7 أبريل، 2024 2:39 ص
Search
Close this search box.

فيلم Downsizing.. الطبقية لن تنته حتى بنهاية العالم

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: كتبت- سماح عادل

هو فيلم خيال علمي، كوميدي درامي أميركي، عرض في 2017 ، كتبه “الكسندر باين” و”جيم تايلور”. وتمثيل (مات دامون، كريستوف والتز، هونغ تشاو، جيسون سوديكيس، وكريستين ويغ). بدأ التصوير الرئيسي للفيلم في أونتاريو، كندا في 1 أبريل 2016.

عرض الفيلم لأول مرة في مهرجان البندقية السينمائي الدولي ال 74 في 30 أغسطس 2017، ثم في أمريكا يوم 22 ديسمبر 2017.

خطر الإنسان على البيئة..

الفيلم يناقش قضية هامة جدا في إطار كوميدي درامي، قضية تأثير الإنسان على البيئة والطبيعة وكوكب الأرض، مما حدا بأحد العلماء في النرويج إلى ابتكار حل سحري، وهو تصغير حجم الإنسان ليصل إلى حجم صغير جدا، بعد أن أجرى التجربة على بعض الحيوانات ونجحت، وبالفعل يقوم بتصغير نفسه وزوجته وبعض المتطوعين المتحمسين للتجربة، وعاشوا في مستعمرة صغيرة تناسبهم، صغروا فيها بعض الحيوانات وقاموا بزراعة النباتات وعاشوا حياة مثالية لمدة أربع سنوات.

ثم أعلن هذا العالم تجربته على العالم، وقد لاقت قبولا وبدأ أناس كثيرون يسعون إلى تصغير حجمهم والعيش حياة مثالية. بعض هؤلاء الناس سعى إلى تصغير أنفسهم حفاظا على البيئة والأرض التي يعيشون عليها، ولكن هناك أناسا آخرون سعوا إلى تصغير أنفسهم للاستمتاع بحياة خالية من الأعباء والأثقال التي تتسم بها حياة الناس العادية، فعندما يتم تصغير حجم الإنسان تصبح مدخراته أموالا طائلة حيث تتضاعف قيمتها أضعافا وتكفيه سنوات أطول بكثير مما لو كان استمر في حجمه الطبيعي، لذا سعى بعض الناس إلى تصغير حجمهم ليعيشوا حياة مليئة بالرفاهية، يعيشوا في بيوت فخمة ويقتنون المجوهرات، ويتفرغوا لممارسة مواهبهم وأعمال أخرى ترفيهية، بعيدا عن قسوة الأعمال التي كانوا يقضون فيها أغلب يومهم بحثا عن لقمة العيش وعن استمرار حياتهم بشكل لائق.

انتقل الفيلم من التجربة في النرويج إلى حياة بطل الفيلم الأمريكي، الذي يعمل معالجا ويعيش حياة متوسطة، بعد أن كان يعيش مع أمه المريضة أصبح زوجا عاديا يعيش حياة عادية، يعمل أياما طويلة ليستطيع العيش هو وزوجته، وحتى لا يستطيع الانتقال من منزل أمه المتواضع وشراء منزل آخر، وحينما وجد أصدقاء لهم سعوا إلى تصغير أنفسهم بحثا عن حياة أكثر رفاهية، فكر في أن يفعل مثلهم وأقنع زوجته بالأمر، وبعد بحث اكتشفا أن مدخراتهما تكفيهما طوال حياتهما إذا تم تصغيرهما والانتقال للعيش في أحد المجمعات السكنية الخاصة بالأناس الصغار، والذين أطلق عليهم لفظ small””، وكان ذلك بعد مرور حوالي عشر سنوات على إعلان العالم النرويجي عن مستعمرته ونجاح تجربته.

وبالفعل يقوم البطل بخوض التجربة ويذهب إلى تصغير نفسه وزوجته، وبعد أن يخضع للتجربة يكتشف أن زوجته خافت ولم تخضع للتصغير في آخر لحظة، وطلبت منه الطلاق بعد ذلك، ليعيش وحيدا في المجمع السكني الجديد، ورغم فخامة منزله الذي اختاره وتوفر أموال كثيرة تكفيه إلا أنه لم يكن سعيدا وقد شعر بالوحدة. ثم مع تنفيذ إجراءات الطلاق انتقل للعيش في إحدى الشقق واختار عملا روتينيا. وهو يحاول أن يعيش حياة هادئة ويواعد أي سيدة تتوفر له.

ثم تحدث نقله حياتيه له، حين يقرر حضور إحدى الحفلات الصاخبة لجار له لا يكف عن تنظيم الحفلات الصاخبة واستقبال كثير من الناس، ليكتشف أن هناك أناس سعوا للتصغير فقط ليقوموا بأعمال أخرى، فجاره هذا سعى للتصغير لكي يقوم بتهريب سلع ممنوعة للناس الصغار، كالسيجار الكوبي والذي لم يصنع في كوبا بالفعل، والمخدرات والخمور وذلك بشكل غير قانوني، لأن مجمعات الناس الصغار كانت بالنسبة له أسواقا مفتوحة ومهيأة يقوم فيها بأعمال التهريب، ويتربح كثير من الأموال توفر له حياة صاخبة عابثة ومرفهة. وهذا الرجل يشترك مع أخوه الذي ظل على حجمه الطبيعي في عمليات التهريب والبيع، وأن جار البطل لم يعبأ يوما بهدف مشروع التصغير الأسمى، وهو إنقاذ الأرض والبيئة من التلوثات التي يحدثها البشر وإنما كانت له أغراض فردية تتعلق بمصالح مادية.

يتقابل البطل في صباح اليوم الذي يلي الحفلة بعاملة نظافة فيتنامية، تضع قدم صناعية، وتعاني منها حتى يظهر ذلك في سيرها، ونظرا لأنه معالج طبيعي يتعاطف معها ويسعى إلى تخفيف آلامها، ويتذكر البطل أن هذه الفتاة الفيتنامية فتاة شهيرة حيث استغلت بعض الدول تجربة التصغير واستخدمتها على بعض المواطنين بشكل قسري، حيث قامت السلطة الفيتنامية بتصغير بعض السجناء المتمردين. وهنا يظهر الميل الأمريكي لإظهار بعض الدول بمظهر الدول الديكتاتورية الظالمة. وكأنها هي جنة الديمقراطية.

وقد حاول هؤلاء السجناء الفيتناميين الهروب وبالفعل اختبئوا  داخل صندوق تلفاز ذاهب إلى أمريكا ليهربوا إلى هناك، وماتوا جميعا ما عدا تلك الفتاة الفيتنامية التي فسدت إحدى رجليها وركبت لها رجلا صناعية. ونظرا لفقرها الشديد أصبحت تعمل في أعمال النظافة.

تطلب الفتاة الفيتنامية من البطل أن يهذب معها إلى سكنها لكي يعالج إحدى صديقاتها التي تعاني من السرطان، فيذهب معها متحرجا من الرفض ليكتشف عالم جديدا تماما، فالمجمع السكني الذي يعيش فيه ليس هو المجتمع الحلم الذي يعيش فيه ولا اليوتوبيا أو الجنة، وإنما هو نموذج مصغر من المجتمع الطبقي الذي هرب منه ومن شروطه القاسية والمحجفة، لكنه بمدخراته نجا من مصير كثير من الناس والذي يعيشون عيشة قاسية، فالفتاة الفيتنامية تعيش بعيدا عن البيوت الفاخرة في منطقة نائية محرومة من خدمات كثيرة، وتعيش هي وعدد كبير من الناس في عمارة سكنية كبيرة، كل فرد أو أسرة تعيش في غرفة ذات مساحة صغيرة، وهناك تليفزيون واحد كبير في الساحة.

فالفقراء الذين سعوا إلى تصغير أنفسهم ظلوا فقراء على حالهم، وهناك أناس تعرضوا للتصغير دون إرادتهم. هؤلاء الفقراء هم الذين يقومون بالأعمال المتدنية في المجمع السكني الخاص بالصغار، يقومون بأعمال التنظيف وأعمال أخرى كثيرة، يعيشون على الكفاف ومنهم من لا يستطيع العمل وبالتالي توفير الطعام لنفسه ومنهم من نهشه المرض. وداخل العمارة السكنية التي تعيش فيه الفتاة الفيتنامية تسعى بكل جهدها لتوفير الطعام لهؤلاء، حيث تحصل على الطعام الفائض ممن تعمل لديهم كما تحصل على الطعام الفائض عن حاجة المطاعم وتوزعه على جيرانها المرضى والمحتاجين.

التكافل والتعاون يسود داخل العمارة السكنية الفقيرة وقد وجد البطل ذلك وأصبح جزءا منه بمرافقته للفتاة الفيتنامية، لأنه كسر قدمها الاصطناعية فأصبح مجبرا على مساعدتها لبعض الوقت.

ثم يحدث تطور آخر حيث يذهب جار البطل إلى النرويج ويحتاج مساعدته، تلح الفتاة الفيتنامية على الذهاب معهم ليقابلوا مؤسس التجربة، العالم النرويجي، والذي يخبرهم أن العالم أوشك على الانتهاء، وأن جنس البشر سوف يتعرض للانقراض، وتفاجئهم هذه الحقيقة.

ويقرر أهالي المستعمرة الأولى العيش داخل نفق تحت الأرض، وقد استعدوا بالفعل طوال سنوات كثيرة لنهاية العالم، وجهزوا حلا يبقى على الجنس البشري، حيث هيئوا العيشة داخل نفق كبير تحت الأرض وهيئوا مصادر للطاقة ولاستمرار العيش حتى تنقضي كارثة انقراض الجنس البشري، وتنظف الأرض نفسها من تلوثات البشر ومخلفاتهم الضارة، ثم يعودون حافظا على الجنس البشري. يتحمس البطل ويقرر الذهاب معهم، ثم يتراجع في آخر لحظة ليعش مع الفتاة الفلبينية التي اكتشف أنه يحبها ويستمر في مساعدة الفقراء معها.

الفيلم لا يقدم حلولا وإنما يطرح فكرة هامة، أن الإنسان مصدر خطر على البيئة والأرض، كما يشير بشكل غير مباشر إلى أن الطبقية لن تنتهي طالما هناك أناس يسعون إلى تحقيق مصالحهم الفردية البحتة، حتى في خضم مشروع إنساني كبير يسعى لإنقاذ الأرض والبشرية.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب