17 نوفمبر، 2024 1:29 م
Search
Close this search box.

فيلم Manhattan.. حياة مغايرة في ظل فوضى وصخب نيويورك

فيلم Manhattan.. حياة مغايرة في ظل فوضى وصخب نيويورك

 

خاص: كتبت- سماح عادل

فيلم “مانهاتن” فيلم شهير للمخرج الأمريكي الشهير “وودي ألن” ويحكي عن بطل أربعيني يعيش حياة مختلفة في مانهاتن بنيويورك، وكيف أن حياته  ليست عادية بما يكفي.

الحكاية..

يبدأ الفيلم الذي تم تصويره بالأبيض والأسود بشوارع مانهاتن الجميلة والساحرة، وصوت في الخلفية لرجل يحاول كتابة نص أدبي عن مانهاتن، ويغير في صياغة الجمل أكثر من مرة واصفا مدينة مانهاتن وكيف أنها ساحرة، ثم يتطرق إلى وصف نيويورك بأكملها وهي الولاية الشهيرة التي تعد مانهاتن إحدى المدن لرئيسية فيها، كل ذلك ونحن نشاهد شوارع جميلة وساحرة، وتركز الكاميرا على الإعلانات المضيئة في الشوارع ليلا، تلك الإعلانات التي تضيء في ومضات ساحرة قاطعة ظلمة الليل في الشوارع الواسعة كما تدور في الشوارع نهارا أيضا.

ثم تدخل الكاميرا في حانة متواضعة وحركة الكاميرا تعرض التفاصيل ببطء معطية للمشاهد فرصة مشاهدة تفاصيل الأماكن التي تصورها، ونجد “وودي ألن” بطل الفيلم يجلس مع ثلاث أشخاص تريسي فتاة في السابعة عشرة من عمرها، وصديقه المقرب بولاك وزوجته اميلي، ويدور حديث عن الموهبة وكيف تتمثل ويعطي “وودي ألن” الذي يقوم بدور ايزاك بشرح اختلاف الموهبة بين شخص وآخر باختلاف الاستعداد والشجاعة، والقدرة على الإقدام، واتخاذ القرار الجريء في اللحظة المناسبة، ممثلا على كلامه بتصور موقف خيالي وهو أن يرى مجموعة من الناس أحدهم يغرق في النهر، فمن منهم يستطيع النزول لإنقاذ ذلك الغريق، ويقول أنه هو لن يفعل ذلك لأنه لا يجيد السباحة.

علاقات حب..

ثم يتحدث عن علاقته بفتاة في سن ال17 وهو في بداية الأربعينات من عمره بنبرة ساخرة حين تدخل الفتاة إلى الحمام، وحتى أمامها حين تقول له أنها تريد الرحيل لأن لديها امتحان.

ثم مشهد يتمشى فيه ايزاك وبولاك في الشارع ويعترف بولاك لصديقه أنه يقابل سيدة، وأنه اعتاد على مقابلتها لتناول الغداء لكنه بدأ يشعر نحوها بمشاعر ما، ويندهش ايزاك لأنه يعرف متانة زواج صديقه لكن لا يعلق الصديق بشيء. ثم يذهب الجميع إلى بيوتهم وتبيت تريسي ليلتها مع ايزاك الذي يقول لها أن عليها أن تبحث عن علاقة مع شاب، وأنه بالنسبة لها علاقة مؤقتة في حياتها، وتتحدث هي عن تعلقها به. ثم يذكر أمر زوجتيه اللتان انفصل عنهما وأن زوجته الثانية تكتب عنه كتابا تحكي فيه عن زواجهما وانفصالهما.

وعلى الجانب الآخر تفاتح اميلي زوجها بولاك في أمر إنجاب الأطفال لكنه يقول لها أن الوقت غير مناسب، وان إنجاب الأطفال لابد أن يتأخر لأنه يعمل على كتاب له يريد نشره.

ويتقابل ايزاك مع جيل زوجته السابقة التي تقوم بدورها “ميريل ستريب” ويسألها في اندهاش لما تكتب عنه كتاب، وتعامله هي بعدائية هادئة مصرة على الاستمرار في أمر الكتاب.

ثم يتقابل وهو بصحبة تريسي مصادفة مع صديقه بولاك الذي يكون بصحبة امرأة يعرف ايزاك بالحدس أنها تلك المرأة التي حدثه عنها، وكان ذلك في معرض لأحد الفنانين التشكيليين، وتبدي ماري صديقة بولاك آراء صادمة بالنسبة لايزاك حول الفن والفنانين، ويشعر بالنفور منها فيقرر الذهاب هو وتريسي ويذهبان لشراء الطعام من أحد المحال.

ترك العمل..

ثم في عمله حيث يعمل ايزاك كاتبا ساخرا في التليفزيون يشعر بعدم الرضا عن عمله ويشعر أن النكات الساخرة التي يكتبها أصبحت تافهة وسطحية فيترك عمله غاضبا ويقرر تركه، ثم يقابل صديقه بولاك ويتناقشان في أمر تركه للعمل، وكيف أنه يحتاج للمال الذي كان يجنيه لأنه يدفع نفقة لزوجته ويدفع لوالده أيضا كما أن تكلفة المعيشة في نيويورك باهظة.

ثم يذهب إلى إحدى الحفلات ويتقابل مصادفة مع ماري التي تخرج معه ويتمشيان في الشوارع ليلا يتحدثان، حتى أنهما يبقيان حتى وقت متأخرة في شوارع مانهاتن، ويحدث انجذاب ما بينه وبين ماري ويشعر أنها مختلفة ومميزة في أفكارها، ويحكي لها عن زوجته السابقة التي تركته لأنها أحبت امرأة، فتقول له أنه لذلك فقد الثقة في التعامل مع النساء في علاقة عاطفية لذا ارتبط بفتاة في سن ال17.

ويذهب ايزاك لاصطحاب ابنه الذي أنجبه من جيل، ويتقابل مع صديقة جيل ويتشاجر مع جيل بشكل هادئ وفي صورة جدل كلامي،  حيث تذكره أنه كاد أن يدوس صديقتها بسيارته، وهو يذكرها بتفاصيل مرت عليهما في زواجهما واصفا إياها بأنها كانت مضطربة نفسيا، ثم يأخذ ابنه ليخرج معه ويعامله بلطف وود.

ماري..

ثم تهاتف ماري بولاك لأجل مقابلته ويعتذر بسبب ذهابه إلى والدا زوجته فتهاتف ايزاك ويخرجان سويا، وتمطر بشدة فيذهبان إلى أحد المتاحف ويتحدثان كثيرا عن العلاقات العاطفية وعن شعور ماري بعدم الثقة في نفسها وعن زوجها السابق.

ثم تتشاجر ماري مع بولاك لأنه لا يهتم بها وأنها تشعر أن العلاقة معه غير مناسبة لأنه متزوج، فيقرر بولاك في اليوم التالي أن يهجرها مؤكدا على كلامها في أن علاقتهما غير مناسبة، وأنها لن تستطيع تحملها وأنه هو نفسه لا يستطيع أن يغامر بترك زوجته لأجل امرأة تتردد في فهم مشاعرها نحوه وتحزن ماري لذلك.

ويقترح بولاك على ايزاك أن يتقرب من ماري لأنها قالت له في إحدى المرات أنها تراه جذابا. يتقرب ايزاك من ماري بالفعل ويشعر بأن علاقته بها لطيفة وأنها تفهمه وبينهما انسجام ما، ويقرر ترك تريسي ويقابلها ويقول لها أنه في كل الأحوال كان يرى نفسه علاقة مؤقتة في حياتها، وأنه يريد لها أن تعيش علاقات مختلفة، ولأنها بالتأكيد ستقابل شبانا آخرين في سن العشرين، وأنه هو في بداية الأربعين حتى أن جسده بدأ يتأثر بمرور السن. وتبكي تريسي لأنها تقول لها أنها تحبه.

هجر..

ثم ينخرط ايزاك في العلاقة مع ماري ويشعر أن الأمور تسير بشكل جيد، حيث تتنقل للعيش معه في شقته التي أجرها في حي أرخص ولها مساوئها. ويتقابل ايزاك بصحبة ماري مع صديقه المقرب وزوجته، ويشعر بولاك بالحنين ويحاول الاتصال بماري مرة أخرى لكنها ترفض، ثم في أحد الأيام تعترف لايزاك أنها تحب بولاك وأنها تقابلت معه وتريد أن تعود إليه، فيندهش ايزاك ويقول لماري أنها لديها مشاكل في التعامل مع العلاقات العاطفية ورغم ذلك تصر على قرارها.

ويذهب ايزاك لرؤية بولاك في عمله وهو ثائر، ويقول له كيف يفعل به ذلك، ويبرر بولاك الأمر بأنه شعر أنه مازال يحب ماري وأنه هو من اقترح أن يرتبط بماري حينما كان يعرف أنه لا يريد الاستمرار معها، ويقول لها ايزاك أنه يتساهل في التعامل مع نفسه وأنه لا يلتزم بمعيار ما للتعامل بشكل سليم، يخون زوجته، ويهجرماري وقتما يشاء، ثم يعود إليها وقتما يشاء، ويستغرب بولاك ذلك سائلا ايزاك وهل هو يتصرف بشكل صحيح، فيقول له ايزاك أن لديه معاييره في التعامل مع الناس.

فراغ..

ويهجر بولاك زوجته ليستأنف علاقته مع ماري، ويشعر ايزاك بالحزن والفراغ، ويذهب لمقابلة زوجة بولاك الذي نبدي حزنا هي أيضا، كما يذهب لرؤية جيل بعد أن أنهت كتابها ويلومها على أنها صورته في صورة الأناني النرجسي المضطرب نفسيا، وأنها لم تذكر أية تفاصيل ايجابية، وتتحداه بالقول أنها قالت أنه كان يبكي حين يشاهد فيلم “ذهب مع الريح”.

ثم يدرك ايزاك أن علاقته بتريسي كانت جيدة فيذهب لمقابلتها فيجدها تستعد للذهاب إلى لندن، حيث كان نصحها في السابق أن تغتنم فرصة الدراسة في لندن. ويندهش ويطلب منها عدم الذهاب، لكنها تقول له أنها على وشك الذهاب وقد رتبت كل شيء، وأنه اختفى وتركها ثم عاد فجأة وهي على وشك السفر، وتقول له أنها ستقضى فقط ستة أشهر في الدراسة، ويقول لها أنها أكيد ستتغير نتيجة لتعاملها مع مجموعة من البشر، فتقول له أنها تحبه وأنه لابد وأن يثق في الآخرين. وينتهي الفيلم على ذلك.

تميز..

الإخراج بارع حيث تم تصوير الفيلم بالأبيض والأسود، مما أعطى سحرا له، كما ركز الفيلم على الشوارع الجميلة والساحرة لمانهاتن وأظهر وجهة  نظر البطل في نيويورك وأنها أصبحت دليل على فكرة الاستهلاك التي انتشرت، وعلى وحشية التطور الحديث وأنها تمور بالفوضى من مخدرات وازدحام .

يعبر الفيلم عن بطل واحد ويركز عليه أكثر من باقي الأبطال، وهو بطل لا نقول إشكالي وإنما مستسلم، ورغم ذلك هو نموذج مختلف عن الأمريكيين الذين يسعون وراء الحياة الاستهلاكية ومظاهر الحياة المبهرة الزائفة في نيويورك، وإنما يقدم طرحا مختلفا فهو يرفض السيارات لأنها تلوث البيئة ويندهش حين يقرر صدقة بولاك التخلي عن نشر كتابه ليشتري سيارة. كما يتصرف بنزاهة وفق ما يحمل من أفكار ومعتقدات، حتى أنه أشار مرة إلى أنه كتب عن الصهيونية بسخرية رغم أنه من أصل يهودي.

رؤية مختلفة..

فهو لديه مبادئه وأفكاره التي لا تعد شائعة في المجتمع الأمريكي والنيويوركي، كما أن باقي الأبطال القليلين في الفيلم مختلفين أيضا، ماري مثقفة صحفية تعد كتابا وتكتب عن الأدب والروايات، وبولاك مدرس وله أيضا مشاريع ثقافية، وحتى تريسي مهتمة بالموسيقى والتمثيل وتحب أن تدرسهما. إذا يمكن القول أن الفيلم يعبر عن مجموعة من المثقفين والكتاب ويبين آرائهم في الحياة.

مع التركيز بشكل كبير على البطل الذي يعاني في حياته لأن علاقاته مع النساء لا تسير على ما يرام، حتى أنه تطلق مرتين ودخل في علاقة عاطفية مع فتاة مراهقة وهو لا يقتنع بتلك العلاقة من الأساس، ويعبر عن سخريته منها، وحين وجد ماري وشعر ببعض الانسجام لم يكن كافيا بالنسبة لها لكي تنسى حبها ل بولاك. كما أنه لديه مشاريع ثقافية هو أيضا فقد ترك عمله المربح لأنه شعر بعدم جدواه وسعى لعمل كتاب، واضطر للعيش في الجانب الأفقر من مانهاتن في شقة لا تخلو من مشاكل.

رغم ذلك يمكن القول أن الاتهامات التي وجهتها جيل لايزاك حقيقية من أنه نرجسي وأناني، لأنه عندما تركته ماري فكر في العودة لتريسي التي تركها من قبل عندما وجد امرأة أخرى، حتى أنه طالبها بترك الدراسة التي خططت لها لأنه لا يريدها أن تتغير، وبالتالي يفقدها فهو تصرف أناني من جانبه.

وقد تركت نهاية الفيلم مفتوحة ربما لأنها تقدم نموذج لحياة أحد المثقفين في نيويورك في وقت صدور الفيلم حيث مجتمع مزدحم استهلاكي لا يرحم أحدا خاصة من لديهم رؤية ومبادئ في الحياة. ويعيشون بطريقة مغايرة.

الفيلم..

“مانهاتن” هو فيلم أمريكي درامي كوميدي رومانسي من إخراج “وودي ألن” وإنتاج “تشارلز جوفي”، وسيناريو “وودي ألن ومارشال بريكمان”. تم تصوير أحداث الفيلم في مانهاتن بالأسود والأبيض وبشاشة عريضة 2.35: 1. أما الموسيقى التصويرية فمن ألحان “جورج غيرشوين”.

تم عرض فيلم “مانهاتن” في 29 صالة عرض في أمريكا الشمالية عند افتتاحه في 25 أبريل 1979. وحقق إيرادات 485,734 دولار في الأسبوع الأول من عرضه ووصلت الإيرادات حتى 39.9 مليون دولار في نهاية عرضه، مما جعل الفيلم في المركز 17 خلال عام 1979 من حيث الإيرادات المتحققة. كما تم عرض الفيلم خارج المنافسة في مهرجان كان السينمائي 32 في مايو 1979. وتضخمت إيراداته في النهاية حتى وصلت 127.638.700 دولار، مما جعله ثاني أكبر شباك تذاكر للمخرج “وودي ألن” بعد فيلم “آني هول”.

 النقاد..

حصل الفيلم على تقدير 98٪ على موقع الطماطم الفاسدة، وحصل على إعجاب عدد كبير من النقاد والكتاب، وفي أكتوبر 2013، صوت قراء صحيفة الغارديان عليه كأفضل فيلم من إخراج “وودي ألن”.

ونال جوائز: «حلقة نقاد نيويورك السينمائية» سمت “وودي آلن”
كأفضل مخرج عن فيلم “مانهاتن”. كما سمت «الجمعية الوطنية للنقاد السينمائيين» “وودي آلن” كأفضل مخرج جنباً إلى جنب مع “روبرت بنتون” مخرج فيلم “كرامر ضد كرامر”.

وتم ترشيح الفيلم لجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة مساعدة (مارييل همنغواي) وأفضل سيناريو أصلي (وودي آلن ومارشال بريكمان). وحصل أيضا على جائزة البافتا لأفضل فيلم. وفي استطلاع أجرته مجلة إمباير جاء في المرتبة رقم 76 من بين أعظم 500 فيلم.

وكان الفيلم في المرتبة 63 من بين «100 أطرف فيلم» على «شبكة تلفزيون برافو». وفي عام 2001 تم اعتباره «أرث ثقافي» للولايات المتحدة في مكتبة الكونغرس وتم حفظه في السجل الوطني للفيلم الأمريكي. وجاء أيضاً في المرتبة رقم 4 على موقع الطماطم الفاسدة من بين «أفضل 25 فیلم كوميدي رومانسي».

يذكر أن “مانهاتن” هي أشهر مناطق‏ مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي واحدة من خمس مناطق تقسم إليها مدينة نيويورك، وتقع في جزيرة في وسط المدينة على مصب نهر هدسون، وتوجد فيها حديقة سنترال بارك، بالإضافة إلى أفخم الفنادق والمطاعم والمنازل والشركات ومبنى البلدية والعمدة وغيرها من المصالح العامة، وهي المنطقة التي وقع فيها تفجير مركزي التجارة العالمي يوم 11 سبتمبر 2001.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة