8 مارس، 2024 3:51 م
Search
Close this search box.

فيلم هذا هو الحب… تلك هي الحياة

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

كتب: سعد ناجي علوان

 

ليس هناك عمر للحب.. الحب الذي يأتي بكل معانيه الجليلة.. بسطوع الحس وإدمان رائحة الوجود.. الحب حين يكون أخطر اﻷشياء التي يمارسها الإنسان واضعا حيواته قربانا من دون أن يلتفت للوراء ولو للحظة..

وهنا يبدو تساؤل الكاتبة الكبيرة/مارغريت دوراس/..طبيعيا ومهما.. هل يمكن لشعور الحب أن يحدث فجأة ومن أشياء أخرى..

نعم يحدث الحب من كل شيء.. من زقزقة العصافير.. من حلم في النوم .. من دنو الموت.. ومن  صخب أو سكون الذات.. يحدث فجأة دون أن تدري كيف يحدث أو لماذا حدث.. والحب بهذا البهاء الخطير والفاتن..

محور فيلمنا/ هذا هو الحب/ الذي يتناول غرائبية العلاقة بين الكاتبة الفرنسية/مارغريت دوراس/ والكاتب الشاب/ يان شتاينر/ والتي كانت عبارة عن عاصفة أو فصل من الجنون.. نتيجة لفارق العمر الكبير بينهما/40عاما/ والتباين الواضح بين عالميهما..

يقرر العشيق يان أندريا/ الممثل أيميريك  دي مارينيه/ إحراق سفن أيامه الماضية والكف عن كتابة الرسائل الغرامية والنقدية لحبيبته الكاتبة/ مارغريت دوراس/ الممثلة جان مورو/ والاعتراف بصورة مباشرة بحبه لها.. ويتجرأ. في الذهاب.. يطرق باب شقتها الصغيرة المنزوية. والبعيدة حتى عن تطفل الشمس.. بعدما قررت اعتزال المجتمع والتفرغ للكتابة     الكتابة التي أصبحت بعد ستين عاماً من ممارستها.. فعل حياتها اﻷوحد وشكل من أشكال التجلي الشخصي  للحصول على مساحة كافية للروح والجسد في مسارات الوقت.

لا تصدق مارغريت ما تراه وتسمعه  من يان لكنها تسمح  بعد قليل بدخوله.. تقترب منه. تحيطه بنظرات فضولية وكأنها تتفحص لعبة غريبة ﻻتعرف كنهها فتخاطبه/ جئت من العالم الخارجي.. يرعبني أن أراك فأنا ﻻأعرف سواي/ وسواي هنا.. ﻻتعني الفردية البحتة ﻷن الكاتبة دوراس جسدت آﻻم اﻵخرين بشتى الوسائل والقدرات الإبداعية.. أخرجت عشرين فيلما سينمائيا وحصلت على جائزة الغونكور عن روايتها العاشق.. وشاركت في أغلب الحركات الثورية والاجتماعية.. حتى وصفت بأنها قد تزوجت عصرها..

لكنه فعل يمثل الاحتفاء الدائم بالذات مخافة أن تتكسر بين أيدي اﻵخرين.. أما يان أندريا فلا يصدق ما هو عليه إذ يقف الآن مبهورا أمام التجسيد اﻷجمل لحياته.. وأحلامه.

ولن يخرج من ارتباكه وتيهه  إﻻ  حين يسرد ما يحفظ ويعشق من حوارات أعمالها.. كي يقترب منها كما يعتقد.. إﻻ أنه يصطدم بفظاظة مفاجئة/ لقد عرفت رجاﻻ رددوا كامل أعمالي بين يدي فلا  تكن غبياً أيها الفاشل/.

ومع ذلك سيرتفع منسوب العشق بينهما ويتشكل في علاقة تتشابك فيها مختلف المشاعر الإنسانية/ من العشق إلى اﻷمومة.. الاستعباد.. الذل.. التجبر.. الحنو.. اﻷخلاص/ وﻻيملك يان العاشق إﻻ اﻷذعان أمام اﻷمر/ تخبره.. كل ما عليك فعله أن تحبني/ لكنه حب بمعنى العبء وثقل الروح المرسومة بخطوط صغيرة محددة  تمثل نقطة شروع للحبيبة تعيد ممارسة حياتها كامرأة وكأنثى من جديد بسلسلة رغبات جسدية ونفسية تدثرت بالزمن والعزلة..

طغيان سيؤدي بالعاشق إلى الهرب فما يحصل قاس وأكبر من طاقته الشخصية ولو كان حبا وعشقا.. لكن أنى له الهرب وهو الذي لم يعرف نفسه إﻻ بمعشوقته مارغريت دوراس..

وسرعان ما ينكفئ…عائدا بخذلانه.. إنما ليس  لأحضان حبيبته التي تتهمه بامتلاك قلبا مثقوبا وبالعجز الرجولي والميل ﻷصحابه بعواطفه المثلية.. وإنما.. سيعود للكتابة.. ليسطر صفحات هذا الحب المجنون.. المعذب.. وتلك الحياة الثرة بأبعادها في رواية كتبها يان اندريا واعتمد عليها الفيلم  في حكايته.

وهو يعيد لنا أيضا.. بإخراج/ جوسيه ديان/ مسارات السينما الفرنسية الشفافة والحالمة رغم محدودية المكان/ صورت أغلب المشاهد في شقة صغيرة/

وطغيان الحوار اﻷدبي حتى بدا  كأنه شخصاً ثالثا مع الممثلين /أيميريك دي مارينيه/العاشق.. والرائعة/ جان مورو/ وهي تقدم الإنسان بعنوان كبير.. هذا هو الحب.. تلك هي الحياة..

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب