كتبت – سماح عادل
فيلم Blue Jasmine فيلم أمريكي يحكي عن سيدة تمر بأزمة مفاجئة، انتقلت فجأة من أن تكون سيدة من طبقة راقية إلي حياة الفقر.
الحكاية..
يبدأ الفيلم بالبطلة “جاسمين” وهي تثرثر في الطائرة مع سيدة مسنة، تحكي عن زوجها “هال” الذي أحبها كثيرا، حتى أنها تركت لأجله الدراسة في الجامعة رغم أنه لم يكن يتبقي لها إلا آخر عام وتتخرج، وتزوجت به، وتركت مجال دراستها في العلوم الإنسانية. ثم تحكي عن أنه كان رجل أعمال كبير، وأنه كان طيبا ومحبوبا لكنه تم القبض عليه ومصادرة أمواله.
ثم تخرج من المطار ذاهبة إلي منزل أختها غير الشقيقة، في سان فرانسيسكو حيث كانت تعيش في منهاتن نيويورك، ولا تجد أختها، وهي تتوتر بسرعة وتفقد القدرة علي التنفس، ثم تهاتف أختها لتخبرها أنها تركت لها المفاتيح الخاصة بالمنزل لدي الحانة المجاورة. تفتح “جاسمين” المنزل وتأتي أختها سريعا مع طفليها حيث كانت قد أخذتهما من عند والدهما التي انفصلت عنه، ويوبخها زوجها السابق بسبب استقبال أختها “جاسمين” في منزلها مذكرا إياها أنها كانت تعاملها بتعالي طوال حياتها، وأنها مع زوجها هال نهبا أموالهما.
تستقبل الأخت “جينجر” “جاسمين” بترحاب شديد وتحاول التفكير معها فيما ستفعل في الأيام القادمة، ناصحة إياها بأن تعمل، حيث تعمل “جينجر” بائعة في سوبر ماركت، فتخبرها “جاسمين” أنها تفهم في الموضة والأزياء وأنها ستتعلم عن ذلك عن طريق الانترنت، لكنها لابد أن تتعلم كيفية استعمال الحاسب الآلي، وفي النهاية تسمع كلام أختها وتعمل مساعدة لطبيب أسنان، وتحاول أن تأخذ دروسا في تعلم كيفية استخدام الحاسب الآلي، وتجاهد كي تكون مساعدة جيدة لطبيب الأسنان، ولكي تتأقلم مع حياتها الجديدة حيث انتقلت من طبقة راقية.
حياة الترفيه..
كانت “جاسمين” تعيش ملكة وتحضر الحفلات والمناسبات الفاخرة بل وتنظم الحفلات الخيرية كزوجة رجل أعمال شهير، وتعيش حياة الترفيه بكل تفاصيلها، ثم فجأة تجد أن كل ذلك قد سحب من تحت يديها وأصبحت في حاجة إلي جمع قروش قليلة لكي تعيش وتواصل في الحياة .
ومع ذلك نري علامات علي اضطراب نفسي يظهر عليها، حيث تكلم نفسها في الشارع حتى أن المحيطين بها يلاحظون ذلك أيضا، كما أنها تعاني من نوبات خوف تفقد فيها القدرة علي التنفس.
تعالي..
تتعرف “جاسمين” علي حبيب “جينجر” الجديد الذي يبدو أنه يعمل في حرفة بسيطة، ويحاول ذلك الأخير تعريفها علي صديق له، لكن “جاسمين” تعاملهما بتعالي شديد وتبدي كراهية نحو صديق “جينجر”، كما أنه هو أيضا يبدي كراهية لها لأن مجيئها للعيش في منزل أختها ضيع عليه فرصة أن يعيش هو مع “جينجر” ويتزوجها.
يحاول طبيب الآسنان التحرش ب”جاسمين” مما يجعلها تترك العمل معه، وتطلب من صديقة لها تعرفت عليها في مركز تعليم الحاسب الآلي أن تعرفها علي أحد فتدعوها لحفلة فخمة.
انفراجة..
تذهب “جاسمين” للحفلة وتأخذ “جينجر” معها، وتتعرف علي رجل دبلوماسي هناك ويظهر إعجابا بأناقتها وجمالها، وتخفي هي عنه حقيقة حياتها وتختلق حكاية أخري تماما، وتشعر أن انفراجة بدأت تطرأ علي حياتها فتخرج مع هذا الرجل وتتقرب إليه، وهو من جانبه يشعر أنها فرصة هامة له بجمالها وأناقتها لتكون زوجة مقبولة اجتماعيا ومناسبة لمنصبه.
و”جينجر” أيضا تقابل رجل في الحفلة يعمل موسيقيا، ويبدي إعجابه الشديد بها وهوسه حتى أنها تمارس معه العلاقة الحميمة بشكل محموم، ويجعلها ذلك تهجر صديقها التي اتفقت معه علي الزواج، وتنساق في إطار تلك العلاقة المفاجئة، ويشعر صديقها بالجنون حينما تهجره ويحاول استرجاعها بأية طريقة حتى أنه يذهب إلي منزلها ويظل يصيح. وتشجعها “جاسمين” علي الاستمرار في تلك العلاقة مع رجل راقي بدلا من صديقها الفقير. لكن تكتشف “جينجر” أن الموسيقي متزوج وكان يقضي معها وقتا للترفيه وتعود إلي صديقها.
كشف..
علي جانب آخر يطلب الدبلوماسي من “جاسمين” الزواج وتوافق لأن هذا ما تتمناه بالضبط، أن تعود لنفس الطبقة التي اعتادت علي العيش في كنفها سنوات طويلة، لكن وهي ذاهبة لشراء الخاتم تقابل زوج أختها السابق والذي يكشف الحقائق أمام الدبلوماسي، والذي يغضب بدوره من كذبها عليه ويتراجع عن عرض الزواج.
تشعر “جاسمين” بالخسارة وتفقد السيطرة علي نفسها، وتترك سيارة الدبلوماسي وتذهب لابن زوجها الذي ربته كابنها، والذي أخبرها زوج “جينجر” السابق أنه يعمل في مكان قريب، تذهب “جاسمين” للولد لأنها تحاول أن تتلمس منه الحنان، لكنه يعاملها بجفاء ويخبرها أنها هي المسؤولة الوحيدة عن الخراب الذي حصل له ولأبيه “هال”. وبفلاش باك نعرف أن “جاسمين” هي من أبلغت الشرطة عن “هال” حينما كشفت أنه كانت له علاقات نسائية كثيرة، وحينما أخبرها أنه يحب فتاة تصغرها بأعوام كثيرة، وأنه ينتوي الاستمرار معها وسيهجرها لأجلها ويذهب للنوم في فندق، وقتها لا تملك “جاسمين” أعصابها وتبلغ عنه، مما يعني أنها كانت علي علم بأعماله غير القانونية وربما كانت شريكة معه فيه.
صراع نفسي..
الفيلم ممتلئ بالفلاش باك حيث يدور ما بين الوقت الحاضر وما بين الماضي، اعتمد علي ديكورات مبهرة ومناظر طبيعية ساحرة، وكان أداء الممثلين بارعا.
الفيلم يصور كيف أن البطلة تعاني من اضطرابات نفسية، حتى أنها لم تتذكر أنها هي من تسببت في سجن زوجها وانتحاره فيما بعد، كل ذلك بسبب انتقامها منه لأنه قرر أن يهجرها، ونجدها علي مدار الفيلم تحاول التعايش مع الوضع الجديد لكن بذهنية تائهة كإنها مغيبة، والفلاش باك يكمل الحكي عن الماضي الذي تظهر فيه البطلة متألقة وجميلة وواعية تماما وسعيدة، بينما هي في الحاضر مكتئبة مشوشة فاقدة للتركيز وتائهة .
كما يرصد العنجهية التي كانت تتعامل بها مع أختها غير الشقيقة والتي في الواقع متبناه مثلها، لأن أختها أقل ذكاء منها وأقل جمالا، مما جعلها هي المحبوبة من قبل العائلة التي تبنتهما، ويرصد تعامل أبناء الطبقة الغنية مع الفقراء والكادحين حتى وإن كانوا من نفس عائلتهم باستهتار وتعالي شديد، في حين أن أختها تعاملت معها بود ومحبة واستقبلتها ودعمتها نفسيا وماديا.
كما يرصد دور الجمال والأناقة في المجتمع الأمريكي والذي يفتح الأبواب للنساء، كما يصور صراعات نفسية عميقة تعرضت لها “جاسمين” التي شعرت فجأة أنها امرأة منبوذة وغير محبوبة من زوجها التي ضحت لأجله بكل شيء، حتى أنها ضحت بمستقبلها وتعليمها وعاشت زوجة له وفقط . وحين شعرت أنه لم يقدر ذلك واستطاع أن يقرر هجرها كان انتقامها قاسيا بحجم تضحيتها، لكن لكونه انتقاما قاسيا فقد نفاه عقلها ونسيه، نست أنها هي من تسبب في انهيار عائلتها وموت زوجها الذي تحبه.
ويكشف تأثير الحياة الزوجية علي حياة المرأة العملية فهي حين تتزوج تترك كل شيء وتتوقف عن التطور، أو علي الأقل هذا ما حدث مع “جاسمين” حيث وهبت نفسها تماما للحياة الزوجية وتركت مستقبلها الدراسي والمهني.
الفيلم..
فيلم درامي أميركي من إخراج “وودي آلن”، وكتابة “وودي آلن وأليسون بور”. تم تصوير الفيلم في مدينة نيويورك وسان فرانسيسكو، بطولة النجمة الأسترالية الحاصلة على الأوسكار “كيت بلانشيت، ألك بالدوين، سالي هاوكين وبيتر سارسغارد”.
ولاحظ العديد من النقاد أن الفيلم مستوحى من فيلم A Streetcar Named Desire، كما قالت “كيت بلانشيت” إنه يروي “نهاية فترة الرفاهية لامرأة تجد نفسها تعيش على وقع الحدود الفاصلة بين الواقع والخيال، فتهرب إلى عالم الخيال الذي يقترب بها من مرحلة الجنون”. وأضافت أنها “ليست قصة مليئة بالدروس الأخلاقية ولكني أراها قصة مسلية ومؤثرة في الوقت ذاته، وهذا ما حاولت أن أنقله في الفيلم”.