبدو واعدة ولكنها لا تزال غير مكتملة.

بالإضافة إلى ذلك، قد تخيب ذروة الفيلم وخاتمته آمال المشاهدين، إذ تنتهي القصة فجأة دون خاتمة مرضية أو فهم واضح لمسار شخصية رالف. ورغم أن المشهد الأخير يُحاول تقديم لمحة من الخلاص، إلا أنه يبدو متسرعا وغامضا، تاركا المشاهدين أمام أسئلة أكثر من الإجابات.

يتميز فيلم “مانودروم” بفكرة مقنعة وطاقم تمثيل يقدم أداء ممتازا، لا سيما أداء جيسي آيزنبرغ لرجل يُعاني من اضطراب داخلي. لكن حبكة الفيلم العشوائية، ومواضيعه غير المُكتملة، ونهاية مُفاجئة تُقلل من تأثيره المُحتمل، تاركةً المشاهدين يشعرون بعدم الرضا التام. يُقدم “مانودروم” معلومات شيقة للمشاهدين الذين يبحثون عن دراسة مُعقدة ومُقلقة للرجولة والاضطراب النفسي، لكنه في النهاية لا يُقدم تجربة سينمائية مُرضية ومتكاملة”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة